الأربعاء، 16 ديسمبر 2015

جلادو المخزن...اسماء وتاريخ-3-الجلاد محمود عرشان

معتقل درب مولاي الشريف فضاء التعذيب والتعسف والموت البطيء، والذاكرة لا تنسى الآلام والمحن، فهناك في قلب ذلك الفضاء استشهد من استشهد، وفقد من فقد وخبل من خبل...درب مولاي الشريف مفارقة غريبة، لعب ذلك الفضاء دورا في النضال ضد المستعمر، كما أنه كان فضاء لاغتيال الأمل....إنه مرتع أناس ارتبطت أسماؤهم بالفترات المظلمة...قضيت به ما يناهز ثمانية شهور، وهناك في أكثر من ركن من أركانه صادفت رائحة محمود عرشان والحمياني واليوسفي قدوري وغيرهم...هناك كانت بأيديهم سلطة الحياة أو الموت على ضيوفهم...كانوا يفعلون بهم ما يريدون وما يحلو لهم دون حسيب ولا رقيب ولا مسائلة. ومن بين السماء والوجوه التي ظلت عالقة بالذهن، رغم أنني كنت معصوب العينين منذ ولوجي عتبة الدرب: اليوسفي قدوري رئيس الغرفة الوطنية للشرطة القضائية وعبد اللطيف بطاش و " الديب " رئيس " الحجاج"، صورهم ما تزال عالقة بذهني.

لحظات في أركان درب مولاي الشريف

لحظات في أركان درب مولاي الشريف

فضائح عرشان بالانتخابات تأخد أبعادا خطيرة أمام القضاء

تبعا لما أن أورده موقع "مغرب أنباء" من تطورات خطيرة بخصوص إفساد العملية الانتخابية و بعد قرار لجنة الانتخابات الحكومية متابعة 26 شخصا بتهمة استعمال المال لاستمالة أصوات الناخبين بغية ضمان مقاعد في مجالس منتخبة بدءا من محطة 4 شتنبر الخاصة بالاستحقاقات الجماعية و الجماعية وصولا إلى محطة انتخاب أعضاء مجلس المستشارين بتاريخ 02 أكتوبر .
تصريحات زعماء سياسيين كبار في المعارضة بخصوص تزوير الانتخابات بمباركة مصالح وزارة الداخلية وضع الدولة المغربية في حرج كبير و قد بدأ الأمر يأخذ أبعادا سياسية كبرى بعد خروج منتمين للأغلبية الحكومية بنفس بادعاءات مماثلة تزامنا مع تصريحات رئيس الحكومة كون الانتخابات المغربية انتخابات غير مسبوقة و تاريخية و هو ما يتنافى مع الواقع الذي يدركه بسطاء الشعب الدين عبروا عن سخطهم و عضبهم من التجربة الانتخابية بل اقتنعوا بان الإصلاح لا يمكن أن يحصل بالمغرب إلا من خلال حراك شعبي سليم غير متحكم فيه من طرف السلطات العليا بالبلاد.
كل هده المعطيات كانت سببا مباشرا لفتحنا لتحقيق عميق من اجل كشف خيوط استعمال المال من طرف احد ابرز المتابعين ضمن لائحة مفسدي المحطة الانتخابية لمجلس المستشارين طبعا يتعلق الأمر بالكوميسير و الجلاد "محمود عرشان" الذي سخر السلطات العمومية بإقليم الخميسات لشرعنة الفساد و توزيع المال تحت مبرر الخيار الديمقراطي الملغوم بالبلاد .
مجهودات مكثفة قادتنا إلى الوصول إلى خيوط مدبري عمليات التوزيع المالي المشبوه للكوميسير محمود عرشان و يتعلق الأمر بالمقاول "امهيدرة" الذي اقتنى أرضا  عمل عرشان على تمليكها عن طريق الترامي المشبوه بما قيمته 18 مليار سنتيم و الثاني " عبد الرحيم" صاحب الشركة التي استفادت من كل صفقات تأهيل مدينة تيفلت التي تشوبها جملة من النقائص و الاختلالات بدءا من غياب الجودة ثم الغش و التلاعب في الصفقات العمومية من اجل الكسب الغير المشروع و الاغتناء الفاحش على حساب أموال الشعب الدين يؤدون ضرائب مقابل الاستفادة من البنيات التحتية كحق من حقوق الإنسان .
الكوميسير عرشان و كما سبق أن أشرنا إلى دلك في وقت سابق سخر المقاول "امهيدرة" و عبد الرحيم صاحب الشركة لتوزيع المال بكل ربوع الدائرة الانتخابية من أجل الفوز بمقعد بمجلس المستشارين و هو ما تحقق بالفعل .
كل هده المؤشرات دفعت جهات إلى الدخول على خط ما نشر بموقع "مغرب أنباء" حيث تم انتداب هيئة تضم مجموعة من المحامين تقدموا بشكاية مباشرة إلى السيد قاضي التحقيق يطالبون من خلالها بضرورة استدعاء الوسيطين أثناء انعقاد الجلسة المقبلة للاستماع إلى إفادتهم بشكل مباشر و كدا التنصت على المكالمات الهاتفية التي أجريت بينهم و بين المرشح محمود عرشان من اجل كشف خيوط و ملابسات و حيثيات الاستعمال المفرط للمال الذي هو حديث البادي و الداني بإقليم الخميسات .

جدير بالذكر أن ذات الجهات التي وجهت شكايتها المباشرة إلى قاضي التحقيق عمت على مراسلة اللجنة الحكومية لتتبع الانتخابات من اجل إحالة الشكاية  طبقا للقانون ليتم ضمها إلى ملف التحقيق الذي يروج باستئنافية الرباط  كما عبر مصدر مقرب من المشتكين عن ثقتهم الكبيرة في القضاء من اجل تحريك المتابعة في محمود عرشان الذي تورط في استعمال المال بشكل خطير .
.............................
 

المغرب: نعم لطي صفحة الماضي …لكن كيف ؟


من فجر الستينات إلى حدود منتصف الثمانينات عاش المغرب جرائم شنيعة مورست مع سبق الإصرار والترصد في حق الإنسان المغربي.إنها جرائم انكشفت كل حيتياتها وتم التعرف بدقة عن مرتكبيها، لكن تحدث أدنى مساءلة لمرتكبيها، بل هناك منهم من لا زال يحتل مواقع حساسة في دواليب الدولة دون حرج، وهذه وضعية لم يعرف مثلها في تاريخ البشرية.

إن هذه المرحلة نعثت بالسنوات الرصاصية المطبوعة بالقمع الأسود وبالدوس على الصفة الإنسانية وبالنفي والاحتفاء القسري والاعتقال التعسفي والمحاكمات الصورية والاختطاف والاغتيال والتصفية الجسدية وممارسة مختلف أساليب التعذيب والتنكيل والإعدام البطيء.
ولا زالت الأماكن التي كانت تمارس فيها هذه التجاوزات الجسيمة قائمة لحد شاهدة على ما اقترف في أحضانها وبين جدرانها.والأدهى والأمر أن جل هذه البنايات شيدت وأديرت بمال الشعب للنيل من أبنائه المخلصين الذين وهبوا حياتهم من أجل غد أفضل، كما أن أغلب الجلادين ومنفذي الاختطافات والاغتيالات مازالوا يتقاضون أجورهم من مال الشعب الذي رزئ في مناضليه الذين لقوا حتفهم في دهاليز القمع لمجرد أنهم رغبوا في غد أفضل.
فلا-يخفى على أحد أن كل الجلادين ومنفذي الاختطافات و التصفيات الجسدية والاغتيالات كانوا يمارسون أعمالهم الشنيعة كموظفين في إطار مؤسسات –مرئية ومخفية –عمومية تابعة للدولة.كما أن المحاكمات لم تكن ممكنة بدون قضاة ووكلاء الملك، أصدروا أحكاما ووزعوا آلاف الإعدامات وقرونا من السجن، فهل كان ذلك لتحقيق العدالة ؟وهل كان متماشيا مع القوانين الجاري بها العمل على علتها ؟ وهل تم احترام الإجراءات الملزمة قانونيا على هزالتها وشكليتها ؟

لهذا هناك من يطالب بضرورة محاكمات مرتكبي تلك الجرائم، وهناك من يقترح التعاطي سياسيا مع هذه الإشكالية لتفادي انتصار طرف عن طرف، وهناك من يفضل طي الصفحة دون شوشرة والتطلع إلى الغد.إلا أنه هناك شبه إجماع على ضرورة كشف الحقيقة باعتبار أن النظام ليس هو المسؤول الوحيد على ما جرى وإنما هناك مسؤولون آخرون ظلوا مغيبين، من ضمنهم سياسيون وأحزاب وقادة أحزاب.
وفي هذا الإطار عملت الحملة ضد محمود عرشان (عميد شرطة سابقا) على إبراز جملة من الإشكاليات باعتباره رئيس حزب كان ولا زال حاضرا على الركح السياسي وقبة البرلمان ومجلس المستشارين .

وعرشان هذا هو ورد اسمه ضمن لائحة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي أصدرتها جملة من الجمعيات الحقوقية المغربية عندما طالبت وزير العدل بفتح تحقيق في موضوع انتهاكات الجسيمة.ولقد ظلت الجمعية المغربية تطالب بمتابعة المسؤولين عن تلك الانتهاكات الجسيمة باعتبار أن المسألة تدخل في نطاق حق الضحايا والمجتمع والتوجه الحقوقي العام على الصعيد الدولي الذي يقف صد سياسة الإفلات من العقاب، ولهذا الغرض بالذات تم إنشاء محكمة الجزاء الدولية.في حين تطالب هيأة الإنصاف والمصالحة (المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ) بتسوية غير قضائية بإتباع مقاربة المصالحة لطي ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب.

فالجمعية المغربية لحقوق الإنسان تعتبر أن هيأة الإنصاف والمصالحة مجرد لجنة وظيفية للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وأن مهمتها مقتصرة على الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي دون الاهتمام بالانتهاكات الجسيمة الأخرى، كما أنها لا تضع في حسبانها نهائيا مطلب المساءلة وإعمال آليات العدالة كحق من حقوق الضحايا والمجتمع، بل إنها تستبعد كليا ونهائيا هذه المقاربة.

أما الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فتسعى إلى الكشف عن الحقيقة كاالانتهاكات.ا عن مصير المختفين الذين ما زالوا أحياء وتسليم رفات الأموات منهم لدويهم وتقديم الدولة لاعتذار رسمي وعلني لأسر الضحايا وللمجتمع بعد الإقرار بمسؤوليتها فيما جرى سابقا.وذلك باعتبار أن الإفلات من العقاب هو تشجيع لإعادة تكرار جملة من الانتهاكات.وهذا في نظرها لأن المسؤولين عنها ظلوا في منأى عن المساءلة والمحاكمة.

ويبدو أن مرجعية الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في هذا المجال هو مبدأ عدم الإفلات من العقاب وهو مبدأ تتبناه العديد من المنظمات والمؤسسات الحقوقية على الصعيد العالمي.وفي الثمانينات.الفعاليات الحقوقية بالمغرب يمثل محمود عرشان وغيره أداة من أدوات القمع الذي وصم جبين المغرب على امتداد السنوات الرصاصية منذ فجر الستينات إلى مشارف الثمانينات .وفي اعتبار هؤلاء مازال هناك الآن من يمارس ذات الانتهاكات سواء ما خص الاختطاف أو التعذيب.وعرشان كغيره من الأدوات القمعية قام بتلك الانتهاكات الجسيمة لفائدة الأجهزة القمعية للدولة والنظام السياسي المغربي .

وللإشارة فإن محمود عرشان قام برفع دعاوى ضد بعض الجرائد والصحافيين من أجل السب والقذف، لا سيما ضد جريدة بيان اليوم.وبموازاة مع ذلك تم تأسيس شبكات للمساندة وتنظيم وقفات باعتبار أن بعض الفعاليات الحقوقية مازالت تعتبر في تقديرها أن القضاء غير مستقل، لا سيما في قضية ملف الصحافية نرجس الرغاي تم رفض الاستماع إلى الشهود الذين تلقوا التعذيب على يد عرشان، وبذلك فوت القضاء الفرصة للمتهمة للدفاع عن نفسها وكشف الحقيقة.وعموما تعتبر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أنه لم يحدث تحولا جوهريا في أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب باعتبار أن التطورات التي سجلت في هذا المضمار لا زالت قابلة للتراجع وهذا تمت ملاحظته بجلاء بعد أحداث 16 ماي الإرهابية بالدار البيضاء ،حيث مورست عدة تجاوزات وانتهاكات لحقوق الإنسان ،وهي ممارسات سبق وأن أدينت بالإجماع
وفي نظر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لا يمكن تحقيق التطور والتنمية والديموقراطية إلا بطي صفحة الماضي عبر تكريس الشعار الذي رفعته منذ مدة وهو «لا إفلات من العقاب في الجرائم السياسية والجرائم الاقتصادية » لا سيما وأن كثير من مرتكبي الجرائم السياسية هم أنفسهم مرتكبو الجرائم الاقتصادية.ومن جهة، ترى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن عدم تكريس الشعار الذي رفعته يفسر استمرار وجود جيوب لمناهضة التغيير الفعلي بالمغرب، وهي في هذا المجال قوى رجعية، وهي مشكلة بالأساس من عناصر مسؤولة على ما حصل في الماضي من انتهاكات وتجاوزات جسيمة وما زالت لحد الآن لم تختف عن الأنظار ،بل بعضها ما زال يحتل مواقع حساسة جدا .

وعموما إذا كان الجميع يتحدث عن طي الماضي، فهناك اختلاف واضح في طريقة وسبل طيه.فهناك من يذهب إلى طي الصفحة دون النبش في الماضي لربح الوقت والتفرغ للتصدي لإشكالية الحاضر الموروثة عن الماضي.وهناك من يرى حتمية متابعة كل المسؤولين المتورطين في عمليات التعذيب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لتحقيق تصالح مع الماضي وطي ملفه نهائيا.

وفي انتظار طي صفحة الماضي، ما زالت هناك عدة أسئلة عالقة، مختفون ما زال لم يظهر لهم أثر، وممارسات مشيدة مازال يحمل أثرها الناجون من فضاءات الإعدام البطيء عبر تجميع كل الشروط لتوجيه أدمين للموت الأكيد دون تحريك ساكنا حتى في أقصى حالات وجوب مد يد المساعدة.
..........................
 


ماروك نيوز 24

قال محمود عرشان، الأمين العام السابق لحزب الحركة الديمقراطية الإجتماعية، في مذكراته" إنني أتساءل اليوم عما يمكن أن يقوله أشخاص مثل محند العنصر وإسماعيل العلوي والتهامي الخياري وعيسى الودغيري وعبد الله ساعف وخالد الناصري وفتح الله ولعلو...وآخرون..للجهات التي احتموا بها، عن علاقاتهم مع البصري، التي كانت تجعل منهم منتخبين فائزين بكل محطة انتخابية من دون مشاكل."



وأوضح عرشان، في ذات الحديث:" لعل الحالة النموذجية في هذا السياق، هي تلك المتعلقة بـ"الكبير"جلال السعيد." مضيفا أن هذا الأخير، مفتقر إلى صفة الذكاء، والذي صنعه البصري من الألف إلى الياء، وفرضه في كل المناصب المهمة بالدولة، رئيس بلدية ورئيس مجلس إقليمي ورئيس جهة ورئيس اللجنة الوطنية للجماعات المحلية ورئيس مجلس النواب، ثم رئيسا لمجلس المستشارين...وعذرا على هذا القليل، هذا الرجل أيضا أفل نجمه بعد إبعاد البصري عن الحكم."
 وأضاف، "لقد التقيته يوما بأحد دهاليز البرلمان وسألته إن كان ما يزال يرى صديقه الوزير السابق، فأجابني بأنه لم يزره منذ إبعاده..." متسائلا عن :" أي سلوك وأية بذاءة أن يفكر المرء في إنجاح تحول في المسار، واستعادة العذرية بلا ضريبة؟ واليوم بعد أن فقد الدفعات المنشطة، فقد أصبح هذا الرجل في طي النسيان... إنها حقا حالات تعبر عن أن  النفاق لا حدود له بالنسبة لبعض من تسلقوا نحو الصفوف الأمامية بوضاعة."
وأكد عرشان أنه رأى أيضا أشخاصا آخرين كثرا، يحجون إلى منزل الوزير الأسبق ( إدريس البصري) في ساعات متأخرة من الليل، ويدخلون خفية من الأبواب الخلفية، وبعد محادثات مطولة مع البصري، الذي كان  يتركنا في صالون منزله ليقوم باستقبالهم، كانوا يغادرون المنزل في غسق الليل وكثير منهم يخرجون بحقائب"سامسونيت"يعلم الله وحده وإدريس البصري وهم ما بداخلها.
وأردف عرشان أن من زوار الليل هؤلاء، كان علي يعتة وبن سعيد ايت ايدر والحبيب الفرقاني، وعدد من الصحافيين الذين كانت منشوراتهم مدعومة من طرف البصري، والذين يسمحون اليوم لأنفسهم بالنيل منه، ظنا منهم أن ذلك يمثل صك غفران وتقربا من بعض الدوائر، وإيهاما لها، كذبا وافتراء، بعدم وجود علاقات سابقة لهم مع إدريس البصري.
كما أكد أنه رأى من ضمن هؤلاء شخصيات ورقية مثل الريح وإدريس لشكر وعليوة، والذين كان عدد منهم يتسلون بلعب أدوار كوميدية في البرلمان، وعلى مستوى لجانه وجلسته العامة بتوجيه انتقادات لاذعة لإدريس البصري، وكأنه لم تربطهم به أية علاقات.
وتذكر كيف قام إدريس لشكر بحركة ركوع للبصري بأحد ممرات البرلمان ليستجدي منصب عامل، وكيف استصغر آخرون أنفسهم أمام البصري من أجل منافع تخصهم أو تخص أفرادا من عائلاتهم أو محيطهم.  مضيفا أنه كذلك وزراء تكنوقراط وسياسيين من اليسار واليمين، يطوفون بالكيلومتر 5.5 طلبا لمباركة مشروع ما، أو حماية لمنصب في تعديل حكومي محتمل، أو طلب توجيه النصيحة فيما ينبغي أن تكون عليه درجة الخطاب والموقف داخل المجالس الحكومية، أو ببساطة لأجل التصفيق لمبادرة من مبادرات البصري اليومية.
واعتبر عرشان أنه لا يذكر أن وزيرا في يوم من الأيام تجرأ على انتقاد البصري أو أبدى امتعاضا إزاء قرار من قراراته في حالة من الحالات  كما كان عليه الأمر بالنسبة لحملة التطهير عام 1996، فالكل كان يبدي له الولاء وفي كل الأحوال، حتى بالنسبة لتلك العملية التي وصفت بأنها إعادة تنظيم للاقتصاد الوطني.
ولم يفت عرشان أن يقول أن المسبحون الآخرون بحمد البصري من برلمانيين وعمال وبعض المستفيدين، فإنني أستحيي من الدخول في التفاصيل القاسية بشأن طبيعة التمجيد الذي كانوا يعاملون به الرجل القوي في النظام، موضحا أنه اليوم يتأملهم،وهم يرفعون أصواتهم للحديث عن انزلاقات البصري أيام قوته، معتبرا فإن ذلك يثير التقزز والسخرية في نفس الوقت.. لكن لأن السخرية لا تقتل، فيمكن للمزايدة أن تستمر لأنه مازالت أمامها أيام مفتوحة.

..........................


عرشان لـ « فبراير »: السلفيون المفرج عنهم تراجعوا عن الفكر الطائش وهذا ردي على اتهامي بالجلاد

  • حنان النبلي
  • كتب يوم الأربعاء 02 ديسمبر 2015 م
معلومات عن الصورة : عرشان لـ "فبراير": أنا لست جلادا والسياسة كالدين والسلفيون حملوا أفكارا طائشة
بعد الضجة التي أثارها انضمام عدد من السلفيين المفرج عنهم بعفو ملكي مؤخرا إلى حزب الحركة الاجتماعية الديمقراطية، خرج أمينه العام السابق عن صمته في أول تصريح له، نافيا أن يكون حزبه قد راهن على السلفيين من أجل تقوية صفوفه.
وقال عرشان في تصريح لـ »فبراير.كوم » إن الحزب يريد أن يقوي صفوفه بالسلفيين وبدونهم، فكل حزب يسعى إلى ذلك ويحاول قدر الإمكان جلب المواطنين وتأطير الشارع المغربي، مضيفا  » إن السياسة كالدين لا إكراه فيها، ونحن نريد أن يدخل السلفيون في سياق المعارك الديمقراطية ».
وهاجم عرشان من يصفونه بـالجلاد والكوميسر قائلا:  » أنا مقاوم وعضو المجلس الوطني للمقاومة، وما عمرني كنت جلاد، كنت في الأمن الوطني، واليوم أعتز أنني ابن هذه المدرسة ».
ولا يرى المتحدث أي سبة في مهنة كوميسر قائلا. »عندنا الآلاف من الكوميسيرات في البلاد، واقفين على أمن المواطنين وخدامين بالروح الوطنية الكبيرة ».
ووصف عرشان السلفيين المُفرج عنهم بحاملي الأفكار المتطرفة والطائشة قبل أن يراجعوا مواقفهم ويغادروا السجن.
واعتبر الأمين العام السابق لحزب الحركة أن هؤلاء لهم حرية الاختيار التي تضمن لهم الانخراط في الحزب الذي يرضيهم، متحدثا عن رافضي الانضمام إلى الحزب »فينما بغاو يمشيو، أنا كنعرف غي السلفيين اللي جاو عندنا، واللي بغاو يمشيو لشي بلاصة أخرى الله يعاونهم ».
وأشار عرشان إلى أن ما يهم قياديي حزبه هو انخراط رموز السلفية المفرج عنهم بعفو ملكي بمناسبة المسيرة الخضراء في العمل الديمقراطي من أجل مجتمع  متماسك يوجه مجهوداته لتقوية الجبهة الداخلية للبلاد والتصدي للخصوم في جميع المجالات.
..........................
 
 
الملف الأسبوعي | مسار الحركات الشعبية في دمج الاسلاميين من قتلة عمر الى ارهابيي 16 ماي


محمد الطالبي

أحزاب الحركة مرة تنحسر، مرة تحكم، ومرة تعارض، توحد
وتشتت الأحزاب والحكومات، تنفجر ثم تلتئم وهي نفسها تخضع لنفس الدورة التي تُخضع لها الآخرين





عرف المشهد السياسي في المغرب تحولات عميقة،همت إعادة انتشار الحزب الاغلبي، او حزب الدولة الموكول إليه دوما مهمة حفظ الاستمرارية ، من داخل متغيرات شكلية ومتحكم فيها، وفي سياق البحث عن اللاعبين وإعادة ترتيب المشهد يوجد حزب اسمه "الحركة" لعب في كل المراحل نفس الدور، فهو حزب يكبر مرة وينحسر مرة أخرى, يحكم ويعارض يوحد ويشتت الأحزاب والحكومات، ينفجر ثم يلتئم وهو نفسه يخضع لنفس الدورة التي يخضع لها الآخرون. لعب الحزب دورا أساسيا في إدماج الإسلاميين في المشهد الحزبي، وقاد مصالحات بينهم أو تجميعهم بشكل أدق لا يطرح سوى شعارات كبرى ولا يلتقي معهم في أي شيء آخر.
لم تتخذ الدولة في المغرب حزبا حاكما كما هو الحال في الأنظمة الأخرى, لكنها طالما وقفت إلى جانب ما يسمى ب''الحزب السلطوي أو الأغلبي''. وهو حزب وظيفي، بمثابة ''جماعة وظيفية'' تقوم بأعمال لا ترغب السلطة في ممارستها لتحافظ ولو صوريا على حيادها. وهي أعمال تكون في الغالب غير مشروعة ولا قانونية، أو تعرقل الديمقراطية وتسيء إلى السياسة، مثل ضبط لوبيات وجماعات وظيفية أخرى لا تريد الدولة أن يتفاحش نشاطها ويتزايد نفوذها بما يتجاوز الحدود المسموح بها.
وقد لجأ المغرب إلى الحزب الأغلبي منذ 1963 حين تم إعفاء أحمد رضا اكديرة من وزارة الداخلية ليؤسس ما سمي جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية (الفديك)، وهي تجربة رافقها تطورات سلبية حينها، تتمثل في أحداث دموية، وإعلان ألاستثناء وتراجعات في دستور 1970 ثم تراجعات في قانون الحريات العامة، وفي محاولتين انقلابيتين، وانتهاكات جسيمة لحقوق ألإنسان.
حزب الحركة كان ضمن فيلق رضى اكديرة, متزعم حزب افديك بعد ان غادر وزارة الداخلية والديوان الملكي وأقدم في 20 مارس 1963 على تأسيس ''جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية''، وهي جبهة كانت تتشكل من حزب الأحرار المستقلين، والحركة الشعبية وحزب الدستور الديمقراطي وعدد من الشخصيات المستقلة. والتي كان التنسيق بينها يرجع إلى سنة 1958 حين تقدمت الحركة الشعبية وحزب الأحرار المستقلين وحزب الشورى والاستقلال الذي أصبح حزب الدستور الديمقراطي إلى الملك بمذكرة من أجل إصدار قانون الحريات العامة. ثم تطورت العلاقة في 15 ماي 1960 حيث أبرمت الحركة الشعبية وحزب الدستور الديمقراطي برتوكولا للوفاق والوحدة يطالبان بإقالة حكومة عبد الله إبراهيم وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والتزما بعدم المشاركة في أي تشكيلة حكومية إلا إذا تم تمثليهما معا، وقد لعب اكديرة دورا محوريا في توقيع البروتوكول. وهي الأحزاب نفسها الثلاثة التي نسقت فيما بينها ضد أن يتولى علال الفاسي رئاسة مجلس الدستور.
اكديرة تحول الى اشتراكي إذ اسس ''الحزب الاشتراكي الديمقراطي'' لكنه ''جبهة الدفاع'' فشلت في خلق أغلبية حكومية مستقرة, حيث ما كاد يحل شهر ماي 1965 حتى تخلى عنه جل مؤسسيه''. وهكذا تلاشى ''الفديك'' او انتهت صلاحيته بالمعنى الادق وتم رسم خارطة طريق جديد لاعادة الانتشار.
مؤسس الفديك الدكتور الخطيب الحركي الأصلي ابتلع
حركة الإصلاح والتجديد سنة 1996 عبر مسارين. أولهما انضمام مجموعة من قيادييها وأطرها (الجناح السياسي) إلى حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية في يونيو 1996. بعد مؤتمر استثنائي .وثانيهما توحيد حركة الإصلاح والتجديد مع رابطة المستقبل الإسلامي في 13 مارس 1996 ويعد انضمام مجموعة أطر وقياديي الإصلاح والتجديد إلى حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية بداية حقيقية للتسييس العلني والمباشر لتيار المشاركة من الحركة الإسلامية, وبالتالي انتقالها من حركة ثقافية دينية إلى حزب سياسي, ستعزز قواعده خاصة بعد المؤتمر تم فيه استبدال اسم الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية إلى حزب العدالة والتنمية.
وكانت الفترة تعرف نهاية الغزوات التعزيرية التي خاضتها الاطراف نفسها في الجامعات وخلفت رعبا حقيقا في الوسط الجامعي وتناثرت دماء مازالت عالقة بين عدالة القانون وقانون العدالة المعلقة، في العالم الاخر.
في ظل المخاض الاصطناعي لولادة حزب العدالة والتنمية كانت ، نبتة اخرى تزرع تحت مسمى حزب النهضة والفضيلة،وتحت نفس اليافطة المرجعية الإسلامية، وكان أمينه العام "محمد خليدي" حاضرًا عام 1996 في المؤتمر الاستثنائي
واعتبر "محمد خليدي" منشقا عن حزب العدالة والتنمية ليقود حزب النهضة والفضيلة الذي ظل حضوره ضعيفًا في الساحة السياسية المغربية حتى بداية شهر أكتوبر عام 2011؛ حيث فوجئ الرأي العام المغربي بانضمام هذا الحزب الإسلامي الصغير إلى التحالف الانتخابي لمجموعة الثمانية بقيادة الاصالة والمعاصرة، وبعد ان خرج الفضيلة خاوي الوفاض من الانتخابات وتشتت السبل بمجموعة الثمانية ، دخل الحزب في سبات عميق.
إلا أنه عاد مجددًا إلى واجهة المشهد السياسي، بعد مرور سبع عشرة سنة على تجربة إدماج الجيل الأول من الإسلاميين في الأحزاب السياسية، حيث استطاع إقناع مجموعة من القيادات السلفية المنتمية إلى ما يسمى "السلفية الجهادية" بالاندماج والمشاركة في الحياة السياسية الحزبية. وقد رحب إسلاميون به وهاجمه إسلاميون آخرون، وتوقع له بعض الإسلاميين السلفيين عدم النجاح، يبقى ان زعيم الحزب له علاقات وأسرار مع الراحل الخطيب لا يرجح منها الا مسار دمج الاسلاميين في المشهد السياسي، وتاريخ مرتبط من جذوره بالموقف من الحركة الوطنية وما تمخض عنها من مسارات سياسية واقتصادية واجتماعية والمشاريع الوطنية، في مغرب كان يخرج رويدا من دائرة النفوذ الاستعماري في الشمال والجنوب والوسط من استعمارين اسباني وفرنسي وعبر اتفاقات ومعارك، انتهت وظهر لاعبون جدد لم يكونوا في الاصل في جهة الوطن على الاقل.

السلفيون المدمجون او المندمجون هم من الذين اعتُقلوا بعد التفجيرات التي شهدها المغرب في 16 مايو عام 2003، وغادروا السجون في دفعة أولى ضمت "محمد الفزازي" و"عبد الكريم الشاذلي" سنة 2011، وضمت الدفعة الثانية "حسن الكتاني" و"عبد الوهاب رفيقي" و"عمر الحدوشي" في فبراير 2012، وقد أُفرج عن هذه الفئة التي اعتُبرت من حاملي الفكر الجهادي والمحرضة على "الارهاب "القتل وبعد ملفات ثقيلة توبعوا بها امام المحاكم.
واعتبر العفو عن "الفيزازي" و"الشادلي" وبعد فترة "الكتاني" و"الحدوشي" و"عبد الوهاب رفيقي"، أن الدولة أفرجت عن القيادات الفكرية القادرة على تأهيل واستيعاب السلفية الحركية ألاحتجاجية واستباق القادمين الذين سيفرج عنهم خلال السنوات القادمة بعد قضائهم للعقوبات السجنية.
وبعد مسار الحوارات السرية والعلنية داخل السجون، من طرف اجهزة الدولة، مع السلفيين وصدور عدد من المراجعات عمد
الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة إلى إعادة بناء تجربة منتصف التسعينيات، بتوظيف الآلية الحزبية للإدماج، بعد مخاض طويل من المفاوضات، انطلق من داخل السجون وحسب عدد من المحللين فقد"
تحقق للدولة مكاسب من دخول السلفيين إلى الحقل الحزبي، وانتقالهم من مجال الدعوة إلى مجال السياسة؛ فالتيار السلفي في المغرب تيار مشتت، وكثيرًا ما وُصف بالسلفية الجهادية كنعت أو تسمية أمنية. والدولة باندماج بعض السلفيين في حزب سياسي قائم تكون قد وجدت آلية للحوار مع شتات السلفيين الموجودين في مجال الدعوة، أو السلفيين الذين بدؤوا في مغادرة السجون بعد قضائهم عقوبة عشر سنوات في السجن بعد أحداث الدار البيضاء عام 2003، وتظهر المعطيات الميدانية أن الكثير منهم قد اعتُقل وهو بدون مستوى تعليمي أو بمستويات تعليمية بسيطة، وقد مكنته سنوات السجن من التحول إلى داعية مفترض بعد خروجه.
 وفي نفس الوقت, فان اغلب السلفيين المندمجين ضمن القيادة الحالية لحزب النهضة والفضيلة قد يسعوا الى تحويل الحزب إلى تنظيم سلفي يمارس الدعوة في الحقل السياسي، وهو ماقد يدفع إلى مواجهة بين الدولة والسلفيين المندمجين، قد تعمد معه السلطة إلى استعمال التدابير المنصوص عليها في قانون الأحزاب السياسية، ومنها الجل في حالة الانزلاق.
بعد هذا المسار كانت المفاجأة الجديدة حزب الكومسير السابق، والمعروف بتهمة الجلاد وصاحب اشهر بطاقة، مقاومة في المغرب، يعمد من جديد الى الخروج، عبر ورقة الاسلاميين، ودمجهم من جديد حتى ان
ما يقع اليوم شبيه بما وقع بالأمس، فبعد أن انشق أب الرئيس الحالي للحزب محمود عرشان عن الحركة الشعبية، أسس حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، الذي يحاول استقطاب التيار السلفي بالمغرب ودمجهم داخل حزب النخلة الفاشل انتخابيا منذ تأسيسه وتقدم ).
الملتحقين بحزب عبدالكريم الشاذلي، أحد أبرز وجوه السلفية الجهادية، الذي سبق أن حكم بـ 30 سنة سجنا نافذا على خلفية أحداث 16 ماي 2003 الإرهابية، قضى منها 8 سنوات، قبل أن يمتع في 2011 بالعفو الملكي، وعبد الكريم فوزي، رفيق عبد الكريم مطيع في المنفى، والقيادي سابقا في حركة الشبيبة الإسلامية، الذي عاد أخيرا من المنفى، وإدريس هاني، أحد أبرز المنظرين للفكر الشيعي بالمغرب، وأعلن عرشان الابن ان العملية تطلبت خمسة اشهر من المفاوضات قبل النضج، ولم يعلن عن اية ارضية سياسية او مراجعة فكرية مما يعني ان الادماج رسالة جديدة في الحقل السياسي المغربي قد تبعثر العديد من الاوراق، حيث روجت بعض وسائل الاعلام انه من المتوقع أن يترشح أزيد من 100 سلفي من أتباع عبد الكريم الشاذلي للاستحقاقات المقبلة، باسم الحركة الديمقراطية الاجتماعية، إذ يستعد البعض منهم للترشح في مختلف المحطات الانتخابية المقبلة، فيما تأكد أن كبار الملتحقين بالحزب لن يترشحوا، غير أنهم سينزلون إلى الميدان، لمساندة مرشحي الحزب في مختلف الدوائر" هذا الادماج بالجملة كشفت بعض المصادر انه يضم شيعة مغاربة وانصار مطيع المتابع في اغتيال الشهيد عمر بنجلون، حيث يتحدث عن مئات السجناء طلبوا الالتحاق جماعة وافراد، في اول سابقة في المغرب.
تبقى الحركة حركات ومسارات ولكن الادوار نفسها، والاختيارات نفسها،وهي مؤشرات لفهم الواقع ,لكن في ظل دستور جديد مازال يتلمس طريقه للتنزيل، وظهور معيقات تشريعية تفرمل الاصلاح.
5/29/2015

 

 .......................................

مذكرات لخلط الأوراق وتشويه الذاكرة الوطنية: “عرشان” نموذجا



مذكرات لخلط الأوراق وتشويه الذاكرة الوطنية: “عرشان” نموذجا
د.محمد إنفي
إذا كانت المذكرات نوعا من أنواع الكتابة التاريخية، مما يعني اهتمامها بوصف الأحداث وتعليلها، وبالأخص تلك التي لعب فيها كاتب المذكرات دورا ما؛ وإذا كان هذا الصنف من الكتابة التاريخية، يتفرغ له بعض القادة، في أواخر حياتهم، معتمدين في تدوين الوقائع على الذاكرة، سواء من حيث المعايشة  أو المشاهدة، فإن كتابة المذكرات أصبحت عندنا، اليوم، وسليلة يتخذها بعض الأشخاص لتشويه الذاكرة الوطنية الجماعية، وذلك بخلط الأوراق وتحريف الوقائع التاريخية وتزوير التاريخ الشخصي (أو على الأقل السكوت عنه) لكونه غير مشرف وغير نضيف.
فبعد مذكرات الضابط السابق في الجيش الفرنسي، “المحجوبي أحرضان”- التي سكت فيها عن حياته الحقيقة (انظر “الاتحاد الأسبوعي”، عدد 10610، بتاريخ السبت 25 – الجمعة 31 يناير 2014)، وكذب فيها على التاريخ ليس من أجل تبيض سيرته الخاصة والعامة فقط، بل والتجني على الحقيقة التاريخية الناصعة بجعله “المهدي بنبركة” خائنا و”محمد أفقير” وطنيا-، طلعت علينا مؤخرا بعض المواقع الإليكترونية بخبر صدور مذكرات “محمود عرشان”.
فحسب ما قرأته في أحد المواقع الإليكترونية، فإن “محمود عرشان” أنهى طبع مذكراته في شهر مار س من سنة 2005 واختار لها عنوان “من أجل الوطن والشرف”. ودائما حسب نفس الموقع، فـ”من خلال التقديم الذي وضعه بنفسه لهذا الكتاب، يتضح أن فصوله ستطال مسارات مختلفة، وستنطوي على شهادات دامغة وصادمة، بدأ في تدوينها قبل صدور الكتاب بثلاث سنوات” (لم يشر الموقع لا إلى دار النشر ولا إلى مكانه ولا إلى تاريخه).
ومن خلال ما ورد بعد ذلك على لسان صاحب المذكرات (أشير إلى أن هناك مواقع أخرى، رددت نفس الكلام نقلا عن “محومد عرشان”؛ فالتباين الوحيد يوجد في العنوان الذي اختاره كل موقع لمادته ا”لإخبارية”)، يتضح (ويبقي الأمر من اختصاص المؤرخين القادرين على تمحيص الأقوال وتمييز الكذب عن الصدق باعتماد المنطق واستعمال التحليل العلمي والمهارة الأكاديمية) أن الهدف هو التشويش على الذاكرة الوطنية الجماعية من خلال خطة خلط الأوراق لجعل منطق “أولا عبد الواحد كلهم واحد” هو السائد؛ أي أن يعتقد الناس بأن ليس هناك من هم أحسن أو أفضل من الآخرين، حتى وإن كان هؤلاء الآخرون خونة أو قتلة أو مقترفي الانتهاكات الجسيمة للحقوق الإنسان، إلى غير ذلك من الجرائم ضد الإنسانية. فأن يقول الكوميسير السابق “عرشان” إنه رأى أشخاصا “يحجون إلى منزل الوزير الأسبق(“إدريس البصري”) في ساعات متأخرة من الليل، ويدخلون خفية من الأبواب الخلفية، وبعد محادثات مطولة مع البصري، الذي كان يتركنا في صالون منزله ليقوم باستقبالهم (يخيل إلي أني قرأت هذا الكلام من قبل في إحدى الجرائد الورقية)، كانوا يغادرون المنزل في غسق الليل وكثير منهم يخرجون بحقائب “سامسونيت” يعلم الله وحده وإدريس البصري وهم ما بداخلها”، ليدعي، بعد ذلك، “أن من زوار الليل هؤلاء، “كان ‘علي يعتة’ و’بن سعيد أيت يدر’ و’الحبيب الفرقاني’…”.
 فما الهدف من اتهام رجال من طينة المقاوم الكبير” محمد بن سعيد أيت يدر” (أطال الله في عمره) والمرحوم “علي يعتة” والمرحوم الفقيه “محمد الحبيب الفرقاني”… بزيارة البصري خفية لمصالح شخصية أو تقربا وتوددا أو لتقديم خدمة ما حسبما تقتضيه محتويات الحقيبة المحصل عيها، إلى غير ذلك من الافتراءات والترهات وما تحمله من الحقد على كل ما هو جميل في تاريخنا الوطني…، إن لم يكن زرع الشك والبلبلة في نفوس من يعرف هؤلاء الرجال عن قرب أو من يسمع عنهم فقط؟ وما معنى أن يسيء هذا الجلاد، وفي هذا الظرف بالذات، إلى    رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا”.         
أستحضر، هنا، ما كتبه الصحافي المقتدر، “لحسن العسبي”، في مطلع التقديم الذي وضعه للملف الذي خصصته جريدة “الاتحاد الاشتراكي”، في العدد الذي أشرنا إيه آنفا، بعنوان “حياة أحرضان الحقيقة التي لم يكتبها في مذكراته”، حيث قال:”منذ شهور وعدد من المحاميل التواصلية المغربية (جرائد، مواقع لإليكترونية، مجلات)، تمارس ‘رياضة استذكار’ لقصصنا الجماعية والفردية في التاريخ، وأساسا التاريخ الحديث للمغاربة، وهو أمر مطلوب وجيد. لكنه حين يصبح يراكم ملامح توجيه معين، غايته فقط صناعة واقع حقيقة معينة، بدلا من الحقيقة كما هي، كواقعة وقعت وانتهت في الزمن، فإن ذلك يطرح أسئلة أخرى حول الغاية المحركة لذلك كله”.
لا يحتاج المرء أن يكون ذكيا ليدرك، بعد قراءة ما يقارب الصفحتين اللتين تداولتهما بعض المواقع، الهدف المتوخى من مذكرات “عرشان”. فإلى جانب ذكره لـ”جلال السعيد”، باعتباره صنيعة البصري الذي له الفضل في كل المسؤوليات التي تقلدها، أدرج اسم “محند العنصر” في مقدمة لائحة، فيها أسماء وازنة من الصف الوطني الديمقراطي والتقدمي، لهم تاريخ مشرِّف ومشرق، نضاليا وسياسيا وثقافيا وعلميا. فحين يقول؛ “إنني أتساءل اليوم عما يمكن أن يقوله أشخاص مثل محند العنصر وإسماعيل العلوي والتهامي الخياري وعيسى الودغيري (يقصد الورديغي) وعبد الله ساعف وخالد الناصري وفتح الله ولعلو… وآخرون للجهات التي احتموا بها، عن علاقاتهم مع البصري، التي كانت تجعل منهم منتخبين فائزين بكل محطة انتخابية من دون مشاكل”، فإنما يريد أن يعطي الانطباع (الذي لن ينطلي إلا على السذج ولن يرضي إلا الذين لهم حساباتهم الخاصة في النيل من الأشخاص المذكورين) بأنه لا يستثني في “شهادته” لا اليمين ولا اليسار.
وبما أن تاريخ الرجل غير مشرف لكون اسمه ورد ضمن لائحة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي وصمت جبين المغرب خلال ما يعرف بسنوات الجمر والرصاص، فقد اختار، بوقاحة ما بعدها وقاحة، أن يسيء إلى سمعة رجال يعرف، أنهم وطنيون ومستقيمون ومناضلون ضد الاستبداد الذي لم يكن البصري سوى إحدى أدواته. فهل نسي أو تناسى أن القيادة الاتحادية، وعلى رأسها القائد الفذ، الفقيد”عبد الرحيم بوعبيد”، قالت “لا” ليس فقط للبصري، بل للملك الراحل الحسن الثاني حين قبل بالاستفتاء في أقاليمنا الجنوبية؟ وكان ما كان من محاكمة صورية ومن إبعاد إلى “ميسور”، الخ.  فصراع الاتحاد ضد الاستبداد له تاريخ وله تضحيات جسام، لن تنجح المحاولات في طمس معالم حقيقة ذلك. فالتاريخ يصنعه الرجال والنساء بتضحياتهم واستماتتهم في مواقفهم. ولم يكن الجلادون أبدا من صناع التاريخ، إلا تاريخ الخزي والعار.    
وزيادة في جرعة الوقاحة، سمى بعض الأسماء بالشخصيات الورقية، حيث أكد أنه رأى من ضمن زوار الليل لـ”إدريس البصري” “شخصيات ورقية مثل الريح وإدريس لشكر وعليوة، والذين كان عدد منهم يتسلون بلعب أدوار كوميدية في البرلمان، وعلى مستوى لجانه وجلسته العامة بتوجه انتقادات لاذعة لإدريس البصري، وكأنه لم تربطهم به أية علاقات”. وكأني بـ”عرشان” قد استنجد، في وقاحته،  بذاك الأعمى الذي كان يردد دائما في دعائه:”الله إيكَادْها”؛ بمعنى أن هدف الأعمى هو أن يصبح كل الناس عميانا؛ وكذلك الأمر بالنسبة لصاحب المذكرات المعنية. فهو يعتقد أنه بتلطيخ سمعة الأسماء المذكورة في مذكراته، سوف يتساوى الجميع وينسى الناس ماضيه كجلاد، اكتوى بسياطه خيرة المناضلين وصناديدهم.   
وإمعانا في محاولة التضليل، للرفع من قيمة ولي نعمته، من جهة، وتبييض تاريخيه المقيت، هو كجلاد، بمحاولة تشويه تاريخ شخصيات وطنية مشهود لها بالعلم والمعرفة وبالتضحيات الجسيمة، من جهة أخرى، فقد ادعى أن الوزراء، كذلك، “تكنوقراط وسياسيين من اليسار واليمين، (كانوا) يطوفون بالكيلومتر 5.5 طلبا لمباركة مشروع ما، أو حماية لمنصب في تعديل حكومي محتمل أو طلب توجيه النصيحة فيما ينبغي أن تكون عليه درجة الخطاب والموقف داخل المجالس الحكومية، أو ببساطة لأجل التصفيق لمبادرة من مبادرات البصري اليومية”. ويتحدث الرجل بوثوقية تامة وكأنه كان كاتم أسرار البصري وذراعه اليمنى، بل وظله الذي لا يفارقه.  
ألم يكن حريا به أن يعنون مؤله بـ”مذكرات جلاد”، بدل “من أجل الوطن والشرف”؟ فلو كان فعل، لأسدى خدمة كبيرة للتاريخ وللمؤرخين الذين يهتمون بفترة ما يعرف بسنوات الجمر والرصاص، وستكون أفيد للوطن الذي يتوق إلى الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وبناء دولة الحق والقانون ودولة المؤسسات. وقد يحترمه الناس، آنذاك، على جرأته.  لكن، ليتأكد “عرشان” بأن حبل الكذب قصير وأن “الحق يمحو الكذب”، كما قال “محمد بن حمو” في شأن ترهات وأكاذيب “أحرضان”.  وعلى الأقل، كان عليه أن ينتظر حتى ينقضي (أو يتضاءل) عدد الذين عانوا من الاعتداء على آدميتهم ولا زالوا يحملون في أجسادهم آثار التعذيب الوحشي والهمجي  الذي مارسه “عرشان” وأمثاله. لكن من أين له بحكمة ذاك الرجل الذي أجاب ولده حين قال له: “أبَّا بْغِينا نْوليْوا شُرفا، قالو حتى إيمُوتوا أولدي لِّي كَيْعرفونا”.    
يبقى أن نشير إلى أن هناك ما يحير في إصرار بعض المنابر على ترويج الأضاليل التي ينسجها أمثال “عرشان” وبعناوين مثيرة، مثل “فضيحة… هؤلاء السياسيون الذين كانوا يتسللون إلى بين إدريس البصري ليلا”. هل الصحافيون العاملون بهذه المنابر لا يعرفون تاريخ المغرب الحديث ويجهلون من هو “محمود عرشان”؟ فإذا كان الأمر كذلك، فهم، ولا شك، يعتقدون أنهم يحققون سبقا إعلاميا كبيرا، دون أن يدروا (وقد يكون من بينهم من يدري؛ وبهذا فهو يساهم في جريمة ضد الوطن وضد التاريخ وضد الذاكرة الوطنية الجماعية…) أنهم يساهمون في نشر ثقافة الإشاعة التي لا علاقة لها بالحقيقة؛ وبذلك يعملون على بث الشك وزعزعة الثقة ويدفعون بالشباب إلى الهروب من السياسة. ويخدمون بذلك مشروع الجهات التي تعمل على إجهاض المشروع الوطني الديمقراطي، خصوصا بعد أن هيأت تلك الجهات لمشروعها “جيلا من الضباع”، كما تنبأ بذلك الفقيد الكبير”محمد كسوس”.
 
في الختام، أود أن أعتذر للذين ألفوا قراءة مقالاتي المتواضعة عن الهفوات والأخطاء التي قد تكون بقيت في هذا المقال؛ وذلك لكوني كتبته (على غير عادتي) ليلا بسبب السهاد وهجران النوم لجفوني حيث قضيت ليلة السبت إلى الأحد بيضاء بكل معنى الكلمة. و يرجع السبب، فيما أعتقد، إلى المضاعفات الجانبية للدواء الذي وصفه لي الطبيب لأني طريح الفراش منذ مساء يوم الأربعاء الماضي. ومن حسن الحظ أن المادة كانت متوفرة لدي والموضوع كان قد اختمر في ذهني. لكن، من حيث الصياغة، لا أعتقد أنه سيكون في مستوى المقالات السابقة. فمعذرة، مرة أخري. 
 
 Mohamed Infi
 ....................................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق