الاثنين، 7 ديسمبر 2015

الكوميسير ثابت...وجه اخر للفساد والاستبداد

Ouverture-Tabit

الجنرال بنسليمان هو من لديه مفتاح لغز قضية ثابت

الكوميسير‭ ‬مصطفى‭ ‬بنمغنية،‭ ‬أحد‭ ‬العمداء‭ ‬الأربعة‭ ‬المحكومين‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬الحاج‭ ‬ثابت‭ ‬الشهيرة‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬التسعينات‭. ‬أدين‭ ‬بعشر‭ ‬سنوات‭ ‬سجنا،‭ ‬قضى‭ ‬منها‭ ‬سبع‭ ‬سنوات‭ ‬قبل‭ ‬العفو‭ ‬عنه‭. ‬بنمغنية،‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬استقبل‭ ‬السيدة‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬شكايتها‭ ‬في‭ ‬انفجار‭ ‬القضية‭. ‬وهو‭ ‬يقدم‭ ‬اليوم‭ ‬شهادته‭ ‬لقراء‭ ‬‮«‬زمان‮»‬،‭ ‬متشبثا‭ ‬ببراءته،‭ ‬ومطالبا‭ ‬برد‭ ‬الاعتبار‭ ‬إليه‭. ‬العميد‭ ‬السابق‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬الجنرال‭ ‬حسني‭ ‬بنسليمان،‭ ‬قائد‭ ‬الدرك‭ ‬الملكي،‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يعرف‭ ‬الحقيقة‭ ‬كاملة‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬الحاج‭ ‬ثابت‭.‬
في‭ ‬صباح‭ ‬5‭ ‬شتنبر‭ ‬1993،‭ ‬أعدم‭ ‬العميد‭ ‬الممتاز‭ ‬محمد‭ ‬مصطفى‭ ‬ثابت‭ ‬رئيس‭ ‬المصلحة‭ ‬الإقليمية‭ ‬للاستعلامات‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الحي‭ ‬المحمدي‭ ‬عين‭ ‬السبع،‭ ‬بعد‭ ‬انفجار‭ ‬قضيته‭ ‬الشهيرة‭. ‬كيف‭ ‬عشتم‭ ‬هذا‭ ‬الحدث؟‭ ‬
كنت حينها في الحي «أ» بالسجن المركزي بالقنيطرة. وكان معي في نفس الزنزانة كل من أحمد أوعشي رئيس الأمن الإقليمي وعبد السلام البقالي العميد المركزي في الأمن العمومي. وشاءت الأقدار أن زنزانتنا هي نفسها التي كان مسجونا فيها في وقت سابق المعارض اليساري أبراهام السرفاتي. فيما يتعلق بالكومسير الحاج ثابت، فكان نزيلا في حي الإعدام، الحي «ب». ولم يكن لنا اتصال مباشر معه، بل كنا نتوصل بأخباره عن طريق رئيس المعقل. كان ثابت حسب ما وصلنا يصلي، ويمارس حياته اليومية بشكل عادي، ويخرج في الفسحة المخصصة له. وفي السجن، صار مقتنعا بالحكم الذي صدر في حقه في آخر المطاف. وحتى قبل أن يصدر الحكم، كان يعرف أنه سيعدم. لذا كان طلبه الأخير في المحكمة هو أن يعرض على طبيب يشخص حالته. وكان يقول بالحرف: «ذلك لكي يتيقن أبنائي أن ما قمت به ليس عن طيب خاطر مني أو بإرادتي، بل لأنني شخص مريض». لكن طلبه هذا رفض بطبيعة الحال.
من‭ ‬خلال‭ ‬معايشتكم‭ ‬له،‭ ‬هل‭ ‬بدا‭ ‬لكم‭ ‬فعلا‭ ‬مريضا؟
من المؤكد أنه كان إنسانا غير سوي. داخل المكتب كان شخصا مختلفا، وعندما يمارس الجنس يتحول إلى شخص آخر. والغريب أن زوجتيه الإثنتين أنكرتا معا أن يكون مارس معهما بنفس الطريقة العنيفة التي كان يسجلها في أشرطته، وهو ما يؤكد أن الرجل لم يكن يتصرف بشكل طبيعي. عبد السلام البقالي قال لي في السجن إن ثابت كان يفتخر بفحولته. كانوا في العمل لا يعتقدون في أقواله، ويظنون أنه لا يمارس الجنس، أي عكس ما يقول. لكنه كان يقول الحقيقة، ولا أدل على ذلك من الكم الهائل من الأشرطة التي وجدت عنده. لا أعتقد أن إنسانا سويا يمكن أن يصور نفسه أثناء ممارسته الجنسية ويحتفظ بأشرطته بالطريقة التي كان يفعلها ثابت: بالترتيب الأبجدي، وأرقام بطائق التعريف الوطنية لضحاياه. كان كل شيء منظما لديه، لدرجة أن المحققين الجنائيين التابعين للدرك الملكي، لم يبذلوا أي مجهود أثناء التحقيق. وجدوا كل المعلومات مدونة مسبقا.
‭ ‬طبيبه‭ ‬الذي‭ ‬اعتقل‭ ‬أيضا،‭ ‬ماذا‭ ‬كانت‭ ‬اعترافاته؟‭ ‬وهل‭ ‬قال‭ ‬شيئا‭ ‬بخصوص‭ ‬حالة‭ ‬ثابت‭ ‬المرضية؟
لم يعترف الطبيب بأي شيء. اعترف فقط بعمليات رتق البكارة للواتي قام ثابت بهتك عرضهن. كان يُزعم حينها أن ثابت كان يتعاطى المخدرات، لكن من الصعب الحسم في الموضوع والوصول إلى قناعة راسخة، خاصة مع كثرة ما قيل والتضخيم الإعلامي الهائل التي رافق القضية.
هل‭ ‬كان‭ ‬ثابت‭ ‬يأتي‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬مخدرا‭ ‬فعلا،‭ ‬كما‭ ‬تدوول؟ 
انتشر حينها أنه مورس عليه تخدير وأنه تعرض للتعذيب. أثناء المحاكمة، كانت حالته مغايرة لحالته العادية. لكن، رغم ذلك، من الصعب الجزم أنه تعرض للتخدير. كنا نحن نجلس في المقاعد الأمامية، وكان ثابت يجلس على اليمين بعيدا عنا، محاطا برجال الدرك، وبالتالي لم يكن بإمكاننا الاقتراب منه حتى نستطيع الحكم على حالته بشكل دقيق. أنا رجل شرطة وأستطيع التمييز إذا ما كان الرجل مخدرا أم لا، لكنه ثابت من مكانه الذي جلس فيه كان بعيدا عنا.
لماذا‭ ‬أخذت‭ ‬قضية‭ ‬ثابت‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الهالة،‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬تبقى‭ ‬في‭ ‬الأخير‭ ‬قضية‭ ‬حق‭ ‬عام؟
قيل الكثير حول هذه القضية وطرحت نظريات عديدة. هناك من تحدث عن غليان الشارع العام والوضعية الاقتصادية السيئة بسبب توالي سنوات الجفاف، وتعدد الإضرابات في قطاعات حساسة. من هنا، جاءت قضية ثابت لتحويل أنظار الرأي العام. هناك أيضا من قال إن ثابت سرب معلومات تتعلق بمعتقل سجني سياسي، هو تزمامارت، فتم الانتقام منه وإسكاته نهائيا. سمعنا الكثير، لكن ما فعله ثابت في الحقيقة يبقى لغزا. وأعتقد أن من يعرف الحقيقة كاملة هو الجنرال حسني بنسليمان دون شك. بنسليمان يعرف بالضبط ما فعل ثابت، لأنه هو من تكلف بالبحث وأشرف عليه.
كيف‭ ‬كان‭ ‬تعامل‭ ‬محققي‭ ‬الدرك‭ ‬معكم؟
كان عاديا جدا، خاصة أنهم كانوا يعرفونني. تم التحقيق معنا في مركز الدرك الملكي بعين حرودة. بخصوص الآخرين، كان يتم البحث معهم في أماكن أخرى بحكم علاقتهم بثابت ومعرفتهم الطويلة به. أما أنا فمعرفتي به لم تدم طويلا، كما أنه لم يكن صديقي، وفي الواقع كنا لا نطيق بعضنا.
لنعد‭ ‬إلى‭ ‬البداية،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬شكاية‭ ‬السيدة‭ ‬التي‭ ‬سجلتها‭ ‬لديك‭ ‬في‭ ‬مكتبك‭ ‬وتسببت‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬في‭ ‬اندلاع‭ ‬القضية‭ ‬وسجنك‭.‬
وقعت الأمور كما يلي: في نهاية شهر رمضان سنة 1991، قدمت إلى مكتبي سيدة تدعى ح.ل. وقد جرت العادة أن يتوجه الناس لتسجيل شكاياتهم إلى كوميسارية الحي أو الكوميسارية التي وقع حادث الاعتداء عليهم في محل نفوذها، لكن هذه السيدة توجهت مباشرة إلى الشرطة القضائية، وطلبت لقائي بالاسم. أخبرتني أنها تعرضت للاغتصاب من قبل رجل قدم نفسه على أنه الحاج «حميد» يشتغل في إيطاليا (وهي الصفة التي كان الكوميسير ثابت يقدم بها نفسه لضحاياه)، ثم ادعى أنه شرطي، وقادها رفقة صديقتها إلى شقته حيث اغتصبها، وصور لها شريطا. بعد بضعة أسئلة، تبين لي أن الأمر لا يتعلق باغتصاب، وأن السيدة تريد أن تغير مجرى الأحداث، وأنها مارست الجنس مع الرجل بمحض إرادتها، وأن شيئا ما وقع دفعها لتغيير روايتها. في الواقع، ما حدث هو أنها بعد ممارسة الجنس، غادرت الغرفة إلى الحمام، وعادت لتجد «الحاج حميد»، كما سمته، يعيد مشاهدة شريط العملية الجنسية. فاستفسرت عن سبب عن تصويره لها، فأجابها: أعجبتني. إذا جئت إلي في يوم العيد سأسلمك الشريط، إذا لم تأت سأبيعه. فوقع في يدها. هنا قررت وضع شكاية ضده، فقدمت إلى مفوضية الشرطية القضائية. بعد الحديث الذي جرى بيننا، واجهتها بالأمر وأكدت لها أن ما حدث تم عن طيب خاطر منها. وهو ما سيظهر فيما بعد.
ماذا‭ ‬حدث‭ ‬فيما‭ ‬بعد؟
بطبيعة الحال، لم أكن أعلم أن الأمر يتعلق بالحاج ثابت. ناديت رئيس فرقة الأخلاق العامة، وطلبت منه استدعاء عنصرين ومرافقة السيدة المذكورة إلى المكان الذي تدعي أنها تعرضت للاغتصاب فيه. لم تمض سوى 15 دقيقة، حتى عاد الضابط المذكور وأبلغني أن البحث أوصلهما إلى شقة الحاج ثابت. فوجئت بطبيعة الحال. كنت أتوقع منه ممارسة الفساد، لكن أن يصور لنفسه شريطا جنسيا، فهو ما لم أتوقعه تماما. للتأكد من حقيقة أن المعني هو الحاج ثابت، أخرجت عددا من الصور، وطرحتها على المكتب. وطلبت من السيدة إذا ما كانت تستطيع التعرف على مغتصبها من خلال الصور. وفعلا أشارت إلى الحاج ثابت. فأخبرتها، دون تأخر، أن الرجل ليس الحاج حميد كما يقدم نفسه، بل العميد الممتاز محمد مصطفى ثابت رئيس المصلحة الإقليمية للاستعلامات العامة في منطقة الحي المحمدي عين السبع. كررت عليها السؤال إذا ما كانت متأكدة من أنه الرجل الذي تقصده، فردت بالإيجاب. دونت محضرا رسميا وبيان التعرف (انطلاقا على الصور) ووقعته ووقعت عليه هي الأخرى. وتوجهت إلى رئيس الأمن أحمد أوعشي، لأنه لتوجيه برقية في الموضوع إلى الإدارة العامة للأمن الوطني، يجب أن يوقعها إلى جانبي رئيس المصلحة الإقليمية. أخبرت أوعشي بالموضوع وبتورط ثابت.
طلب‭ ‬منك‭ ‬أوعشي‭ ‬ترك‭ ‬الموضوع‭ ‬في‭ ‬يديه؟
بعدما أخبرته بالأمر وباستعدادي للبحث في الموضوع إذا ما سلمني القضية، أشار إلي بأنني مندفع شيئا ما. ثم طلب مني أن أترك الأمر له شخصيا. قال لي بالفرنسية هذه العبارة بالضبط: «دع الأمر لي، سأرى ماذا سأفعل». كان هذا بمثابة أمر أصدره إلي. وبطبيعة الحال، لم يكن بإمكاني أن أطلب منه توقيعا يؤكد أنه تسلم المحضر. هو رئيسي المباشر وأعطاني أمرا وعلي أن أنفذه. عدت أدراجي إلى مكتبي وأعلمت السيدة، التي كانت ما تزال في انتظاري، بما جرى، وطلبت منها العودة فيما بعد. ثم اتصلت بوكيل الملك محمد فارس (الرئيس الأول الحالي لمحكمة النقض) وأطلعته بالموضوع وأن الملف الآن بيد رئيس الأمن. هنا انتهت صلتي بالملف.
بعد‭ ‬مرور‭ ‬سنتين‭ ‬اندلعت‭ ‬قضية‭ ‬ثابت،‭ ‬وعادت‭ ‬شكاية‭ ‬السيدة‭ ‬إلى‭ ‬الظهور‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬
أياما قليلة بعد تسلمي للشكاية، تم تنقيلي من رئاسة الشرطة القضائية بالحي المحمدي عين السبع إلى المكان الذي جئت منه، رئيسا لفرقة للشرطة القضائية بأنفا. في الواقع كان الهدف من هذا التنقيل هو الحيلولة دون مواصلتي البحث في الموضوع. واكتشفت فيما بعد، عند البحث في أسباب نقلي، أن ملفي فارغ ولا يتضمن أي إشارة للسبب. ولم أعلم بما جرى للشكاية إلا في ضيافة الدرك الملكي، بعدما اندلعت القضية.
ماذا‭ ‬اكتشفت‭ ‬لدى‭ ‬رجال‭ ‬الدرك؟
اكتشفت أن السيدة تم إحضارها من منزلها إلى مكتب رئيس الأمن أوعشي – كنت حينها لم أنقل بعد إلى الشرطة القضائية بأنفا- وطلب منها التنازل عن شكايتها، مطمئنا إياها أن الشريط الذي تم تسجيله لن يطلع عليه أحد، وسلمها رقم هاتفه الشخصي، أي أنه كان يحاول إعطاءها ضمانات للتنازل. وقبل أن يستدعيها، استدعى أولا الحاج ثابت، أي الفاعل الأصلي، وأخبره أنني أخذت شكاية ضده وأن عليه أن يبحث عن حل مع الضحية، وهو ما سعى إليه ثابت. المهم أن أوعشي لما استدعى السيدة المعنية، وطلب منها التنازل، طلبت بدورها مهلة من الوقت توجهت خلالها إلى محام وسجلت شكاية لدى الوكيل العام للملك، تقول فيها إنها سبق أن وضعت شكاية لدى الشرطة القضائية، وأن هذه الأخيرة لم تقم بعملها أو أوقف عملها لسبب ما. كتب الوكيل العام للملك إرسالية لرئيس الأمن يطلب منه تسليم الشكاية الجديدة لرئيس الشرطة القضائية، أي لي شخصيا وليس لأي شخص آخر، حتى أتمكن من استكمال البحث. لكنني لم أتوصل قط بمراسلة الوكيل العام أو الشكاية الثانية التي وضعتها السيدة  فقد بقيت حبيسة مكتب الضبط لدى رئاسة الأمن. ولم أعلم بأمرها إلا لما تم عرضها أمام ناظري قاضي التحقيق بعد اعتقالي.
ماذا‭ ‬جرى‭ ‬للشكاية‭ ‬ولإرسالية‭ ‬الوكيل‭ ‬العام‭ ‬للملك؟
قرر أوعشي أن يأخذ قراره فيها لوحده دون علمي. وهنا دخل العميد البقالي على الخط، وتسلم القضية رغم أنه لا يمكن لعميد مركزي للأمن العمومي أن يتسلم شكاية وضعت لدى الشرطة القضائية. تم استدعاء السيدة المعنية من جديد، ووقعت بحضور البقالي تنازلا عن دعواها أملاه عليها الكوميسير ثابت. لذا أقول إن كوني سجلت شكاية السيدة ووضعتها لدى رئاسة الأمن، ثم جاءت رسالة أخرى من الوكيل العام للملك تطلب إحالة الملف إلي ولم أتوصل بها، فإن ذلك يؤكد أنني لم أقم قط بأي تلاعب، وأنه إذا كان هناك تلاعب فقد جرى بين أوعشي والبقالي.
أمام‭ ‬المحكمة،‭ ‬تم‭ ‬اتهامك‭ ‬بإتلاف‭ ‬محضر،‭ ‬وهو‭ ‬المحضر‭ ‬المتضمن‭ ‬لشكاية‭ ‬السيدة‭ ‬الذي‭ ‬تقول‭ ‬إنك‭ ‬سلمته‭ ‬لأوعشي‭.‬
تم اتهامي بإتلاف محضر من شأنه إثبات جنايات أو جنح، وعقوبة هذه التهمة 10 سنوات. أولا هذا المحضر ابتدائي جاء بمبادرة مني، ويمكنني حتى أن أتراجع عنه وأطلب من السيدة التوجه مباشرة إلى وكيل الملك. وبالتالي، لا مجال لاتهامي بإتلافه أصلا. ما حدث في الحقيقة هو أنني سلمت المحضر لأوعشي. في بداية التحقيق معه، أنكر أن أكون سلمته أي شيء. فتمت مواجهته بمجموعة من الملاحظات، من بينها كيف علم بأمر السيدة وشكايتها أصلا ما دام لم يتسلم مني أي محضر، ثم كيف عرف المفتشان الذين أرسلهما لاستقدام السيدة إلى مكتبه عنوان منزلها إذا لم يكن ذلك مدونا في المحضر. فيما بعد، قال إنه تسلم نسخة من المحضر، وهو أمر غير ممكن فالرئيس يتسلم النسخة الأصلية. وحتى عندما طالبه رجال الدرك بالنسخة التي يقول إنه تسلمها لم يستطع إحضارها. لو كنت فعلا أريد أن أحمي ثابت، لفعلت ذلك وبطرق قانونية. لكنني لم أفعل. كان يكفي أن أعتبر الأمر (ما دام أنه لا يوجد اغتصاب) علاقة خيانة زوجية وفساد، فتقدم المرأة إلى المحكمة من أجل الفساد ويقدم ثابت من أجل الخيانة الزوجية، وبتنازل إحدى زوجتي ثابت تسقط الدعوى ضده. الحالة الثانية هي أن السيدة المعنية جاءت تشتكي بالحاج حميد الذي يعمل في إيطاليا، ولم تنطق قط باسم الكوميسير ثابت، أي أنني عندما أخبرني الضابط بأن الأمر يتعلق بالحاج ثابت كان بإمكاني أن أطلب منه الصمت وأخفي الأمر عنها، وتبقى الشكاية مسجلة باسم الحاج‭ ‬حميد إلى الأبد. الحالة الثالثة، هي أنه كان بإمكاني لما علمت أن المعني هو ثابت أن أتصل به وأطلب منه إخفاء الشريط أو أية أدلة أخرى، وأتوجه إلى شقته مع مفتشين وبعض الجيران. وبالتأكيد، لن أجد شيئا يدينه فأقدم المرأة نفسها إلى المحكمة بتهمة الوشاية الكاذبة. كل هذا كان بإمكاني فعله، وبالقانون، لو أردت فعلا التغطية على الحاج ثابت.
التهمة‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬طالتك‭ ‬هي‭ ‬تهمة‭ ‬تكسير‭ ‬شريط‭ ‬المضاجعة‭ ‬الجنسية‭ ‬للسيدة‭ ‬المعنية‭ ‬والكوميسير‭ ‬ثابت‭.‬
تم الادعاء أن ثابت سلم الشريط لأوعشي، وأن هذا الأخير سلمه لي لأعرضه على السيدة حتى تتنازل. أمام المحكمة، تبين أن الشريط يوجد ضمن المحجوزات، وهو الشريط رقم 32، وأصر ثابت أن يعرض أمام المحكمة ورفضت الأخيرة رفضا قاطعا. وسبب عدم عرضه يكمن في أنه يتضمن جملا تؤكد تماما أن السيدة مارست الجنس مع الكوميسير ثابت بمحض إرادتها. شاهد رجال الدرك هذا الشريط، وأحدهم أكد لنا ذلك، مما يدحض تماما فرضية الاغتصاب. أما التهمة الثالثة فكانت عدم إخبار وكيل الملك بأمر الشكاية التي تسلمتها من السيدة، فتم‭ ‬الاتصال به وأكد أنني فعلا أخبرته بالأمر، فتعرض للتوقيف مدة سنة. للإشارة، لا يحدد القانون طريقة إخبار وكيل الملك كتابة أو مشافهة أو بالهاتف، ويكتفي بالقول إن رجال الشرطة القضائية يحيطونه بما يصل إليهم من الشكايات والجنح.
كان‭ ‬نصيبك‭ ‬من‭ ‬الأحكام‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬ثابت‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬سجنا؟
نعم، عشر سنوات. وهي أقل عقوبة من بين عقوبات العمداء الآخرين المدانين في القضية (ثابت وأوعشي والبقالي). أي أنه، إذا افترضنا جدلا عدالة هذه الأحكام، فإن الحكم علي بأقل عقوبة يؤكد أن درجة تورطي أقل بكثير من أي من المحكومين الآخرين. لكنني أعتبر نفسي بريئا ومظلوما. وهو ما قلته قبل المحاكمة، أمام قاضي التحقيق ورجال الدرك، وأثناء المحاكمة وداخل السجن وبعده العفو عنا وأقوله الآن. منذ 20 سنة وأنا أردد الشيء نفسه.
في‭ ‬سنة‭ ‬2000،‭ ‬حصلت‭ ‬أنت‭ ‬وأوعشي‭ ‬على‭ ‬العفو‭ ‬وغادرتما‭ ‬بعد‭ ‬قرابة‭ ‬8‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬السجن‭. ‬كيف‭ ‬قضيت‭ ‬هذه‭ ‬المدة؟.
قضيت 6 سنوات في السجن المركزي بالقنيطرة، وقبلها قرابة شهرين في سجن عكاشة في الدار البيضاء، ثم سجن سلا حيث قضيت عاما ونصف في السجن الانفرادي وحيدا في زنزانتي، دون اتصال بأي شخص. كانت حولي حراسة مشددة، بدعوى الخوف من أن أتعرض لاعتداء من أحد السجناء باعتباري شرطيا سابقا، وهو ما لم يكن واردا البتة. خلال هذه المدة، تفرغت للدراسة بعدما سجلت نفسي في الكلية. ساعدني الأمر كثيرا على نسيان وطأة السجن، ولم أكن أستحضر أنني فعلا سجين إلا عندما كان يحين موعد الزيارة، فأرى وجه زوجتي وهي تحمل المؤونة. في إحدى المرات، تعرضت والدتي لكسر في قدمها أثناء الرحلة في القطار، وكان طبيب السجن هو من عالجها. والدي زارني مرتين فقط طوال محكوميتي. توفي بعدما خرجت من السجن، وقد شلت يداه ورجلاه، وقضى على هذه الحال ست سنوات من العذاب. بعد مغادرة السجن، وجدت نفسي مطرودا من السكن الوظيفي بقرار من المحكمة، في حين ما يزال ضباط شرطة محكومون معنا في الملف نفسه يحتفظون بسكنهم الوظيفي لحد الساعة. عشت مأساة كبيرة بعدها، اضطررت معها إلى الاستجابة لطلب زوجتي بالطلاق. وكان هذا حقها، فأنا لم أعد أستطيع إعالتها. وبقيت طوال هذه المدة أعيش على بعض الإعانات والمساعدات من أصدقائي.
زميلاك‭ ‬في‭ ‬الزنزانة‭ ‬حصلا‭ ‬على‭ ‬رد‭ ‬الاعتبار،‭ ‬وتم‭ ‬محو‭ ‬الآثار‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬عقوبتهما،‭ ‬فيما‭ ‬تم‭ ‬استثناؤك‭ ‬أنت‭.‬
حصل البقالي على رد الاعتبار بموجب أمر ملكي من الملك الحسن الثاني، وكان ذلك بعد وفاته. أما أوعشي، فتم رد الاعتبار إليه بعد خروجنا من السجن سنة 2000. وبهذه الطريقة، تمكن الرجلان من استعادة جميع حقوقهما وتعويضاتهما من تقاعد وأجرة ومستحقات (بالنسبة للبقالي يستفيد من الآثار المترتبة عن رد الاعتبار). في المقابل تم استثنائي من رد الاعتبار، بل حتى التغطية الصحية الخاصة بأبنائي فقدتها. ومستحقاتي أيضا راسلت الإدارة العامة للأمن الوطني بخصوصها، فادعوا أنه مر عليها التقادم بمقتضى الفصل 28 من قانون المالية.
حاوره‭ ‬خالد‭ ‬الغالي‭ ‬وعمر‭ ‬جاري
......................
 

"الحلقة 1"الكوميسير بلمغنية: حُكِمت في قضية الحاج ثابت ...

https://www.youtube.com/watch?v=Z4cs_ZsLJtc
21‏/06‏/2014 - تم التحديث بواسطة febrayer tv
"الحلقة 1"الكوميسير بلمغنية: حُكِمت في قضية الحاج ثابت الشهيرة. febrayer tv. SubscribeSubscribedUnsubscribe 24,25824K. Loading... Loading.

"الحلقة 2"الكوميسير بنمغنية: هكذا تفجرت قضية الحاج ثابت ...

https://www.youtube.com/watch?v=UtbQCK6yz4s
21‏/06‏/2014 - تم التحديث بواسطة febrayer tv
"الحلقة 2"الكوميسير بنمغنية: هكذا تفجرت قضية الحاج ثابت .... ولد الحرام بن مغنية و الكوميسير تابت قتلو ولد خالتي سعيد مومن و رماوه فالصخور ...
...........................
 
الكاتب : هيئة التحرير | 08/01/2014 22:29
محاكمة الكوميسير الحاج ثابت (الحلقة الاولى)
تعتبر محاكمة الكومسير الحاج تابت من اشهر المحاكمات التي عرفها المغرب بعد تلك التي حوكم فيها المشاركون في انقلاب الصخيرات وسنحاول تقريب القراء الذين لم يعايشو تلك الفترة والذين لم يعرفوا تفاصبل ما جرى في حلقات .فمن هو الحاج تابت ؟ حسب موسوعة ويكيبيديا فقد ولد الحاج تابت سنة 1949 ببني ملال، التحق بعد الثانوية العامة سنة 1970 بسلك الشرطة المغربية بمدينة بني ملال. كان مُخبرا (شرطي الظل) والتحق بأكاديمية الشرطة بخنيفرة سنة 1974، قبل أن يصبح سنة 1989 برتبة قائد شرطة بالدار البيضاء وكان متزوجًا بزوجتين وأبًا ل 5 أطفال. اشتهر تابت لدى المجتمع المغربي بعدد الشكاوى التي قُدمت ضده من طرف نساء وفتيات فقدن بكارتهن بعد أن اختطفهن واغتصبهن، إلا أن موقعه السلطوي وتستر زملائه بشرطة الدار البيضاء على جرائمه أدت -دائمًا- إلى إتلاف دلائل الجرائم والحيلولة دون إثبات التهم عليه. وقد تم اعتقال الحاج تابت من طرف الدرك الملكي المغربي وهو في الرابعة والخمسين من العمر بعد أن قضى سبع سنوات وهو يخطف ويأسر ويغتصب الفتيات العذارى في شقته الخاصة بشارع عبد الله بن ياسين، الدار البيضاء. نساؤه وأطفاله، الذين يسكنون منزلًا آخر، نفوا علمهم باستباحته لعرض البريئات. أثناء الاعتقال ودهم شقته تم العثور على 118 شريط فيديو مسجل، يُوثّق به تابت أعماله الرهيبة، حيث وصفها المدعى العام بقوله: "هذه ليست فقط تسجيلات إباحيّة، بل هي تسجيلات رعب في تاريخ الآدمية". كما تصفه الصحافة المغربية بواحد من أكثر الامثلة المخزية للشرطة فسادًا، وتسترًا ووحشيةً. ووجهت لتابت تهمة الاغتصاب، والافتضاض العذاري، والتحريض، والاختطاف، والهجوم على 1600 من النساء في شقته على مدى فترة 3 سنوات. كما اعترف بصحة أشرطة الفيديو ال 118 التي سجلها سرًا. كما تم الكشف عن 10 من مشرفي المدينة وغيرهم من ضباط الشرطة الكبار، والذين كانوا مسؤولين أيضا عن عرقلة سير العدالة، وإخفاء المستندات، والتستر، أو المشاركة. ادعى تابت أن النساء كن على استعداد واشتراك في نشواته وأفلامه الجنسية، كما أوضح معاناته من مخاوف جنسية، وصرح أنه قد مارس الجنس مع 1600 امرأة في السنوات الثلاث الأخيرة. أدين الحاج تابت يوم 15 آذار / مارس 1993 بجميع التهم الموجهة اليه، وحكم عليه بالإعدام رميا بالرصاص. وبعد خمسة أشهر (سبتمبر 1993) تم تنفيذ الحكم فيه.[4] وكانت آخر قصاص بالإعدام الذي تم تطبيقه في المملكة المغربية حتى اليوم.
هذه مقتطفات من الحكم الذي أصدرته غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، تحت رئاسة القاضي لحسن الطلفي، بتاريخ 15 مارس 1993 والقاضي بإعدام العميد الممتاز جهاز الاستعلامات ثابت محمد مصطفى في القضية التي تحميل اسمه….  رغم مرور 16 سنة على هذه المحاكمة التي تحولت إلى قضية رأي عام، فإن ألغازها لم تفك والكثير من جوانبها ما زال طي الكتمان، وفي مقدمة هذه ألغاز اختفاء الشريط رقم 32 وسرعة المحاكمةالكوميسير مارس الجنس مع 500 امرأة وسجل وقائع اعتدائه على الضحايا بطرق شاذة500 امرأة و20 قاصرا حيث إن المتهم اعترف في البحث التمهيدي بأنه كان في كل يوم يتوجه إلى أبواب المدارس والكليات أو الشوارع على متن سيارته ويعرض على المارات مرافقته، وكلما ركبت معه إحداهن يتحايل عليها وان رفضت يهددها ويذهب بها إلى شقته الموجودة بشارع عبد الله بن ياسين، فإن رضيت مارس معها الجنس وإن رفضت أرغمها على الاستسلام له، وأن ممارسة الجنس تكون إما من الفرج أو الدبر او عن طريق الفم حتى يشبع رغبته الجنسية، وإن كانت إحداهن بكرا يقوم بافتضاض بكرتها، وانه مارس الجنس مع حوالي 500 امرأة وفتاة قاصرا، وانه كان يستعمل “كاميرا” لتصوير جميع أفعاله الجنسية التي كان يقوم بها مع هاته النساء والفتيات اللواتي يأتي بهن إلى شقته كما كان يشاركه احد اصدقائه في بعض الأحيان مع امرأة واحدة، وفي آن واحد ينهج بالطريق نفسها، كما هو مبين بأشرطة الفيديو المحجوزة والمسجلة بها تلك الأفعال.العميد يسجل معلومات عن ضحاياه وحيث أن المتهم ثابت محمد اعترف بالمذكرة التي وقع حجزها من طرف الضابطة القضائية بشقته الخاصة وتحمل أرقام أشرطة الفيديو من 1 إلى 103، وبين بخصوص ذلك أنه كان يسجل بها معلومات حول كل فتاة أو امرأة مارس معها الجنس وقام بتصويرها.وحيث أن الضابطة القضائية قامت بحجز 118 شريط فيديو من شقة المتهم وأكد هذا الأخير للمحكمة أن 102 من الأشرطة المحجوزة تتضمن تصوير العمليات الجنسية التي كان يمارسها مع من يأتي بهن إلى شقته.وحيث أن المتهم ثابت محمد اعترف أمام النيابة العامة بأن أسماء الضحايا المسجلة بمذكرته المحجوزة هي فعلاً صادرة عنه وسجلها شخصياً، وانه كان يضاجع امرأة رفقة رضيعها وكانت المرأة المذكورة تخفي الرضيع بالوسادة حتى لا يتمكن هذا الأخير من مشاهدة العملية الجنسية، وانه كان في بعض الأحيان يضاجع أربع وخمس ضحايا دفعة واحدة، وانه كان ينفعل عند ممارسة الجنس وذلك في ما يخض الضحايا اللائي مازلن قاصرات ويدرسن، بحيث يستعمل العنف مع الضحايا أثناء ممارسة الجنس وبدون شعور
.......................
 
حكايات حول إفلات «الكوميسير» ثابت من العقاب كما يرويها البيضاويون

نشر في الأحداث المغربية يوم 22 - 05 - 2011

بالرغم من مرور 18 سنة على تنفيذ حكم الإعدام في حقه، لا تزال قضية عميد الأمن محمد مصطفى ثابت حاضرة في أذهان وأحاديث المواطنين، الذين تفنن العديد منهم في نسج الإشاعات عنها، وجعلوا منها مسلسلا شيقا يحمل بين طياته كل عناصر الإثارة والتشويق الدراميين، بدءا بالجنس والمال، مرورا بالسلطة واستغلال النفوذ، وانتهاءا بالإفلات من العقاب!
انتهت الفصول المثيرة لمحاكمة عميد الأمن محمد مصطفى ثابت في 15 مارس 1993 بعد أن أصدرت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء حضوريا ونهائيا، حكما بالإعدام في حق «لكوميسير» المتهم بالاعتداء الجنسي على حوالي 500 امرأة وفتاة قاصر، وتصويرهن في أوضاع شاذة، مستغلا سلطته ونفوذه في إرغامهن على تلك الممارسات.
قضية العميد ثابت الذي أشاع صورة مختلفة عن نفسه، مفادها بأنه رجل متدين، أدى مناسك الحج عدة مرات، ويحرص على أداء الصلاة في وقتها، كان لها تداعيات على مؤسسة الأمن، بالنظر إلى الاهتمام الإعلامي الكبير الذي خصص لها، قبل أن ينطلق مسلسل من الإشاعات حولها مباشرة بعد تطبيق حكم الإعدام في حقه بسجن القنيطرة فجر يوم الأحد 5 شتنبر من السنة ذاتها، مسلسل لم تنته أحداثه وتفاصيله المثيرة إلى اليوم، من خلال روايات بعضها أقرب إلى الخيال.
العميد ثابت حي يرزق!
في مدينة الدار البيضاء التي شهدت محاكمة العميد محمد ثابت، ترددت جملة من الإشاعات، التي لا تختلف كثيرا من حيث تفاصيلها عن سيناريوهات الأفلام الأمريكية، بحيث كان من أبرز تلك الإشاعات أن حكم الإعدام لم ينفذ في حق «لكوميسير»! بل على شخص آخر، وبأن ثابت قد غير ملامح وجهه، وحصل بطريقة ما على جواز سفر جعله يعانق الحرية من جديد، ومكنه من الذهاب إلى إحدى دول أمريكا اللاتينية حيث يستقر بعيدا عن قبضة العدالة، وأعين ضحاياه من النساء والفتيات اللواتي مازالن يعشن على وهم التخلص من مصدر معاناتهن.
ذهب البيضاويون إلى أبعد من ذلك في تأويلاتهم، وفي محاولاتهم فك رموز القضية وملابساتها، بحيث اعتبر العديد منهم أن حكم الإعدام الذي صدر في حق ثابت دون أن يتم تنفيذه لم يكن بسبب تورطه في فضائح جنسية، باعتبار أن القانون الجنائي في المغرب لا يحكم بالإعدام في مثل تلك الحالات، وبأن ذلك كان مجرد خدعة لامتصاص غضب الشارع المغربي، وجزءا من دعاية نفسية، وذلك نظرا للتأثير المتزايد لفضائحه التي عرت بعض ممارسات رجال الأمن، ومظاهر استغلال السلطة، التي رسخت في أذهان المواطن المغربي البسيط فكرة أن معظم رجال الأمن فوق القانون.
حكاية الشريط رقم 24
نسجت خيوط الإشاعات أيضا حول أفراد أسرة العميد محمد ثابت، بحيث تداول الناس روايات مفادها أن أفراد أسرة ثابت لا يعرفون عن مصيره أي شيء، وبأنه قد اختفى في ظروف غامضة بعد المحاكمة، لأنه وبحكم عمله في جهاز الاستعلامات كان يعرف الكثير من الأسرار، كما تحدثت تلك الإشاعات عن الشريط رقم 24 الذي تعرض للإتلاف أو تم التخلص منه، فلم يعرض أمام المحكمة رغم مطالبات محمد ثابت بذلك الأمر، والسبب حسب الرواية المتداولة أنه يحتوي على مشاهد لشخصيات سياسية كبيرة صورها عميد الأمن ثابت في أوضاع مخلة بهدف ابتزازها والتأثير عليها.
آخر صورة ظهرت لعميد الاستعلامات محمد ثابت كانت خلال تقديم إفادته الأخيرة أمام المحكمة. ومما جاء فيها أن جنيا يسكنه يحول له الأشياء إلى لون أحمر! وأن ذلك الجني هو من كان يمارس الجنس العنيف ضد ضحاياه من النساء اللواتي اغتصبهن! وبرر لجوءه إلى تصوير مشاهد لممارساته بأنه كان يريد أن يتعرف على الجني الذي يسكنه
..............
 إعدام الحاج ثابت لم ينه قصته المثيرة
نشر في هسبريس يوم 23 - 05 - 2009

هذه مقتطفات من الحكم الذي أصدرته غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، تحت رئاسة القاضي لحسن الطلفي، بتاريخ 15 مارس 1993 والقاضي بإعدام العميد الممتاز جهاز الاستعلامات ثابت محمد مصطفى في القضية التي تحميل اسمه. ""
رغم مرور 16 سنة على هذه المحاكمة التي تحولت إلى قضية رأي عام، فإن ألغازها لم تفك والكثير من جوانبها ما زال طي الكتمان، وفي مقدمة هذه ألغاز اختفاء الشريط رقم 32 وسرعة المحاكمة...
الكوميسير مارس الجنس مع 500 امرأة وسجل وقائع اعتدائه على الضحايا بطرق شاذة
500 امرأة و20 قاصرا
حيث إن المتهم اعترف في البحث التمهيدي بأنه كان في كل يوم يتوجه إلى أبواب المدارس والكليات أو الشوارع على متن سيارته ويعرض على المارات مرافقته، وكلما ركبت معه إحداهن يتحايل عليها وغن رفضت يهددها ويذهب بها إلى شقته الموجودة بشارع عبد الله بن ياسين، فإن رضيت مارس معها الجنس وإن رفضت أرغمها على الاستسلام له، وأن ممارسة الجنس تكون إما من الفرج أو الدبر عن طريق الفم حيث يشبع رغبته الجنسية، وإن كانت إحداهن بكرا يقوم بافتضاض بكرتها، وان مارس الجنس مع حوالي 500 امرأة وفتاة قاصرا، وانه يقوم بتصوير، بآلة التصوير "كاميرا" جميع أفعاله الجنسية التي كان يقوم بها مع النساء والفتيات اللواتي يأتي بهن إلى شقته وأنه كان يمارس الجنس رفقة صديقه في بعض الأحيان مع امرأة واحدة، وفي آن واحد ينهج الطريق نفسها، كما هو مبين بأشرطة الفيديو المحجوزة والمسجلة بها تلك الأفعال.
العميد يسجل معلومات عن ضحاياه
وحيث أن المتهم ثابت محمد اعترف بالمذكرة التي وقع حجزها من طرف الضابطة القضائية بشقته الخاصة وتحمل أرقام أشرطة الفيديو من 1 إلى 103، وبين بخصوص ذلك أنه كان يسجل بها معلومات حول كل فتاة أو امرأة مارس معها الجنس وقام بتصويرها.
وحيث أن الضابطة القضائية قامت بحجز 118 شريط فيديو من شقة المتهم وأكد هذا الأخير للمحكمة أن 102 من الأشرطة المحجوزة تتضمن تصوير العمليات الجنسية التي كان يمارسها مع من يأتي بهن إلى شقته.
وحيث أن المتهم ثابت محمد اعترف أمام النيابة العامة بأن أسماء الضحايا المسجلة بمذكرته المحجوزة هي فعلاً صادرة عنه وسجلها شخصياً، وانه كان يضاجع امرأة رفقة رضيعها وكانت المرأة المذكورة تخفي الرضيع بالوسادة حتى لا يتمكن هذا الأخير من مشاهدة العملية الجنسية، وانه كان في بعض الأحيان يضاجع أربع وخمس ضحايا دفعة واحدة، وانه كان ينفعل عند ممارسة الجنس وذلك في ما يخض الضحايا اللائي مازلن قاصرات ويدرسن، بحيث يستعمل العنف مع الضحايا أثناء ممارسة الجنس وبدون شعور.
المحكمة والأدلة
..... وحيث أن المحكمة لم تخالف القانون في شيء إذ استمعت إلى المطالبين بالحق المدني في دعوى مدنية تابعة لدعوى عمومية حركتها النيابة العامة كشهود لانعدام وجود نص قانوني يمنعها من ذلك .
وحيث أن للمحكمة كامل الصلاحيات في تكوين اعتقادها الصحيح بالاعتماد على تصريحات الضحايا أمام الضابطة القضائية، إذا كانت تلك التصريحات قد جاءت مطابقة للواقع ووثقت بها واطمأنت إليها.
وحيث أن الاقتناع الوجداني للمحكمة هو الأساس في الميدان الجنائي، وان القانون خول للمحكمة سلطة تقدير الوقائع المعروضة عليها والتي نوقشت أمامها شفهياً وحضورياً، ولها أن تأخذ بما يطمئن إليها وجدانها من أدلة وتطرح ما لا ترتاح إليه، وليست ملزمة ببيان سبب اقتناعها لأن السبب معروف في القانون هو اطمئنانها إلى ما أخذت به.
وحيث أن المحكمة عاينت أثناء مشاهدتها لبعض أشرطة الفيديو المحجوزة والمتضمنة لعمليات ممارسة الجنس المصورة التي قام بها المتهم ثابت محمد مع النساء والفتيات، أن تلك الممارسة الجنسية كان يطبعها العنف السابق لتلك العمليات أو أثناءها.
وحيث إن شهادة الشهود أمام المحكمة وتصريحات باقي الضحايا المستمع إليهن أمام الضابطة القضائية جاءت منسجمة مع الواقع ومع ظروف القضية وملابستها.
وإذا كان المتهم ثابت محمد قد اعترف أمام الضابطة القضائية بالمحضر عدد 60 بتاريخ 21 فبراير 1993 الصفحة 10 بأنه دخل إلى شقته الخاصة في نفس الليلة بعد إجراء الضابطة القضائية تفتيشا بداخلها وذلك قبل وضع الخاتم، وانه دخل إلى الشقة رفقة جميع مرافقيه المشار إليهم وقام بفتح خزانته المنيعة بمفتاح كان بحوزته وأفرغها من محتوياتها، فإن ادعاء المتهم ثابت محمد بأنه رجع إلى شقته رفقة مساعديه المشار إليهم قبل وضع الخاتم الشمعي لا يرتكز على أساس، إذ يكذبه محضر الضابطة القضائية الذي يشهد فيه محرره بأنه بعد انتهاء من تفتيش الشقة الخاصة بالمتهم ثابت محمد وضع على بابها خاتم مشمع وسلم المتهم المذكور بحضور نائب وكيل الملك إلى رئيسه وانه في اليوم الموالي وجد الخاتم الشمعي مكسرا وهذا ما تم تأكيده من طرف المتهمين لدى الضابطة القضائية.
أعوان ثابت
... وحيث إن المحكمة من خلال ذلك ومن خلال ما راج أمامها من مناقشات ون خلال تقديرها للوقائع المعروضة عليها ثبت لديها واقتنعت كامل الاقتناع والاطمئنان بان المتهم قام بإتلاف المحضر المتضمن لتصريحات المشتكية بخصوص الأفعال الإجرامية التي تعرضت لها من طرف المتهم ثابت محمد وضغط على المشتكية المذكورة للتنازل عن شكايتها ضد ثابت محمد وإتلاف شريط الفيديو المتضمن للأفعال الإجرامية التي تعرضت لها من طرف المتهم ثابت محمد بتصويره ضدا على المشتكية، ولأنه لم يقم بتبليغ ما وصل إلى علمه من الأفعال الجنائية التي تعرضت لها الضحية إلى النيابة العامة.
وحيث أن الاعتراف المذكور، يعززه اعتراف المتهم البقالي عبد السلام أمام الضابطة القضائية الذي جاء فيه أنه خلال سنة 1990 دون معرفة التاريخ بضبط، استدعاه رئيسه المباشر إلى مكتبه حيث وجده برفقة المتهم ثابت محمد مصطفى وأطلعه على أن هذا الأخير ارتكب غلطة كبيرة حيث اعتدى على امرأة بعدما قام باختطافها ومارس معها الجنس وهتك عرضها وان المرأة ترغب في التنازل. وبأمر من رئيسه، قام بتدوين تصريح المتهم تابت محمد على أنه قضى ليلة الواقعة بمسجد الشهداء بالبيضاء.
وحيث إن المتهم اعترف أمام الضابطة القضائية بأنه وعد المشتكية بالتدخل في حالة وعد المشتكية بالتدخل في حالة ما إذا مسها أي مكروه من طرف المتهم ثابت محمد مصطفى وسلمها رقم هاتف منزله قصد إخباره إذا ما تعرضت لتهديدات أو استفزازات من طرف المتهم.
وحيث إن المتهم اعترف أمام المحكمة بتسليم المشتكية رقم هاتف منزله للاتصال به عند الحاجة، وحيث أن الاعتراف المتهم المذكور تؤكده شهادة المشتكية وتصريح المتهم البقالي الذي جاء فيه أن هذا الأخير أحس بأن تنازل المشتكية ليس تلقائياً بل تحت ضغوط.
... وحيث أنه في حال تعدد الجرائم المرتكبة من طرف المتهم، فإنه تطبق العقوبة الأشد.
وحيث أن المحكمة تداولت بشأن تمتيع المتهم بظروف التخفيف، فقررت عدم تمتيعه بها نظراً لخطورة الأفعال المرتكبة.
إن غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء وهي تقضي علنياً وحضورياً وانتهائياً في القضايا الجنائية والجنح المرتبطة بها.
- في الدعوى العمومية: تصرح بمؤاخذة المتهمين ثابت محمد مصطفى ومن معه من أجل ما نسب إلى كل واحد منهم.
والحكم على المتهم ثابت محمد مصطفى بالإعدام وتحمل المتهمين الصائر والإجبار في الأدنى وبإتلاف الأشرطة الفيديو المحجوزة وبمصادرة المحجوزات: الكاميرا والتلفزة والفيديو والسيارة لفائدة الدولة، وبإغلاق الشقة الكائنة بشارع عبد الله بن ياسين بالبيضاء.
- وفي الدعوى العمومية التابعة: في الشكل، بعدم قبول الطلبات المدنية المقدمة من طرف اتحاد العمل النسائي والجمعية المغربية لحقوق النساء والجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، وبقبول باقي الطلبات المدنية الأخرى.
لغز اختفاء الشريط رقم 32
ما كان يتمتع به العميد الممتاز محمد ثابت من حصانة وإفلات من العقاب في السنوات التي كان يمارس فيها الأفعال التي ستتحول إلى صك اتهام ضده، وعلاقاته المتعددة بأطراف وازنة، وضياع شريطين من الأشرطة المحتجزة، عوامل تكشف أن ثمة شيئا غير عادي في هذه القضية، وتفتح الباب على مصراعيه حول احتمال تورط مسؤولين رفيعي المستوى من عالم السياسة والقضاء في ارتكاب الأفعال ذاتها التي توبع من أجلها، حتى إن الكثيرين اعتبروا قضية ثابت حبلى بالقضايا الأخرى الكبيرة التي تم إقبارها.
بتاريخ 15 مارس 1993، أصدرت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء، حضوريا ونهائيا، حكما بالإعدام على المتهم ثابت محمد في قضية كانت لها تداعيات على مؤسسة الأمن، بالنظر إلى الاهتمام الإعلامي الكبير الذي خصص لمحاكمة تحولت إلى مسلسل شيق يحمل بين طياتها كل عناصر الإثارة والتشويق الدراميين، من جنس ومال وأمن واستغلال للنفوذ وإفلات من العقاب.
بدأت الحكاية بشكاية تقدمت بها سيدة تعرضت للاختطاف والاحتجاز وهتك العرض بالعنف من طرف العميد، غير أن تطورات القضية كشفت إلى أي درجة يمكن أن يصل بعض "خدام الدولة" في اقتراف جرائم دون أن يلقوا أدنى عقاب، فهل كانت هذه القضية الوسيلة الوحيدة التي وجدها الملك الراحل الحسن الثاني لإحداث "انقلاب" داخل جهاز الأمن المغربي؟
ما يدفع إلى الرد على هذا السؤال بالإيجاب تكليف الدرك الملكي، وخاصة رجال هم موضع ثقة الجنرال حسني بن سليمان انطلاقا من شهر شتنبر 1982، بالإشراف على التحقيقات.
بالعودة إلى القضية، تطورت شكاية المرأة المغتصبة إلى عملية تفتيش مفاجئة، في الثاني من شهر فبراير 1993، لشقة العميد ثابت، ليعثر المحققون على أشرطة فيديو، صورت مشاهد جنسية خليعة للعميد مع أكثر من 500 امرأة وفتاة، لكنها تضمنت أيضا مشاهد لشخصيات من عالم السياسة والمال.
هذا الرجل الذي بدأ حياته معلما يدرس اللغة العربية ببني ملال في السبعينات " كان مهووسا بتأكيد فحولته"، إلى درجة أنه لما ولج سلك الشرطة وصار ضابطا لم يتوان عن التحرش بإحدى بنات رئيسه في جهاز الاستعلامات العامة. بعد تعيينه في مدينة الدار البيضاء، استغل العميد ثابت محمد مصطفى وظيفته بالاستعلامات العامة لتصوير أشرطة لشخصيات رسمية مغربية وأجنبية، ورجال أعمال من قطاعات مختلفة، في أوضاع مخلة بالأخلاق، لتوظيفها في عمله الاستعلاماتي، لكنه حرص على أن يناله من الكعكة نصيب، عن طريق تحويل ما يقع بين يديه من مشاهد إلى ورقة ضغط يحقق بها منافع شخصية، من قبيل تجهيزه شقته الكائنة بشارع عبد الله بن ياسين بمعدات تصوير متطورة، ستكون نتيجتها الأشرطة التي أشرنا إليها سالفا عن ممارسته الجنس بطرق مشينة مع مئات النساء والفتيات. كان يستجيب في كل ذلك لحالة نفسية معقدة، لم تنفع في درئها العلاجات التي كان يتلقاها عند طبيب نفساني.
ظاهريا، كان العميد ثابت يحاول إشاعة صور مختلفة عن نفسه، مفادها بأنه رجل متدين، أدى مناسك الحج عدة مرات، وكان يؤدي الصلاة في وقتها، حتى إنه كان " يحجز" مكانه كل جمعة في مسجد الشهداء بالدار البيضاء، بل إن إحدى ضحاياه قدمت شهادة مثيرة عن توقف الرجل عن ممارسة الجنس من أجل الصلاة، بحيث يسهل القول إنه كان رجلا بشخصيتين.
من علامات الاستفهام الهامة التي أثيرت في قضية ثابت تساؤل: هل كان الرجل ضحية ما كان يستخدم من تسجيلات لدواع مرتبطة بعمله بجهاز الاستعلامات العامة؟
عندما اعتقل العميد ثابت في شهر فبراير 1993 ظهر أن ثمة أسبابا عديدة تحكمت في قرار اعتقاله وتقديمه إلى المحاكمة، وكأن الأمر كان يحتاج فقط إلى أن تتقدم امرأة بشكاية ضد " الحاج حميد" وهو اللقب الذي كان يقدم به نفسه لضحاياه، لكي تتناسل حلقات المسلسل الذي أصبح من الضروري احتواء تداعياته بالإسراع في الإجراءات القضائية من تحقيقات وإحالة على العدالة ومحاكمة وإصدار الحكم بإعدامه من طرف هيئة قضائية ترأسها القاضي لحسن الطلفي وادعاء مثله الرياحي، لينفذ فيه الحكم في فجر يوم 5 شتنبر من السنة نفسها.
وكأن المسلسل تم تجزيئه على حلقات شاهد فيها المغاربة صورا للحاج ثابت، بأسراره والتباساته وحصيلته من الضحايا، الذين كان من بينهم أيضا مسؤولون أمنيون، كانوا يدركون أنه لا شيء يمكن أن يوقف مغامرات العميد الذي كان يحكم جهاز الاستعلامات العامة في مدينة الدار البيضاء، ومن خلاله مغرب الأسرار، الذي يكشف عنه الشريط رقم 32، الذي كان ثابت يطالب المحكمة بمشاهدته والذي لم يتم تدوينه في المحاضر المنجزة حول قضية العميد ثابت محمد.
*جريدة أخبار اليوم العدد 54 – السبت-الأحد 02-03/05/2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق