الخميس، 7 أبريل 2016

امكانية متابعة الملك محمد السادس بتهمة التهرب الضريبي

امكانية متابعة الملك محمد السادس بتهمة التهرب الضريبي


هل ممكن متابعة الملك محمد السادس بتهمة التهرب الضريبي؟ هذا السؤال هو أول ما يتبادر للذهن بعد تسريبات وثائق باناما, ليس في المغرب بطبيعة الحال ما دام الملك محميا بحصانة دبلوماسية مدى الحياة, و لكن في الدول التي إقتنى فيها عقارات بعد إجراء ما يمكن إعتباره "هندسات ضريبية" عبر مكاتب قانونية محترفة بباناما بغرض تفادي آداء ضرائب بهذه البلدان.
الجواب على هذا السؤال ليس سهلا من الناحية القانونية بحكم التعقيد الكبير لقوانين الضرائب الدولية و المعاهدات البينية بين مختلف الدول في هذا الشأن, و لكن يمكن أن نفترض أن الحصانة الدبلوماسية قد تجنب الملك و ذويه مثل هذه المتابعات. 
و لكن "الحصانة الدبلوماسية" ليست ضمانة 100%, فقد كانت هناك مؤخرا متاباعات في قضايا مالية (في فرنسا و الولايات المتحدة) لرئيس الغابون علي بونغو (الذي له نفس محامي الملك محمد السادس Eric Dupond-Moretti) و إبن رئيس جمهورية غينيا- الإستوائية Theodorin Obiang و حتى رئيس الكونغو ساسو نغيسو. و لم تشفع لكل هؤلاء حصانتهم الدبلوماسية لكون التشريع في هذا المجال هو في تطور مستمر خصوصا بعد الأزمة المالية لسنة 2009-2008. و دائما ما تستجد فجوات قانونية يمكن من خلالها متابعتهم و الإلتفاف على مبدأ الحصانة الدبلوماسية.
و لعل هذه الإمكانية هي السبب الذي جعل الملك محمد السادس (إلى جانب عدد من رؤساء و أمراء دول عربية أخرى كالإمارات و وزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم يلجأ إلى خدمات شركة الإستشارة القانونية المرموقة Mossack Fonseca ليس فقط لإجراء "هندسة" أو "تركيب ضريبي" يمكن من تفادي الضريبة و لكن أيضا لإخفاء إسم المالك الحقيقي و تحصينه بطريقة "فولاذية". 
و الأكيد أن الحرص على إخفاء إسم المالك الحقيقي ليس خوفا من الصحافة, فهذا متأتي في عدد من الدول, و بسهولة, و لا حاجة إلى باناما و الجزر العذراء لتحقيق هذا الأمر. 
و إنما الغرض من وراء ذلك هو تجنب تعرف إدارة الضرائب في بلدان العقارات على المالك الحقيقي للعقار (أو الشركة) و بالتالي الضريبة التي سُتفرض عليه و التي ستختلف بدون شك, كثيرا إذا ما تم التعرف على المالك الحقيقي الثري عوض تسجيل العقار بإسم شركة صغيرة وراءها دين ضخم مما يجعلها بيانها الحسابي سلبي.
و باناما تتوفر على أقوى نظام لحماية سريةُ ملاك الشركات و اصول ثرواتهم, و هي تتعرض منذ بضعة سنوات إلى ضغط أمريكي رهيب لكي توافق على إتفاقية "Common Reporting Standard" التي فرضتها منظمة التعاون الإقتصادي و التنمية (OECD) على جميع دول العالم (بإستثناء باناما و البحرين و جزيرة ناورو و دولة الفانواتو و الولايات المتحدة). وهذه الإتفاقية تفرض الإعلام الأوتوماتيكي بأسماء ُملاك الشركات الحقيقيين لبقية الدول. 
وقد تكون هذه التسريبات عقابا لباناما على ممانعتها و وقوفها في وجه الولايات المتحدة. و سبب معارضتها الشديدة هو أن إتفاقية كهذه سُتدمر الإقتصاد البانامي الذي يعتمد بشكل كبير على الخدمات المالية و شركات الإستشارة القانونية المختصة في إخفاء أسماء ملاك الشركات و الهندسات الضريبية الدولية المعقدة. 
هذه التسريبات تؤشر على تغير عميق في قواعد اللعبة المالية العالمية, إذ يبدو أن دول ال OECD و على رأسها الولايات المتحدة, لم تعد قابلة بهذه "الحرب الضريبية" غير-المعلنة ضدها, وُتريد أن تحول الودائع المالية إلى أبناكها هي, عوض أن تكون في باناما أو سويسرا. و مما يؤيد هذا أن بنك HSBCُحكم عليه في قضية "المساعدة على التهرب الضريبي" في أمريكا بمليارات الدولار من التعويضات و كان ذلك بضعة سنوات قبل تسريبات HSBC, التي ربما كانت مقصودة لتوجيه ضربة لمصداقية البنوك السويسرية ودفع سويسرا للموافقة إتفاقية Common Reporting Standard لدفع أثرياء العالم على إيداع ثرواتهم بالولايات المتحدة عوض سويسرا.
لا يمكن إستبعاد فرضية أن هذه التسريبات قدُ تفضي إلى متابعات قضائية ضد المتورطين (بما في ذلك أمراء الخليج و الملك محمد السادس و ذويه), فليس هناك شيء مقدس عندما يتعلق الأمر بالمال من وجهة النظر الأمريكية/الغربية. فحتى شركة "غوغل" العملاقة تعاني الويلات في أوروبا من متابعات قضائية بتهمة التهرب الضريبي. كما قضت محكمة أمريكية قبل سنتين بغرامة مالية خيالية ( في حق البنك الفرنسي BNP-Paribas بتهمة المساعدة زبناءه على التهرب الضريبي.
هناك سبب وراء غلاء خدمات مكاتب إستشارة قانونية للهندسة الضريبية مثل مكتب "Mossak Fonseca" البانامي الذي نشرت وثائقه.

السبب هو أن الإجراءات الضريبية الدولية و هندسة الهيكلة الضريبية بين مختلف الدول بإستخدام مختلف الفجوات القانونية هو مسألة جد معقدة, و غير متاحة لأي محامي أو مكتب محاسبة و وساطة و إستشارة قانونية. فهناك بطبيعة الحال, خيط رفيع بين ما يندرج تحت نطاق المفهوم القانوني ل"التهرب ضريبي" ( ال"إلتفاف أو تجنب ضريبي" (Tax avoidance), فالأول جريمة يعاقب عليها القانون و الثاني هو "حرفة" تتمثل في إستغلال جميع الفجوات القانونية الموجودة في مساطر عدد من الدول لإيجاد الهيكلة الضريبية المثلى لشركة ما, بغرض آداء أقل مبلغ ممكن لمديرية الضرائب.

و تصريح محامي الكتابة الخاصة للملك هشام الناصري الذي جاء فيه أن كل ما قام به موكله "قانوني", لا يعدو كونه إدعاء أو زعم و إعتقاد. فالبث في هذه المسألة القانونية المعقدة, يعود لخبراء و مختصي مديرية الضرائب الفرنسية و ليس مسألة بسيطة يمكن الجزم بها ببساطة بمحض جرة قلم كما يريد محامي الملك أنُيصور. فإذا كان محامي كتابة الملك, و من وراءه الهولدينغ الملكي و الملك, معتادا على أن يكون في المغرب في وضعية المشرع و المنفذ و الحاكم و المحتكم, و بالتالي فالأمور بسيطة يكفي أنُيصرح بها لُتصبح حقيقة, فالأمر يختلف في فرنسا التي ليس محمد السادس ملكها و لا يشرع فيها, و بالتالي فهو لا يملك أن يحكم على مدى قانونية ممارسة ضبابية, مثل التي وردت في وثائق باناما.

و قد رأينا كيف وجد رجال و شركات, أكثر حنكة و خبرة و دهاء إقتصادي و مالي من الملك و كتابته الخاصة, في ورطات قانونية مع مديرية الضرائب لإثبات أن معاملاتهم الضريبية هي بالفعل قانونية كما يدعون. و الأمثلة هنا كثيرة, من Kahn إلى شركة غوغل (التي يحلو لكاتب الملك مقارنة نفسه بها عند كل تصريح...), و التي لا زالت تتمرغ في معمعات قانونية في محاكم فرنسا و أستراليا لإثبات أنها لا تتهرب من الضرائب بهذه البلدان.

و ما يغفله وُيتغافل عنه, هو أن غوغل و الآخرون شركات ربحية جشعة لا وازع أخلاقي لها, سبب وجودها الوحيد هو تحقيق الربح و ليست رئيسة دولة أو ملك مسؤوليته الأولى السياسة و الحكم على شعب. فشركة غوغل مثلا تختلف جذريا عن معاملات الملك, فهي تبرر هيكلتها الضريبية بالدخول في دهاليز قانونية حول مصدر ربح فروعها بفرنسا أو أستراليا و التي يصعب إثبات أنها تأتي من فرنسا نفسها و ليس من شركات أجنبية متعددة الأطراف و صعوبة تحديد مدى الأرباح الحقيقية التي تحصل عليها من فرنسيين أو أستراليين مقيمين بهذه البلدان. أما مسألة الملك فهي بسيطة بحيث أنها تتعلق بعقار يستخدم لأغراض شخصية و بالتالي تنطبق عليه مبدئيا مسطرة ضريبية معروفة بفرنسا (آداء ما يعادل ثمن شهرين كراء سنويا), و يبدو أن الهيكلة الضريبية و اللجوء لخدمات الشركة البانامية كانت بغرض التنصل من آداء هذه الضريبة كاملة إذا ما كانت هناك فجوة قانونية ماُتمكن من ذلك.

عبد الله بلقاضي/ الناير

هناك تعليقان (2):



  1. المهم بالنسبة لهادوك اللي مافاهمينش البلان ديال "تسريبات پاناما" هادا شرح بسيط للمسألة:

    تخيل أنك عندك درهم، كاتشدها وتحطها فالصنيديقة ديالك.
    وكادير الصنيديقة فالماريو، الوالدة ديالك عارفاك شحال كاتحط وشحال كاتخسر ومرة مرة كاتقلب الصنيديقة و مفروض عليك حسب القانون أنك غتعطيها من الفلوس كذالك (الضريبة).

    واحد النهار كايطلع ليك هادشي فمخك وكاتقول مع راسك "أجي واش الوالدة غاديا تبقا ديما حاضيا ليا فلوسي؟"
    ألوغ كاتمشي عند عشيرك "عمر" وكاتحط عندو صنيديقة وحدا أخرى بلا خبار الواليدة ديالك وكاتافق معاه باش مايقولها لتا واحد ومرة مرة تدور معاه.

    حيت مامات عمر ديما مشغولة ومامسالياش باش تدخل لبيتو.
    شوية بزاف ديال ولاد الدرب كايسمعو هاد البلان وكايبغيو يديرو نفس الحاجة، آلوغ كل واحد كايشري صنيديقة جديدة ويكتب فيها سميتو ويحطها فبيت عمر.
    واحد النهار الوالدة ديال عمر كاتبغي تخمل الدار وكادخل لبيتو، شوية كاتلقا دوك الصنادق كاملين، كايطلع ليها الدم وكاتعيط على العيالات ديال الدرب باش تبرا منهوم.

    كاين بزاف ديال الأسباب علاش دارو هادشي.
    خو كريم الكبير ديما كايسرق ليه من صنيديقتو داكشي علاش خباها عليه. جمال بغا يشري لمامه كاضو بلا خبارها. نوفل دار هادشي غير حيت عزيز عليه التخلويض، بلال كان كايگريسي البنات ومابغاش واليديه يعيقو.
    جلال كان كايسرق لماماه الفلوس من بزطامها وبغا فين يخبيهوم.
    السيمو واليديه حرموه من الألعاب باش يقرا مزيان ومابغاهومش يعيقو بيه منين شرا الباطو ديال عاشورا.

    دابا فالواقع، بزاف ديال ولاد الدرب (رؤساء، ملوك، مشاهير، رياضيين إلخ) حصلاتهوم الوالدة ديال عمر (التسريبات) مخبيين صنيديقات في پاناما.
    وشكات بيهم لماماتهم، وكل واحد غادي ياخد الجزاء اللي يستحق، كاين اللي غاياكل قتلة ديال العصا وكاين اللي واليديه مساكن حنينين عليه بزاف، اولا تيغمق عليهم بديك اللعبة ديال أنا لي تنحمي الدار و أنا هو الساس و داكشي.
    *تأليف حمزة مكلف.

    ردحذف
  2. طالب "الإئتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان" رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، بـ"فتح تحقيق حول ما تداولته الصحافة الوطنية والدولية بشأن ورود أسماء مواطنين مغاربة في ملفات تهريب أموال وتهرب ضريبي في القضية التي أصبحت تعرف ب"وثائق بناما".

    وحسب ما أورده بيان توصل به "بديل.أنفو"، صادر عن "الكتابة التنفيذية" للاتلاف المذكور، فإنه "من أجل احترام القانون وإعمال الحق في الوصول للمعلومة، في قضية تهم الرأي العام، وتمس مجالا من مجالات حقوق الإنسان، فإن الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان يطالب، رئيس الحكومة، تفعيلا لدوره وتنفيذا لمهامه كمسؤول عن الجهاز التنفيذي بإعطاء أوامره للجهات المعنية بفتح تحقيق موضوعي وسريع حول الموضوع، وتبليغ الرأي العام بنتائجه، واتخاذ ما يستوجبه الأمر من إجراءات في إطار القانون والدستور والتزامات المغرب الدولية والوطنية في مجال حقوق الإنسان ".

    وأوضح البيان المشار إليه " أن العديد من الصحف الدولية والوطنية، تداولت من ضمنها منابر إعلامية عالمية، القضية التي أضحت تعرف بوثائق بناما، والتي كشفت عن معطيات تم تسريبها من مكتب محاماة موسيك فونسيكا ببناما، تهم ملفات فساد كبرى في مجال تهريب وتبييض أموال ونهب أموال عمومية وتهرب ضريبي حسب المقالات والتحليلات التي نشرت".

    وأضاف المصدر ذاته " عدد من الصحف التي تناولت الخبر تزعم تورط العديد من الشخصيات المعروفة وذوي النفوذ، من بينهم مسؤولين سياسيين سابقين وحاليين، من دول مختلفة، في استخدام ملاذات ضريبية لاستعمال أموال طائلة بشكل يخالف القانون وأحيانا باستعمال أساليب مجرمة. وقد وردت أسماء بعض المواطنين المغاربة باعتبارهم من بين المتورطين في ملفات الفساد المالي هاته".

    ردحذف