الأحد، 13 ديسمبر 2020

من جرائم الاعتقال السياسي: المناضلة " اجميعة " في حوار مع جريدة النهج الديمقراطي

من جرائم الاعتقال السياسي: المناضلة " اجميعة " في حوار مع جريدة النهج الديمقراطي: من جرائم الاعتقال السياسي: المناضلة ' اجميعة ' في حوار مع جريدة النهج الديمقراطي


بورتريه: الفقيد محمد بنراضي مناضل استثنائي في مرحلة استثنائية

 بورتريه: الفقيد محمد بنراضي مناضل استثنائي في مرحلة استثنائية

-إعداد محمد لغريب-

السي محمد، ونحن ننبش في ما تبقى من الذاكرة لصياغة هذه الورقة التي مهما استحضرت لن تفي حياة حبلى بحب الوطن الذي حلمتم ونحلم به متسعا للجميع …
السي محمد دعنا نحييك اعترافا وتقديرا مع/على لسان الشاعر التونسي محمد الجلالي :

 سلام عليك يوم ولدت

ويوم دخلت السجون

ويوم عرفت المنافي

ويوم مت

ويوم يؤتى السعيد  عند اليمين كتابه

سلام وسلام وسلام


هو المشبع بطاقة نضالية قل نظيرها، طاقة، ظل يختزنها في وجدانه طيلة حياته ومساره النضالي الحافل بالعطاء ونكران الذات، انتمى إلى جيل من المناضلين المخلصين لقضايا الشعب المغربي، جيل، صارع وجادل وعانق الحلم والأمل كي يولد مغرب جديد من رحم المغرب القديم، مغرب، تسود فيه الحرية والعدالة والديمقراطية، لم تثن من عزيمته في الانتصار لقضايا الحرية والاستقلال والكادحين ظلمات السجون ولا سياط الجلاد، قاوم الاستعمار منذ شبابه واعتقل وعذب، وكذلك كان زمن الاستقلال، زمن المخاض العسير، حيث ذاق مرارة السجون في سنوات الستينات والسبعينات وثمانينات القرن الماضي، كان شاهدا وفاعلا في تلك الأحداث التي طبعت هذه المرحلة المهمة من تاريخ المغرب المعاصر. ففي سيرته كفاح ونضال وصمود واستمرارية في الدفاع عن المبدأ إلى أن غادر الحياة، سيرة خطها عن قناعة رفقة أجيال من المناضلين منهم من قضى نحبه ومنهم من لازال على قيد الحياة.

في هذه الورقة، تطلعكم ملفات تادلة على واحدة من التجارب النضالية التي عاشت حلم بناء مغرب جديد معاصر بعد الاستقلال، لكن هذا الحلم سرعان ما تحول إلى معتقلات ونفي وسجون وعذابات لازالت جاثمة على تاريخ المغرب الحديث، عذابات تلخصها سيرة مناضل كافح من المهد إلى اللحد إنه المناضل الفقيد محمد بنراضي.

ينحدر الفقيد محمد بنراضي بن حدو بن حمد، من قبيلة شرفاء مدغرة (قصر أولاد بوناجي) بمنطقة تافيلالت،انخرط جد الفقيد بنراضي المسمى بالعرابي بن الحاج في المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الفرنسي خلال أولى المواجهات المسلحة من سنة 1908 إلى حدود مارس 1933،والتي أدت إلى استسلام المقاوم عسو أوبسلام في معركة “بوكافر” بجبل صاغرو، كما استشهد جد الفقيد خلال إحدى الغارات الجوية الفرنسية في أولى المعارك المسلحة التي شهدتها المنطقة.

هاجرت عائلة بنراضي بعد فقدان الجد خلال تلك الأحداث إلى حيث تتواجد عائلة أخواله من جدته، بقبيلة آيتساغروشنألمو الشرفاء-قصر تغناميت-دقيادة فكيك-(بني تادجيت)، وهناك سيرى النور محمد بنراضي سنة 1935.

تلقى بنراضي تعليما دينيا في كتاب مسجد القرية “القصر”، وفي سن 11 سنة ختم حفظ القرآن الكريم، ليرسله بعد ذلك والده إلى مكناس لكي يتلقى التعليم الأصيل في مدارسها العتيقة، حيث قضى هناك أزيد من 4 سنوات تتلمذ خلالها على يد أساتذة وفقهاء المعاهد الدينية، مما أكسبه ضبط اللغة العربية وعلومها اللغوية والفقه وعلوم الدين والشريعة.

شكل تواجد محمد بنراضي بمدينة مكناس، فرصة له للتعرف والاحتكاك المباشر مع رموز المقاومة الوطنية وخلاياها السرية (النواة الأولى لجيش التحرير) مما ساهم في بلورةوعي سياسي ووطني لديه اتجاه قضية الاستعمار،وأذكى فيه الحماس والشجاعة للانخراط في خلايا جيش التحرير.

وفي سنة 1950،انتقل الفقيد محمد بنراضياإلىمدرسة “تونفيت” الدينية من أجل استكمال مساره التعليمي، ليقصد بعدها قبيلة “آيتحديدو”، ويشغل إماما بعدة مساجد هناك،كان آخرها بمنطقة “سونتات” التي عمل فيها وخطط بسرية تامة لتأسيس خلايا المقاومة بجبال الأطلس وبمسقط رأسه رفقة كل من “علي وعبو”  “ومحماد وحماد ” و “زايد وميدو موحى” و”الهاوس أكو أفروخ” من تونفيت و”باسو أو زايد” و”أوختار أسعيد” تحت إمرة القايد “الفكيكي الأعور”.

