الجمعة، 1 يناير 2016

-لادجيد- المخابرات العسكرية أو الخارجية

-لادجيد- المخابرات العسكرية أو الخارجية : ظلها في كل مكان


يعرف جهاز المُخابرات المغربي باسم "المديرية العامة للدراسات و المستندات – "لادجيد"- وهو تحت إمرة محمد ياسين المنصوري – رجل قانون - منذُ توليه منصب مديره في سنة 2005. علما أنه منذ تأسيسها ظل تدبيرها حكرا على السكريين، لكن تم تكسير هذا العرف في سنة 2005.
إنها إحدى وحدات منظومتنا الأمنية التي تضم علاوة على "لادجيد"، أجهزة تحت إشراف وزارة الداخلية, وهي: جهاز الاستعلامات العامة (RG) ويعمل على جمع وتحليل المعلومات ومراقبة الناس جنباً إلى جنب مع الشرطة القضائية والإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني، و الإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني ( DST ) – "الكاب 1 سابقا"، عملها التجسس ومكافحة التهديدات والتدخلات الأجنبية، والمُديرية العام للشؤون الداخلية ( DAG ) . وهناك جهاز أخر مخضرم - وهو تابع نظريا لوزارة الداخلية - تحت إمرة القوات المساعدة لكن يسيطر عليه الجيش ، يعمل تحت إمرة الجنرال كوريمة ، له مهام ثلاثية الأبعاد داخل المدن والقرى والمراكز الحدودية .
وهناك أجهزة تحت إشراف القوات المُسلحة الملكية, وهي: المكتب الثاني- 2 eme Bureau - أنشئ في 1956 ويختص بالاستخبارات العسكرية في الجيش ومراقبة الحدود البرية، و المكتب الخامس- 5 eme Bureau - مسؤول عن الاستخبارات العسكرية في الجيش المغربي ويضمن عدم وجود تدخل أجنبي في القوات المُسلحة ، فُصل عن المكتب الثاني سنة 1976، و مُديرية الاستخبارات المرتبطة بالدرك الملكي (SRGR) التي تعمل على توفير المعلومات بهدف ضبط النظام ومراقبة القوات المُسلحة.
فإذا كانت أجهزة المخابرات في الماضي انحصر دورها في التجسس على دولة عدوة والتعرف على أسلحتها وعتادها، فإن عملها تطور اليوم أكثر وأصبحت أجهزة المخابرات حول العالم تشارك في وضع سياسات دول أخرى حليفة من أجل المحافظة على العلاقات الدولية وفي نفس الوقت المحافظة على مصالح الدولة .

لقد طورت المخابرات أساليب ومناهج جمع المعلومات وتحليلها ، كما طورت وسائل التجسس كالعملاء وأجهزة التنصت ووسائل الاتصال والشفرات, وتغيّرت طرق خضوع المنتسب الى المخابرات لدورات تدريبية في المجالات الأمنية والثقافية والنفسية العسكرية والالكترونية. ..
فما هو موقع "لادجيد" ضمن هذا التغيير الجدري؟ وكيف نشأت وتطورت؟ وما هي وجوه نجاحها وفشلها في المهمات المنوطة بها؟

هكذا كانت البداية:
أوّل رئيس مخابرات المغرب المستقل
في عهد الاستعمار كان الجيش الفرنسي هو المكلف بالمخابرات بالمغرب. وفي فجر الاستقلال ظل الفرنسيون قائمين على المخابرات، آنذاك كان محمد عبد الرحمان بوريكات – والد الإخوة بوريكات بايزيد وعلي ومدحت الناجين من جحيم تازمامارت- يبعث تقاريره للملك الراحل محمد الخامس بواسطة زوجته آمنة العلوي بنت محمد الجيلالي الغربي – التي كانت تربطها علاقة قرابة بأسرة الملك بتافيلالت – وكان الحسن الثاني (ولي العهد آنذاك) دأب على إيصالها إلى البيت. إذ كان بوريكات الوالد حين يريد اللقاء بمحمد الخامس يرسل هذا الأخير نجله ولي العهد ليوصله بسيارته. كان الحسن الثاني يحضر مرارا إلى حي العكاري حيث مسكن بوريكات لنقله إلى غابة الوزير حيث يكون اللقاء بمحمد الخامس.
من هو محمد عبد الرحمان بوريكات؟
إنه تونسي الأصل حصل على الجنسية الفرنسية سنة 1927 ، ولد في تونس وبعد حصوله على الباكالوريا ذهب إلى تركيا وولج مدرسة عسكرية وتخرج منها، ثم عاد إلى مسقط رأسه وعمل في الجيش الفرنسي. وفي سنة 1926 رحل إلى المغرب وعمل في مجال المناجم في الشرق وقطن بمدينة وجدة، وبعد حصوله علي الجنسية الفرنسية ولج سلك الأمن، وعمل لفترة في وجدة، ثم زاول عمله كمترجم في ناحية فاس قبل التحاقه بالاستخبارات بنفس المدينة حيث تعرف على شخصيات وعائلات، وبعدها انقل إلى مدن أخرى ومنها الصويرة و أكادير ومراكش . في ظل نظام " فيشي" الموالي للنازيين طُرد بوريكات من عمله، وبعد سقوط حكومة "فيشي" عاد إلى منصبه في إدارة الاستعلامات.
والمعروف عليه أنه عمل كثيرا في الظل إلى جانب الفرنسيين الأحرار المدافعين عن المغرب، وحين عاد الملك محمد الخامس إلى عرشه استدعاه وطلب منه العمل بجانبه وعينه في مكتب الفوسفاط باقتراح من المهدي بن بركة. وبعد مدة قصيرة في الفوسفاط، كلفه الملك بالاستخبارات الخارجية ومكافحة التجسس. وكان مكتبه في وزارة الدفاع بالمشور (تواركة)، غير بعيد عن مكتب مولاي الحسن ولي العهد حينها. آنذاك كان ولي العهد صديقا
للكوموندار مولاي حفيظ العلوي الذي لم يكن محمد عبد الرحمان بوريكات يثق فيه لأمور صدرت منه قبل الاستقلال وكانت تضر بالبلاد وعاهلها.
بقي بوريكات على رأس إدارة مكافحة التجسس إلى حين وفاة الملك محمد الخامس ، حيث لم يعد يتوجه إلى مكتبه وظل يتوصل براتبه الشهري باستمرار.

"الكاب 1 "
مشتل المخابرات المغربية الحديثة

يعتبر "الكاب 1" منبع كل الأجهزة المخابراتية المغربية. فمنه انبثقت "الديسطي" و "لادجيد"، وكان الجنرال محمد أوفقير أو رئيس "للكاب 1" الذي تأسس تحت إشراف المخابرات الفرنسية، لكن سرعان ما تكلفت المخابرات الأمريكية والموساد بإعادة هيكلته.
واعتمد "الكاب 1" في انطلاقته على جملة من عملاء المخابرات الفرنسية، وبعض المقاومين الذين انخرطوا في الأمن الوطني. وعند توظيف عناصر جديد كان الاعتماد على القرابة والعلاقات، فمثلا الإخوان العشعاشي (عبد الحق و محمد)، كانا على علاقة مع أحمد أجداين، وإبراهيم أوفقير هو شقيق الجنرال، والماجي (البوليسي الطالب)، وصاكا عبد القادر وحليم محمد، كانت تربطهم علاقة وطيدة بأحمد الدليمي، في البداية كان تمويل "الكاب 1" يتم بتخصيص ميزانية توضع في صندوقه الأسود يتصرف فيها الجنرال أوفقير بدون حسيب ولا رقيب (وكان قد كلف أحمد الدليمي بتدبيره)، وموازاة مع ذلك كان "الكاب 1" يستحوذ على 75 في المائة من مداخيل دور الدعارة التي كانت دائمة الاشتغال بفعل حمايتها من طرف عناصر الجهاز، ولعدم إثارة الشبهة كانت إدارة تلك الدور والفنادق تعهد لبعض الفرنسيين بعضهم شاركوا بامتياز في عملية اختطاف واغتيال المهدي بن بركة، وظلت أموال دور الدعارة تتهاطل على صندوق "الكاب 1" فيما بين 1962 و 1974، يتصرف فيها القائمون على الجهاز بدون حسيب ولا رقيب.
في بداية سبعينات القرن الماضي – بعد المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين – عرف جهاز المخابرات تغييرات جوهرية، بهدف مُراقبة الجيش ووضعه الملك الراحل الحسن الثاني عام 1973 تحت أدارة الجنرال أحمد الدليمي. إنها النشأة الفعلية لـ "لادجيد".

مهام "لادجيد" ورجالها وميزانيتها
يعود إحداث المديرية العامة للدراسات والمستندات (لادجيد) إلى سنة 1973 بعد تحويل "الكاب 1" وتفتيته إلى إدارة للمستندات والوثائق والمحافظة على التراب الوطني.
ومنذ إحداثها ترأس أحمد الدليمي "لادجيد" إلى حدود ثمانينات القرن الماضي، وبعده ظل كرسي رئاستها شاغرا إلى أن تم تعيين الجنرال عبد الحق القادري على رأسها الذي اضطلع كذلك بمهمة المفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية قبل أن يحال على التقاعد لأسباب صحية كما تم التصريح بذلك آنذاك. ثم خلفه الجنرال عبد العزيز بناني قائد المنطقة الجنوبية.
وعلى المستوى التنظيمي تظل اختصاصات "لادجيد" مرتبطة بالأساس بإدارة الدفاع، والتي يحددها القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية (الملك). ومنذ تأسيسها، ظل رؤساء "لادجيد" من العسكريين، وفي عهد الملك محمد السادس، ولأول مرة في تاريخ المغرب تم تعيين مدني على رأسها، ياسين المنصوري مكان وعوض الجنرال دو ديفيزيون أحمد الحرشي.
يعمل جهاز "لادجيد" خارج المغرب وداخله ويتخذ من الرباط مقراً رئيسياً، له عناصر موجودة في معظم البعثات الدبلوماسية للمملكة وبين مغاربة الخارج. وبعد هجمات الدار البيضاء في السادس عشر من مايو سنة 2003 باتت المخابرات المغربية جزءاً في الحرب على الإرهاب. يظل دور" لادجيد" الرئيسي هو استباق الأحداث التي لا تزال الدولة تتوجس منها بطريقة أو بأخرى. ارتبطت بالمؤسسة الملكية منذ إنشائها في 1973، حيث كان الهدف هو مراقبة عمل الجيش. وبعد هجمات الدار البيضاء ، أصبحت محور تركيز "لادجيد" الحرب على الإرهاب، والمعلومات الاستخبارية عن الأنشطة الإرهابية وأيضًا كل ما يخص قضية الوحدة الترابية (ملف الصحراء).
في واقع الأمر إن "لادجيد" مكلفة بالتجسس أينما كانت مصالح المغرب، كما انه مكلفة بالتنسيق مع أجهزة الاستخبارات الخارجية في القضايا المشتركة. ويتوفر على مصالح خارجية خصوصا الملحقين الدائمين بالبعثات الدبلوماسية وهي تابعة لمصلحة المدير العام
كما تتوفر على ثلاثة أجهزة مخابرات تابعة للإدارة المركزية وهي مصلحة التنفيذ تابعة للسيد الزاوي وهو من أكفأ أطر الجيش المغربي ، مهمتها العمل في الميدان والتدخل السريع عبر فرق "كوموندو" من أجل الحفاظ على مصالح الوطن العليا وهي مصلحة تعمل بحرفية عالية . كما أن هناك مديرية مكافحة التجسس التي تعمل بشكل سري للغاية وفي صمت وسكون رهيب. وتتبع للإدارة المركزية لــ "لاديجد" ،مديرية الاتصالات وهي مصلحة مكلفة بتنسيق الاتصال وحماية الوسائط الاتصالية بين كافة مصالح الجهاز.
وتظل المديرية العامة للدراسات والمستندات (لادجيد) تحت إمرة القصر الملكي مباشرة. وتشغل حاليا 1600 مدني و 2400 عسكري (5 في المائة منهم نساء)، هذا إضافة لفرقة عمل وتدخل، أناس غير مرئيين، مدربون ليظلوا نكرة لا يتعرف عليهم أحد، ويبلغ عددهم ما بين 250 و 300 فرد ينشطون داخل المغرب وخارجه (في إفريقيا، العالم العربي، أوروبا وآسيا). وتتوفر المخابرات المغربية حاليا على بضع مئات من العملاء في أوروبا.
وتظل الميزانية المخصصة لها في طي الكتمان، لكن يروج أنها تقدر بــ 10 مليار درهم سنويا، علما أنها تتوفر على صنجوق أسود لا يعلم خباياه إلا القائم على أمور "لادجيد".
وحسب أكثر من مصدر مطلع، سبق لـ "لادجيد" أن نبهت واشنطن قبل 11 سبتمر 2001 عن إمكانية حدوث أعمال إرهابية بالتراب الأمريكي إلا أن المخابرات الأمريكية لم تل أي اهتمام لهذا التنبيه.
وعملت "لادجيد" على إقامة أكبر شبكة مخابرات في شمال إفريقيا "تكون الأقوى والأكثر تنظيما وفعالية ضمن محيطها"، وذلك لمواجهة التحديات الكبرى التي بات المغرب يعرفها في ظل التغييرات التي طرأت على الخريطة السياسية والأمنية بدول المنطقة. وذلك من خلال تدعيم قدرتها وتوسيع شبكتها وتقوية الدعم المخصص لها كي تغدو الأقوى في محيطه.
وأقرّت أكثر من جهة المديرية العامة للدراسات و المستندات بحاجة لمليار دولار سنويا لتنفيذ هذا المشروع وإنجاحه.
وفي تصنيف كان قد أصدره أحد المواقع الأمريكية المتخصصة في الشؤون الأمنية، فقد أورد جهاز "لادجيد" ضمن العشر الأوائل في العالم، فإذا كانت أجهزة المخابرات في الماضي ينحصر دورها في التجسس على دولة عدوة والتعرف على أسلحتها وعتادها، فإن عملها تطور في زماننا هذا أكثر وأصبحت أجهزة المخابرات حول العالم تشارك في وضع سياسات دول أخرى حليفة من أجل المحافظة على العلاقات الدولية وفي نفس الوقت المحافظة على مصالح الدولة الأم.
قبل ترأس ياسين المنصوري "دجييد"، كان هذا الجهاز ذا صبغة عسكرية ولكن هذا الأخير تجاوز ذلك فقام بدمج جميع الكفاءات من كل الوزارات سواء من الإعلام، المالية، الشرطة، الهندسة، الصحة، الداخلية وكل من له كفاءات ولو خارج الجيش لتوظيف مهاراتهم في مشروع إستخباراتي يجمع بين مكافحة التجسس الخارجي وجمع المعلومات الخارجية والاستعلامات العسكرية ومراقبة الشخصيات.

المخابرات ورئيس الحكومة
كيف تتعامل المخابرات المغربية مع رئيس الحكومة المغربية عبد الإلاه بنكيران على ضوء الدستور والتطورات السياسية التي تشهدها البلاد؟ هل تتعاون معه أم تراقبه؟
إنه تساؤل يشغل بال الكثيرين. علما أن اتخاذ القرارات في عصرنا الحالي – وأكثر من أي وقت مضى- أضحت تستند على تقارير أمنية واستخباراتية، هذا أن يغيب على الأذهان أن العلاقة بين الأجهزة الأمنية عموما وحزب العدالة والتنمية تميزت بالتوتر.
وحسب الدستور المغربي الحالي ، إن المخابرات ليست ملحقة بالوزارة الأولى بل مرتبطة بالملك بصفته رئيس المجلس الوزاري الذي من اختصاصه وفق الفصل 49 وضع التوجهات الاستراتيجية للبلاد والنصوص العسكرية وتعيين المدراء المكلفين بالأمن الداخلي باقتراح من رئيس الحكومة. وعمليا وعلى ضوء الممارسة السياسية ، إن الكلمة الأخيرة لتعيين مدراء الأمن بمن فيهم المخابرات تبقى للملك وليس لرئيس الحكومة لأن العملية مرتبطة بالمجلس الوزاري وليس برئاسة الحكومة.
وللإشارة ، لأول مرة في تاريخ المغرب منذ الاستقلال، كانت المؤسسة الاستخبارية المغربية من بين المؤسسات التي تركزت عليها مطالب التغيير في الاحتجاجات التي شهدها الشارع المغربي، وطالبت حركة 20 فبراير بأن تصبح تحت المراقبة القضائية والبرلمانية.

المخابرات المغربية والتجسس عبر الأنترنيت
اقتنت "لادجيد" برنامجاً يُعد من أهم ما ابتكر في مجال التجسس عبر الأنترنت، تستعمله لاختراق جميع أنواع البرامج المعلوماتية بما فيها الحواسيب الشخصية والاطلاع على كل المحادثات عبر الفايسبوك، و"سكايب"، والبريد الالكتروني وكل الوسائط التواصلية الالكترونية.
وحسب مصادر إعلامية مطلعة إن شركة ايطالية، هي التي باعت للمغرب التقنية الأكثر فاعلية في العالم لمراقبة ما يدور عبر العالم الافتراضي.
وحسب خبراء المجال الالكتروني، فان هذا البرنامج التجسسي، يُمكن الأجهزة الأمنية التي تسهر عليه، من تعقب كل صغيرة و كبيرة في مجال الجرائم الالكترونية، فضلاً عن أنها يمكن استعمالها في التحكم في ضرب حواسيب أو اختراق أخرى، بإرسال فيروسات.


ياسين المنصوري
رجل قانون يقود المخابرات العسكرية
ابن الفقيه رفيق دراسة الملك محمد السادس. إنه رجل الظل ورجل المخابرات الكثوم.
وحسب الكثيرين يبقى المنصوري الوحيد من أصدقاء الملك محمد السادس الذي لم يتورط في فضيحة اقتصادية أو سياسية. إذ يذكر أن عدد من المقربين من الملك جاء ذكرهم في تقارير فساد ومن ضمن ذلك، وثائق "ويكيليكس".
من مواليد 2 أبريل 1962 بأبي الجعد بإقليم خريبكة، درس تعليمه إلي جانب الملك محمد السادس في المعهد المولوي صمن من يعرفون بجماعة "الكوليج رويال"، إنه أحد رفقاء الملك في الدراسة، وأحد عناصر المجموعة التي كانت تضم فؤاد عالي الهمة وحسن أوريد ورشدي الشرايبي وآخرين.
حاصل على دبلوم الدراسات العليا في القانون العام من جامعة محمد الخامس بالرباط.
وكان ياسين المنصوري قد بدأ مشواره بديوان إدريس البصري، إذ كان معبرا أساسيا لمختلف الملفات الحساسة والشائكة، وقبل رئاسته لـ "لادجيد" خضع في بداية التسعينات لتدريب خاص خارج المغرب بمصالح الأمن الفيدرالي الأمريكي، وبعد رجوعه عين على رأس وكالة المغرب العربي للأنباء مكان عبد المجيد فنجيرو، ثم كوالي مدير عام لمديرية الشؤون العامة مكان محمد اظريف، وشكل بمعية فؤاد عالي الهمة ومصطفى الساهل، الثلاثي القوي في وزارة الداخلية (الإدارة الترابية)، وقد اضطلع ياسين المنصوري بملفات كبرى من قبيل الإعلام والصحافة، والصحراء، والتهريب والهجرة السرية عندما عُيّن كوال مدير عام لمديرية الشؤون العامة إثر انتقال محمد اظريف إلى ولاية الدار البيضاء خلفا لإدريس بنهيمة. وسيشكل إلى جانب فؤاد الهمة ومصطفى الساهل ثلاثيا قويا داخل الإدارة الترابية. ودون شك فإن هذه الانتقالات منحت "لابن بلدة بجعد" خبرة أغنت مساره المهني، سيما وأنه عمل في مجالات كلها حساسة
ففي سنة 2003 تم تكليفه بتتبع قضايا الهجرة السرية وتهريب المخدرات وكلها قضايا ذات حساسية بالغة مع الجار الأسباني، وتشاء رياح المنصوري أن تحمل نتائج الانتخابات التشريعية الأسبانية الحزب الاشتراكي إلى سدة الحكم في مدريد وينجح المنصوري في وضع حد للعديد من الصعوبات التي كانت تواجه العلاقات المغربية الأسبانية، وهذا ما قوّى حظوظه في تبوء مكانة أكثر أهمية، لن تكون في نهاية المطاف سوى رئاسة "لادجيد" ليصبح أول مدني يقود هذا الجهاز البالغ الحساسية منذ إنشائه سنة 1973.
ساعدت المنصوري، طبيعة شخصيته وسلوك معاملاته، فملامح وجهه تفيد بأنه رجل دولة.. قليل الكلام، لا تغريه المجاملات.
وبتعيينه على رأس "لادجيد" قام الملك بـ"تمدين" هرم "لادجيد" (المخابرات العسكرية) علما بأنها إدارة عسكرية، علما أنه كان قد قام قبل هذا بـ "عسكرة" مديرية مراقبة التراب الوطني (المخابرات المدنية) حين عين الجنرال حميدو لعنيكري ( قبل أن يأفل نجمه) ثم رقاه إلى موقع المدير العام للأمن الوطني على اعتبار أن "الديستي" خاضعة بحكم القانون إلى المدير العام للأمن الوطني. ويجدر التذكير في هذا الباب بأن إدارة الأمن الوطني سبق أن أشرف عليها منذ سنوات الستينات من القرن الماضي عسكريون كأوفقير والدليمي والوزاني.

على سبيل الختم

حسب العالمين بخبايا المطبخ الداخلي لـ "لادجيد"، ما يعاب على الاستخبارات المغربية بكل أقسامها، هو بالأساس قصر النظر وغلبة رد الفعل على الفعل.
وفي هذا السياق اعتبر الكثيرون أن "لادجيد" فشلت بشكل لافت في التكهن بالتطورات التي أخذها ملف الصحراء في التكهن بالتطورات. سيما و يفترض أنه من مهامها وضع مختلف السيناريوهات، خاصة الأسوأ منها لاتخاذ الخطط لمواجهة أي طارئ في قضية تعتبر مصيرية بالنسبة للمغاربة.
حسب هؤلاء أبانت عن قصور في فهم التطورات الجارية في نزاع الصحراء وخاصة الملفات التي فتحتها وتعمل عليها جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر. ولعل الانتكاسات التي وقعت خلال السنتين الأخيرتين تؤكد هذا القصور في الرصد والفهم والتحرك وعدم القدرة على الاستقراء والتكهنّ.
ومن العلامات الدالة على هذا الفشل يمكن ذكر نجاح الانفصاليين في إقناع المنظمات الدولية بملف حقوق الإنسان وتحويله الى محور رئيسي لإضعاف المغرب، وتفوق جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر في إنشاء لوبي قوي وسط البرلمان الأوروبي حقق منعطفا عندما نجح في إقناع البرلمان بإلغاء اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي وربط تجديدها باستثناء مياه الصحراء من الاتفاقية ثم طرح اتفاقية الزراعة على أنظار القضاء، وخطأ المخابرات المغربية في الاكتفاء بالإطمئنان الى مقولة "المغرب حليف استراتيجي للولايات المتحدة" حتى جاءت المفاجأة القوية من طرف "سوزان رايس"، وكذلك عجزها على إنشاء لوبي مغربي في دول الاتحاد الأوروبي، رغم وجود أكثر من ثلاثة ملايين مغربي في دول أوروبا.
وقد برز هذا الفشل المدوي في وقت سجل تراجع مكافحة الإرهاب الذي كان يشكل موضوعا آنيا في أجندة "لادجيد" بحكم تواجد عناصر إرهابية مغربية في الخارج لديها ارتباطات بالداخل.

رؤساء "لادجيد"
1973 – 1983 الجنرال أحمد الدليمي
1983 – 2001 الجنرال عبد الحق القادري
2001 – 2005 الجنرال أحمد الحرشي
منذ 2005 محمد ياسين المنصوري

جلادو المخزن...-6-الجنرال حسني بنسليمان رمز من رموز سنوات الجمر و الرصاص بالمغرب

الجنرال حسني بنسليمان رمز من رموز سنوات الجمر و الرصاص بالمغرب


على بعد أمتار فقط من مقر القيادة العامة للدرك الملكي، يوجد مقر الجامعة الملكية لكرة القدم المغربية التي ظل يتربع على كرسي رئاستها الجنرال حسني بنسليمان منذ أمد.
فقد كان خالدا على رأس الدرك الملكي، كما ظل خالدا على رأس الجامعة، ولا يفصل بين البنايتين إلا الشارع من الجهة الشمالية، أما من الجهة الشرقية لا يفصل مقر قيادة الدرك الملكي عن البناية التي كانت تأوي بالأمس القريب المعتقل السري "الكومبليكس" إلا طريقا ضيقا، هنا وهناك في البنايتين معا، قرر الجنرال حسني بنسليمان في مصير الكثير من المغاربة، منهم من قضى نحبه ومنهم من لازالت أجسامهم وعقولهم تحمل آثار علامات فترة الجمر والرصاص، وهي الفترة التي لعبت فيها لبنايتان المتجاورتان دور الريادة في انتهاكات حقوق الإنسان والدوس على الصفة الإنسانية.
ويعتبر الجنرال حسني بنسليمان قيدوم "ديناصورات" العهد الحسني، وظل في مكانه ولم يتزحزح عنه منذ أن تم تعيينه في السبعينيات على رأس الدرك الملكي، إنه أقدم رموز العهد القديم، وهو الوحيد الذي احتفظ بمواقعه، واستمرار حفاظه على موقعه العسكري والأمني والسياسي منذ أن عين قائدا للدرك الملكي إلى حد اليوم. يكفي وزيادة تأكيد درجة القوة والنفوذ التي يتمتع بها في دوائر السلطة ودواليب صناعة القرار بالمغرب، بحكم أن المؤسسة الملكية تعتبر أخطر مؤسسة وأكثرها سرية، وظلت من الطابوهات.
فهل ظل الجنرال حسني بنسليمان يلعب دورا جوهريا على امتداد سنوات الجمر والرصاص، وهل لازال يلعبه بخصوص السياسة الأمنية الآن، ولم يتزحزح من مكانه لأنه دعامة من دعائم مغرب الأمس، وحجر زاوية السياسة الأمنية لمغرب اليوم؟
مشوار طويل
الجنرال دو كور دارمي حسني بنسليمان، قائد الدرك الملكي، التحق بالأكاديمية بعد حصوله على الباكالوريا من "الكوليج الإسلامي"، بالدار البيضاء، في منتصف الخمسينيات.
تخرج سنة 1959 وترقى إلى رتبة قبطان سنة 1965، قبل التحاقه بديوان الجنرال محمد أوفقير، الذي سرعان ما عينه على رأس وحدات التدخل السريع (السيمي).
استفاد حسني بنسليمان من علاقاته العائلية لتقوية موقعه مبكرا، تزوج من عائلة حصار دائعة الصيت بالعدوتين، وعبد الكريم الخطيب خاله، وإسماعيل العلوي، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ابن أخته.
في سنة 1967 التحق بمديرية الأمن الوطني، ثم شغل مناصب إدارية مهمة، إذ اضطلع بمهام عامل إقليم طنجة ثم القنيطرة لفترة وجيزة ثم مكناس. وعندما كان على رأس إقليم الغرب ربط علاقات وثيقة مع الضابط الأمريكي "بلير" والكولونيل "بنيت" بالقاعدة الأمريكية.
ترقى إلى رتبة كولونيل سنة 1976، وبعد تعيينه قائدا للدرك الملكي بدأ يحرق أشواط الترقية بسرعة، من عقيد إلى جنرال دو ديفيزيون إلى جنرال دو كور دارمي سنة 1994، وهي أعلى رتبة عسكرية في المغرب.
يقر أحد مصادرنا المطلعة أن الجنرال حسني بنسليمان هو الذي اقترح على الملك محمد السادس خلع إدريس البصري، وعندما تم ذلك قام بسد الفراغ، لاسيما في شقه الأمني.
لم يكن أحد ينافس الجنرال حسني بنسليمان على قيادة الدرك الملكي، ما عدا حميدو لعنيكري الذي كان يطمح على الدوام أن يعوضه، لكن حسني بنسليمان أعدم طموحه في المهد حينما أبعده عن الساحة و "صدره" إلى الإمارات العربية المتحدة حيث تغير مساره.
ظل الجنرال حسني بنسليمان حاضرا في مختلف المباحثات العسكرية مع الدول الحليفة أو الصديقة التي تربطها بالمغرب اتفاقيات وبروتوكولات التعاون العسكري، ومنذ أن عينه الملك الراحل الحسن الثاني على رأس الدرك لم يتزعزع من مكانه، ومع تولي الملك محمد السادس سنة 1999 ظل محتفظا بموقعه رغم الاتهامات التي وجهتها له الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وجملة من فعاليات المجتمع المغربي.
ولعل من المستجدات التي تم الكشف عنها بخصوص الجنرال حسني بنسليمان فيما يخص ملف اغتيال المهدي بنبركة، تأكد أنه اضطلع بمهمة المداومة يوم 29 أكتوبر 1965 بمقر الكاب 1، الشيء الذي دفع القاضي الفرنسي لاستدعائه كشاهد في النازلة.
وعموما ظلت بصمات الجنرال حسني بنسليمان حاضرة في آليات صناعة القرار السياسي لكن دون أثر بين. لقد ظل يؤثر في الظل لكن بقوة، علما أن تصريف الأمور تكون بيد المدنيين، السياسيين والوزراء والبرلمانيين، وزادت قوة تأثير الجنرال بحكم دوره في القطاع الرياضي وثقل مصالحه في القطاع الاقتصادي.
ومن الأمور التي أثارت جدلا كبيرا بإسبانيا توشيح الملك خوان كارلوس للجنرالين حسني بنسليمان وحميدو لعنيكري سنة 2005 بوسام قلادة "إزابيل الكاتوليكية"، إذ نددت جملة من الصحف الإسبانية بهذا التوشيح ملوحة بتورط الجنرالين في قضايا التعذيب والاختطاف والاختفاء القسري.
واستغربت جهات إسبانية عديدة بتزامن هذا التوشيح مع مطالبة إسبانيا بمحاكمة بينوشي، مصرحة أنه إذا كانت إسبانيا في حاجة إلى تعاون العناصر الأمنية المغربية، فإنها ليست ملزمة بتوشيح صدورها.

موقع الجنرال
منذ وفاة الجنرال الدليمي احتل حسني بنسليمان موقعا مركزيا في الرقعة السياسية بالمغرب.
وكان زواجه من إحدى بنات عائلة "حصار" السلاوية قد مكنه من التموقع بسهولة، ومنذ البداية، بدائرة أوفقير. وكان الوحيد من فوج محمد الخامس - أول فوج من الضباط تخرج بعد الاستقلال – الذي ترقى بسرعة واضطلع بمسؤوليات كبيرة، وفي سن مبكرة لم يسبق أن احتلها أحد، لا قبله ولا بعده، في سنه.
في البداية ترأس فرق التدخل السريع (السيمي)، ثم اضطلع بمهمة المندوب السامي لوزارة الشبيبة والرياضة، وكذلك البريد ومدير الأمن الوطني، ومفتش عام للقوات المساعدة، وعامل على طنجة ثم القنيطرة وأخيرا قائدا عاما للدرك الملكي منذ 1974 إلى حد الآن.
ويرى فيه محجوب الطوبجي، وريث الجنرال أحمد الدليمي منذ سنة 1983، موقعا ونفوذا.
لقد خبر الجنرال حسني بنسليمان كل دواليب الأجهزة الأمنية بالمغرب، واضطلع بمسؤولية مدير الأمن في أوج سنوات الجمر والرصاص في عهد الجنرال محمد أوفقير. وكان يرافق هذا الأخير في كل تحركاته خارج العاصمة، بما في ذلك تنقلاته إلى القاعدة الجوية بالقنيطرة قبيل الهجوم على الطائرة الملكية في غشت 1972.
ومنذ 1983 أصبح الجنرال حسني بنسليمان، أقوى رجل، بعد الملك، بالمغرب، وزادت قوته وتصاعد نفوذه بعد تثبيت رجال ثقته في العديد من مواقع المسؤولية ودوائر صناعة القرار.
وحسب محجوب الطوبجي، لتسريع تجميع شروط التخلص من إدريس البصري، افتعل الجنرال حسني بنسليمان قمع تحركات الجماهير بالعيون والسمارة، وتجاوز الحدود في التصدي إليها، لكن حرص أن يبقى في الظل كعادته، ونفس الشيء حصل مع حميدو لعنيكري، الذي برز في الصورة، وظل الجنرال في الظل.
وجاء في كتاب "ضباط صاحب الجلالة" أن الجنرال حسني بنسليمان قال يوما لأحد مقربيه: "لا يمكن قيادة الدرك الملكي دون استعمال عناصر مستعدة للقيام بأي شيء مهما كان، حتى "المهام القذرة"".
قوة الجنرال من قوة مؤسسة الجيش
ظلت مؤسسة الجيش بالمغرب وجنرالاته من المناطق الممنوع الحديث عنها، ولم يسبق في عهد الملك الراحل الحسن الثاني أن تم تسليط ولو بصيص من الضوء على موقع رجالات الجيش في النسق السياسي ودواليب صناعة القرار.
فحتى البرلمان لم يكن يتجرأ الخوض في الحديث عن المؤسسة العسكرية، ما عدا بخصوص التنويه بها أو المصادقة بالإجماع، توا وبدون مناقشة، على الميزانية الخاصة بها مهما كان الأمر. فلم يسبق في تاريخ البرلمان المغربي أن ناقش الميزانية العسكرية أو تناول موضوعا مرتبطا بها.
وتضم المؤسسة العسكرية، القوات المسلحة (البرية والجوية والبحرية) والدرك الملكي والقوات المساعدة إضافة للأمن الوطني.
لكن في نهاية عهد الحسن الثاني وبداية عهد محمد السادس، بدأت بعض الأصوات الشجاعة تكسر الصمت الذي ظل يلف هذه المؤسسة لفضح مختلف أشكال الفساد بها واستبداد بعض رجالاتها. وإذا كان أصحاب هذه الأصوات قد أدوا الثمن غاليا، فإنهم دشنوا طريق تحطيم الطابو.
ومع انكشاف خلايا التطرف، بدأت تظهر علامات اختراق المؤسسة العسكرية من طرف الإسلاميين، وتأكد هذا الأمر مع جماعة "أنصار المهدي".
ولكن ظلت الصورة الماثلة في الذاكرة الشعبية، بخصوص الجيش المغربي، مرتبطة بالمحطات السوداء وسنوات الجمر والرصاص التي طبعت تاريخ المغرب الحديث، لاسيما تدخلات العسكر في أحداث أسقطت الكثير من الضحايا والاستياء في نفوس أغلبية المغاربة من مختلف الأجيال بدءا من نهاية الخمسينيات (الريف 1958 – 1959)والستينيات (انتفاضة مارس 1965) والثمانينيات (انتفاضة الخبز 1981 و 1984) والتسعينيات (الاحتجاجات الشعبية 1990).
لم يكن يخفى على أحد بالمغرب قوة المؤسسة العسكرية، لكن ما ظل غامضا هو موقعها إزاء السلط، وهل هي فعلا تمثل سلطة فوق مختلف السلط؟
بدأ هذا التساؤل في البروز منذ السبعينيات، بعد المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين.
وتأكد هذا الأمر بجلاء بعد أحداث 16 مايو 2003، إذ صرح الجنرال حميدو لعنيكري قائلا: "بأن الجيش لن يظل مكتوف الأيدي إذا ما وصل الإسلاميون إلى سدة الحكم".
وقد اعتبر البعض أن هذا التصريح يوحي، بشكل واضح أن مؤسسة الجيش تلعب دورا جوهريا في صناعة القرار وتوجيهه، وهذا ما جعل بعض الجنرالات الوازنين يرسمون، في الظل، خطوطا حمراء، ربما هي التي تقف وراء جملة من القضايا المستعصية، وعلى رأسها، التخلي عن رموز العهد ما قبل الجديد، ومنهم قيدوم ديناصورات العهد الحسني، الجنرال حسني بنسليمان والجنرال عبد العزيز بناني، اللذان يعتبران من أقوى وأنفذ جنرالات المملكة الذين يفوق عددهم الأربعين جنرال.
ويرى بعض المحللين، أن من بين مؤشرات قوة المؤسسة العسكرية (ومنها قوة ونفوذ بعض الجنرالات)، مسلسل التراجعات على المكتسبات المحققة في مجال حقوق الإنسان والإقرار بدولة الحق والقانون، خصوصا منذ أن بدأت فعاليات المجتمع المدني تنعت بأصابع الاتهام بعض رموز العهد الحسني، وعلى رأسهم، قيدومهم الآن، الجنرال حسني بنسليمان.
وذهب هؤلاء إلى أن سيرورة التغيير ستظل مكبحة ما دام رموز الماضي يتحكمون في المؤسسة العسكرية وفي الدرك الملكي، ولم تتخلص الأجهزة الأمنية من أحد أولائك إلا مؤخرا بفعل تداعيات ملفي "أنصار المهدي" و "الشريف بين الويدان". وكل هذه الرموز، التي لازالت تحتل مواقع وازنة في دواليب صناعة القرار (وأغلبها عسكرية أو أمنية)، لا ترغب بأي حال من الأحوال في المساءلة بخصوص الماضي.
إن المؤسسة العسكرية تشكل حاليا، حسب رأي الكثيرين، أهم عرقلة في وجه تسريع سيرورة التغيير والإصلاح، علما أنها هي الجهة المؤهلة لحماية النظام من أي استياء شعبي عارم. وقد سبق للأمير مولاي هشام أن صرح لجريدة "لباييس" الإسبانية أن الجيش ظل يشكل مصدر قلق أكيد في سيرورة الانتقال.
جيل الجنرال حسني بنسليمان
إذا كان جل جنرالات الجيل الأول والثاني قد غابوا حاليا من الصورة ولم يعد لديهم أي تأثير، فهناك استثناء واحد، الجنرال حسني بنسليمان.
فالجيل الأول اضطلع بمهمة التأسيس، ومن رجاله إدريس بن عمر ومحمد بنعيسى وعبد الحفيظ العلوي، أما الجيل الثاني، الذي ينتمي إليه الجنرال حسني بنسليمان، برزت أغلب عناصره في حرب الرمال في فجر الستينيات أو في المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين بخصوص بعضهم.
في حين كانت الصحراء هي مجال بروز الجيل الثالث، ومن ضمنهم المفتش العام للقوات المسلحة وقائد المنطقة الجنوبية، الجنرال عبد العزيز بناني الذي يشكل بجانب الجنرال حسني بنسليمان الثنائي الأقوى بالمؤسسة العسكرية.
وهناك حاليا جيل رابع تميز بالأساس بنوع من التحرر من طابع السرية والانغلاق اللذين ظلا يطبعان المؤسسة العسكرية، وأبرز ممثلي هذا الجيل، الجنرال حميدو لعنيكري، أما الجيل الخامس، فقد برزت عناصره في وضع صعب، وتميزوا أساسا بالتخلص من الخوف والرعب اللذين طغيا وسط المؤسسة العسكرية، إذ تمكن بعض الضباط من فضح جوانب من الفساد المستشري في الجيش، وهي الطريقة التي دشنها ضباط شباب من أمثال أديب والجالطي.
ويعتبر الجنرال حسني بنسليمان من الجيل الثاني في تاريخ الجيش المغربي. وإذا كان أبرز عناصر هذا الجيل قد لعبوا دورا في حرب الرمال ضد الجزائر في أكتوبر 1963، فإنه (حسني بنسليمان) لم يسبق له أن خبر ركح المعارك، خلافا لجنرالات جيله من أمثال لوباريس وأشهبار والقادري وعروب وأوفقير والمذبوح. وكل هؤلاء إما أحيلوا على التقاعد أو خانوا فتمت تصفيتهم، ولم يبق الآن من هذا الجيل الثاني للجنرالات حاضرا بكل ثقله ونفوذه سوى الجنرال حسني بنسليمان، الذي ظل حاضرا بكل ثقله ونفوذه، محتلا أعلى رتبة عسكرية في المغرب الآن.
عسكرة كرة القدم
ساهم الجنرال حسني بنسليمان في عسكرة كرة القدم، الرياضة الأكثر شعبية بالمغرب منذ فجر الاستقلال.
وقد تأكدت هذه العسكرة (من جديد) عند اضطلاع الكولونيل المهدي بلمجدوب بمنصب ناخب وطني في التسعينيات.
كما أن الجنرال حسني بنسليمان عمل دائما على تسهيل مهمة العسكريين والأمنيين لاحتلال مناصب بارزة حتى على صعيد الفرق. وفي هذا الصدد يمكن استحضار أمثلة عديدة، منها الكوميسير عبد اللطيف المسفيوي بفريق رجاء بني ملال، والكولونيل العلام بفريق اتحاد سيدي قاسم، والكابتان الملياني المكي والليوتنان كولونيل محمد اعبابو بفريق الجيش الملكي، والكوميسير امحمد أحضاهين بالوداد والكوميسير محمود عرشان بفريق اتحاد الخميسات.
إن هيمنة الجنرال حسني بنسليمان على قطاع الرياضة أكثر شعبية بالمغرب لم يكن صدفة، وإنما كان أمرا مدروسا، حركه بالأساس الهاجس الأمني. لقد كان من الطبيعي أن تتحكم السلطة عن قرب، في هذا القطاع "الشعبي"، فمادام أن الهاجس الأمني هو الموجه الأول لتدبير الأمور بالبلاد، كان من الطبيعي جدا أن لا تترك السلطة قطاع الرياضة، ولاسيما كرة القدم، بدون تأطير "أمني" من الداخل اعتبارا للقوة التي كان يمثلها، وكان أقصر السبل هو إدماج عناصر عسكرية وأمنية في مجال التسيير الكروي، لذلك تم إشراك العسكريين في القيام على أمور العديد من الاتحادات الرياضية ولتسيير الكثير من الفرق القوية أو تلك المتواجدة في المدن الكبرى.
من هذا المنظور وجب النظر إلى فرض بلمجدوب كناخب وطني إلى حدود زعزعته بفعل الرجة التي أحدثتها هزيمة الفريق الوطني المغربي أمام الفريق الجزائري بالدار البيضاء بحصة ثقيلة جدا (خمسة أهداف لواحد) في نهاية سنة 1979 (تصفيات الألعاب الأولمبية). آنذاك بتعليمات صارمة من الملك الحسن الثاني عمل الجنرال حسني بنسليمان على إحداث لجنة مؤقتة سرعان ما ترأسها من جديد عسكري، الجنرال إدريس باموس.
وبذلك ظل الجنرال حسني بنسليمان يتحكم في قطاع الرياضة الأكثر شعبية بالمغرب، منذ أن عمل على عسكرته.
كما أن احتفاظه بموقعه الرياضي يعكس، بما لا يدع أي مجال للشك، درجة نفوذه. إن الجنرال حسني بنسليمان يعتبر الوحيد "من ديناصورات" عهد الحسن الثاني الذي يتربع على كرسي القيادة في القطاع الرياضي، في وقت أبعدت الوجوه الأخرى من أمثال محمد المديوري.
ومهما يكن من أمر، فالغالب أن السلطة ظلت تحبذ مكوث عسكري يتحكم في قطاع كرة القدم، الرياضة الأكثر شعبية، وهذا من التعابير الجلية على استمرار حضور الهاجس الأمني في تدبير الأمور في مختلف القطاعات، وبالتالي فإنها حالة طبيعية جدا وليست نشازا.
وقد صدق من قال: "كم من قطاع عرف الإفلاس بالمغرب لأن المسؤولية فيه أسندت لغير أهلها".
في حين ظل خطاب الجنرال حسني بنسليمان حول الفكرة القائلة: "يجب أن نحافظ على تقاليدنا المبنية على احترام الفريقين المتنافسين والحكام والجمهور، وترسيخ فكرة اللعب".
فهل فعلا تم تكريس فكرة اللعب النظيف على صعيد إدارة الشأن الكروي وتدبير ماليته؟ هذا هو السؤال.
الجنرال والرياضة
ظهرت ميولات الجنرال الرياضية "بالكوليج الإسلامي" بالدار البيضاء، حيث كان يتابع دراسته الثانوية كداخلي. تألق بين أقرانه في بداية الخمسينيات في القفز العلوي. ففي سنة 1953 توج بطلا لفرنسا في فئة الفتيان بعد أن تمكن من اجتياز 1.93 متر، كما برز في رياضات أخرى، كسباقات السرعة ورمي الرمح، غير أنه فضل مزاولة كرة الطائرة في صفوف فريق "شارل نيتير" الذي كان يضم يهودا ونصارى، لكنه في نهاية المطاف التزم كحارس مرمى لفريق الجيش الملكي، إلى جانب المدافع الكولونيل مهدي بلمجدوب إلى حدود 1962.
كتب أحد الصحفيين الفرنسيين أن الجنرال حسني بنسليمان من الجنرالات الوازنين بالمغرب، ظل على رأس الجامعة الملكية لكرة القدم بالتصفيق وليس بالانتخابات الفعلية، ولأنه كذلك لم يسبق له أن أعطى توضيحات للمغاربة بخصوص القرارات التي يتخذها، كما أنه لم يسبق له أن عقد أي لقاء مع الصحافة أو نظم ندوة صحفية علنية، لأنه جنرال ولا يمكن محاسبته، لا بخصوص تدبير شؤون الجامعة ولا اللجنة الوطنية الأولمبية، فالجنرالات في المغرب لا يحاسبون وليسوا مطالبين بتوضيح القرارات التي يتخذونها.
ونفس هذا الصحفي تساءل عن مآل ملعب مدينة فاس قائلا.. في بلد يحتضن ملايين الفقراء وجيوشا من العاطلين حاملي الشهادات، أعطيت الأوامر سنة 2003 لتشييد ملعب مدينة فاس، وفعلا تم تشييده بأعلى المواصفات وصرفت عليه الملايير، وعندما تبين أن المغرب لم يحظ بتنظيم المونديال ظل الملعب مقفولا ولم يستفد منه المغاربة، بل أهمل إهمالا، وبعد سنتين أضحى خرابة، ولم يحاسب أي أحد بهذا الصدد، وهذا لأن رئيس الجامعة جنرالا، والجنرال بالمغرب، كما سلف الذكر لا يخضع للمحاسبة، بل تطاع أوامره فقط.
وظل البطل العالمي سعيد عويطة يجهر بعدائه البين للجنرال حسني بنسليمان، بصفته رئيسا للجنة الأولمبية المغربية، حيث ظل يرى فيه رأس الفساد في المجال الرياضي. بل ذهب به الأمر إلى اعتبار أن كل من "يتعامل معه فاسدا"، واستمر سعيد عويطة في التشكيك في سلامة تدبير الأموال الطائلة التي كانت تتقاطر على اللجنة الأولمبية، وفي هذا الإطار تساءل عن مآل مليار و800 مليون سنتيما، منحتها الشركة الأمريكية "نايك" للجنة الأولمبية، وكذا المبالغ المسلمة لها من طرف اتصالات المغرب وبنك المغرب وشركة سيدي علي وغيرها.

الجنرال عبد العزيز بناني قرين الجنرال حسني بنسليمان في القوة والنفوذ
من الأمور التي ظلت تثار بخصوص الجنرالين حسني بنسليمان وعبد العزيز بناني، والتي أثارتها كذلك بشدة بعض وسائل الإعلام الإسبانية، إشكالية مراكمة الثروات عبر صفقات شراء اللحوم من الأرجنتين وأستراليا، وعبر الغرامات المفروضة على بواخر الصيد، لاسيما الإسبانية منها، التي تزاول نشاطها في المياه المغربية. وفي هذا الصدد، يقول كذلك محجوب الطوبجي إن كل من الجنرال حسني بنسليمان والجنرال عبد العزيز بناني وظفا مكرهما وخبرتهما في بلورة طرق وأساليب لمراكمة المزيد من الثروات، ولم يتركا أي سبيل إلا ومارساه، بما في ذلك التقليل من كمية الوجبات الغذائية المخصصة للجنود سواء في ساحة المعركة أو في الثكنات، وتهريب المواد المدعمة من الأقاليم الجنوبية (الزيت، الدقيق، البترول) لإعادة بيعها بالأقاليم الداخلية للمدنيين بثمن أعلى.
محطات موضع التساؤل
بعد اعتلاء الملك محمد السادس عرش البلاد، كان الكثيرون ينتظرون التخلي عن خدمات الجنرال حسني بنسليمان، لا سيما بعد خلع وزير الداخلية السابق إدريس البصري، لكن على العكس من ذلك، تبين أن الجنرال ازداد قوة ونفوذا.
فبعد فشل المحاولة الانقلابية الثانية في غشت 1972، تكلف الجنرال حسني بنسليمان بالتحقيقات مع العسكريين المتورطين الذين اختطفوا من السجن المركزي بالقنيطرة لإيداعهم بمعتقل تازمامارت الذي ظل مرتبطا باسم الكولونيل فضول، الذي عمل تحت الإمرة المباشرة للجنرال.
وكانت سلطة الجنرال واسعة، إذ اعتبر الكثيرون أنه كان في إمكانه تخفيف الوطأة على ضيوف آكل البشر تازمامارت، وكذلك تخفيف معاناة عائلة أوفقير إلا أنه لم يحرك ساكنا، فقد ظل الجنرال حسني بنسليمان يدبر أمور المعتقلات السرية بعد أحمد الدليمي.
فالجنرال حسني بنسليمان كان على علم بما يجري ويدور في المعتقلات السرية، لاسيما تلك الواقعة، خارج العاصمة الإدارية والعاصمة الاقتصادية، في تازمامارت وأكدز وقلعة مكونة وتاكونيت، وكانت كلها من قبيل مهام التدبير اليومي لديوان الجنرال.
وبخصوص قضية المهدي بنبركة، يقر محجوب الطوبجي في كتابه "ضباط صاحب الجلالة" أن حسني بنسليمان كان في المداومة "الكاب 1" يوم اختطاف المهدي بنبركة من أمام مقهى "ليب"، بباريس بفرنسا، في هذا الوقت كان عبد الحق القاديري ملحقا عسكريا بسفارة المغرب هناك، وقد أعرب القضاء الفرنسي عن رغبته في الاستماع لهما (بنسليمان والقادري) في ملف النازلة، وما يهم القاضي الفرنسي المكلف بالتحقيق هو اتصال الفرنسيين "لوبيرز" و "بوشيس" بالجنرال حسني بنسليمان بأمر من محمد أوفقير وأحمد الدليمي.
الجنرال والمجال الحقوقي
ظل اسم الجنرال حسني بنسليمان على رأس قائمة اللائحة السوداء للمنظمات الحقوقية بجانب حميدو لعنيكري والكولونيل فضول، بخصوص المسؤولية في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
ذكر اسم الجنرال حسني بنسليمان أكثر من أي اسم آخر من طرف ضحايا سنوات الجمر والرصاص. وقد أقرت أكثر من جهة أنه من 1973 إلى 1990، كان يذهب مرارا إلى سجن تازمامارت وكان هذا أمرا طبيعيا آنذاك باعتبار أن قيادة الدرك الملكي هي التي أوكل لها ملف ضيوفه. وكانت هذه المهمة الوحيدة التي تكلف بها فضول بجانب سجن عائلة الجنرال محمد أوفقير على امتداد مشواره الوظيفي، وتتبع خصوعهم للموت البطيء فضول هذا عمل تحت الإمرة المباشرة للجنرال حسني بنسليمان.
ويقر مدحت روني برويكات أنه أقتيد رفقة شقيقه يوم 2 شتنبر 1976 إلى مقر القيادة العامة للدرك الملكي بالرباط، وظلوا هناك وهم محتجزون أكثر من أربع سنوات ونصف في فضاء كان يمر عليه الجنرال حسني بنسليمان يوما قبل نقلهم إلى تازمامارت، ويقول بوريكات:" إن كان الجنرال لا يد له في الأمر باعتقالنا إلا أنه تحمل مسؤوليته بخصوص الوضعية المزرية التي عانينا منها عندما كنا في ضيافة بمقر القيادة العامة للدرك الملكي". ويضيف ..:" وكان من الطبيعي أن يتصرف الجنرال على هذا المنوال باعتباره أحد خريجي مدرسة أوفقير والدليمي الذين تمرسا تحت إمرتهما".
جلسة فطور مع الجنرال
بعد عودته إلى المغرب استدعى الجنرال حسني بنسليمان محجوب الطوبجي إلى إقامته بحي السويسي بالرباط في يناير 1986 واستقبله استقبال الأصدقاء المقربين في صالونه الفاخر، علما أن آخر لقاء بين الرجلين كان بزنزانة القاعدة الجوية بسلا في يوليوز 1984، بعد 18 شهرا من الاحتجاز القسري.
كانت طاولة الفطور تحتوي على كل ما تشتهيه النفس، دار الحديث حول مستقبل العلاقات بين الرجلين، مع رغبة الجنرال في الإطلاع على بعض من الأسرار التي يحملها الطوبجي.
وانتهى اللقاء بتحديد موعد مع الجنرال عبد الحق القاديري بمكتبه بـ "لادجيد"، في هذا اللقاء نصح رئيس "لادجيد" الطوبجي بتقديم استقالته لتكليفه بإدارة شركة بالدار البيضاء، وهي إحدى الشركات التي سبق للجنرال الدليمي أن استحوذ عليها تحت غطاء المغربة سنة 1973 لتمويل "لادجيد".
وانتهى اللقاء برفض الطوبجي لهذا الاقتراح.

من قتل الكولونيل بوعطار وابنه؟
يقرر محجوب الطوبجي أن سر مقتل الكولونيل محمد بوعطا وابنه، سنوات بعده، ليست بيد الجنرال حسني بنسليمان.
فالأب والابن لقيا حتفهما من أجل قضية واحدة.
وتعود القصة إلى عهد الجنرال أحمد الدليمي، الذي كان الكولونيل محمد بوعطار أحد رجاله، وهو المسؤول على وحدة صياغة ومراقبة آليات ومعدات الحرس الملكي.
كان بوعطار لا يحتمل محمد المديوري ويكن الواحد منهما العداء للآخر، وكان يتجسس كل منهما على الآخر ويتابع حركاته وسكناته.
تمكن الكولونيل بوعطار من وضع اليد على سر خطير يخص محمد المديوري، ورغبة في التخلص من غريمه أبلغ شخصيا ذلك السر الخطير إلى الملك الحسن الثاني.
وحسب أحد المقربين من القصر، إن نهاية الجنرال الدليمي الغامضة كانت بسبب ذلك السر الخطير الذي أبلغه الكولونيل محمد بوعطار إلى الملك. وبالتالي فإن اختفاء الدليمي لا علاقة له بمحاولة التهييئ للانقلاب كما انتشر بين الكثيرين، ما دام أن الجنرال أحمد الدليمي قد بلغ من النفوذ والقوة ما جعله يفعل ما يريد، ولم يكن في حاجة لمزيد من السلطة.
بعد علمه بالسر أمر الملك الحسن الثاني الكولونيل بوعطار بمراقبة محمد المديوري، ويبدو أن السر تأكد بفندق "كرييون" بباريس، وهذا ما أكده محجوب الطوبجي في كتابه الأخير.
وبعد مدة غاب الكولونيل بوعطار ولم يظهر له أثر، وحسب إدريس البصري أن فرقة الدراسات والأبحاث (B.E.R)، التابعة للدرك الملكي لها يد في هذه القضية.
بعد اختفائه قيل إنه محتجز بإحدى الضيعات القريبة من الرباط، وبعد ذلك فقد. وكانت حادثة الدليمي بمراكش.
وفي مايو 1999، بدأ ابن بوعطار، مهندس في الثلاثين من عمره آنذاك يتقصى حقيقة اختفاء والده، الكولونيل في الدرك.
وكان من الطبيعي أن تكون أول جهة يقصدها القيادة العامة للدرك الملكي والجنرال حسني بنسليمان، لكن بعد مرور بضعة شهور تم العثور على جثة ابن بوعطار بإحدى العمارات القريبة من سينما الملكي.
اختفى ابن بوعطار ولم يكن ذنبه سوى التقصي عن حقيقة اختفاء أبيه.

اعتقال محجوب الطوبجي
يقول الطوبجي في كتابه إنه التقى بحسني بنسليمان، كولونيل ماجور آنذاك، في الذكرى الأربعينية لوفاة أحمد الدليمي، بمنزل هذا الأخير.
طلب الطوبجي رخصة للسفر إلى فرنسا قصد زيارة طبيب اختصاصي في أمراض العيون، وأودع طلبه لدى الكولونيل برنيشي، رئيس المكتب الثالث بالقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، آنذاك كان لزاما عرض رخص سفر الضباط إلى الخارج على الملك بصفته القائد الأعلى.
لم يعد الطوبجي أنه سيتم ربط طلب رخصة السفر بموت الدليمي.
ويضيف الطوبجي، يوم 9 مارس 1983 صباحا، اتصل به أفروخ ليخبره أن الملك يرغب في رؤيته بفاس، كان أفروخ هذا يعمل بالحرس الملكي تحت إمرة محمد المديوري، وفعلا رافق الطوبجي المبعوث، وعند الاقتراب من مدينة فاس، اتصل أفروخ بالقصر، وقيل له إن عليهما الانتظار بفندق المرينيين، وفي الزوال زار اليوتنان كولونيل بلقديم، رئيس الدرك الملكي بفاس، الطوبجي بالفندق وأخبره أن الكولونيل ما جور (آنذاك) حسني بنسليمان على علم باستدعائه للقصر وأنه عليه التوجه إلى مكتبه لانتظار موعد الاستقبال. في نفس الوقت حضر فضول رفقة دركيين بلباس الميدان لإخباره بالالتحاق بالجنرال حسني بنسليمان بالرباط.
خلقت هذه التغييرات نوعا من القلق في نفس الطوبجي.
توجه الطوبجي رفقة فضول نحو الرباط عبر طائرة مروحية، وفي المطار نقل في سيارة إسعاف عسكرية إلى مقر القيادة العامة للدرك الملكي، هناك أودع في محل خاص رفقة دركي يحرسه بالداخل ودركيين بالخارج، بعد تجريده من الحزام وربطة العنق.
وفي هذا الصدد، يقول الطوبجي: ".. في هذه اللحظة بالضبط عرفت أن عهد خلف أوفقير والدليمي، أي حسني بنسليمان قد بدأ".
ومن المعلوم أن جريدة "لوموند" الفرنسية قد أعلنت في عددها ليوم 11 مارس 1983 خبر اعتقال محجوب الطوبجي، ويعتقد هذا الأخير، أن نشر هذا الخبر هو الذي مكنه من البقاء على قيد الحياة.
يوم الأحد 13 مارس 1983، في وقت متأخر من الليل اقتيد الطوبجي إلى مكان غير بعيد من العاصمة، ويعتقد أنه أودع بمكان بتمارة. وبعد فترة قصيرة اقتيد إلى مكتب، ووجد نفسه وجها لوجه مع إدريس البصري وحسني بنسليمان، في صالون لإحدى الفيلات.
كان الغرض من هذا اللقاء، حسب رواية الطوبجي، التأكد مما يعرفه من أسرار الدليمي المرتبطة بهما.
اهتم إدريس البصري بمعرفة الشخص أو الأشخاص الذين كلفهم الدليمي بمراقبته.
ظل الطوبجي ضيفا بالفيلا مدة أسبوع، وحسب روايته لم يدق فيها طعم النوم إلا ليلتين، إذ كلف دركي من منعه من النوم كلما نال منه التعب، وبعد أسبوع نقل إلى زنزانة بمطار الرباط – سلا (الثكنة العسكرية التابعة للقاعدة الجوية)، وعلم الطوبجي، من خلال حديثه مع الدركيين الذين يحرسانه، أنه ليس الوحيد المحتجز بالقاعدة، فهناك كذلك الكولونيل محمد الحايك، الذي عوض الدليمي على رئاسة فيلق "أحد" والكولونيل حسن واليد، رئيس المواصلات بالجنوب، وشقيقه الحسين، أحد مرافقي الجنرال الدليمي، والكولونيل الهواري في البحرية المكلف بالحساب البنكي المتعلق بالمخالفات البحرية بالجنوب والتي كانت تؤديها بواخر الصيد بالعملة الصعبة، وكان كذلك من المحتجزين بعض المدنيين، منهم الطيب حابي كوميسير سابق في عهد أوفقير والخياط متصرف، تابعين لـ "لادجيد"، وبوبكر زروال كوميسير بـ "ديسطي"، هؤلاء كانوا يتمتعون بامتيازات حرم منها الطوبجي.
في منتصف يوليوز 1983 التقى هذا الأخير باليوتنان كولونيل (آنذاك) بلبشير (رئيس المخابرات العسكرية)، وكانت هذه الزيارة، حسب الطوبجي، محاولة لإعلان انصياغه وراء حسني بنسليمان.
وفي غضون شهر دجنبر 1983، أخبر الطوبجي أنه أعفي عنه رفقة باقي المحتجزين بالقاعدة الجوية، إلى أنه ظل معتقلا، الشيء الذي جعله يفهم أنها مجرد خطة للنيل من معنوياته.
وفي منتصف شهر مارس 1984 يتم نقل الطوبجي بزنزانة قرب باقي محتجزي القاعدة الجوية، وفي غضون شهر أبريل 1989 رأى الطوبجي من نافذة زنزانته قدوم إدريس البصري وحسني بنسليمان إلى القاعدة ثم مغادرتها لها رفقة محتجزين، الكولونيل الحايك والكولونيل الهواري، وفي اليوم الموالي أخلى سبيل الباقين، وظل الطوبجي محتجزا.
ويقول الطوبجي في كتابه إنه علم على لسان الدركيين الذين كانا يحرسانه أنه تمت مساومة المحتجزين بخصوص المبالغ الواجب دفعها لإخلاء سبيلهم.
ويضيف.. في 12 يوليوز 1984، زاره الجنرال حسني بنسليمان بزنزانته بمعية الكولونيل سربوت وبشره بقرب الفرج، كما أخبره أنه بإمكانه ممارسة الرياضة في انتظار لحظة الحرية، غير أنه مرت الأيام والشهور ولم يأت الفرج، فبدأ الطوبجي يخطط لهربه، وحدد ليلة عيد الأضحى لتنفيذه، وهذا ما كان، حيث تمكن من مغادرة زنزانته عبر ثقب حفره على امتداد شهور، ليلة 6 شتنبر 1984.
تمكن من الفرار واستطاع مغادرة المغرب، ومن فرسنا كلم إدريس البصري الذي بعث إليه مبلغا ماليا ووضع رهن إشارته تذكرة سفر قصد الرجوع بعد إخباره أن الملك صفح عنه ويدعوه لحضور حفل زفاف الأميرة لالة مريم.
وفي نهاية المطاف تمكن محجوب الطوبجي من مقابلة الملك بفرنسا في نهاية إحدى زيارته بعد أن أخبره الجنرال حسني بنسليمان برغبته في ذلك: وتمت المقابلة بحضور محمد المديوري والجنرال القادري، وكانت نهاية الحديث حسب الطوبجي بأن قال له الملك:
إن سألك أحد عن سبب غيابك، عليك القول بأنك كنت مريضا وأنا أرسلتك إلى الخارج قصد العلاج".
ويضيف الطوبجي.. بعد نهاية المقابلة سارع الجنرال القادري إلى الهاتف لإخبار الجنرال حسني بنسليمان بما جرى، آنذاك تيقن بأن هذا الأخير هو الذي أضحى يحتل موقع الجنرال أحمد الدليمي في المنظومة.
بعد نهاية المقابلة تقابل الطوبجي مع الكولونيل لعنيكري (آنذاك) الذي دعاه للغذاء بمطعم "لوفوكي" "بشان إليزي". إذ، حسب الطوبجي، لم يكتف بالجنرال القادري لتتبع الأمر، وإنما بعث بلعنيكري كذلك لنفس الغرض.
وفي 17 دجنبر 1985 عاد محجوب الطوبجي إلى المغرب.

حوار العسكري السابق والسياسي اليوم عبد الله القادري
قريبا سيتم إعفاء حسني بنسليمان

- وصلت بعض الأحزاب، في إطار مطالبها بتعديل الدستور، إلى ضرورة أن يراقب البرلمان الجهازين الأمني والعسكري بالبلاد، ما موقفكم من هذا المطلب؟
+ أظن أن احتياجات المرحلة بعيدة كل البعد عن مثل هذه المطالب، هناك أولويات لابد أن نفكر فيها اليوم، فالمواطن المغربي والمجتمع المغربي في حاجة إلى معالجة لمشاكله الراهنة وإلى اقتراحات ومطالب تصب في هذا الإطار. الدستور ليس بقرآن على كل حال، لكن المطالبة بتعديله لابد أن تتسم بنوع من الواقعية، نحتاج إلى تعديلات تتلاءم مع مسألة الجهوية، خصوصا موضوع الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، كما قد نحتاج إلى تعديلات ترتبط بمهام واختصاصات مجلس المستشارين، أما ما عدا ذلك فلا أظن أن المرحلة تفرضه.
- هل هذا يعني أنه لا يمكن مساءلة الجهازين الأمني والعسكري؟
+ بلا، هذا ممكن طبعا، لكن في الحدود التي تسمح بها سرية هذين الجهازين، يمكن مثلا أن نسائل هاتين المؤسستين فيما يخص النفقات وفيما يخص بعض القضايا المسموح للعموم بالإطلاع عليها، لأنه وكما هو الحال
..........................

المهدي بن بركة .. لا زالت الحقيقة غائبة




...

يثير تمسك الاطراف المعنية بقضية المهدي بن بركة، مؤسس اليسار المغربي الحديث، بإخفاء حقيقة اختطافه واغتياله، الكثير من الاستغراب لدى المراقبين.

هذا الموقف يقابل أيضا باستنكار المنظمات والجمعيات الحقوقية المغربية والفرنسية خصوصا بعد ان مر على جريمة الاختطاف والاغتيال اكثر من اربعين عاما.
لقد عُـرفت خلال هذه العشريات الأربع، الكثير من التفاصيل المتفق على صحتها، ان كان من خلال المحاكمة الفرنسية لمرتكبي الجريمة او ما كتبه او ادلى به اشخاص كانوا على صلة بالملف، او نشر وثائق رسمية فرنسية.

كان اشعاع المهدي بن بركة، المعارض الشرس لنظام الملك الحسن الثاني، قد امتد خارج بلده ليصبح بالاضافة الى زعامته لحزب القوات الشعبية واليسار المغربي، احد ابرز قادة حركة التحرر العالمية وصديقا لزعماء، من الصين الى كوبا، كانوا رموزا لمناهضة الهيمنة الامريكية والغربية على دول العالم الثالث واستطاع من خلال منظمة التضامن الافرو - آسيوي ان يقنع هذه الدول بعقد ما يعرف بمؤتمر القارات الثلاث الذي كان مقررا له أن يعقد في لاهافانا بداية 1966.

ومقابل توحد اصدقائه حول رمزيته، توحد خصوم بن بركة على هدف التخلص منه، وحسب ما نشر من وثائق، فإن القرار اتخذ في مارس 1965، بين المخابرات المغربية بالتنسيق مع المخابرات المركزية الامريكية وبتعاون مع المخابرات الاسرائيلية (الموساد) وبعض رجال المخابرات الفرنسية، وأعدت لذلك خطة محكمة تتمثل في استدراجه للعاصمة الفرنسية باريس واختطافه دون الاتفاق على ما بعد الاختطاف.

السير بمحاذاة ملف بن بركة

من امام مطعم ليب في شارع سان جيرمان، في قلب العاصمة الفرنسية، صباح 29 اكتوبر 1965، حيث كان على موعد مع مخرج سينمائي فرنسي لاعداد فيلم حول حركات التحرر، وكان هذا المخرج مشاركا في سيناريو الاختطاف، تقدم رجلا شرطة فرنسيين من بن بركة وطلبا منه مرافقتهما في سيارة تابعة للشرطة.

وبعد ذلك وحتى الان اختفى اثر بن بركة ورسميا لم يعرف الا ما ادلى به الشرطيان امام محكمة، حيث اعترفا انهما خطفا بن بركة بالاتفاق مع المخابرات المغربية وانهما اخذاه الى فيلا تقع في ضواحي باريس حيث شاهدا الجنرال محمد اوفقير وزير الداخلية المغربية انذاك ومعه احمد الدليمي مدير المخابرات المغربية واخرون من رجاله وان بن بركة توفي اثناء التحقيق معه وتعذيبه.

هذه الرواية متفق عليها من الاطراف المشاركة بالجريمة او عائلة بن بركة ورفاقه، لكن ما بعد ذلك لازالت الروايات متعددة متباينة، ولحد الان رغم مرور اربعين عاما لا يعرف مصير جثمان بن بركة واين دفن. وكل الروايات المتداولة قابلة للتصديق وكلها لا تحمل ما يؤكدها.

مشاركون في الجريمة قالوا ان الجثمان دفن على نهر السيم بالقرب من الفيلا التي كان محتجزا بها واحمد البخاري العميل السابق للمخابرات المغربية قال سنة 2001 ان الجثمان نقل بعد الاغتيال الى الرباط على متن طائرة عسكرية مغربية وتم اذابته في حوض من الاسيد في احدى المقرات السرية للمخابرات المغربية، وصحف مغربية تحدثت قبل ايام ان الرأس فقط نقل للرباط وقدم على طاولة عشاء في احد القصور الملكية. وقالت روايات اخرى ان الجثمان كله نقل للبراط ودفن بباحة معتقل سري للمخابرات المغربية يعرف ب f3.

قانونيا، عائلة بن بركة ورفاقه لا يطالبون بالكثير، يريدون فقط حقيقة مصير جثمانه ومكان دفنها والوثائق الرسمية الفرنسية التي كشفت على مراحل كان اخرها بداية العام الجاري، بعد اربعين عاما من وضعها تحت بند اسرار الدفاع وحظر نشرها، لم تتحدث عن مصير الجثمان والسلطات المغربية لا زالت تتحفظ في الحديث عن الملف بمجمله وترفض الخوض فيه، رغم ما عرفه ملف حقوق الانسان وما يعرف بمسلسل طي صفحة الماضي من تقدم طوال السنوات العشر الماضية.

منذ منتصف التسعينات، دشن المغرب مسلسل كشف ماضيه في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، بدأ المسلسل بطيئا لكنه مع تولي الملك محمد السادس الحكم في صيف 1999 تسارع وقطع خطوات مهمة، فطلب من الضحايا الحديث العلني وتم تعويضهم وعائلاتهم عن ما لحقهم من اضطهاد وفتحت السجون السرية امام منظمات حقوق الانسان وكشف عن مصير عشرات المخطوفين ومجهولي المصير كما كشف عن مقابر جماعية لضحايا مواجهات او ضحايا اعتقال. لكن المسلسل سار محاذيا لملف المهدي بن بركة دون الاقتراب منه ودون معرفة الحكمة من تلك المحاذاة.

ممنوع من الكلام مع المحققين ومن السفر

الملك الراحل الحسن الثاني قال ان من اغتيال من بركة هو من تآمر عليه وحاول اغتياله في اشارة الى الجنرال محمد اوفقير والجنرال احمد الدليمي. وحسب مصادر رسمية مغربية فإن العاهل المغربي الملك محمد السادس ابلغ المعنيين انه لا يعرف شيئا عن ملف بن بركة وان والده الراحل لم يطلعه على اي شيء وانه يسمح بالذهاب بعيدا في البحث عن الحقيقة، ورغم ذلك لا زالت الحقيقة غائبة ومصير بن بركة مجهولا والسلطات الرسمية المغربية لا تتعاون مع القضاء الفرنسي الذي يسعى للوصول للحقيقة.

واذا كانت اوساط حقوقية مغربية تستبعد سوء النية لدى سلطات مغرب محمد السادس في التعاون في ملف المهدي بن بركة وتعيد عدم التعاون الى الارباك وعدم التجربة من جهة والى اعتماد الشفوي في تدبير المخابرات والاجهزة الامنية خلال عقد الستينات وبالتالي عدم توفر الوثائق المطلوبة، فإن اوساطا أخرى تبتعد في مقاربتها عن النية سوئها او حسنها، وتشير الى ان قضايا مشابهة ظهرت في طريق مسلسل الحقيقة عن سنوات الانتهاكات الجسيمة وتم تجاوزها عبر التعاون بين الاجهزة والاشخاص المعنيين شهودا او مشاركين، ويشيرون الى ان الكشف عن تفاصيل اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري لم يستغرق اربعين يوما في حين مضى على اغتيال بن بركة اربعين عاما.

بعد ان ادلى احمد البخاري عميل المخابرات المغربية بما ادلى به، قبل اربع سنوات، من تفاصيل حول اختطاف واغتيال بن بركة تقدم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وهو الحزب الرئيسي بالحكومة، بشكوى امام القضاء المغربي للتحقيق مع البخاري في ما قاله حول زعيمه خاصة وان البخاري تطرق الى اماكن شهدت الاعداد والتنفيذ واسماء شاركت في كل المراحل ومنها من هو لا زال على قيد الحياة. وطلبت عائلة بن بركة في فرنسا من قاضي التحقيق بالقضية الاستماع رسميا للبخاري، لكن السلطات المغربية قالت ان ملف شكوى الاتحاد الاشتراكي قد فقد وفي الوقت نفسه منعت البخاري من السفر وسحبت جواز سفره بعد رفع قضية ضده بتهمة شيك بدون رصيد.

الأيام القادمة .. حاسمة

في الذكرى الاربعين لاختطاف بن بركة، تحرك الملف من جديد، وطلب القضاء الفرنسي رسميا من القضاء المغربي المموافقة على الانابة القضائية، وتسهيل مهم قاضي التحقيق الفرنسي باتريك مارييل بالاستماع الى معنيين وردت اسماءهم في التحقيقات، ووافق المغرب على الطلب الفرنسي لكنه ولاكثر من مرة طلب تأجيل الانابة وفي الاسبوع الماضي وصل مارييل الى الدار البيضاء بناء على اتفاق مسبق مع القاضي المغربي جمال سرحان القاضي بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، لكنه عاد الى باريس خالي الوفاض مفجرا ازمة بين وزارتي العدل المغربية والفرنسية.

اوساط القاضي الفرنسي مارييل قالت ان القاضي المغربي اعتذر عن تأمين اتصال مع من تقرر الاستماع اليهم لعدم الاستدلال على عناوينهم ومن بين هؤلاء الجنرال عبد الحق القادري المدير السابق للمخابرات الخارجية ومفتش القوات المسلحة المغربية الذي كان ملحقا عسكريا بالسفارة المغربية بباريس حين وقوع جريمة الاختطاف والاغتيال وايضا الجنرال حسني بن سليمان قائد الدرك المغربي الذي كان مديرا لديوان مدير المخابرات المغربية في حينه.

والمصادر الرسمية المغربية قالت ان القاضي الفرنسي باتريك رامييل دخل المغرب بشكل غير رسمي وتقصد اخفاء هويته حيث سجل في بطاقة دخول مطار محمد الخامس مهنة مستثمر فلاحي بدل قاضي وسجل ايضا عنوانا غير صحيح لاقامته في فرنسا او في الرباط.

بالتأكيد فإن وجود العاهل المغربي الملك محمد السادس في باريس ووزير العدل الفرنسي باسكال كليمون بالرباط لعب دورا في تبديد التوتر الذي كان مرشحا للتصاعد وهو ما كان سينعكس سلبا على سمعة المغرب وما حققه في ميدان حقوق الانسان وهو بإنتظار اغلاق اهم الصفحات بنشر تقرير هيئة الانصاف والمصالحة حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي عرفها المغرب من 1956 الى 1999.

الايام القادمة ستكون حاسمة في قضية الزعيم المهدي بن بركة، قاضي التحقيق الفرنسي باتريك مارييل سيعود للمغرب ومن المتوقع ان يقدم قاضي التحقيق المغربي جمال سرحان ما يمكن نظيره الفرنسي من انجاز مهمته وستتجلى حقيقة جريمة متفق على انها من ابشع الجرائم السياسية في القرن العشرين.

محمود معروف – الرباط

.....................

  حمص الجيش العراقي يبدأ حملة لضرب الإرهابيين شرق الرمادي إيران : بيننا وبين اميركا خط احمر دائم بسبب سياسات واشنطن العدائية اليابان : رئيس الوزراء يعد بعدم اقحام بلاده في أي حرب مقبلة      فلسطين المحتلة : عملية فدائية في تل أبيب توقع قتيلان و8 جرحى إيران : بيننا وبين اميركا خط احمر دائم بسبب سياسات واشنطن العدائية اليابان : رئيس الوزراء يعد بعدم اقحام بلاده في أي حرب مقبلة      فلسطين المحتلة : عملية فدائية في تل أبيب توقع قتيلان و8 جرحى إيران : بيننا وبين اميركا خط احمر دائم بسبب سياسات واشنطن العدائية      فلسطين المحتلة : عملية فدائية في تل أبيب توقع قتيلان و8 جرحى      

إنتربول تلاحق مسؤولين مغاربة في جريمة اغتيال الزعيم الكبير الشهيد مهدي بن بركة

بعد أربعة وأربعين عاما على استشهاده في ظروف غامضة في باريس، وزعت الشرطة الدولية (إنتربول) مذكرات توقيف دولية لأربعة مسؤولين مغاربة يشتبه في تورطهم في تدبير عملية اختطاف واغتيال الزعيم العربي المغربي الشهيد المهدي بن بركة. وتم توزيع مذكرات التوقيف إثر اتفاق مع وزارة العدل الفرنسية.

وكانت تلك المذكرات قد صدرت أصلا قبل نحو عامين من طرف القاضي الفرنسي باتريك راماييل، لكنها وزعت فقط في فرنسا وتمت عرقلتها على المستويين الأوروبي والدولي، طبقا لما قاله المحامي موريس بيتان الذي يتولى الدفاع عن عائلة بن بركة.

وتشتبه المذكرات بكل من قائد الدرك الملكي المغربي الجنرال حسني بن سليمان، والمدير السابق للإدارة العامة للدراسات والمستندات (الاستخبارات العسكرية) الجنرال عبد الحق القادري، وميلود التونسي المعروف باسم العربي الشتوكي الذي يعتقد أنه شارك عمليا في اختطاف بن بركة, وعبد الحق العشعاشي العضو في وحدة سرية تابعة للاستخبارات الملكية المغربية. وكان هؤلاء في سدة المسؤولية في عهد الملك المغربي السابق الحسن الثاني، الذي كان على خلاف مع الشهيد بن بركة.


الملك المغربي السابق


واللافت أن المذكرات الفرنسية تستثني عددا من الشخصيات الفرنسية التي ترددت أسماؤها في أوقات مختلفة، بأنها تحت شبهة المشاركة في هذه الجريمة الدولية. كما لم تتطرق المذكرات إلى الدور "الإسرائيلي" في تنفيذ هذه الجريمة على الأراضي الفرنسية. لا سيما وأن كثيرا من المصادر السياسية والأكاديمية تحدثت عن علاقات جمعت بين الملك المغربي السابق وعدد من قادة الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة.

ووزعت الإنتربول مذكرات التوقيف للمسؤولين المغاربة على المستوى الدولي تحت اسم "مذكرات تقص دولية بهدف التسليم", أي تسليمهم إلى فرنسا، وهو ما يعني إمكانية اعتقال الأشخاص المستهدفين فور خروجهم من الأراضي المغربية.

ويأتي هذا التطور في قضية بن بركة بعد أيام قليلة من زيارة قام بها وزير الداخلية الفرنسي بريس أورتفو للمغرب استغرقت ثلاثة أيام التقى خلالها نظيره المغربي شكيب بنموسى ومسؤولين مغاربة آخرين.

صمت رسمي
ولم يصدر أي تعليق من السلطات المغربية على ذلك التطور لكن مصدرا مقربا من وزارة العدل المغربية قال "إنها قصة قديمة تظهر على السطح كلما كان هناك طرف خفي يريد الإساءة إلى العلاقة بين المغرب وفرنسا".

في المقابل سارعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (http://www.amdh.org.ma/arabe/indexarb.htm) إلى مطالبة السلطات المغربية بـ"تقديم كل المعلومات التي بحوزتها لإلقاء الضوء كاملا" على قضية اختطاف بن بركة.



وكان القاضي الفرنسي باتريك راماييل قد أصدر خمس مذكرات توقيف في أكتوبر/تشرين الأول 2007, لكن الإنتربول لم تصدر مذكرة توقيف دولية للخامس بسبب مشكلة تحقق في هويته, وفق ما أوضحه مصدر مقرب من الملف.

وقد تزامن إصدار تلك المذكرات عام 2007 مع الزيارة التي كان يقوم بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للمغرب، وهو ما سبب إحراجا للوفد الفرنسي, ودفع الرئيس الفرنسي للاكتفاء بالقول إن القضاء الفرنسي مستقل.

وكان الزعيم المهدي بن بركة قد اختفى من منفاه حيث كان في فرنسا، في 29 أكتوبر/تشرين الأول عام 1965، حينما قام مجهولون باختطافه من أمام مطعم ليب في قلب باريس، خلال عملية استخبارية يعتقد أنها تمت بتواطؤ أطراف استخبارية مغربية وفرنسية. وقد رفض الملك المغربي السابق أن يفتح تحقيقا مستقلا، لكشف ملابسات هذه الجريمة، رغم أن الشهيد بن بركة كان قد نفي من البلاد بأمر من الملك الحسن الثاني نفسه.
..................


عاد قائد الدرك المغربي من العاصمة البريطانية بعد اعلامه بمذكرة توقيف فرنسية للاستماع اليه بملف اختطاف واغتيال زعيم المعارضة المغربية المهدي بن بركة.
وشوهد الجنرال حسني بن سليمان قائد الدرك الملكي في نشاط رسمي بالرباط يوم الاثنين الماضي بعد عودته من لندن حيث كان يترأس البعثة المغربية للألعاب الاولمبية المقامة بالعاصمة البريطانية بصفته رئيسا للجنة الوطنية الأولمبية المغربية.
وقالت تقارير صحافية الأسبوع الماضي ان قاضي التحقيق الفرنسي باتريك راماييل المكلف بقضية المهدي بن بركة ابلغ السلطات البريطانية باحتمال وجود الجنرال حسني بن سليمان على أراضيها، بصفته رئيس اللجنة الأولمبية المغربية وانه مطلوب للاستماع اليه بهذه القضية.
واصدر المحقق راماييل في 2007 مذكرة توقيف بحق كل من الجنرال حسني بن سليمان قائد الدرك الملكي المغربي والجنرال عبد الحق القادري المسؤول السابق عن النخابرات الخارجية و3 اخرين من عملاء المخابرات المغربية الذين قد تكون لهم علاقة باختطاف واغتيال الزعيم المهدي بن بركة مؤسس اليسار المغربي الحديث والمعارض الشرس لنظام الملك الحسن الثاني.
وتم اختطاف واغتيال المهدي بن بركة يوم 29 تشرين الاول (اكتوبر) 1965 من امام مقهى ليب بالعاصمة الفرنسية باريس في تنسيق بين المخابرات المغربية والمخابرات الامريكية والمخابرات الاسرائيلية وعملاء للمخابرات الفرنسية.
ورغم مرور 47 عاما على جريمة الاختطاف لا زال مصير جثمان بن بركة مجهولا وتعددت الروايات حولها وذهبت بعضها الى دفنه في فيلا بضواحي باريس حيث كان محتجزا واخرى عن اذابة جسده بحوض اسيد بمقر المخابرات المغربية بالرباط فيما تحدثت تقارير اخرى عن القاء الجثمان من الطائرة التي اقلته بالبحر بالمياه المغربية وقال معارضون ان رأس المهدي قطع وقدم بطبق على مائدة الملك الحسن الثاني.
وادانت محكمة فرنسية وزير الدفاع والداخلية المغربي الاسبق الجنرال محمد اوفقير وحملته مسؤولية الجريمة التي ارتكبت الى جانب عملاء للمخابرات الفرنسية كان تم تهريبهم واحتجازهم بمقر للمخابرات المغربية بالرباط حتى لا يفضحوا تفاصيل العملية. وتتهرب السلطات الفرنسية والمغربية من الكشف عن تفاصيل اختطاف واختفاء المهدي بن بركة ومصير جثمانه وتعتبر السلطات الفرنسية ان ما لديها من وثائق حول العملية من اسرار الدفاع الوطني وتفرج بين فترة واخرى عن جزء من هذه الوثائق الا ان ما كشف عنه لم يصل الى الجواب الشافي.
وتواصل السلطات القضائية الفرنسية فتح ملف اختطاف المهدي بن بركة وكلفت القاضي باتريك راماييل بالتحقيق الا انه لم يصل الى نتيجة ملموسة ولم ينجح اثناء زيارات قام بها للمغرب في اطار الانتداب القضائي بالاستماع لمسؤولين امنيين مغاربة وهم الاشخاص الاحياء ممن كان لهم دورا في العملية. وتعتبر الدولة المغربية نفسها غير معنية بالملف وفشل وزراء للعدل ينتمون للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي يعتبر بن بركة مؤسسه وزعيمه الروحي في زعزعة الجمود الذي يعرفه الملف كما صرح وزير العدل المغربي الاحالي مصطفى الرمي دان قضية المهدي بن بركة ليست من اولويات وزارته.
واصدر القاضي باتريك رمايل في تشرين الاول (اكتوبر) 2007 مذكرة توقيف دولية في حق هؤلاء المغاربة ومن بينهم حسني بنسليمان وهي ذات المذكرات التي عممتها الشرطة الدولية 'الأنتربول' في 1 تشرين الاول (أكتوير) 2009، قبل أن تعلن وزارة العدل الفرنسية، ساعات بعد ذك تعليق إصدار المذكرات الخمس، معللة ذلك بـ'انتظار توضيحات طلبها قاضي التحقيق، وأن الأنتربول طلب بدوره إيضاحات حتى يتمكن من تنفيذها، وأنه بدون هذه التوضيحات لا يمكن للأنتربول تنفيذ تلك المذكرات الدولية'.
ورفضت السلطات الاسبانية في وقت سابق الاستجابة مذكرة راماييل اثناء زيارة كان يقوم بها الجنرال حسني بن سليمان لمدريد 2009 وقالت التقارير ان راماييل اخبر السلطات البريطانية يوم الثلاثاء الماضي باحتمال وجود الجنرال على أراضيها من أجل استجوابه في قضية اختطاف واغتيال المهدي بنبركة، وأكدت السلطات البريطانية بصفة غير رسمية تواجد حسني بنسليمان بلندن.
ونقل عن مصدر قضائي فرنسي إن 'مذكرة التوقيف الدولية في حق قائد الدرك الملكي المغربي، الجنرال حسني بنسليمان، لم تعد نافذة منذ 2009'، وهو ما جعل أمر اعتقال واستجواب الجنرال المغربي في لندن أمرا مستبعدا.
ونقلت مجلة جون أفريك' الفرنسية عن ذات المصدر أن 'مدعي الجمهورية الفرنسي جون كلود موران رأى في 2009 أن الادعاءات التي بنيت على أساسها مذكرة التوقيف في حق بن سليمان في قضية مقتل بنبركة، تنقصها الكثير من التفاصيل المهمة'. وقال البشير اكبر انجال المهدي بن بركة أن بريطانيا غير ملزمة قانونيا بالاستجابة لقرار القاضي الفرنسي، لان السلطات الفرنسية لم تعمم الأمر القضائي الذي أصدره القاضي بهذا الصدد، لذا فإن السلطات البريطانية غير ملزم قانونيا بالاستجابة إلى طلب القاضي راماييل'.
وأضاف إن هذه المناسبة توضح بالملموس العراقيل التي تضعها السلطات السياسية الفرنسية للوصول إلى الحقيقة'.
وقال البشير بن بركة 'الذي نريده هو أن الجنرال يعرف جزءا من الحقيقة في تقديرنا، وكل ما نريده أن يساهم في الكشف عن هذا الجزء الذي يعرفه حول اغتيال المهدي بنبركة'.
وطالب المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف الدولة المغربية بتامين الاستماع إلى المسؤولين الواردة اسماءهم في قضية اختطاف واغتيال المهدي بن بركة، والاستجابة إلى دعوة القاضي الفرنسي رامييل لخدمة الحقيقية.
ووصف المنتدى زيارة الجنرال بن سليمان ورئيس اللجنة الأولمبية الوطنية المغربية، بـ'السرية والمستعجلة ' واعتبر أن ما حصل له في لندن 'يبين اتساع مجال العدالة الدولية التي قد يجد الضحايا أنفسهم مضطرين للجوء إليها في خالة استمرار رفض العدالة الوطنية النظر في ملفاتهم
.....................
 «الأنتربول» يطلب اعتقال الجنرال بنسليمان في قضية اختطاف بنبركة

نشر في المساء يوم 04 - 10 - 2009

هل ستعتقل السلطات الأمنية المغربية الجنرال حسني بنسليمان وتسلمه إلى المكتب المركزي للشرطة الدولية بفرنسا؟ سؤال تردد على أكثر من لسان مسؤول مغربي طيلة مساء الخميس وصباح الجمعة بعيد شيوع خبر مذكرة الاعتقال الدولية.
فبعد يومين فقط على مغادرة بريس أورتفو، وزير الداخلية الفرنسي، الرباط في اتجاه باريس، توصل مكتب الشرطة الدولية بالمغرب (الأنتربول) بمذكرة اعتقال، مساء يوم الخميس، في حق أربعة مسؤولين مغاربة مشتبه في تورطهم في قضية اختطاف وقتل المهدي بنبركة، الزعيم اليساري المعارض؛ ويتعلق الأمر بالجنرال حسني بنسليمان، قائد الدرك الملكي، الذي كان يشغل مهمة مدير لديوان مدير المخابرات المغربية سنة اختفاء بنبركة، والجنرال عبد الحق القادري، الرئيس السابق للمديرية العامة للأبحاث والمستندات (المخابرات العسكرية) والذي كان ملحقا عسكريا بالسفارة المغربية بباريس حين وقوع عملية الاختطاف، وميلود التونزي، المعروف باسم العربي الشتوكي، المشتبه في كونه قام بتنفيذ عملية الاختطاف، وعبد الحق العشعاشي، عميل جهاز «الكاب1» في المخابرات.
وعلمت «المساء» بأن الأنتربول سيصدر مذكرة اعتقال أخرى في حق «ب.ح»، ممرض مغربي يشتبه في تورطه في الملف. وعلل المصدر تأخر إصدارها ب«خطأ تقني» يتعلق بتاريخ ميلاد «ب.ح» الذي لم يتم التأكد منه.
مصدر مسؤول قال ل«المساء» إن المغرب مطالب بالخضوع لمذكرة الأنتربول. وقال مصطفى الموزوني، والي أمن الدار البيضاء، الذي يشغل مهمة نائب رئيس مكتب الشرطة الدولية المكلف بمنطقة إفريقيا، في تصريح ل«المساء»: «إنه اطلع على الخبر في وسائل الإعلام وإنه لم يلج بعد مكتبه للتأكد من الخبر».
وفي سياق مماثل، وتعليقا على التطورات الأخيرة للملف، أقسم عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي ووزير العدل، في اتصال مع «المساء» صباح أمس الجمعة، أنه لا علم له بالخبر، قائلا: «والله مافخباري شي مذكرة»، قبل أن يستدرك: «لم نتوصل بأي شيء في وزارة العدل».
من جانبه، قال البشير بنبركة، نجل الزعيم اليساري المعارض: «إن مذكرات الاعتقال كانت محتجزة في وزارة العدل الفرنسية التي قررت أخيرا الإفراج عنها»، وأضاف، في تصريح ل«المساء»: «إن المسؤولين المغاربة دفعوا وزارة العدل الفرنسية إلى التوجه إلى الأنتربول، لأنهم رفضوا الالتزام بمذكرة قاضي التحقيق قبل سنتين والتي طالب فيها بتسليم بنسليمان والقادري والآخرين إلى القاضي الفرنسي للاستماع إليهم كشهود فقط». وأكد بنبركة أن وزارة العدل المغربية أجابتهم حينها بالتأكيد على أنها «لا تعرف عناوين المنازل التي يقطنها المبحوث عنهم».
وكشفت مصادر رفيعة المستوى أن وزير الداخلية الفرنسي أخبر مسؤولين مغاربة بتطورات الملف، وحصل على موافقة من الدوائر العليا المغربية بالسماح للأنتربول باستصدار مذكرات اعتقال في حق الجنرال بنسليمان وباقي الأسماء المشتبه فيها.
وجدير بالذكر أن وزارة العدل الفرنسية منحت الضوء الأخضر، خلال الأسبوع الجاري، للمكتب المركزي للأنتربول بمدينة ليون الفرنسية من أجل إصدار مذكرة الاعتقال التي بقيت مجمدة لسنتين، حيث كان القاضي باتريك راماييل أصدر نفس المذكرة في 22 أكتوبر من سنة 2007.