وفي سنة 1955 اعتقل محمد بنراضي بتونفيت إقليم خنيفرة، ضمن مجموعة من الطلبة بتهمة التظاهر والإخلال بالأمن العام، وقد أشرف على اعتقالهم القائد “عليأوكوش” والقائد الفرنسي ممثل الحماية الفرنسية ” ميرو”، وقاموا بإرسال أغراضهم إلى مسقط رأسهم، والزج بهم في السجن دون محاكمة إلى أن رجع محمد الخامس يوم 16 نونبر 1956.ليعود بعدها إلى إميلشيل ويتولى المسؤولية بحزب الاستقلال.




وثيقة نقل أغراض محمد بنراضي من طرف السلطات الفرنسية خلال أول اعتقال له يوم 15 نونبر 1955 بميدلت.

وخلال أواخر سنة 1957، سيعتقل محمد بنراضيبمعية مجموعة من المسؤولين المحليين والإقليميين لحزب الاستقلالبإميلشيل، من طرف عامل إقليم تافيلالت، عدي أوبيهي الذي حظر على جميع أعضاء الحزب الإقامة في منطقته،كما منع كل الأنشطة التي لها علاقة بالحزبفيما يسمى بثورة عدي أوبيهي ولحسن اليوسي على الاستقلاليين والحكومة، واعتقلت مجموعة بنراضي بدون أن توجه لها أي تهمة،حيث ظلوا في السجن بمركز الريش.إلى أن أوقف عدي أوبيهي تمرده أمام الجنرال الكتاني والمذبوح بقصر السوق، وتقديمه للمحاكمة شهر دجنبر 1958.

وفي 4 أبريل 1958، اعتقل محمد بنراضي ضمن مجموعة تتكون من 20 مناضلا بإميلشيل، بتهمة المس بأمن الدولة والعصيان المدني، من طرف قوات الجيش الملكي تحت إشراف القائد مولاي علي العتروس، قائد مركز إميلشيل، وبتنسيق مع عبد السلام بنحمو رئيس دائرة الريش والكومندار بلعربي العلوي عامل إقليم تافيلالت، والباهي الأنصاري مفتش حزب الاستقلال بميدلت، وتعرضوا لمختلف ضروب التعذيب بسجن الريش وكان ذلك من بين اسباب تأسيسهم لحزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية بإميلشيل، وأصدرت في حقهم محكمة السدد أحكاما تتراوح من 3 أشهر إلى سنتين سجنا نافذة،أما محمد بنراضي وزايد واميدو، فقد حكمت عليهما المحكمة بالسجن وب 5 سنوات نفيا من تافيلالت،  وقد أكدت هذه الأحكام محكمة الاستئناف بالراشيدية.

قضىمحمد بنراضي مدة طويلة بالسجن،إلى أن تم العفو عنه من السجن من طرف الملك محمد الخامس بمناسبة عيد الأضحى،مع استمرار عقوبة النفي في حقه،مما جعله يلجأ إلى مدينة بني ملال سنة 1959 لدى رفيقه في جيش التحرير والحزب القائد “البشير التهامي لحمر” رئيس دائرة بني ملال،حيث سيشغل محمد بنراضي مهمة ضابط للحالة المدنية ببلدية بني ملال ليفصل من عمله بعد أحداث 1960 بجبال الأطلس ومقتل الكوميسيرأوقبلي ببني ملال.

كان انخراط محمد بنراضي مبكرا في العمل السياسي بحزب الاستقلال، ثم بحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي أعلن عن تأسيسه في 6 شتنبر1959 ، بعد الصراعات المريرة التي خاضها جناح المهدي بن بركة ضد قيادة حزب الاستقلال بزعامة علال الفاسي، والتي توجت بالطلاق الكامل مع حزب الاستقلال وتأسيس حزب القوات الشعبية الذي التقى فيه الأعضاء القدامى في جيش التحرير الوطني، والعمال والفلاحين والطلبة، وكل الذين كانوا ينشدون مغربا تسود فيه الحرية والعدالة والديمقراطية، كما عبرت عنه وثيقة 25 يناير 1959 التي وضعها الشهيد المهدي بن بركة.

كان محمدبنراضي، شاهدا على هذا المخاض السياسي العسير الذي تلا إقالة حكومة عبد إبراهيم في ماي 1960، وامتداد آلة القمع لتشمل عدد كبير من مناضلي الحزب الذين زُج بهم في السجون خلال سنوات 1960 و1961و 1965و 1967و1973، بالإضافة إلى الإعدامات التي تم تنفيذها في حق عدد كبير من مناضلي الحزب مجموعة “عمر دهكون”، واختطاف كل من المهدي بن بركة والحسين المنوزي والإعدامات التي طالت الضباط المشاركين في المحاولتين الانقلابيتين لسنتي 1971  و1972.

كما كان شاهدا على التضييق والمصادرة والمنع الذي طال صحافة الحزب، وخاصة جريدة “التحرير” الناطقة بلسان الحزب، والتي تم توقيفها بصفة نهائية سنة1963، وجريدة “المحرر” التي ظهرت في يونيو 1964 ، وعانت هي الأخرى من المنع والمصادرة  والحجز عشرات المرات، حيث كانت عناصر الشرطة لا تفارق باب الجريدة بل كانت تعمد لأساليب شتى للحيلولة دون وصولها الى الأكشاك بفعل الرقابة المستمرة على مقرها، إلى أن منعت من الصدور أواخر سنة 1965 ، بسبب إثارتها لقضية الشهيد المهدي بن بركة، تم عاودت الصدور في نونبر 1974 ، في إطار الاستعداد للمؤتمر الاستثنائي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 1975، إلى أن تم منعها في 19 يونيو 1981، أي قبل يوم واحد من الإضراب العام الذي دعت له الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والذي عرف قمعا شرسا خلف العديد من الشهداء والمختطفين والمعتقلين والمطرودين من العمل.


أظرفة خاصة بجريدة المحرر التي صدر أخر عدد منها في 19 يونيو 1981

تواصلت محن محمد بنراضي مع الاعتقال، إذ سيتم اعتقاله مرة أخرى بمدينة الدار البيضاء في يوم 27 أكتوبر 1963 من طرف الشرطة السرية،على خلفية القضية المعروفة بقضية “أطلس محمد بلحاج”والتي توبع فيها 17معتقلا، وجهت لهم تهم ثقيلة تتعلق ” بتدبير مؤامرة الغاية منها الاعتداء على شخص جلالة الملك وبعض أعضاء الحكومة والمس بأمن الدولة الداخلي، والمشاركة وتدبير مؤامرة من أجل تسليح فريق من السكان أو دفعهم إلى التسليح ضد فريق آخر مع عدم القيام بأي عمل لارتكابه ولا الشروع في إعداد تنفيذه وتدبير مؤامرة الغرض منها تسليح فريق منالسكان أو دفعهم إلى التسليح ضد فريق آخر مع القيام بأعمال إعدادية للتنفيذ والمشاركة وجنحة عدم الإخبار عن جناية “.

وبدرب مولاي الشريف ودار المقري بالرباط،سيتعرض محمد بنراضي ورفاقه إلى أشد أصناف التعذيبعلى يد عدد من الجلادين ورجال الاستخبارات تحت إشراف الجنيرال أوفقير وأحمد الدليمي، إلى أن تم ترحيلهم إلى سجن العلو بالرباط، ثم إلى سجن القنيطرة، حيث سيقضي بنراضي ورفاقه حوالي 5 سنوات من الاعتقال الاحتياطي إلى غاية 27 نونبر من سنة 1967.

وستصدرمحكمة الجنايات للإقليمية الرباط في هذا التاريخ حكمها في هذه القضية، حيث أسقطت كل التهم الموجهة لمحمد بنراضي، وتابعته فقط بتهمة عدم الإخبار بجناية، وحكمت عليه بسنة حبسا نافذا، بينما تراوحت باقي الأحكام في هذه القضية بين البراءة والإعدام، وحكمت على كل من أطلس محمد بلحاج ومحمد بن سعيد الشتوي وزغلول لحسن وعبَد الفتاح سباطة بالإعدام، بعد أن وجهت لهم تهم تتعلق بتدبير مؤامرة الغاية منها الاعتداء على شخص جلالة الملك وبعض أعضاء الحكومة والمس بأمن الدولة الداخلي والمشاركة…

وتعود تفاصيل هذه القضية كما كشفت عنه رواية الشرطة إلى 24 أكتوبر من سنة 1963 عندما تم توقيف “أطلس محمد بلحاج” بمدينة مراكش وهو يحمل حقيبة تبين عند فتحها أنها تحتوي على مسدسين ومفرقعتين كانتا ستستغلان لاغتيال الملك الحسن الثاني والجنرال أوفقير وبعض أعضاء الحكومة حسب ما ذكره النقيب “محمد الصديقي” في كتابه ” أوراق من دفاتر حقوقي” وذلك ضمن مخطط يستهدف أمن الدولة يقف من ورائه “شيخ العرب” والفقيه البصري وعدد من قادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية.


صورة للنسخة من حكم محكمة إقليمية الرباط على محمد بنراضي في قضية أطلس محمد بلحاج

وفي سياق الأحداث التي عرفها المغرب بعد المحاولتين الانقلابيتين سنتي 1971  و1973 وأحداث مولاي بوعزة  مارس1973، سيعتقل مرة أخرى بن راضي رفقة رفيق دربه محمد بوكرين ومنير عمر والعمري مصطفى وعدد من المعتقلين ووصل عددهم حوالي 34 معتقلا بضيعة “مازيلا” قرب مدينة قصبة تادلة،  ووجهت لهم  تهم جنائية تتعلق “بتقديم أماكن لعصابة مسلحة عن علم بأغراضها، وعدم التبليغ عن المس بأمن الدولة … حيث قضوا بها أزيد من شهر تعرضوا خلاله لتعذيب شنيع على يد عناصر الاستعلامات التابعة للشرطة والدرك والجيش، حسب شهادات المناضل الفقيد محمد بوكرين في استجواب خَص به أسبوعية المشعل سنة 2007.وبعد المعاناةبضيعة “مازيلا” سيتم ترحيلهم إلى مدينة الدار البيضاء ويتم اعتقالهم ب Ateliers industrials de l’ air  (A.I.A) .

يحكي بنراضي في مذكراته حول ظروف الاعتقال بمطار آنفا“مكثنا هناك بمطار آنفا سنة تقريبا، كلها جوع وبرد وأيدينا مقيدة بالأصفاد وأعيننا معصوبة طوال هذه المدة، ثم أحلنا على السجن وبقينا رهن الاعتقال الاحتياطي ثلاثة سنوات إلى أن تمت محاكمتنا بمحكمة الاستئناف بسطات بتاريخ15 يوليوز1975 ، وكانت الأحكام تتراوح ما بين سنة وخمس سنوات”.وكان نصيب بنراضي من هذه الأحكام 4 سنوات قضاها بسجن عين علي مومن بسطات.

وذكر محمد بنراضي في سرده لتفاصيل هذا الاعتقال أنه من بين المناضلين الذين لقوا حتفهم بمطار آنفا، “سعيد واعيوض” من بني ملال، و”أبو زكرياء شهرزاد” من الدار البيضاء و”موحى وحدو وايزندي” من إميلشيل، و”بعية إدريس” من واد زم.

وحسب مذكرات الفقيد محمد بنراضي، فمطار آنفا كان يتواجد به أزيد من 800  معتقلا من النساء والرجال والصبية، مشيرا إلى أن عددا من المعتقلين اختفوا ولم يظهر لهم أثر “كفاظمةأوحرفو” من إميلشيل و”أكو فروخ” من تونفيت و”باسواللوزي” من ورززات وغيرهم…


تخليد ذكرى أربعينية الشهيد محمد كرينة بمدينة الفقيه بنصالح وفي الصورة محمد بنراضي ومحمد بوكرين ومجموعة من مناضلي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية

  وفي 3 من مارس سنة 1981  سيعتقلبنراضي بمدينة الفقيه بن صالح بمعية عشرة مناضلين اتحاديين من طرف القايد البور رئيس المركز المستقل، ورئيس الدائرة “تازنيت” في ما يعرف بقضية إغلاق مقر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالفقيه بن صالح، حيث وجهت لهم عدة تهم من بينها التجمهر المسلح، وتمت إحالتهم على المحكمة الابتدائية ببني ملال التي حكمت عليهم بأحكام تراوحت بين ستة أشهر و13 شهرا نافذا، وأكدت محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي في هذه القضية.

وفي خضم الصراعات الداخلية التي عرفها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بعد المؤتمر الثالث بين أعضاء اللجنة الإدارية الوطنية ( الجناح الراديكالي) والمكتب السياسي (الجناح اليميني)، وخاصة القرارات والمواقف الحاسمة التي عبرت عنها قواعد الحزب بخصوص المسلسل الديمقراطي والموقف من الانتخابات … انخرط بنراضي مع رفاقه في الخط المناوئ للاتجاه اليميني للحزب بقيادة عبد الرحيم بوعبيد ومحمد اليازغي وعبد الواحد الراضي، وغيرهم من قادة المكتب السياسي الذين كانوا يرون في أعضاء اللجنة الإدارية الوطنية خطرا يجب اجتثاثه بكل الطرق.

وسيتعرض الفقيد محمد بنراضي عضو اللجنة الإدارية الوطنية والكتابة الإقليمية لبني ملال للطرد من الحزب، بقرار أصدره المكتب السياسي في 14  يونيو1982، شمل أيضا كل من الفقيد المناضل”محمد بوكرين” عضو اللجنة الإدارية الوطنية والكتابة الإقليمية لبني ملال، و”عمر منير” عضو اللجنة الوطنية الإدارية والكتابة الإقليمية، ومصطفى نزير عضو الكتابة الإقليمية وفرع بني ملال. وبرر المكتب السياسي قرار طرده لأعضاء اللجنة الوطنية المنحدرين من بني ملال بعدم انضباطهم للقرارات والتوجيهات الصادرة عن الحزب وبأن هذه العناصر على حد قوله تشكل خطرا على وحدة الحزب.

كان وقع هذا القرار كبيرا على قواعد الحزب بأزيلال وبني ملال، ووطنيا بمن فيهم أعضاء اللجنة الإدارية الوطنية،وتلقوه باندهاش شديد، نظرا لأن المطرودين لم تمر على مغادرتهم للسجن سوى أيام قليلة، وهو ما يفسر نية المكتب السياسي للتخلص من هذه المجموعة بأسرع

وقت ممكن في إطار مخطط شامل بدأت ملامحه تظهر مع بعضالقراراتالصادرة ضد أعضاء اللجنة الإدارية بالرباط، وعلى رأسهم عبد الرحمان بنعمرو وأحمد بنجلون.

ردت الكتابة الإقليمية لبني ملال وأزيلال للحزب على هذا الطرد ببيان لها، مؤرخ في 26  يونيو1982، اتهمت فيه المكتب السياسي بالسعي إلى توفير الشروط لتطبيع العلاقة بالكامل مع الطبقة الحاكمة وإسقاط الاتحاد بكامل رصيده في أحضانها، معتبرا قرار طرد بنراضي ورفاقه من الحزب قرارا سياسيا يهدف إلى إبعاد المناضلين الطليعيين عن الحزب، وعن ارتباطهم بالجماهير الشعبية وتهييئ الساحة للعناصر اليمينية التي تساير خطط المكتب السياسي. ليحسم هذا الصراع بتعيين مكتب جديد لفرع الحزب ببني ملال بمباركة عبد الرحيم بوعبيد الذي لم يتردد في إرسال مراسلة لعامل إقليم بني ملال وعميد أمن المدينة تحمل رقم 82/113  أكتوبر1982، وهي المراسلة التي جعلت قواعد الحزب تنعتها بمراسلة “العار” لأنها جعلت السلطة حكما في صراع حزبي داخلي، وأدت إلى استقواء المكتب السياسي بالسلطة ضد المناضلين.


محمد بنراضي ومحمد بوكرين في لقاء حزبي رفقة عدد من مناضلي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية

سيتعرض بنراضي مرة أخرى للاعتقال في ما بات يعرف بأحداث 8 ماي 1983 بالرباط، حينما اشتد الصراع بين المكتب السياسي واللجنة الإدارية الوطنية، وبلغ نقطة اللاعودة، حينما دعا المكتب السياسي إلى اجتماع بالرباط دون إخبار أعضاء اللجنة الإدارية المناوئين لجناح عبد الرحيم بوعبيد، والذين بمجرد علمهم بالاجتماع سيحجون إلى الرباط من مختلف مناطق المغرب غير أنه تم منعهم بالقوة من الدخول إلى مقر الحزب مما دفع الشرطة إلى التدخل واعتقال 34 مناضلا من بينهم محمد بنراضي.

وعن هذه الأحداث كتب بنراضي في مذكراته “اعتقلت ضمن مجموعة تتكون من 34 مناضلا من طرف عميد الشرطة محمد الخلطي وعمر بن شمسي مصحوبين بعبد الواحد الراضي، وقد تعرض بعض الإخوة وعلى رأسهم عبد الرحمان بنعمرو للضرب المبرح، ونقلنا إلى السجن وقدمنا إلى المحكمة الابتدائية بالرباط، حيث كانت الأحكام تتراوح ما بين سنة سجنا مع إيقاف التنفيذ إلى ثلاث سنوات سجنا نافذة، وقد أكدت محكمة الاستئناف بالرباط هذه الأحكام “.

ساهم محمد بنراضي في تأسيس حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي سنة 1992، كاستمرار للحركة الاتحادية الأصيلة، ولخطها التقدمي والكفاحي،بعد الطلاق النهائي مع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بعد أحداث 8 ماي 1983، كما شارك وساهم في أنشطة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان منذ تأسيسها في يوليوز 1979،وكذا في تأسيس المنتدى المغربي من أجل الحقيق والإنصاف  سنة 1999، من خلال النقاشات التحضيرية التي كانت تجري بين ضحايا سنوات الجمر الرصاصبمختلف مناطق المغرب حول هوية المنتدى ومطالبه وأفقه،وغيرها من النقاشات التي سبقت الإعلان عن التأسيس.

وتجدر الإشارة إلى أن بنراضي، رفض التعويض الذي أقرته هيئة الإنصاف والمصالحة لفائدة ضحايا سنوات الجمر والرصاص رفقة عدد من المناضلين الذين ظلوا متشبثين بمواقفهم المؤسسة على إظهار الحقيقة للشعب المغربي، ومحاكمة المسؤولين عن الفظاعات التي عرفتها المرحلة السوداء من تاريخ المغرب.


مدرسة التكوين النقابي بمقر نقابة الإتحاد المغربي للشغل بالدار البيضاء،محمد بنراضي الأول على اليسار (جالسا)رفقة مجموعة من مناضلي UMT آنذاك خلال ستينيات القرن الماضي،يتوسطهم المحجوب بن الصديق

كان نشاطبنراضيالسياسي ملازما لنشاطهالنقابي، حيث بدأنشاطه النقابي مبكرا منذ تأسيس الاتحاد المغربي للشغل في 20 مارس سنة 1955 بالدار البيضاء،كأول مركزية نقابية عمالية مغربية مستقلة تضم تمثيليات عدد من القطاعات الإنتاجية المغربية،وأيضا عضوا بالشبيبة المعاملة المغربية التي تم تأسيسها سنة 1957، وبمدرسة التكوين النقابي للاتحاد التي تم إنشاؤها لتكوين أطر ومناضلي القطاعات النقابية.

وانخرضبنراضي أيضا في الإضرابات العمالية القطاعية التي دعا إليها الاتحاد المغربي للشغل سنوات الستينات، وكان شاهدا على الصراعات التي طفت على سطح النقابة بين جناح عمر بنجلون، وجناح المحجوب بنصديق قبل وبعد المؤتمر الوطني الثالث للاتحاد، والتي أسفرت عن استقلال عدد من القطاعات النقابية عن الاتحاد،وعلى رأسها النقابة الوطنية للبريد والمواصلات.

يعتبر بنراضي من المناضلين الذين وضعوا اللبنات الأولى لتأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في  نونبر 1978، حيث انخرط في اللجنة العمالية ( اللجنة التحضيرية) وساهم رفقة عدد من المناضلين بمنطقة بني ملال والفقيه بن صالح  وسوق السبت،في تأسيس عدد من فروع الكونفدرالية الديمقراطية للشغل: النقابة الوطنية لمستخدمي الفلاحة والنقابة الوطنية للسكر…

كما ساهم في مختلف الإضرابات العمالية التي خاضتها الشغيلة بالمنطقة، ونتيجة لنشاطه النقابي والسياسي سيتعرض محمد بنراضي للطرد من عمله بمركز الاستثمار الفلاحي بالفقيه بنصالح،حيث كانت النقابة الوطنية لمستخدمي الفلاحة درعا نقابيا أساسيا إلى جانب النقابة الوطنية للسكر والنقابة الوطنية للتعليم.


محمد بنراضي في إحدى المسيرات العمالية

توفي محمد بنراضي في 18 ماي من سنة 2012،بعد مسيرة نضالية حافلة بالتضحيات والعطاء.


تم الاعتماد في إعداد هذه الورقة على ما قدمه لنا واصف ابن محمد بنراضي من وثائق ومعلومات حول مسار الفقيد النضالي .

الجمعة، 20 نوفمبر 2020

جلادو المخزن -8-محمد الدليمي مدير معتقل تزمامارت سيرة جلاد فوق العادة

 محمد الدليمي مدير معتقل تزمامارت سيرة جلاد فوق العادة




جلادو المخزن...اسماء وتاريخ-7- عبد الحق العشعاشي

 وفاة عبد الحق العشعاشي أحد مؤسسي جهاز المخابرات المغربي

28 - سبتمبر - 2017

الرباط – «القدس العربي»: أفادت مصادر مطلعة بوفاة عبد الحق العشعاشي (88 عاما) أحد مؤسسي جهاز المخابرات المغربية (الكاب1)، أحد أبرز شهود عملية اختطاف واغتيال الزعيم المهدي بن بركة مؤسس اليسار المغربي الحديث وأحد أبرز قادة اليسار في العالم في ستينيات القرن الماضي الذي لا زال الكثير من الغموض يلف مصير جثمانه.
وقال موقع «يابلادي»، إن عبد الحق العشعاشي، يعتبر من بين مؤسسي جهاز المخابرات المغربية (الكاب1) إلى جانب أخيه الراحل محمد العشعاشي الذي توفي سنة 2002. وبذلك تكون مهمة المحققين في حادث اغتيال بن بركة قد أصبحت أكثر تعقيدا، علما أن العديد من الوثائق يتحدث عن ضلوع العشعاشي في اختطاف ومقتل بن بركة.
وأضاف المصدر إن «اسم الراحل ضمن قائمة توقيف ضمت خمسة مسؤولين مغاربة أصدرها القاضي الفرنسي باتريك رمايل في أكتوبر من سنة 2007، غير أن هذه المذكرة لم تجد طريقها إلى الشرطة الدولية (الإنتربول)».
وضمت القائمة إلى جانب عبد الحق العشعاشي، الجنرال حسني بن سليمان الذي لاتزال السلطات المغربية تقف في طريق اعتقاله، وعبد الحق القادري الذي ترأس مدة غير قصيرة المديرية العامة للدراسات والتوثيق المعروفة اختصارا بـ «لادجيد»، إضافة إلى بوبكر حسوني عميل الكاب 1، وميلود التونزي المعروف باسم العربي الشتوكي، الذي يعتقد أنه كان ضمن الفرقة التي اختطفت بن بركة.
وكان الزعيم المغربي المعارض قد خطف في باريس في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 1965 قبل أن يتم اغتياله، لكن لم تتضح لغاية الآن ملابسات هذه القضية، برغم عدة شهادات وطعون في كل من المغرب وفرنسا.
وتم في 17 كانون الثاني/ يناير من سنة 1966، أي بعد مرور أربعة أشهر فقط على اختطاف بن بركة، تم تسجيل أول حادثة وفاة لها علاقة بالقضية، إذ عثر على الفرنسي جورج فيغون ميتا بعد أسبوع من نشره مقالا في صحيفة «إكسبرس» بعنوان «لقد شاهدت مقتل بن بركة» اعترف فيه بالمشاركة في الجريمة. وبعد سنوات من ذلك تم العثور على جثة جورج بوشسيش عميل المخابرات الفرنسية، في مدينة طنجة، علما أنه كان قد فر من فرنسا بعدما أدانه القضاء غيابيا بالسجن المؤبد في 5 يونيو من سنة 1967.
وفي سنة 2002 توفي محمد العشعاشي رئيس الكاب 1، وبرحيل كل هؤلاء الشهود لم يتبق سوى ميلود التونزي المعروف باسم العربي الشتوكي، الذي يعتقد أنه ضالع في عملية اختطاف مؤسس حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية.
وبعد سنوات من الغموض وصمت منذ اختطاف المهدي بن بركة كان اسم ميلود التونزي، الملقب بـ«العربي الشتوكي»، هو الذي يتردد كثيرا في التحقيقات، وهو عميل في جهاز المخابرات كاب1، لكن تصريحات أدلى بها عميل المخابرات السابق أحمد البخاري سنة 2001، كشفت عن أن الأخوين العشعاشي كان لهما دور في موضوع اختطاف واختفاء بن بركة.
ودفعت هذه الشهادة المثيرة موريس بوتان، محامي عائلة المهدي بن بركة، ليطلب من القاضي الفرنسي، بارلوس، الاستماع إلى شهادة البخاري في هذا الملف، وفعلا تمت إنابة قضائية، وتولى قاضي مغربي الاستماع إلى شهادة البخاري، لكن هذا الأخير، حسبما نقلت «اخبار اليوم» المغربية عن المحامي عبد الرحيم الجامعي شك في إمكانية تحريف شهادته، فقرر كتابة شهادة وإرسالها إلى القاضي الفرنسي عبر البريد وفيما بعد تقرر أن يسافر البخاري إلى باريس للإدلاء بشهادته أمام القضاء الفرنسي، حول دور الأخوين العشعاشي، لكن سلطات الدار البيضاء رفضت منح جواز سفر للبخاري، ما دفع المحامي الجامعي إلى مقاضاة والي الدار البيضاء آنذاك إدريس بنهمية، وربح القضية واستخرج الجواز، لكن يقول الجامعي: «حصلنا على الفيزا وعلى تذكرة الطائرة، لكنني فوجئت في آخر لحظة برفض البخاري السفر معي إلى باريس للإدلاء بشهادته، بدعوى أنه يريد ضمانات حتى لا يمسه سوء».
ويتذكر الجامعي أن محامين اتحاديين وضعوا شكاية ضد العشعاشي بعد شهادة البخاري، وتولى القاضي الذي تم تكليفه بالملف، إحالتها على النيابة العامة، لكن الملف تم طيه.
وحصل سنة 2007، تطور جديد، بعدما أصدر القاضي الفرنسي باتريك رماييل، الذي تولى التحقيق في قضية بن بركة، إنابة قضائية من أجل الاستماع إلى عدد من المسؤولين المغاربة، منهم عبد الحق العشعاشي ولم تستجب السلطات المغربية للطلب، بل تم ترحيل القاضي الفرنسي من مطار محمد الخامس، بدعوى أنه أخفى هُويته عند دخوله للتراب المغربي.
ولجأ العشعاشي للدفاع عن نفسه بعد صدور الاتهامات ضده، فكلف محامي القصر السابق ووزير العدل الراحل محمد الناصري، برفع دعوى قضائية ضد أحمد البخاري واتهمه بالقذف. وأدلى دفاع العشعاشي بوثيقة يبرز فيها بأن البخاري كان موقوفا عن العمل في إطار عقوبة تأديبية خلال الفترة التي يقول إنه كان يشتغل «عامل هاتف» في جهاز كاب1، لكن دفاع البخاري، ممثلا في النقيب عبد الرحيم الجامعي، اعتبر أن الوثيقة «مزورة»، لكن المحكمة قضت في النهاية ضد البخاري.
وخلال تحقيقات هيئة الإنصاف والمصالحة، تركز الاهتمام على شخصية ميلود التونزي، الذي تردد اسمه في التحقيقات، تحت اسم «العربي الشتوكي». كان التونزي أحد رجال العشعاشي، وقد استمعت إليه الهيئة لمدة 3 ساعات، بحضور ياسين المنصوري، مدير عام لادجيد، وحسب ما جاء في كتاب «كذلك كان»، لمؤلفيه شوقي بنيوب وعباش بودرقة، فإن الاختراق الأساسي الذي تم خلال هذا الاستجواب، هو اعتراف التونزي بأنه كان يسافر بجواز سفر مغربي تحت اسم «العربي الشتوكي»، ويعلق صاحبا الكتاب بالقول «كم كانت هذه الحقيقة مهمة، لأن هذا الاعتراف يؤكد في حد ذاته ولو لوحده، صدقية الوثائق المتوفرة التي تحمل اسم العربي الشتوكي». لكن لِمَ لَمْ تستمع هيئة الإنصاف والمصالحة للعشعاشي؟
ويقول عباس بودرقة، أحد مسؤولي الهيئة إن «العشعاشي كان شخصية أساسية في الكاب1، لكننا ركزنا على شخصية التونزي الذي تردد اسمه طوال التحقيقات والمحاكمات المتعلقة بملف المهدي» وأن «الإنجاز المهم هو أننا تأكدنا أن التونزي هو نفسه الشتوكي، وهذا في حد ذاته إنجاز مهم».

عن القدس العربي

***********

وفاة عبد الحق العشعاشي احد مؤسسي المخابرات المغربية

كان العشعاشي وهو من مواليد مدينة وجدة ( شرق البلاد) قد شغل منصب مدير مكتب العقيد احمد الدليمي المدير العام للامن الوطني خلال الستينيات من القرن الماضي.

AHDATH.INFO

توفي في الرباط  يوم الجمعة الماضي عبد الحق العشعاشي، احد مؤسسي المخابرات المغربية ( الكاب 1) الى جانب أخيه الراحل محمد العشعاشي، وذلك عن عمر 88 سنة، وفق ماذكره موقع إيلاف.

وكان العشعاشي وهو من مواليد مدينة وجدة ( شرق البلاد) قد شغل منصب مدير مكتب  العقيد احمد الدليمي المدير العام للامن الوطني خلال الستينيات من القرن الماضي.

وارتبط اسم عبد الحق وأخوه محمد بملف اختفاء المناضل اليساري المغربي المهدي بن بركة في باريس يوم 29 أكتوبر 1965.

وباستثناء بيته لم يترك العشعاشي ثروة كبيرة ومصانع وممتلكات .

********

وفاة العشعاشي.. مسؤول المخابرات المغربية يغادر في “صمت”

في صمت وبعيدا عن الأًضواء، وعن عمر يناهز 88 عاما، توفي بالرباط الجمعة الماضي، عبد الحق العشعاشي، أحد مسؤولي المخابرات المغربية، الذي تردد اسمه كثيرا في قضية اختطاف واختفاء المهدي بنبركة.

كان عبد الحق العشعاشي إلى جانب أخيه محمد العشعاشي، المنحدرين من مدينة وجدة، من مؤسسي جهاز المخابرات الكاب1 في بداية الستينات. محمد العشعاشي توفي سنة 2003، بعدما كان رئيسا لـ”شعبة مكافحة التخريب” في الجهاز، في حين كان عبد الحق أحد مسؤولي الجهاز.

منذ اختطاف المهدي بنبركة سنة 1965، كان اسم ميلود التونزي، الملقب بـ”العربي الشتوكي”، هو الذي يتردد كثيرا في التحقيقات، وهو عميل في جهاز المخابرات كاب1، لكن التصريحات التي أدلى بها عميل المخابرات السابق أحمد البخاري منذ سنة 2001، ستكشف أن الأخوين العشعاشي كان لهما دور في موضوع اختطاف واختفاء بنبركة.

قال البخاري في تصريحاته إن التونزي اشتغل تحت إمرة محمد العشعاشي، الذي اعتبره “الرأس المدبر” لعملية اختطاف بنبركة، وأن التونزي اتصل هاتفيا بالعشعاشي ليبلغه بأن عملية اختطاف بنبركة بمساعدة عناصر أمن فرنسية ومرتزقة تمت بنجاح، بل إن البخاري أكد أن الأخوين العشعاشي حضرا إلى الفيلا التي قتل فيها بنبركة في باريس.

حسب شهادة البخاري، فإن بنبركة لقي حتفه في الساعة الـ3 من فجر يوم السبت 30 أكتوبر 1965، في إحدى الفيلات في فونتناي ـ لو فيكونت بالقرب من باريس. بعدها “تم نقل جثته إلى الرباط ليتم تذويبها في مادة أسيد”.

البخاري يقول إن الأخوين العشعاشي كانا حاضرين في هذه الفيلا التي أعدها جورج بوسيش، أحد المرتزقة الفرنسيين الذين اختطفوا المهدي. أكثر من هذا يشير البخاري إلى أنه كان مداوما في مكتب الهاتف في كاب1، في تلك الليلة عندما تلقى اتصالا من العشعاشي من باريس، يطلب منه أن يبلغ الجنرال أوفقير أن العملية ضد المهدي تمت بنجاح.

هذه الشهادة المثيرة دفعت موريس بوتان، محامي عائلة المهدي بنبركة، ليطلب من القاضي الفرنسي، بارلوس، الاستماع إلى شهادة البخاري في هذا الملف، وفعلا تمت إنابة قضائية، وتولى قاضي مغربي الاستماع إلى شهادة البخاري، لكن هذا الأخير، حسبما قال المحامي عبد الرحيم الجامعي لـ”أخبار اليوم”، شك في إمكانية تحريف شهادته، فقرر كتابة شهادة وإرسالها إلى القاضي الفرنسي عبر البريد.

فيما بعد تقرر أن يسافر البخاري إلى باريس للإدلاء بشهادته أمام القضاء الفرنسي، حول دور الأخوين العشعاشي، لكن سلطات الدار البيضاء رفضت منح جواز سفر للبخاري، ما دفع المحامي الجامعي إلى مقاضاة والي الدار البيضاء آنذاك إدريس بنهمية، وربح القضية واستخرج الجواز، لكن يقول الجامعي: “حصلنا على الفيزا وعلى تذكرة الطائرة، لكنني فوجئت في آخر لحظة برفض البخاري السفر معي إلى باريس للإدلاء بشهادته، بدعوى أنه يريد ضمانات حتى لا يمسه سوء”.

ويتذكر الجامعي أن محامين اتحاديين وضعوا شكاية ضد العشعاشي بعد شهادة البخاري، وتولى القاضي الذي تم تكليفه بالملف، إحالتها على النيابة العامة، لكن الملف تم طيه.

في سنة 2007، سيحصل تطور جديد، بعدما أصدر القاضي الفرنسي باتريك رماييل، الذي تولى التحقيق في قضية بنبركة، إنابة قضائية من أجل الاستماع إلى عدد من المسؤولين المغاربة، منهم عبد الحق العشعاشي.

كان حينها الاتحادي الراحل محمد بوزوبع هو وزير العدل، ومع ذلك لم تستجب السلطات المغربية للطلب، بل تم ترحيل القاضي الفرنسي من مطار محمد الخامس، بدعوى أنه أخفى هويته عند دخوله للتراب المغربي.

العشعاشي لجأ للدفاع عن نفسه بعد صدور الاتهامات ضده، فكلف محامي القصر السابق ووزير العدل الراحل محمد الناصري، برفع دعوى قضائية ضد أحمد البخاري واتهمه بالقذف. أدلى دفاع العشعاشي بوثيقة يبرز فيها بأن البخاري كان موقوفا عن العمل في إطار عقوبة تأديبية خلال الفترة التي يقول إنه كان يشتغل “عامل هاتف” في جهاز كاب1، لكن دفاع البخاري، ممثلا في النقيب عبد الرحيم الجامعي، اعتبر أن الوثيقة “مزورة”، لكن المحكمة قضت في النهاية ضد البخاري.

وخلال تحقيقات هيئة الإنصاف والمصالحة، تركز الاهتمام على شخصية ميلود التونزي، الذي تردد اسمه في التحقيقات، تحت اسم “العربي الشتوكي”. كان التونزي أحد رجال العشعاشي، وقد استمعت إليه الهيئة لمدة 3 ساعات، بحضور ياسين المنصوري، مدير عام لادجيد، وحسب ما جاء في كتاب “كذلك كان”، لمؤلفيه شوقي بنيوب وعباش بودرقة، فإن الاختراق الأساسي الذي تم خلال هذا الاستجواب، هو اعتراف التونزي بأنه كان يسافر بجواز سفر مغربي تحت اسم “العربي الشتوكي”، ويعلق صاحبا الكتاب بالقول “كم كانت هذه الحقيقة مهمة، لأن هذا الاعتراف يؤكد في حد ذاته ولو لوحده، صدقية الوثائق المتوفرة التي تحمل اسم العربي الشتوكي”. لكن لماذا لم تستمع هيئة الإنصاف والمصالحة للعشعاشي؟

يقول عباس بودرقة، أحد مسؤولي الهيئة، لـ”أخبار اليوم”، إن “العشعاشي كان شخصية أساسية في الكاب1، لكننا ركزنا على شخصية التونزي الذي تردد اسمه طيلة التحقيقات والمحاكمات المتعلقة بملف المهدي”، مضيفا أن “الإنجاز المهم هو أننا تأكدنا أن التونزي هو نفسه الشتوكي، وهذا في حد ذاته إنجاز مهم”.

تبقى هذه هي الحقيقية الوحيدة التي توصلت لها الهيئة، ليبقى ملف بنبركة مفتوحا بعدما دُفن جزء من أسراره مع وفاة العشعاشي.

***********

سبق له أن شغل مدير مكتب العقيد الدليمي

وفاة عبد الحق العشعاشي احد مؤسسي المخابرات المغربية

الرباط: توفي في الرباط يوم الجمعة الماضي عبد الحق العشعاشي ، احد مؤسسي المخابرات المغربية ( الكاب 1) الى جانب أخيه الراحل محمد العشعاشي ، وذلك عن عمر 88 سنة. 

وكان العشعاشي وهو من مواليد مدينة وجدة ( شرق البلاد) قد شغل منصب مدير مكتب العقيد احمد الدليمي المدير العام للامن الوطني خلال الستينيات من القرن الماضي. 

وارتبط اسم عبد الحق وأخوه محمد بملف اختفاء المناضل اليساري المغربي المهدي بن بركة في باريس يوم 29 أكتوبر 1965.

وباستثناء بيته لم يترك العشعاشي ثروة كبيرة ومصانع وممتلكات .