المعتقل السري بأكدز : من مسار المعاناة إلى جبر الضرر وحفظ الذاكرة
شهد المغرب بعد الاستقلال أحداثا سياسية واجتماعية مضطربة ،واجهتها الدولة بحملات من القمع في حق الآلاف من الضحايا الذين كان مصيرهم الاختطاف والاختفاء القسري ،وتوفي بعضهم،وظل آخرون مجهولي المصير . ""
وكان المعتقل السري بأكدز سيء الذكر والسمعة،وذائع الصيت وطنيا ودوليا أحد هذه الأماكن التي شهدت انتهاكات جسبمة لحقوق الإنسان خلال سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي كما هو الشأن لمعتقلات :تزمامارت ودرب مولاي الشريف ،قلعة مكونة....وغيرها من الأماكن السرية للاعتقال التي بلغ عددها الثلاثين .
وتناسلت الحكايات عن أبشع صور التعذيب والمعاناة بين أسواره كشفها الناجون من جحيمه خاصة بعد إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة و إدلائهم بشهاداتهم في الإعلام وفي جلسات الاستماع العمومية.
وكان من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة جبر الضرر الفردي للضحايا وجبر الضرر الجماعي لمنطقة أكدز على غرار باقي المناطق التي تضم معتقلات سرية .
وإذا ركز الإعلام والرأي العام الوطني والدولي على الانتهاكات في معتقل أكدز خلال فترة السبعينات والثمانينات ،فإن سكان أكدز يؤرخون لبداية المعاناة والانتهاكات منذ الشروع في تشييده في فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب من طرف أحد أعوان الاستعمار "التهامي الكلاوي" والذي ما يزال في ملكيته.
انتقلنا إلى عين المكان واستمعنا لمعاناة سكان أكدز أثناء أشغال البناء،كما استمعنا لشهادات المعتقلين سابقا ،عن توصيات جبر الضرر الجماعي للمنطقة وتداعياته وحفظ ذاكرة المعتقل نعرض لرأي المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان و الفاعلين من الهيئات الحقوقية وساكنة أكدز .
من قصبة "الكلاوي "إلى معتقل سري :معاناة من أول لبنة
اشتهر في تقارير الجمعيات والمنظمات الحقوقية ب"معتقل أكدز"نسبة إلى المنطقة التي يتواجد فيها ،وهي منطقة آهلة بالسكان بواحة درعة ،تبعد حوالي ب69كلم عن مدينة ورزازات جنوب المغرب .وعرف محليا ب"سجن الحد".وهو في الأصل أحد قصور التهامي الكلاوي باشا مدينة مراكش و أحد أعوان الاستعمار الفرنسي ،وهو عبارة عن قصبة ذات أسوار كبيرة و أبراج عالية شيدت بين سنتي 1948م و1953م ،وذلك قصد تطويق قبائل مزكيطة والحد من قوة القبائل المقاومة للاستعمار ولهذا عرف المعتقل محليا ب"الحد"(أي الحد من نفوذ القبائل ومقاومتها). وتم اختيار المكان لأهميته الإستراتيجية ،باعتباره سوقا قديما لقبائل المنطقة وممرا رئيسيا للقوافل التجارية .
وما زال سكان أكدز الذين عاصروا فترة أشغال البناء يتذكرون حكايات مؤلمة عن معاناتهم والممارسات الاستعمارية في حقهم. فالسيد أ.م(92سنة) رغم كبر سنه فمازال يحتفظ في ذاكرته بمعاناة وتعذيب القبائل المجاورة بشتى أنواعها :من عمل مجاني و إلزامي ومصادرة للممتلكات وحمل لمواد البناء وجذوع النخل عشرات الكلومترات لإيصالها ،وبعد اكتمال أشغال البناء كانت القصبة مقرا لخليفة الباشا الكلاوي حيث تجمع الإتاوات والضرائب ،ووسيلة ببسط النفوذ الاستعماري على قبائل المنطقة بالقوة والقهر.وبهذا تشكل قصبة الكلاوي (المعتقل لاحقا)المعروف محليا ب"الحد" ذاكرة وماض لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلا سنوات الخمسينات من القرن الماضي،ولم يكونوا حينها يدركون أن نفس المكان الذي عانوا منه كثيرا سيعاني منه بعد حوالي عقدين من الزمن مئات الضحايا من مختلف الأعمار والأجناس ومن مناطق نائية ومختلفة ، بعد تحويله إلى معتقل سري رهيب، تبدأ فصول معانات يحكيها الناجون من جحيمه ويبدأ الجميع في مسلسل كشف الحقيقة .
معاناة الاختطاف في السبعينات والثمانينات
بعد جلاء الاستعمار عن المنطقة تحولت القصبة إلى معتقل سري غير نظامي وفيه تم إيداع المئات من ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري بين سنتي 1975م و1984م .وحسب مصدر حقوقي فإن مجموعة 3 مارس في تنغير أول ضحايا هذا المعتقل بعد تحويلهم من تكونيت ،وبعد ذلك مجموعات من الأقاليم الجنوبية الصحراوية وبلغ عددهم حوالي 400 شخص من عدة مدن وأجناس وفئات عمرية متنوعة :رجالا ونساء وأطفال ومنهم عائلات بأكملها أعمارهم تتراوح بين 12 و90سنة.
ومن المعتقلين أيضا مجموعة بنو هاشم في 1977م وهم خمسة طلبة :محمد الرحوي-محمد النضراني-مولاي ادريس لحريزي-عبد الرحمان قونسي وعبد الناصر بنو هاشم، اعتقلوا في الرباط ونقلوا من المركب البوليسي بأكدال إلى أكدز في 05 غشت 1977م وكانت ظروف الاعتقال رهيبة وسيئة للغاية وهي كما يروها المعتقلون اتخذت أشكالا متعددة: حيث يجبر المعتقلون على البقاء باستمرار في وضعية ثابتة، إما قعودا أو جلوسا أو انبطاحا على الأرض أو وقوفا معصوب العينين مقيد اليدين ،ويمنع التواصل والكلام بين المعتقلين.إضافة لسوء التغذية ،كما وكيفا وتلوث المياه وانتشار الفئران والعقارب في زنازن المعتقلين.ولا يسمح بالذهاب إلى أماكن النظافة إلا ناذرا وحسب مزاج الحراس ،أما الاستحمام فلا يتم إلا بعد شهور من الاعتقال.
وكان هذا الوضع يتسبب في معاناة نفسية خاصة للنساء في فترة الحيض ،وانتشر القمل وغيرها من الحشرات المؤذية ،وظهرت العديد من الأمراض بين المعتقلين وأصيب بعضهم بأمراض نفسية وفقدان الذاكرة .
وتسبب عدم تقديم العلاجات الضرورية في الوقت المناسب في العشرات من الوفيات في المعتقل (حوالي 32 حالة وفاة ) دفنوا في المقبرة المجاورة للمعتقل ،وكانت عملية الدفن تتم ليلا وبطريقة سرية دون علم أو إخبار أقارب المتوفين .
وحسب شهادات كثيرة ومتطابقة للسكان المجاورون للمعتقل فإنه يتم غلق كل الطرقات والمنافذ المجاورة للمعتقل ويمنع المرور والتجول مما يثير الخوف والرعب لدى السكان الذين شبه أحدهم الوضع بأن السكان معتقلون خارج المعتقل وذلك لشدة الإجراءات الأمنية حتى في واضحة النهار.وضربت سرية شديدة عن معتقل أكدز ،فسكان المنطقة لا يعلمون هوية المحتجزين ويجهلون ما يقع داخل الأسوار العالية، ولا المعتقلون يدركون في أي مكان في الدنيا يتواجدون بعدما يدخلون المعتقل في جنح الظلام وداخل شاحنات مغطاة بإحكام ،قطعت بهم مئات الكيلومترات ولعشرات الساعات ،غير أن المعتقلين بفطنتهم – كما يروي أحدهم- استطاعوا فك لغز المكان المجهول والسري لاحتجازهم رغم انقطاعهم التام عن العالم الخارجي ،وذلك من خلا ل حديث الحراس عن "أكدز" و"ورزازات" و"زاكورة" و عن السوق الأسبوعي يوم الخميس...وغيرها من القرائن التي تدل على "أكدز " الذي لم يسبق لهم أي علم به من قبل،وفي إحدى الروايات أن أحد الممرضين دخل لمعاينة الحالة الصحية للمعتقلين فلاحظوا أن الورقة التي يحملها الممرض تدل على المركز الصحي بجماعة أكدز –عمالة ورزازات (في ذلك الوقت) وهذه الرواية أكد صحتها السيد محمد النضراني المعتقل السابق ضمن مجموعة بنو هاشم بأكدز.وكان تجميع كل هذه المعطيات وغيرها من القرائن مكن المعتقلين من تحطيم جدار السرية والمجهول وهو ما تعزز بعد عملية الإفراج والتقاء مختلف المجموعات التي مرت من المعتقل.
وظلت عشرات العائلات تجهل مصير ذويهم المتوفين في معتقل أكدز لعشرات السنين ،وبعد إدلاء بعض الناجين بشهاداتهم ،كما ورد في شهادة السيد شاري الحو من مدينة كلميمة أثناء حديثة في جلسات الاستماع العمومية التي نظمتها هيئة الإنصاف والمصالحة ونقلتها وسائل الإعلام ، حيث أفاد بوفاة اثنين من رفاقه خلال فترة اعتقالهم بأكدز . وقد اعتمدت هذه الشهادات ومعطيات مقدمة من طرف السلطة المركزية والوثائق المتوفرة لدى السلطات الإقليمية وشهادات تقدم بها موظفون سابقون عاينوا ظروف الوفاة والدفن لتحديد هوية العشرات من قبور المعتقلين الذين دفنوا في المقبرة المجاورة للمعتقل .غير أن" لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختطاف بالمغرب " تعتبر هذه الإجراءات والمعلومات لاترقى بنتائج التحريات إلى مستوى الوثوقية ،وطالبت القيام بالتحليلات الأنتربولوجية والتحليلات المقارنة للحمض النووي الريبي .كما أفاد ت أن تبليغ المعلومات إلى أسر المختطفين المتوفين ضحايا الاختفاء القسري و مسار الضحايا منذ اختطافهم إلى وفاتهم وظروف هذه الوفاة ومكانها و الأجهزة المسئولة عنها كان شفهيا وليس بوثيقة مكتوبة.
جبر الضرر الجماعي وحفظ الذاكرة
تم تنصيب هيئة الإنصاف والمصالحة من طرف الملك في 07يناير2004م واشتغلت على انتهاكات حقوق الإنسان في الفترة الممتدة من 1956م إلى 1999م (43سنة)،وقدمت تقريرها النهائي في نونبر2005م .ومن أهم التوصيات التي نص عليها التقرير جبر الضرر،و يتمثل المفهوم العام لجبر الأضرار في مجموع التدابير والإجراءات الرامية إلى إصلاح ما لحق بضحايا انتهاكات حقوق الإنسان من أضرار. وعادة ما تتخذ هذه التدابير والإجراءات أشكالا متعددة ومتنوعة، سواء الشكل الكلاسيكي منها والمتعلق بالتعويض المالي أو أشكال الجبر الأخرى المتمثلة في إعادة التأهيل أو الإدماج أو استرداد الكرامة أو الحقوق المصادرة واسترجاع ما ضاع أو فات لضحايا الانتهاكات وتسوية الأوضاع الوظيفية الإدارية والمالية حيث صرفت التعويضات المالية للمعتقلين وأعيد بعضهم إلى وظائفهم كما هو الشأن بالنسبة للسيد شاري الذي كان يعمل أستاذا للغة الفرنسية . غير أن معتقلي مجموعة بنو هاشم يطالبون في مذكرة مرفوعة لرئيس هيئة الإنصاف والمصالحة بتاريخ 12فبراير 2004م بجملة من المطالب أهمها:
جبر الضرر : وذلك بمراجعة التعويضات وإلحاق السيد محمد الرحوي بسلك التعليم ،وتعويضه على غرار باقي المعتقلين السياسيين المنتمين لهذا القطاع لكونه اجتاز بنجاح مباراة ولوج المركز التربوي الجهوي سنة 1974-1975م ،وتسوية الوضعية الإدارية لعبد الرحمان قونسي المرتبط بعقدة عمل مع الوظيفة العمومية.
الكشف عن الحقيقة: حيث يطالبون بمعرفة كل الحيثيات المحيطة بمعاناتهم والكشف عن المسئولين عن عدم تقديمهم للمحاكمة دون باقي المناضلين من رفاقهم،وتسليمهم نسخا من التقارير التي صيغت في شأنهم طيلة مدة الاختطاف .
الاعتذار: حيث يعتبرونه جزءا من جبر الضرر، ويطالبون باعتذار رسمي من الدولة لما ارتكب في حقهم وفي حق أسرهم ،والنظر في الحكم المؤبد الصادر غيابيا في النضراني والرحوي وبنو هاشم في محاكمة يناير 1977م وهم رهن الإختطاف.
وحسب أعضاء المجموعة فإنه لم تتم الإستجابة لأي من المطالبة السالفة الذكر.
وتحت شعار :"حفظ ذاكرة معتقل أكدز"نظم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بتعاون مع المركز الدولي للعدالة الانتقالية يوما دراسيا بأكدز-إقليم زاكورة , وذلك يوم السبت 31يناير 2009م،بحضور عامل إقليم زاكورة ورئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ورئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج،وممثل مركز العدالة الانتقالية .وتهدف الورشة إلى تبادل وتقاسم التجارب الدولية في مجال حفظ الذاكرة واستكمال بناء مشروع الحفظ الإيجابي لذاكرة معتقل أكدز،وذلك عن طريق عرض تصور مختلف الفاعلين الدوليين والوطنيين والمحليين والمعتقلين السابقين بأكدز المعنيين بالذاكرة المرتبطة بالعنف السياسي واستثمارها لإغناء المقترحات الأولية الخاصة بحفظ ذاكرة المعتقل السري بأكدز.
وتأتي أشغال هذا اليوم الدراسي في إطار تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة لجبر الضرر الجماعي بإنجاز مشاريع تنموية وذلك لرد الاعتبار للمناطق المتضررة من وجود معتقلات سرية أو شهدت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على خلفية أحداث سياسية واجتماعية.
وأكد رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أحمد حرزني أن المجلس يطمح إلى تحقيق "مصالحة تفاعلية وإيجابية مع المكان والتاريخ، ومن خلالهما كافة مكونات المجتمع".
غير أن السيد عبد الاله بنعبد السلام نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يرى أن :( برنامج جبر الضرر لم ينجز منه إلا جزء بسيط فقط،،و أنه لا جديد في الاعتذار الرسمي للدولة،وحتى لا تتكرر الانتهاكات لابد من ضمانات على رأسها الإصلاحات الدستورية ،ومع الأسف مازالت الاختطافات والمحاكمات غير العادلة ،وما تعرض له اليساريون سابقا يتعرض له الإسلاميون حاليا ) .أما ساكنة أكدز فأكدوا على أهمية إنجاح مشاريع جبر الضرر الجماعي للمنطقة وعدم تكرار ما وقع من انتهاكات لحقوق الإنسان .
وحضر الورشة أيضا الخبيرتان:"لوران سيكال"من جنوب إفريقيا وعرضت تجربة بلدها في تحويل مركز للاعتقال الذي كان الزعيم "نلسون مانديلا "و"الماهاتما غاندي "من بين نزلائه ،إلى مركز لحفظ الذاكرة مفتوح في وجه المجتمع وتنظم فيه جولات خاصة لتلاميذ المدارس،ويضم متحفا لمجموعة كبيرة من التحف والوثائق التاريخية والصور الفوتوغرافية والأعمال الفنية التي تمثل سجلا فريدا لتاريخ جنوب اقريقيا وثقافتها خاصة فيما يتعلق بفترة الفصل العنصري والسجن السياسي بجنوب إفريقيا.أما الخبيرة " ماركريتو روميرو" وهي معتقلة سابقة من الشيلي قدمت تجربة الشيلي في تحويل أحد المعتقلات السرية في فترة (1973-1978)بعد الانقلاب العسكري،إلى فضاء مفتوح للأنشطة الثقافية والفنية والانفتاح على كل الفئات بما يحفظ ذاكرة هذا المعتقل.
وبعد عقود من المعاناة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، في الفترة الاستعمارية و في سنوات السبعينات والثمانينات من القرن العشرين وبعد جهود وعمل دؤوب يفتح معتقل أكدز(قصبة الكلاوي) أمام ضحاياه من المعتقلين والسكان لجبر الضرر و للمصالحة مع المكان والضحايا والتاريخ ولحفظ الذاكرة للأجيال القادمة .
sahmads2002@yahoo.fr
........................
ارتبط اسم بلدة "أڭدز" التي تبعد شمالا عن مدينة زاكورة بنحو 92 كيلومترا في الوسط الشرقي للبلاد بمعتقلها السري المعروف لدى الساكنة باسم "سجن الحد" المشيد ما بين سنتي 1948 و1953، إذ أكدت راويات الساكنة أن مجموع المعتقلين بسجن أكدز يصل إلى أكثر من 380 شخصا تتراوح أعمارهم بين الإثنا عشر ربيعا و88 سنة.
زار طاقم "جريدة أكدز الإلكترونية" بلدة أكدز التي تضم اليوم نحو 5 آلاف نسمة، والتقت بمن عاشوا فترة تحول أكدز من بلدة محافظة تاريخية أيام الكلاوي إلى معتقل سياسي سري مؤلم أيام سنوات الألم، ما يزال أهلها يتجرعون مرارة فترات الجمر والرصاص، في سجن أصله أحد قصور التهامي الكلاوي باشا مدينة مراكش وأحد خدام الاستعمار الفرنسي.
شهادات ومعاناة
محمد أيت الرايس (102 سنة) أمغار سابق (مقدم) تحدث عن فترة بناء القصبة التي تحولت إلى معتقل وعن الكيفية ومعاناة المعتقلين بعد أن شغل مهام حارس بها لفترة طويلة، ليتولى ابنه (لحسن) فيما بعد نفس المهمة. يقول في هذا الاتجاه" ممنوعون من الخروج، ممنوعون من الطل على النوافذ، ممنوعون من التجول بعد مغرب كل يوم، ممنوعون.."
أما رقية بوستة (105 سنة) ربة بيت فقالت إن المعتقل يتوفر على بئرين ومنه كانت تسقي الماء وتطبخ به منذ زمن القائد الكلاوي تلبية لرغباته، إذ كان يعاملهن كالخدم.
من تحدثوا ل "جريدة أكدز الإلكترونية" وصفوا أن حالة الاعتقال في زمانها رهيبة، إذ يجبر المعتقلون على البقاء باستمرار في وضعية تابثة إما قعودا أو جلوسا، وكذا معصوبي العينين ومكبلي اليدين، كي لا يعرفوا من أين أتوا؟ وإلى أين سيذهبون؟ بعد أن كان يؤتى بهم في جنح الظلام، قاطعين مئات الكيلومترات حسب روايتها.
وأضافت المتحدثة "لدى ولوجهم المعتقل السري، يضعون الشاحنات مباشرة متلاصقة مع باب المعتقل كي لا يراهم أحد، مع العلم أن الطريق ممنوعة أمام المارة، كما يمنع الصعود إلى سطوح البيوت.
وبحسب الشهادات المتفرقة التي استقتها جريدة أكدز الإلكترونية ، يتم إدخال المعتقلين إلى زنازينهم المغلقة النوافذ التي كانت تعج بالفئران والعقارب، والتي غالبا ما تكون ملوثة لا تدخلها الشمس ولا الهواء، أضف إلى ذلك سوء التغذية وتلوث المياه. كما يمنع على المعتقلين ولوج أماكن النظافة إلا عند نزول ورغبة حراس المعتقل السري.
تعليق الصورة: بقايا من حاجيات الضحايا داخل المعتقل
أما الاستحمام، فلا يكون إلا بعد شهور عديدة، وغالبا ما يكون جماعيا ولوقت وجيز، وهو ما يتسبب في انتقال الأمراض بين المعتقلين القابعين في سجن أكدز، الشيء الذي أدى إلى وفاة العشرات منهم (حوالي 32 حالة) ليدفنوا بالمقبرة المجاورة للمعتقل حسب نفس الشهادات.
وروى أهالي بلدة أكدز أن عملية الدفن تتم ليلا بطريقة سرية، من دون غسل الميت أو تكفينه كما يجب شرعا. وروت السيدة ش.ر أنه في يوم من الأيام مرض لها ابنها، وذهبت به إلى أمها ورأتهم يحملون ميتا في غطاء نوم، عملوا على دفنه بطريقة عشوائية دون علم أو إخبار أقارب المعتقلين، في الوقت الطي تساءلت فيه السيدة كيف يمكن إخبارهم والمعتقلون أنسفهم لا يعرفون المكان الذي يتواجدون به إلا باستخدام ذكائهم، من خلال ما يدور من كلام بين حراس سجن المعتقل السري، خصوصا عند ذكرهم كلمات من قبيل "أكدز" "زاكورة" ورزازات" وعن السوق الأسبوعي، وذلك يوم الخميس عند سماعهم مرور الحمير، لأن الساكنة تعتمد في تنقلها إلى السوق وجلب مستلزماتها على تلك الدابة، أضف إلى ذلك البطائق التي يحملها الحراس أنفسهم.
هويات المعتقلين
حسب الروايات الشفاهية التي استقيناها من المنطقة، وكذا أسماء الموتى الذين شهدناهم في المقبرة المجاورة للمعتقل أمثال "محمد الشيخ أوبا علي" المزداد عام 1964 والمتوفى في 8 رجب 1400 الموافق ل 23 ماي 1980 وما يدل عليه الاسم أنه من الأمازيغ، مع العلم أنه من بين المعتقلين أشخاص من تنغير، خاصة مجموعة 3 مارس الذين تم تحويلهم من معتقل "تاكونيت" إلى معتقل "أكدز"، وكذا مجموعة الأقاليم الجنوبية الصحراوية التي نجد منها "محمد ماء العينين" الراحل في 22 صفر 1397 الموافق ل 12 فبراير 1977.
ساكنة البلدة بين محنتين
نفس الشهادات، تؤكد على أن سكان أكدز عاشوا محنتين. الأولى عند بناء قصر الكلاوي الذي تم بعرق جبين الساكنة، والثانية، عندما تم تحويل هذا القصر أو القصبة إلى معتقل في منتصف السبعينات، هذا الأخير استقبل مئات المعتقلين من مناطق مختلفة
وذكر أحد الساكنة "كنا نعيش في الظلمة بعد الساعة السادسة مساء، فلا ماء ولا كهرباء، إذ كان تيار الكهرباء ينقطع في أوقات محددة، كما انتهكت حرمة النساء".
وفي شهادة أخرى من لدن شخص آخر وهو يؤلف آلام السكان في السبعينيات وبداية الثمانينيات "الناس لم يكونوا يتجرؤون على الصعود إلى سطوح بيوتهم" بحكم أن الساكنة في أيام اشتداد الحر في فصل الصيف يصعدون إلى السطوح بغية التهوية، فقد كان الأمر ممنوعا، وأضاف قائلا "أن أوقات التجوال كانت محدودة"
وإلى جانب هذا، نجد أن مجال التمدرس هو الآخر عانى من غطرسة حكم الكلاوي، يتمثل ذلك من خلال تصريح لأحد مدرسي المنطقة الذي يسكن منطقة "سليم" التي تبعد عن المعتقل بنحو كيلومتر واحد فقط، وكان في تلك الفترة تلميذا. قال "عندما يريد الكلاوي أن يأتي بمعتقلين جدد يتم منعها من الذهاب إلى المنطقة، حيث يتم إغلاق الطريق من جهتيه. والأهم من ذلك أن سكان المنطقة آنذاك، وجراء النظرة الاحتقارية التي كان الكلاوي يوجهها لهم باعتبارهم من العوام (الحراطين) أو ضراوة، تفرض عليهم ضرائب ثقيلة وإجبارية للبناء كما سلف لنظرائهم من الرجال. أما النساء فلم يسلمن بدورهن من تعسفات القائد، إذ نجدهن يسقين الماء في البئر للعمال عند أشغال البناء، كما يعملن في طحن الحبوب، وبصفة عامة، يسعين دائما لتلبية رغبات القائد، إذ في أية مناسبة لديه يتم استدعاؤهن للعب في أحواش رغما عنهن وعن أزواجهن، حتى وإن كان ذلك في غلس الليل.
تعليق الصورة: صورة من الداخل لزنازين مركز الاعتقال
وكما ارتبطت المنطقة بالمعتقل الذي ألحق بها دون إرادتها، زادت من عمق التهميش والإقصاء اللذين عانتهما منذ عقود، إذ بمجرد قولك "أنا من أكدز" مباشرة تلتصق بك الصفة المفعمة بالكراهية خاصة من طرف المناطق التي كان المعتقلون ينحدرون منها، رغم أن ساكنة المنطقة لا يد لهم فيما كان يجري بمعتقلها.
جبر الضرر مطلب آني
تطالب ساكنة أكدز بجبر ضررها الجماعي من خلال حفظ ذاكرة المعتقل السري للمنطقة، وفي الآن نفسه تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة لجبر الضرر الجماعي عبر إنجاز مشاريع تنموية لرد الاعتبار لمنطقة أكدز حسب خلاصات اليوم الدراسي المنظم بالمنطقة مؤخرا.
كما تأسست لجنة من أجل جبر الضرر الذي لحق بالأشخاص ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي، من أجل تأمين عدم تكرار ما جرى ومحو آثار الانتهاكات، ووفي الآن نفسه إعادة الاعتبار لرمزية المنطقة بعد أن ترسخت في الذاكرة الجماعية لأهلها وزائريها بأنها بلدة الاعتقال السياسي، بدل أن تتحول إلى منطقة للتنمية المستدامة على حد قول عبد الحق بوستة ناشط مدني وابن بلدة أكدز.
......................
وأخيرا تنتهي رحلة الاسترجاع المر، ويستعيد الرحوي بعضا من أنفاسه المفقودة، ينتهي عذاب التجول في رحاب الذاكرة، بعد التجول بين ردهات هذا البناء الجميل، الرحوي كان يقبل بكل أريحية مرافقتنا بين جنباته، الرجل متصالح مع المكان، جدرانه التي تذكره بالمر تقول إنه كان هناك في زمن مضى، لكنه لم ينقضي. عاش بعضا من سنوات عمره خلف النسيان. خلف الأسوار العالية فقد بعضا من أعزائه، مثل والده، ولم يحظر جنازتهم، وفي النهاية يقال إن ضرره والمجموعة جبر ببعض الدراهم، مهما كثرت فلن تستطيع أن تطفئ لحظة واحدة من لحظات الأسى وفرص الحياة الضائعة عليهم، اليوم الرحوي عاطل على العمل، يقارب العقد الخامس من عمره، صلابته وحدها من تعينه على تحمل الحياة القاسية.. بعد مغادرة هذا الموت، بواحدة من لفتات القدر الرحيم، وبالكثير من نضالات أبناء البلد الصادقين، ولو إلى حين، عادت المجموعة إلى الناس، إلى الحياة، بكل ما وشم الاعتقال به أجسامهم، وأرواحهم، ومستقبلهم، من أوشام قد لا تنمحي مع الأيام. حصل الرحوي على الإجازة في القانون باللغة الفرنسية، وعمل بعض الوقت في جريدة وطنية حزبية، سرعان ما استغنت عنه بعد أن قذفت بهم إلى مجهول الحياة لأسباب مالية ربما، بدون أي تأهيل نفسي عاد إلى الحياة، عاد إلى الناس وعلى مضض استطاع أن يجد له مكان بينهم، هو والمجموعة يرفضون مناقشة التعويض المادي الذي حصلوا عليه من هيئة الإنصاف والمصالحة، التابعة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان آنذاك، بالنسبة لهم الهيئة لم تنصفهم ولم تجبر ضررهم بعد… قالها لنا بين جدران المعتقل الرهيب: »الذي يوجد اليوم، كما الأمس، هو الضرر فقط.. » المبالغ المالية التي حصلوا عليها تتراوح بين الهزيل والأهزل، لم نسأله، ولم يجبنا، عن حجم الدراهم التي حصل عليها، فواقع الحال أبلغ من كل سؤال ومن كل جواب .. ونجح عبد الناصر بنو هاشم في رسم مسار مهني ناجح بعيدا عن أموال جبر ضرره، حصل على الإجازة في الاقتصاد، وبعد بعض التجارب في الصحافة المكتوبة انتقل إلى العمل في القناة الثانية، حيث وصل به طموحه وتفانيه في العمل إلى الوصول إلى درجة رئيس تحرير، قبل أن يجد نفسه في الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بدرجة مسؤولية إدارية محترمة، بالنسبة له جبر ضرره كان ذاتيا وبمساعدة من الأصدقاء والعائلة، أما أموال الدولة فقد جاءت في فترة لاحقة على كل تلك النجاحات، وكانت حلا نسبيا لبعض المشاكل المادية أساسا، على حد قوله، أما بقية أعضاء المجموعة فكل واحد منهم فعلت به الحياة ما أرادت، وكلهم يعاني من مخلفات الاعتقال وتبعاته على حياتهم الحالية، وغالبا ما ستتضاعف مآسيهم بعد التقاعد من أعمالهم، فالدولة لم تنجح بعد في تسوية مشاكلهم مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.. والأكثر من هذا أن هؤلاء المكلومين في الماضي والحاضر قد يكون هذا حالهم في المستقبل يستدعون أحيانا ليشرحوا للوفود الأجنبية المسيرة الناجحة للدولة المغربية في جبر الضرر. عندما كنا نصور ذلك التحقيق عن معاناة أعضاء مجموعة بنو هاشم في معتقل أكدز، تقاطر علينا بعض من سكان جوار المعتقل، الكل يريد أن يتحدث معنا عن معاناة الساكنة مع هذا المعتقل، هذا يتحدث عن فترة صباه وكيف حرم حتى من حقه الطبيعي في اللعب بالقرب من الفضاء، وذلك يفصل القول في الظروف التي أحاطت باعتقال المجموعة وانعكاسها على الساكنة، يقول أحدهم « كنا نعيش حالة طوارئ حقيقة، بعد السادسة مساء يمنع التجول، وحتى أضواء المنازل لم يكن مسموحا بأن تضاء ليلا، ناهيك عن الحراسة بالتناوب، كان مفروضا علينا أن نقيم دوريات حراسة ليلية تدوم ساعتين كل ليلة، دون مقابل، كانت أعمال سخرة حقيقية، أعادت لنا ذكريات الأجداد مع خليفة القايد الكلاوي في الزمن الماضي.. » تلك الذكريات التي ما تزال عالقة في ذاكرة أحد المسنين من أبناء أكدز القدامى، بأمازيغيته العتيقة والجميلة وطيبوبته الطافحة يقول: » هذا القصر بنيناه مجبرين، كان خليفة الكلاوي بأكدز يجبرنا على العمل فيه بنظام السخرة، بل لقد أجبرنا على اقتلاع أخشاب السقوف من بيوتنا لتشييد قصره »، أما الجار المجاور للمعتقل فقد كان الأقرب إلى تلك الأحداث، لم يخطر بباله وبال السكان يوما أن هذا المكان يأوي أبناء البلد الذين ساقهم حظهم العاثر وظرفية سياسية معينة إلى مدينتهم، يقول: »كان يقال لنا إن المكان يحتوي على أعضاء من جبهة البوليساريو فقط، كان الجنود يعمدون إلى إرهاب السكان حتى لا يقتربوا من المعتقل، كما كانوا يحاولون اغتصاب الفتيات القادمات من المدرسة، لقد كانت الواحدة منهم تأتي إلى بيتها فزعة مرعوبة شاحبة اللون »، تقول إن أحد الجنود طاردها وحاول الاعتداء عليها. أما المنتمون إلى جمعيات المجتمع المدني بالمدينة فيتوجسون خيفة من أن تظلم أكدز للمرة الثانية، فالأولى كانت عندما ارتبط اسمها بهذا الخرق السافر لحقوق الإنسان والمرة الثانية ستكون فيما يعد لها من مشاريع جبر الضرر الجماعي، يقول أحدهم: »لم نستشر في أي من تلك المشاريع، المدينة تعاني من كل النواحي، في قريتنا الكبيرة لا يوجد مستشفى ولادة، النساء الحوامل يفارقن الحياة في الطريق إلى أقرب مستشفى في وارززات والتي لا تبعد إلا 68 كيلومتر جبلية عن أكدز، وهم يدعون إلى جبر الضر: »وعندما نقلنا تلك الاعتراضات إلى ممثلي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كان لهم رأي آخر عندما قال المسؤول عن المكتب »جميع الجمعيات العاملة في أكدز استشيرت في المشاريع التي ستقام في المنطقة، وما ينتظر أكدز، المعتقل والمدينة، يبشر بخير كبير، المعتقل سيتحول إلى فضاء سوسيو- ثقافي، والمدينة بدأت تظهر عليها آثار مشاريع جبر الضرر الجماعي، والآتي أكبر.. » يقول ممثل المجلس بوارززات، لكن ما وقفنا عليه يخالف كل ما قاله.. للإطلاع على الأجزاء الثلاثة: كأس السم الذي شربته مجموعة « بنو هاشم » في معتقل أكدز حقيقة قصر الباشا الكلاوي الذي حوَّل أكدز إلى معتقل رهيب روبرطاج:شريط الرعب الذي يعيشه المغاربة العابرون إلى أكدز
...........................
تقع هذه القصبة في أكذر إقليم زاكورة المتواجد في الجنوب الشرقي
للمغرب و بالضبط بين مدينتي ورزازات و زاكورة السياحيتين ،يحيط بها من كل
جانب جبال أهمها سلسلة الأطلس الصغير سميت أكدزبهده التسمية نسبة أن الكل
كان يرجحها إلى الوظيفة التي كانت تؤديها،حيت أن الاسم حرف من كلمة الكدس
إلى الكذز ،فالكدس في الجدر اللغوي من كدس يكدس تكديسا بمعنى جمع يجمع
تجميعا تجمعا،عدد سكانها 8000 ن غالبيتهم يتكلمون الأمازيغية .
تقع قصبة أكذز المسماة بقصبة « الحد » بين أكذز و أسليم و هي في الأصل عبارة عن ساحة كبيرة توجد بها برك مائية حيت أن الناس كانوا يرمون الأزبال فيها. لكن رغم ذلك فقد جعلتها الساكنة مقر اللعب بما يسمى « بتاقورا « .
سمي « بالحد » لأنه يقام به سوق في يوم الأحد، كما يعتبرساحة يقام بها أحواش ، فمن الناحية الشكل المعماري، فإنها تمتاز بمعمار فريد من نوعه، لكونها مبنية بطريقة محكمة ومزخرفة على الطراز الروماني ،مستطيلة الشكل، مساحتها تقدر 14 كلم مربع، تحتوي على البوابة الرئيسية و على أربعة أبراج، و علو كل واحد يقدر بحوالي12 متر. بالإضافة إلى ستة ساحات و التي تسمى » أرجبي ».
فيما يخص السقف (القصبة)، فقد ثم تسقيفه عن طريق القصب وجذوع النخل حيث تتوفر على أبواب مزخرفة بنقوش ورسوم و نوافذ مقوسة.
تمتاز هذه القصبة المبنية خصوصا بالتراب المدكوك و الحجارة إلى عدة خصائص من بينها:
– تكيفها مع الشروط البيئية والمناخية .
– انصهارها وتكاملها مع المناظرة الطبيعية المحيطة بها
– بساطة و قدم الأساليب المعمارية المستعملة
– تناسق أجزاءها و أحجامها
– الدقة في النقوش و الزخاريف التي تكسوه
ظروف و طريقة بناء القصبة
لقد أمدتني الرواية الشفوية المحلية بأن هذا المكان(القصبة) كان في البداية عبارة عن سوق للقبائل و كان يتسوق فيه يوم الأحد، أما في باقي الأيام فكان عبارة عن مجالا للهو و الترفيه، خاصة الفئة الصغيرة إذ أنهم يتمتعون بلعب لعبة تدعى بتاقورى أو الكرة.
أما طريقة بناءه فقد بني بعرق جبين الساكنة؛ حيث كانت الأشغال مقسمة بين المعلمين، و كان على رأسهم شخص يدعى السي الصديق، وكان لكل معلم خدامه، أما ساعات العمل فكانوا يبدؤون العمل منذ الصباح الباكر إلى حين غروب الشمس، و كان ذلك مصاحبا لمجانية العمل؛ فالعامل لا يتقاضى أجرة مقابل عمله لا نقدا و لا عينا، بل فقط يتضمن التغذية، و ما يفرض على أهل الدواوير تقديم التغذية للمستخدمين، و إن فكر في رفض العمل يلاقي عقاب القايد ( التهامي الكلاوي ).
و من بين ما روي في هذا الصدد أن رجلا أمره القايد بحمل صخرة كبيرة جدا من منطقة تبعد عن منطقة البناء (القصبة) قرابة 30 كيلومتر، فهب الرجل لتلبية لأمر سيده، و نظرا لبعد المسافة فإن المنطق يستدعي وقتا طويلا لإيصال الصخرة. إلا أن القايد لم يكن مقتنعا بذلك المنطق؛ حيث غضب من جراء تأخره، فأمر أعوانه بقتل الرجل بالصخرة نفسها.
تاريخيا:
تحول قصبة أكدز من قصبة ثراتية إلى معتقل سري:
بعد جلاء الاستعمار عن المنطقة، تحولت القصبة إلى معتقل سري غير نظامي و فيه تم إيداع المئات من ضحايا الاختطاف و الاختفاء القسري بين سنتي 1975 و 1984، لكن بعد إحداث مجموعة من التغيرات على القصبة، بما فيها إغلاق مجموعة من الأبواب، مع وضع سلك مشوك كي لا يستطيع أحد الهروب بالإضافة إلى مجموعة من التغيرات داخل الغرف بما فيها تضييقها.
ظروف المعتقلين داخل قصبة أكدز( المعتقل ):
حالة الاعتقال رهيبة و سيئة؛حيث يجبر المعتقلون على البقاء باستمرار في وضعية ثابتة، إما قعودا أو جلوسا، و كذا معصوبي العينين و مكبلي الأيدي، كي لا يعرفوا من أين أتوا و إلى أين سيذهبون. أضف إلى ذلك سوء التغذية و تلوث المياه, و كانت الزنازن مقرا لهم؛ إذ لا يسمح لهم بالذهاب إلى أماكن النظافة، أما الاستحمام فلا يكون إلا بعد شهور عديدة و يكون غالبا جماعيا في وقت وجيز، و هذا ما يتسبب في انتقال الأمراض بينهم، الشيء الذي أدى إلى وفاة العشرات الذين ذفنوا في المقبرة المجاورة للمعتقل؛ حيث أن عملية الدفن تكون بالليل و بطريقة سرية دون غسل الميت.
شكلت قصبة أكدز، إحدى الأعمدة التي شهدت سنوات الجمر و الرصاص؛ إذ احتجز فيها مجموعة من المواطنين الأبرياء الذين يسعون إلى الحرية و الحياة في زمن تحكمه الأموات و ذهبت فيه أرواح لم تدق طعم الحياة.
PAR: MOHAMED MOURABIT
.............................
جمع معتقلين من مختلف المشارب و32 شخصا قضوا داخله
يقول الكتاب إن الواقف أمام مركز الاحتجاز أكدز يجد نفسه أمام إقامة قائدية بمفهومها الذي يحيل على الأبهة والجاه والنفوذ والثروة وجنون العظمة أيضا. وأوضح الكتاب أن الكلاوي انتهى من تشييد قصره الذي تحول إلى معتقل، خلال 1946، إلا أن جراح بنائه مازالت غائرة في نفوس أبناء المنطقة، ممن أجبروا على تعبئة سواعدهم وممتلكاتهم لإرضاء غرور قائد جشع. إنه قصر حسب وصف الكتاب، بكل ما تحمله الكلمة من معنى. تحفة معمارية تعتبر نشازا في وسط سكني بسيط وبئيس يحيط بها.
استأنفت البناية بعد ثلاثين سنة من بنائها، نشاطها ووظيفتها باعتبارها مكانا للعنف الرمزي بالنسبة إلى الجوار والعنف المادي بالنسبة إلى قاطنيها، إذ أعيد تشغيلها ابتداء من 1976 مكانا للاحتجاز والعزل الآدمي، دون أن تكون مكانا سريا بالنسبة إلى سكان المنطقة، خاصة لمن يقطن قريبا منها. لم تكن رهبة المكان، حسب ما جاء في الكتاب، وحدها كافية لدفع السكان المجاورين لقصر الكلاوي بأكدز للنأي بأنفسهم عن تفاصيل ما كان يدور بداخله، بل سرت داخل هذه الأوساط القريبة من المكان، شائعة التخوين في حق المحتجزين لإبعاد أي تعاطف معهم. وسرت شائعة أخرى مفادها أنه يتم تقديم الملح والقطران للمحتجزين للتخلص منهم.
كان المحتجزون في معتقل أكدز مكدسين في زنازين، يقضون معظم حاجاتهم الإنسانية المسموح بها داخلها. المعاناة لم تقتصر على المحتجزين أو الجوار فحسب، بل طالت حتى بعض الحراس أيضا، بعد أن انضم خمسة أفراد من القوات المساعدة إليهم ، صاروا رمزا عقابيا لكل من تسول له نفسه البوح بالسر.
وجاء في الكتاب أن الخوف تراكم وتحول إلى سادية وحقد وغل أفرغه الحراس تنكيلا بالمحتجزين، إذ تفيد شهادة أحد الضحايا أن يوم عيد الأضحى مثلا، كان أحد أعنف وأقسى أيام السنة بالنسبة إليهم، إذ كان يوم تعذيب وإهانة لما اعتبروا مسؤولين عن حرمان الحراس من قضاء يوم العيد بين ذويهم.
يتوزع القصر/ المعتقل، بين ساحتين كبيرتين وثلاثة أجنحة استعملت زنازين. واقتصر فراش المحتجزين على بطانية واحدة يطوي المحتج نصفها أربع أو خمس مرات ليتخذ منها فراشا ويترك النصف المتبقي غطاء. وكانت في البداية، حسب إفادة أحد المحتجزين السابقين بلون العلم الفرنسي. وأفاد الكتاب أن قصر الكلاوي، استعمل مركزا للاحتجاز منذ يناير 1976، تاريخ نقل من بقي على قيد الحياة من المجموعة المعتقلة على اثر أحداث 1973 إليه من مركز تاكونيت، وبينهم امرأة.
واستمر احتجازهم إلى غاية 9 غشت 1977. توفي منهم خلال فترة الاحتجاز خمسة أشخاص، وأفرج عمن تبقى من هذه المجموعة. كما التحق بها نزلاء من مشارب مختلفة، منهم المتحدرون من الأقاليم الجنوبية، وهم الأغلبية سواء من نقلوا إليه من مخافر الشرطة أكادير، أو من درب مولاي الشريف، وبينهم نساء، وتم إيداعهم بمركز أكدز على دفعات.
ويضم الكتاب، شهادة لمحتجز سابق بكل من أكدز وقلعة مكونة يدعى محمد الرحوي، مؤكدا أن الظروف بأكدز أفظع بالنظر للصرامة في التعامل وتضييق هامش الفسحة، خاصة قساوة الطبيعة مع شروط تغذية سيئة، إلى جانب انعدام التدفئة، وقلة الاستفادة من أشعة الشمس والتهوية. وأوضح المحتجز، أن سر الموت السريع بأكدز خلال 1976 بالإضافة إلى سوء التغذية وقلتها، الأواني الصدئة التي كان يقدم فيها الأكل، والضرب والتعذيب والتعنيف الجسدي بمختلف الأدوات وفي أي وقت ولحظة وأخطر هذه الأسباب يتمثل في استشراء داء السل في صفوف المحتجزين نتيجة الرطوبة وقلة التهوية والشمس بالمكان والبرودة التي قد تصل خلال الشتاء إلى أقل من ثلاث درجات تحت الصفر. وتابع الرجل "شاهدنا بأم أعيننا، في هذا المكان الموحش، الموت وهو ينتقي ضحاياه تباعا، كما عايشنا ما لا رأته عين ولا سمعته أذن من أنواع الحشرات وأّلوانها التي قد تبدأ بالصراصير البنفسجية ولا تنتهي بالقمل الأخضر".
وحسب الكتاب دائما، فقد بلغ عدد الذين قضوا بالمركز 32 شخصا، وهو رقم يستدعي الملاحظة والمقارنة، مؤكدا أن قبور المتوفين، تتوزع بين موقعين للدفن داخل مقبرة عمومية، ضم المكان الأول 21 قبرا والثاني 11. وما يلفت الانتباه أن أغلب المتوفين قضوا نحبهم بين 1976 و1977 بسبب عدم القدرة على التأقلم مع قساوة الطبيعة وظروف الاحتجاز. أما الذين ظلوا على قيد الحياة، فتم ترحيلهم إلى قلعة مكونة يوم 23 اكتوبر 1980. وتختلف الروايات حول أسباب هذا الترحيل بين واحدة تزعم أنها كانت بسبب رسومات عثر عليها الحراس تضم تصميما للمركز، وأخرى تعتزم أن السبب يعود إلى تسريبات بوجود المركز الذي لم يعد سريا، أو تربط قرار الترحيل وبتوغل عناصر من مقاتلي جبهة البوليساريو إلى منطقة محاميد الغزلان غير بعيد عن مركز أكدز.
إعداد: إيمان رضيف
........................
رواية "عاصمة الورود" أو تسع سنوات من الاعتقال بين أحضان الشوك
إسماعيل أيت حماد
نشر في هسبريس يوم 18 - 02 - 2009
شهد المغرب بعد الاستقلال أحداثا سياسية واجتماعية مضطربة ،واجهتها الدولة بحملات من القمع في حق الآلاف من الضحايا الذين كان مصيرهم الاختطاف والاختفاء القسري ،وتوفي بعضهم،وظل آخرون مجهولي المصير . ""
وكان المعتقل السري بأكدز سيء الذكر والسمعة،وذائع الصيت وطنيا ودوليا أحد هذه الأماكن التي شهدت انتهاكات جسبمة لحقوق الإنسان خلال سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي كما هو الشأن لمعتقلات :تزمامارت ودرب مولاي الشريف ،قلعة مكونة....وغيرها من الأماكن السرية للاعتقال التي بلغ عددها الثلاثين .
وتناسلت الحكايات عن أبشع صور التعذيب والمعاناة بين أسواره كشفها الناجون من جحيمه خاصة بعد إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة و إدلائهم بشهاداتهم في الإعلام وفي جلسات الاستماع العمومية.
وكان من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة جبر الضرر الفردي للضحايا وجبر الضرر الجماعي لمنطقة أكدز على غرار باقي المناطق التي تضم معتقلات سرية .
وإذا ركز الإعلام والرأي العام الوطني والدولي على الانتهاكات في معتقل أكدز خلال فترة السبعينات والثمانينات ،فإن سكان أكدز يؤرخون لبداية المعاناة والانتهاكات منذ الشروع في تشييده في فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب من طرف أحد أعوان الاستعمار "التهامي الكلاوي" والذي ما يزال في ملكيته.
انتقلنا إلى عين المكان واستمعنا لمعاناة سكان أكدز أثناء أشغال البناء،كما استمعنا لشهادات المعتقلين سابقا ،عن توصيات جبر الضرر الجماعي للمنطقة وتداعياته وحفظ ذاكرة المعتقل نعرض لرأي المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان و الفاعلين من الهيئات الحقوقية وساكنة أكدز .
من قصبة "الكلاوي "إلى معتقل سري :معاناة من أول لبنة
اشتهر في تقارير الجمعيات والمنظمات الحقوقية ب"معتقل أكدز"نسبة إلى المنطقة التي يتواجد فيها ،وهي منطقة آهلة بالسكان بواحة درعة ،تبعد حوالي ب69كلم عن مدينة ورزازات جنوب المغرب .وعرف محليا ب"سجن الحد".وهو في الأصل أحد قصور التهامي الكلاوي باشا مدينة مراكش و أحد أعوان الاستعمار الفرنسي ،وهو عبارة عن قصبة ذات أسوار كبيرة و أبراج عالية شيدت بين سنتي 1948م و1953م ،وذلك قصد تطويق قبائل مزكيطة والحد من قوة القبائل المقاومة للاستعمار ولهذا عرف المعتقل محليا ب"الحد"(أي الحد من نفوذ القبائل ومقاومتها). وتم اختيار المكان لأهميته الإستراتيجية ،باعتباره سوقا قديما لقبائل المنطقة وممرا رئيسيا للقوافل التجارية .
وما زال سكان أكدز الذين عاصروا فترة أشغال البناء يتذكرون حكايات مؤلمة عن معاناتهم والممارسات الاستعمارية في حقهم. فالسيد أ.م(92سنة) رغم كبر سنه فمازال يحتفظ في ذاكرته بمعاناة وتعذيب القبائل المجاورة بشتى أنواعها :من عمل مجاني و إلزامي ومصادرة للممتلكات وحمل لمواد البناء وجذوع النخل عشرات الكلومترات لإيصالها ،وبعد اكتمال أشغال البناء كانت القصبة مقرا لخليفة الباشا الكلاوي حيث تجمع الإتاوات والضرائب ،ووسيلة ببسط النفوذ الاستعماري على قبائل المنطقة بالقوة والقهر.وبهذا تشكل قصبة الكلاوي (المعتقل لاحقا)المعروف محليا ب"الحد" ذاكرة وماض لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلا سنوات الخمسينات من القرن الماضي،ولم يكونوا حينها يدركون أن نفس المكان الذي عانوا منه كثيرا سيعاني منه بعد حوالي عقدين من الزمن مئات الضحايا من مختلف الأعمار والأجناس ومن مناطق نائية ومختلفة ، بعد تحويله إلى معتقل سري رهيب، تبدأ فصول معانات يحكيها الناجون من جحيمه ويبدأ الجميع في مسلسل كشف الحقيقة .
معاناة الاختطاف في السبعينات والثمانينات
بعد جلاء الاستعمار عن المنطقة تحولت القصبة إلى معتقل سري غير نظامي وفيه تم إيداع المئات من ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري بين سنتي 1975م و1984م .وحسب مصدر حقوقي فإن مجموعة 3 مارس في تنغير أول ضحايا هذا المعتقل بعد تحويلهم من تكونيت ،وبعد ذلك مجموعات من الأقاليم الجنوبية الصحراوية وبلغ عددهم حوالي 400 شخص من عدة مدن وأجناس وفئات عمرية متنوعة :رجالا ونساء وأطفال ومنهم عائلات بأكملها أعمارهم تتراوح بين 12 و90سنة.
ومن المعتقلين أيضا مجموعة بنو هاشم في 1977م وهم خمسة طلبة :محمد الرحوي-محمد النضراني-مولاي ادريس لحريزي-عبد الرحمان قونسي وعبد الناصر بنو هاشم، اعتقلوا في الرباط ونقلوا من المركب البوليسي بأكدال إلى أكدز في 05 غشت 1977م وكانت ظروف الاعتقال رهيبة وسيئة للغاية وهي كما يروها المعتقلون اتخذت أشكالا متعددة: حيث يجبر المعتقلون على البقاء باستمرار في وضعية ثابتة، إما قعودا أو جلوسا أو انبطاحا على الأرض أو وقوفا معصوب العينين مقيد اليدين ،ويمنع التواصل والكلام بين المعتقلين.إضافة لسوء التغذية ،كما وكيفا وتلوث المياه وانتشار الفئران والعقارب في زنازن المعتقلين.ولا يسمح بالذهاب إلى أماكن النظافة إلا ناذرا وحسب مزاج الحراس ،أما الاستحمام فلا يتم إلا بعد شهور من الاعتقال.
وكان هذا الوضع يتسبب في معاناة نفسية خاصة للنساء في فترة الحيض ،وانتشر القمل وغيرها من الحشرات المؤذية ،وظهرت العديد من الأمراض بين المعتقلين وأصيب بعضهم بأمراض نفسية وفقدان الذاكرة .
وتسبب عدم تقديم العلاجات الضرورية في الوقت المناسب في العشرات من الوفيات في المعتقل (حوالي 32 حالة وفاة ) دفنوا في المقبرة المجاورة للمعتقل ،وكانت عملية الدفن تتم ليلا وبطريقة سرية دون علم أو إخبار أقارب المتوفين .
وحسب شهادات كثيرة ومتطابقة للسكان المجاورون للمعتقل فإنه يتم غلق كل الطرقات والمنافذ المجاورة للمعتقل ويمنع المرور والتجول مما يثير الخوف والرعب لدى السكان الذين شبه أحدهم الوضع بأن السكان معتقلون خارج المعتقل وذلك لشدة الإجراءات الأمنية حتى في واضحة النهار.وضربت سرية شديدة عن معتقل أكدز ،فسكان المنطقة لا يعلمون هوية المحتجزين ويجهلون ما يقع داخل الأسوار العالية، ولا المعتقلون يدركون في أي مكان في الدنيا يتواجدون بعدما يدخلون المعتقل في جنح الظلام وداخل شاحنات مغطاة بإحكام ،قطعت بهم مئات الكيلومترات ولعشرات الساعات ،غير أن المعتقلين بفطنتهم – كما يروي أحدهم- استطاعوا فك لغز المكان المجهول والسري لاحتجازهم رغم انقطاعهم التام عن العالم الخارجي ،وذلك من خلا ل حديث الحراس عن "أكدز" و"ورزازات" و"زاكورة" و عن السوق الأسبوعي يوم الخميس...وغيرها من القرائن التي تدل على "أكدز " الذي لم يسبق لهم أي علم به من قبل،وفي إحدى الروايات أن أحد الممرضين دخل لمعاينة الحالة الصحية للمعتقلين فلاحظوا أن الورقة التي يحملها الممرض تدل على المركز الصحي بجماعة أكدز –عمالة ورزازات (في ذلك الوقت) وهذه الرواية أكد صحتها السيد محمد النضراني المعتقل السابق ضمن مجموعة بنو هاشم بأكدز.وكان تجميع كل هذه المعطيات وغيرها من القرائن مكن المعتقلين من تحطيم جدار السرية والمجهول وهو ما تعزز بعد عملية الإفراج والتقاء مختلف المجموعات التي مرت من المعتقل.
وظلت عشرات العائلات تجهل مصير ذويهم المتوفين في معتقل أكدز لعشرات السنين ،وبعد إدلاء بعض الناجين بشهاداتهم ،كما ورد في شهادة السيد شاري الحو من مدينة كلميمة أثناء حديثة في جلسات الاستماع العمومية التي نظمتها هيئة الإنصاف والمصالحة ونقلتها وسائل الإعلام ، حيث أفاد بوفاة اثنين من رفاقه خلال فترة اعتقالهم بأكدز . وقد اعتمدت هذه الشهادات ومعطيات مقدمة من طرف السلطة المركزية والوثائق المتوفرة لدى السلطات الإقليمية وشهادات تقدم بها موظفون سابقون عاينوا ظروف الوفاة والدفن لتحديد هوية العشرات من قبور المعتقلين الذين دفنوا في المقبرة المجاورة للمعتقل .غير أن" لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختطاف بالمغرب " تعتبر هذه الإجراءات والمعلومات لاترقى بنتائج التحريات إلى مستوى الوثوقية ،وطالبت القيام بالتحليلات الأنتربولوجية والتحليلات المقارنة للحمض النووي الريبي .كما أفاد ت أن تبليغ المعلومات إلى أسر المختطفين المتوفين ضحايا الاختفاء القسري و مسار الضحايا منذ اختطافهم إلى وفاتهم وظروف هذه الوفاة ومكانها و الأجهزة المسئولة عنها كان شفهيا وليس بوثيقة مكتوبة.
جبر الضرر الجماعي وحفظ الذاكرة
تم تنصيب هيئة الإنصاف والمصالحة من طرف الملك في 07يناير2004م واشتغلت على انتهاكات حقوق الإنسان في الفترة الممتدة من 1956م إلى 1999م (43سنة)،وقدمت تقريرها النهائي في نونبر2005م .ومن أهم التوصيات التي نص عليها التقرير جبر الضرر،و يتمثل المفهوم العام لجبر الأضرار في مجموع التدابير والإجراءات الرامية إلى إصلاح ما لحق بضحايا انتهاكات حقوق الإنسان من أضرار. وعادة ما تتخذ هذه التدابير والإجراءات أشكالا متعددة ومتنوعة، سواء الشكل الكلاسيكي منها والمتعلق بالتعويض المالي أو أشكال الجبر الأخرى المتمثلة في إعادة التأهيل أو الإدماج أو استرداد الكرامة أو الحقوق المصادرة واسترجاع ما ضاع أو فات لضحايا الانتهاكات وتسوية الأوضاع الوظيفية الإدارية والمالية حيث صرفت التعويضات المالية للمعتقلين وأعيد بعضهم إلى وظائفهم كما هو الشأن بالنسبة للسيد شاري الذي كان يعمل أستاذا للغة الفرنسية . غير أن معتقلي مجموعة بنو هاشم يطالبون في مذكرة مرفوعة لرئيس هيئة الإنصاف والمصالحة بتاريخ 12فبراير 2004م بجملة من المطالب أهمها:
جبر الضرر : وذلك بمراجعة التعويضات وإلحاق السيد محمد الرحوي بسلك التعليم ،وتعويضه على غرار باقي المعتقلين السياسيين المنتمين لهذا القطاع لكونه اجتاز بنجاح مباراة ولوج المركز التربوي الجهوي سنة 1974-1975م ،وتسوية الوضعية الإدارية لعبد الرحمان قونسي المرتبط بعقدة عمل مع الوظيفة العمومية.
الكشف عن الحقيقة: حيث يطالبون بمعرفة كل الحيثيات المحيطة بمعاناتهم والكشف عن المسئولين عن عدم تقديمهم للمحاكمة دون باقي المناضلين من رفاقهم،وتسليمهم نسخا من التقارير التي صيغت في شأنهم طيلة مدة الاختطاف .
الاعتذار: حيث يعتبرونه جزءا من جبر الضرر، ويطالبون باعتذار رسمي من الدولة لما ارتكب في حقهم وفي حق أسرهم ،والنظر في الحكم المؤبد الصادر غيابيا في النضراني والرحوي وبنو هاشم في محاكمة يناير 1977م وهم رهن الإختطاف.
وحسب أعضاء المجموعة فإنه لم تتم الإستجابة لأي من المطالبة السالفة الذكر.
وتحت شعار :"حفظ ذاكرة معتقل أكدز"نظم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بتعاون مع المركز الدولي للعدالة الانتقالية يوما دراسيا بأكدز-إقليم زاكورة , وذلك يوم السبت 31يناير 2009م،بحضور عامل إقليم زاكورة ورئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ورئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج،وممثل مركز العدالة الانتقالية .وتهدف الورشة إلى تبادل وتقاسم التجارب الدولية في مجال حفظ الذاكرة واستكمال بناء مشروع الحفظ الإيجابي لذاكرة معتقل أكدز،وذلك عن طريق عرض تصور مختلف الفاعلين الدوليين والوطنيين والمحليين والمعتقلين السابقين بأكدز المعنيين بالذاكرة المرتبطة بالعنف السياسي واستثمارها لإغناء المقترحات الأولية الخاصة بحفظ ذاكرة المعتقل السري بأكدز.
وتأتي أشغال هذا اليوم الدراسي في إطار تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة لجبر الضرر الجماعي بإنجاز مشاريع تنموية وذلك لرد الاعتبار للمناطق المتضررة من وجود معتقلات سرية أو شهدت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على خلفية أحداث سياسية واجتماعية.
وأكد رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أحمد حرزني أن المجلس يطمح إلى تحقيق "مصالحة تفاعلية وإيجابية مع المكان والتاريخ، ومن خلالهما كافة مكونات المجتمع".
غير أن السيد عبد الاله بنعبد السلام نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يرى أن :( برنامج جبر الضرر لم ينجز منه إلا جزء بسيط فقط،،و أنه لا جديد في الاعتذار الرسمي للدولة،وحتى لا تتكرر الانتهاكات لابد من ضمانات على رأسها الإصلاحات الدستورية ،ومع الأسف مازالت الاختطافات والمحاكمات غير العادلة ،وما تعرض له اليساريون سابقا يتعرض له الإسلاميون حاليا ) .أما ساكنة أكدز فأكدوا على أهمية إنجاح مشاريع جبر الضرر الجماعي للمنطقة وعدم تكرار ما وقع من انتهاكات لحقوق الإنسان .
وحضر الورشة أيضا الخبيرتان:"لوران سيكال"من جنوب إفريقيا وعرضت تجربة بلدها في تحويل مركز للاعتقال الذي كان الزعيم "نلسون مانديلا "و"الماهاتما غاندي "من بين نزلائه ،إلى مركز لحفظ الذاكرة مفتوح في وجه المجتمع وتنظم فيه جولات خاصة لتلاميذ المدارس،ويضم متحفا لمجموعة كبيرة من التحف والوثائق التاريخية والصور الفوتوغرافية والأعمال الفنية التي تمثل سجلا فريدا لتاريخ جنوب اقريقيا وثقافتها خاصة فيما يتعلق بفترة الفصل العنصري والسجن السياسي بجنوب إفريقيا.أما الخبيرة " ماركريتو روميرو" وهي معتقلة سابقة من الشيلي قدمت تجربة الشيلي في تحويل أحد المعتقلات السرية في فترة (1973-1978)بعد الانقلاب العسكري،إلى فضاء مفتوح للأنشطة الثقافية والفنية والانفتاح على كل الفئات بما يحفظ ذاكرة هذا المعتقل.
وبعد عقود من المعاناة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، في الفترة الاستعمارية و في سنوات السبعينات والثمانينات من القرن العشرين وبعد جهود وعمل دؤوب يفتح معتقل أكدز(قصبة الكلاوي) أمام ضحاياه من المعتقلين والسكان لجبر الضرر و للمصالحة مع المكان والضحايا والتاريخ ولحفظ الذاكرة للأجيال القادمة .
sahmads2002@yahoo.fr
........................
أكدز:شهادات المعتقل السري بأكدز ومعاناة الساكنة (+ صور)
"
"
جريدة أكدزالإلكترونية "
أكدز:شهادات المعتقل السري بأكدز ومعاناة الساكنة (+ صور)
ارتبط اسم بلدة "أڭدز" التي تبعد شمالا عن مدينة زاكورة بنحو 92 كيلومترا في الوسط الشرقي للبلاد بمعتقلها السري المعروف لدى الساكنة باسم "سجن الحد" المشيد ما بين سنتي 1948 و1953، إذ أكدت راويات الساكنة أن مجموع المعتقلين بسجن أكدز يصل إلى أكثر من 380 شخصا تتراوح أعمارهم بين الإثنا عشر ربيعا و88 سنة.
زار طاقم "جريدة أكدز الإلكترونية" بلدة أكدز التي تضم اليوم نحو 5 آلاف نسمة، والتقت بمن عاشوا فترة تحول أكدز من بلدة محافظة تاريخية أيام الكلاوي إلى معتقل سياسي سري مؤلم أيام سنوات الألم، ما يزال أهلها يتجرعون مرارة فترات الجمر والرصاص، في سجن أصله أحد قصور التهامي الكلاوي باشا مدينة مراكش وأحد خدام الاستعمار الفرنسي.
شهادات ومعاناة
محمد أيت الرايس (102 سنة) أمغار سابق (مقدم) تحدث عن فترة بناء القصبة التي تحولت إلى معتقل وعن الكيفية ومعاناة المعتقلين بعد أن شغل مهام حارس بها لفترة طويلة، ليتولى ابنه (لحسن) فيما بعد نفس المهمة. يقول في هذا الاتجاه" ممنوعون من الخروج، ممنوعون من الطل على النوافذ، ممنوعون من التجول بعد مغرب كل يوم، ممنوعون.."
أما رقية بوستة (105 سنة) ربة بيت فقالت إن المعتقل يتوفر على بئرين ومنه كانت تسقي الماء وتطبخ به منذ زمن القائد الكلاوي تلبية لرغباته، إذ كان يعاملهن كالخدم.
من تحدثوا ل "جريدة أكدز الإلكترونية" وصفوا أن حالة الاعتقال في زمانها رهيبة، إذ يجبر المعتقلون على البقاء باستمرار في وضعية تابثة إما قعودا أو جلوسا، وكذا معصوبي العينين ومكبلي اليدين، كي لا يعرفوا من أين أتوا؟ وإلى أين سيذهبون؟ بعد أن كان يؤتى بهم في جنح الظلام، قاطعين مئات الكيلومترات حسب روايتها.
وأضافت المتحدثة "لدى ولوجهم المعتقل السري، يضعون الشاحنات مباشرة متلاصقة مع باب المعتقل كي لا يراهم أحد، مع العلم أن الطريق ممنوعة أمام المارة، كما يمنع الصعود إلى سطوح البيوت.
وبحسب الشهادات المتفرقة التي استقتها جريدة أكدز الإلكترونية ، يتم إدخال المعتقلين إلى زنازينهم المغلقة النوافذ التي كانت تعج بالفئران والعقارب، والتي غالبا ما تكون ملوثة لا تدخلها الشمس ولا الهواء، أضف إلى ذلك سوء التغذية وتلوث المياه. كما يمنع على المعتقلين ولوج أماكن النظافة إلا عند نزول ورغبة حراس المعتقل السري.
تعليق الصورة: بقايا من حاجيات الضحايا داخل المعتقل
أما الاستحمام، فلا يكون إلا بعد شهور عديدة، وغالبا ما يكون جماعيا ولوقت وجيز، وهو ما يتسبب في انتقال الأمراض بين المعتقلين القابعين في سجن أكدز، الشيء الذي أدى إلى وفاة العشرات منهم (حوالي 32 حالة) ليدفنوا بالمقبرة المجاورة للمعتقل حسب نفس الشهادات.
وروى أهالي بلدة أكدز أن عملية الدفن تتم ليلا بطريقة سرية، من دون غسل الميت أو تكفينه كما يجب شرعا. وروت السيدة ش.ر أنه في يوم من الأيام مرض لها ابنها، وذهبت به إلى أمها ورأتهم يحملون ميتا في غطاء نوم، عملوا على دفنه بطريقة عشوائية دون علم أو إخبار أقارب المعتقلين، في الوقت الطي تساءلت فيه السيدة كيف يمكن إخبارهم والمعتقلون أنسفهم لا يعرفون المكان الذي يتواجدون به إلا باستخدام ذكائهم، من خلال ما يدور من كلام بين حراس سجن المعتقل السري، خصوصا عند ذكرهم كلمات من قبيل "أكدز" "زاكورة" ورزازات" وعن السوق الأسبوعي، وذلك يوم الخميس عند سماعهم مرور الحمير، لأن الساكنة تعتمد في تنقلها إلى السوق وجلب مستلزماتها على تلك الدابة، أضف إلى ذلك البطائق التي يحملها الحراس أنفسهم.
هويات المعتقلين
حسب الروايات الشفاهية التي استقيناها من المنطقة، وكذا أسماء الموتى الذين شهدناهم في المقبرة المجاورة للمعتقل أمثال "محمد الشيخ أوبا علي" المزداد عام 1964 والمتوفى في 8 رجب 1400 الموافق ل 23 ماي 1980 وما يدل عليه الاسم أنه من الأمازيغ، مع العلم أنه من بين المعتقلين أشخاص من تنغير، خاصة مجموعة 3 مارس الذين تم تحويلهم من معتقل "تاكونيت" إلى معتقل "أكدز"، وكذا مجموعة الأقاليم الجنوبية الصحراوية التي نجد منها "محمد ماء العينين" الراحل في 22 صفر 1397 الموافق ل 12 فبراير 1977.
ساكنة البلدة بين محنتين
نفس الشهادات، تؤكد على أن سكان أكدز عاشوا محنتين. الأولى عند بناء قصر الكلاوي الذي تم بعرق جبين الساكنة، والثانية، عندما تم تحويل هذا القصر أو القصبة إلى معتقل في منتصف السبعينات، هذا الأخير استقبل مئات المعتقلين من مناطق مختلفة
وذكر أحد الساكنة "كنا نعيش في الظلمة بعد الساعة السادسة مساء، فلا ماء ولا كهرباء، إذ كان تيار الكهرباء ينقطع في أوقات محددة، كما انتهكت حرمة النساء".
وفي شهادة أخرى من لدن شخص آخر وهو يؤلف آلام السكان في السبعينيات وبداية الثمانينيات "الناس لم يكونوا يتجرؤون على الصعود إلى سطوح بيوتهم" بحكم أن الساكنة في أيام اشتداد الحر في فصل الصيف يصعدون إلى السطوح بغية التهوية، فقد كان الأمر ممنوعا، وأضاف قائلا "أن أوقات التجوال كانت محدودة"
وإلى جانب هذا، نجد أن مجال التمدرس هو الآخر عانى من غطرسة حكم الكلاوي، يتمثل ذلك من خلال تصريح لأحد مدرسي المنطقة الذي يسكن منطقة "سليم" التي تبعد عن المعتقل بنحو كيلومتر واحد فقط، وكان في تلك الفترة تلميذا. قال "عندما يريد الكلاوي أن يأتي بمعتقلين جدد يتم منعها من الذهاب إلى المنطقة، حيث يتم إغلاق الطريق من جهتيه. والأهم من ذلك أن سكان المنطقة آنذاك، وجراء النظرة الاحتقارية التي كان الكلاوي يوجهها لهم باعتبارهم من العوام (الحراطين) أو ضراوة، تفرض عليهم ضرائب ثقيلة وإجبارية للبناء كما سلف لنظرائهم من الرجال. أما النساء فلم يسلمن بدورهن من تعسفات القائد، إذ نجدهن يسقين الماء في البئر للعمال عند أشغال البناء، كما يعملن في طحن الحبوب، وبصفة عامة، يسعين دائما لتلبية رغبات القائد، إذ في أية مناسبة لديه يتم استدعاؤهن للعب في أحواش رغما عنهن وعن أزواجهن، حتى وإن كان ذلك في غلس الليل.
تعليق الصورة: صورة من الداخل لزنازين مركز الاعتقال
وكما ارتبطت المنطقة بالمعتقل الذي ألحق بها دون إرادتها، زادت من عمق التهميش والإقصاء اللذين عانتهما منذ عقود، إذ بمجرد قولك "أنا من أكدز" مباشرة تلتصق بك الصفة المفعمة بالكراهية خاصة من طرف المناطق التي كان المعتقلون ينحدرون منها، رغم أن ساكنة المنطقة لا يد لهم فيما كان يجري بمعتقلها.
جبر الضرر مطلب آني
تطالب ساكنة أكدز بجبر ضررها الجماعي من خلال حفظ ذاكرة المعتقل السري للمنطقة، وفي الآن نفسه تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة لجبر الضرر الجماعي عبر إنجاز مشاريع تنموية لرد الاعتبار لمنطقة أكدز حسب خلاصات اليوم الدراسي المنظم بالمنطقة مؤخرا.
كما تأسست لجنة من أجل جبر الضرر الذي لحق بالأشخاص ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي، من أجل تأمين عدم تكرار ما جرى ومحو آثار الانتهاكات، ووفي الآن نفسه إعادة الاعتبار لرمزية المنطقة بعد أن ترسخت في الذاكرة الجماعية لأهلها وزائريها بأنها بلدة الاعتقال السياسي، بدل أن تتحول إلى منطقة للتنمية المستدامة على حد قول عبد الحق بوستة ناشط مدني وابن بلدة أكدز.
......................
انفراد:هكذا كان يمنع التجول مساء وتمنع الأضواء ليلا في محيط المعتقل السري أكدز
- هيئة التحرير
- كتب يوم الأربعاء 24 سبتمبر 2014 م على الساعة 3:52
معلومات عن الصورة : صورة ارشيفية
الرحوي المعتقل السابق في أكدزوأخيرا تنتهي رحلة الاسترجاع المر، ويستعيد الرحوي بعضا من أنفاسه المفقودة، ينتهي عذاب التجول في رحاب الذاكرة، بعد التجول بين ردهات هذا البناء الجميل، الرحوي كان يقبل بكل أريحية مرافقتنا بين جنباته، الرجل متصالح مع المكان، جدرانه التي تذكره بالمر تقول إنه كان هناك في زمن مضى، لكنه لم ينقضي. عاش بعضا من سنوات عمره خلف النسيان. خلف الأسوار العالية فقد بعضا من أعزائه، مثل والده، ولم يحظر جنازتهم، وفي النهاية يقال إن ضرره والمجموعة جبر ببعض الدراهم، مهما كثرت فلن تستطيع أن تطفئ لحظة واحدة من لحظات الأسى وفرص الحياة الضائعة عليهم، اليوم الرحوي عاطل على العمل، يقارب العقد الخامس من عمره، صلابته وحدها من تعينه على تحمل الحياة القاسية.. بعد مغادرة هذا الموت، بواحدة من لفتات القدر الرحيم، وبالكثير من نضالات أبناء البلد الصادقين، ولو إلى حين، عادت المجموعة إلى الناس، إلى الحياة، بكل ما وشم الاعتقال به أجسامهم، وأرواحهم، ومستقبلهم، من أوشام قد لا تنمحي مع الأيام. حصل الرحوي على الإجازة في القانون باللغة الفرنسية، وعمل بعض الوقت في جريدة وطنية حزبية، سرعان ما استغنت عنه بعد أن قذفت بهم إلى مجهول الحياة لأسباب مالية ربما، بدون أي تأهيل نفسي عاد إلى الحياة، عاد إلى الناس وعلى مضض استطاع أن يجد له مكان بينهم، هو والمجموعة يرفضون مناقشة التعويض المادي الذي حصلوا عليه من هيئة الإنصاف والمصالحة، التابعة للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان آنذاك، بالنسبة لهم الهيئة لم تنصفهم ولم تجبر ضررهم بعد… قالها لنا بين جدران المعتقل الرهيب: »الذي يوجد اليوم، كما الأمس، هو الضرر فقط.. » المبالغ المالية التي حصلوا عليها تتراوح بين الهزيل والأهزل، لم نسأله، ولم يجبنا، عن حجم الدراهم التي حصل عليها، فواقع الحال أبلغ من كل سؤال ومن كل جواب .. ونجح عبد الناصر بنو هاشم في رسم مسار مهني ناجح بعيدا عن أموال جبر ضرره، حصل على الإجازة في الاقتصاد، وبعد بعض التجارب في الصحافة المكتوبة انتقل إلى العمل في القناة الثانية، حيث وصل به طموحه وتفانيه في العمل إلى الوصول إلى درجة رئيس تحرير، قبل أن يجد نفسه في الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بدرجة مسؤولية إدارية محترمة، بالنسبة له جبر ضرره كان ذاتيا وبمساعدة من الأصدقاء والعائلة، أما أموال الدولة فقد جاءت في فترة لاحقة على كل تلك النجاحات، وكانت حلا نسبيا لبعض المشاكل المادية أساسا، على حد قوله، أما بقية أعضاء المجموعة فكل واحد منهم فعلت به الحياة ما أرادت، وكلهم يعاني من مخلفات الاعتقال وتبعاته على حياتهم الحالية، وغالبا ما ستتضاعف مآسيهم بعد التقاعد من أعمالهم، فالدولة لم تنجح بعد في تسوية مشاكلهم مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.. والأكثر من هذا أن هؤلاء المكلومين في الماضي والحاضر قد يكون هذا حالهم في المستقبل يستدعون أحيانا ليشرحوا للوفود الأجنبية المسيرة الناجحة للدولة المغربية في جبر الضرر. عندما كنا نصور ذلك التحقيق عن معاناة أعضاء مجموعة بنو هاشم في معتقل أكدز، تقاطر علينا بعض من سكان جوار المعتقل، الكل يريد أن يتحدث معنا عن معاناة الساكنة مع هذا المعتقل، هذا يتحدث عن فترة صباه وكيف حرم حتى من حقه الطبيعي في اللعب بالقرب من الفضاء، وذلك يفصل القول في الظروف التي أحاطت باعتقال المجموعة وانعكاسها على الساكنة، يقول أحدهم « كنا نعيش حالة طوارئ حقيقة، بعد السادسة مساء يمنع التجول، وحتى أضواء المنازل لم يكن مسموحا بأن تضاء ليلا، ناهيك عن الحراسة بالتناوب، كان مفروضا علينا أن نقيم دوريات حراسة ليلية تدوم ساعتين كل ليلة، دون مقابل، كانت أعمال سخرة حقيقية، أعادت لنا ذكريات الأجداد مع خليفة القايد الكلاوي في الزمن الماضي.. » تلك الذكريات التي ما تزال عالقة في ذاكرة أحد المسنين من أبناء أكدز القدامى، بأمازيغيته العتيقة والجميلة وطيبوبته الطافحة يقول: » هذا القصر بنيناه مجبرين، كان خليفة الكلاوي بأكدز يجبرنا على العمل فيه بنظام السخرة، بل لقد أجبرنا على اقتلاع أخشاب السقوف من بيوتنا لتشييد قصره »، أما الجار المجاور للمعتقل فقد كان الأقرب إلى تلك الأحداث، لم يخطر بباله وبال السكان يوما أن هذا المكان يأوي أبناء البلد الذين ساقهم حظهم العاثر وظرفية سياسية معينة إلى مدينتهم، يقول: »كان يقال لنا إن المكان يحتوي على أعضاء من جبهة البوليساريو فقط، كان الجنود يعمدون إلى إرهاب السكان حتى لا يقتربوا من المعتقل، كما كانوا يحاولون اغتصاب الفتيات القادمات من المدرسة، لقد كانت الواحدة منهم تأتي إلى بيتها فزعة مرعوبة شاحبة اللون »، تقول إن أحد الجنود طاردها وحاول الاعتداء عليها. أما المنتمون إلى جمعيات المجتمع المدني بالمدينة فيتوجسون خيفة من أن تظلم أكدز للمرة الثانية، فالأولى كانت عندما ارتبط اسمها بهذا الخرق السافر لحقوق الإنسان والمرة الثانية ستكون فيما يعد لها من مشاريع جبر الضرر الجماعي، يقول أحدهم: »لم نستشر في أي من تلك المشاريع، المدينة تعاني من كل النواحي، في قريتنا الكبيرة لا يوجد مستشفى ولادة، النساء الحوامل يفارقن الحياة في الطريق إلى أقرب مستشفى في وارززات والتي لا تبعد إلا 68 كيلومتر جبلية عن أكدز، وهم يدعون إلى جبر الضر: »وعندما نقلنا تلك الاعتراضات إلى ممثلي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كان لهم رأي آخر عندما قال المسؤول عن المكتب »جميع الجمعيات العاملة في أكدز استشيرت في المشاريع التي ستقام في المنطقة، وما ينتظر أكدز، المعتقل والمدينة، يبشر بخير كبير، المعتقل سيتحول إلى فضاء سوسيو- ثقافي، والمدينة بدأت تظهر عليها آثار مشاريع جبر الضرر الجماعي، والآتي أكبر.. » يقول ممثل المجلس بوارززات، لكن ما وقفنا عليه يخالف كل ما قاله.. للإطلاع على الأجزاء الثلاثة: كأس السم الذي شربته مجموعة « بنو هاشم » في معتقل أكدز حقيقة قصر الباشا الكلاوي الذي حوَّل أكدز إلى معتقل رهيب روبرطاج:شريط الرعب الذي يعيشه المغاربة العابرون إلى أكدز
...........................
قصبة أكدز: من قصبة ثراتية إلى معتقل سري
تقع قصبة أكذز المسماة بقصبة « الحد » بين أكذز و أسليم و هي في الأصل عبارة عن ساحة كبيرة توجد بها برك مائية حيت أن الناس كانوا يرمون الأزبال فيها. لكن رغم ذلك فقد جعلتها الساكنة مقر اللعب بما يسمى « بتاقورا « .
سمي « بالحد » لأنه يقام به سوق في يوم الأحد، كما يعتبرساحة يقام بها أحواش ، فمن الناحية الشكل المعماري، فإنها تمتاز بمعمار فريد من نوعه، لكونها مبنية بطريقة محكمة ومزخرفة على الطراز الروماني ،مستطيلة الشكل، مساحتها تقدر 14 كلم مربع، تحتوي على البوابة الرئيسية و على أربعة أبراج، و علو كل واحد يقدر بحوالي12 متر. بالإضافة إلى ستة ساحات و التي تسمى » أرجبي ».
فيما يخص السقف (القصبة)، فقد ثم تسقيفه عن طريق القصب وجذوع النخل حيث تتوفر على أبواب مزخرفة بنقوش ورسوم و نوافذ مقوسة.
تمتاز هذه القصبة المبنية خصوصا بالتراب المدكوك و الحجارة إلى عدة خصائص من بينها:
– تكيفها مع الشروط البيئية والمناخية .
– انصهارها وتكاملها مع المناظرة الطبيعية المحيطة بها
– بساطة و قدم الأساليب المعمارية المستعملة
– تناسق أجزاءها و أحجامها
– الدقة في النقوش و الزخاريف التي تكسوه
ظروف و طريقة بناء القصبة
لقد أمدتني الرواية الشفوية المحلية بأن هذا المكان(القصبة) كان في البداية عبارة عن سوق للقبائل و كان يتسوق فيه يوم الأحد، أما في باقي الأيام فكان عبارة عن مجالا للهو و الترفيه، خاصة الفئة الصغيرة إذ أنهم يتمتعون بلعب لعبة تدعى بتاقورى أو الكرة.
أما طريقة بناءه فقد بني بعرق جبين الساكنة؛ حيث كانت الأشغال مقسمة بين المعلمين، و كان على رأسهم شخص يدعى السي الصديق، وكان لكل معلم خدامه، أما ساعات العمل فكانوا يبدؤون العمل منذ الصباح الباكر إلى حين غروب الشمس، و كان ذلك مصاحبا لمجانية العمل؛ فالعامل لا يتقاضى أجرة مقابل عمله لا نقدا و لا عينا، بل فقط يتضمن التغذية، و ما يفرض على أهل الدواوير تقديم التغذية للمستخدمين، و إن فكر في رفض العمل يلاقي عقاب القايد ( التهامي الكلاوي ).
و من بين ما روي في هذا الصدد أن رجلا أمره القايد بحمل صخرة كبيرة جدا من منطقة تبعد عن منطقة البناء (القصبة) قرابة 30 كيلومتر، فهب الرجل لتلبية لأمر سيده، و نظرا لبعد المسافة فإن المنطق يستدعي وقتا طويلا لإيصال الصخرة. إلا أن القايد لم يكن مقتنعا بذلك المنطق؛ حيث غضب من جراء تأخره، فأمر أعوانه بقتل الرجل بالصخرة نفسها.
تاريخيا:
تحول قصبة أكدز من قصبة ثراتية إلى معتقل سري:
بعد جلاء الاستعمار عن المنطقة، تحولت القصبة إلى معتقل سري غير نظامي و فيه تم إيداع المئات من ضحايا الاختطاف و الاختفاء القسري بين سنتي 1975 و 1984، لكن بعد إحداث مجموعة من التغيرات على القصبة، بما فيها إغلاق مجموعة من الأبواب، مع وضع سلك مشوك كي لا يستطيع أحد الهروب بالإضافة إلى مجموعة من التغيرات داخل الغرف بما فيها تضييقها.
ظروف المعتقلين داخل قصبة أكدز( المعتقل ):
حالة الاعتقال رهيبة و سيئة؛حيث يجبر المعتقلون على البقاء باستمرار في وضعية ثابتة، إما قعودا أو جلوسا، و كذا معصوبي العينين و مكبلي الأيدي، كي لا يعرفوا من أين أتوا و إلى أين سيذهبون. أضف إلى ذلك سوء التغذية و تلوث المياه, و كانت الزنازن مقرا لهم؛ إذ لا يسمح لهم بالذهاب إلى أماكن النظافة، أما الاستحمام فلا يكون إلا بعد شهور عديدة و يكون غالبا جماعيا في وقت وجيز، و هذا ما يتسبب في انتقال الأمراض بينهم، الشيء الذي أدى إلى وفاة العشرات الذين ذفنوا في المقبرة المجاورة للمعتقل؛ حيث أن عملية الدفن تكون بالليل و بطريقة سرية دون غسل الميت.
شكلت قصبة أكدز، إحدى الأعمدة التي شهدت سنوات الجمر و الرصاص؛ إذ احتجز فيها مجموعة من المواطنين الأبرياء الذين يسعون إلى الحرية و الحياة في زمن تحكمه الأموات و ذهبت فيه أرواح لم تدق طعم الحياة.
PAR: MOHAMED MOURABIT
.............................
ذاكرة المعتقلات السرية 2 معتقل أكدز ... عنف رمزي ومادي
يقول الكتاب إن الواقف أمام مركز الاحتجاز أكدز يجد نفسه أمام إقامة قائدية بمفهومها الذي يحيل على الأبهة والجاه والنفوذ والثروة وجنون العظمة أيضا. وأوضح الكتاب أن الكلاوي انتهى من تشييد قصره الذي تحول إلى معتقل، خلال 1946، إلا أن جراح بنائه مازالت غائرة في نفوس أبناء المنطقة، ممن أجبروا على تعبئة سواعدهم وممتلكاتهم لإرضاء غرور قائد جشع. إنه قصر حسب وصف الكتاب، بكل ما تحمله الكلمة من معنى. تحفة معمارية تعتبر نشازا في وسط سكني بسيط وبئيس يحيط بها.
استأنفت البناية بعد ثلاثين سنة من بنائها، نشاطها ووظيفتها باعتبارها مكانا للعنف الرمزي بالنسبة إلى الجوار والعنف المادي بالنسبة إلى قاطنيها، إذ أعيد تشغيلها ابتداء من 1976 مكانا للاحتجاز والعزل الآدمي، دون أن تكون مكانا سريا بالنسبة إلى سكان المنطقة، خاصة لمن يقطن قريبا منها. لم تكن رهبة المكان، حسب ما جاء في الكتاب، وحدها كافية لدفع السكان المجاورين لقصر الكلاوي بأكدز للنأي بأنفسهم عن تفاصيل ما كان يدور بداخله، بل سرت داخل هذه الأوساط القريبة من المكان، شائعة التخوين في حق المحتجزين لإبعاد أي تعاطف معهم. وسرت شائعة أخرى مفادها أنه يتم تقديم الملح والقطران للمحتجزين للتخلص منهم.
كان المحتجزون في معتقل أكدز مكدسين في زنازين، يقضون معظم حاجاتهم الإنسانية المسموح بها داخلها. المعاناة لم تقتصر على المحتجزين أو الجوار فحسب، بل طالت حتى بعض الحراس أيضا، بعد أن انضم خمسة أفراد من القوات المساعدة إليهم ، صاروا رمزا عقابيا لكل من تسول له نفسه البوح بالسر.
وجاء في الكتاب أن الخوف تراكم وتحول إلى سادية وحقد وغل أفرغه الحراس تنكيلا بالمحتجزين، إذ تفيد شهادة أحد الضحايا أن يوم عيد الأضحى مثلا، كان أحد أعنف وأقسى أيام السنة بالنسبة إليهم، إذ كان يوم تعذيب وإهانة لما اعتبروا مسؤولين عن حرمان الحراس من قضاء يوم العيد بين ذويهم.
يتوزع القصر/ المعتقل، بين ساحتين كبيرتين وثلاثة أجنحة استعملت زنازين. واقتصر فراش المحتجزين على بطانية واحدة يطوي المحتج نصفها أربع أو خمس مرات ليتخذ منها فراشا ويترك النصف المتبقي غطاء. وكانت في البداية، حسب إفادة أحد المحتجزين السابقين بلون العلم الفرنسي. وأفاد الكتاب أن قصر الكلاوي، استعمل مركزا للاحتجاز منذ يناير 1976، تاريخ نقل من بقي على قيد الحياة من المجموعة المعتقلة على اثر أحداث 1973 إليه من مركز تاكونيت، وبينهم امرأة.
واستمر احتجازهم إلى غاية 9 غشت 1977. توفي منهم خلال فترة الاحتجاز خمسة أشخاص، وأفرج عمن تبقى من هذه المجموعة. كما التحق بها نزلاء من مشارب مختلفة، منهم المتحدرون من الأقاليم الجنوبية، وهم الأغلبية سواء من نقلوا إليه من مخافر الشرطة أكادير، أو من درب مولاي الشريف، وبينهم نساء، وتم إيداعهم بمركز أكدز على دفعات.
ويضم الكتاب، شهادة لمحتجز سابق بكل من أكدز وقلعة مكونة يدعى محمد الرحوي، مؤكدا أن الظروف بأكدز أفظع بالنظر للصرامة في التعامل وتضييق هامش الفسحة، خاصة قساوة الطبيعة مع شروط تغذية سيئة، إلى جانب انعدام التدفئة، وقلة الاستفادة من أشعة الشمس والتهوية. وأوضح المحتجز، أن سر الموت السريع بأكدز خلال 1976 بالإضافة إلى سوء التغذية وقلتها، الأواني الصدئة التي كان يقدم فيها الأكل، والضرب والتعذيب والتعنيف الجسدي بمختلف الأدوات وفي أي وقت ولحظة وأخطر هذه الأسباب يتمثل في استشراء داء السل في صفوف المحتجزين نتيجة الرطوبة وقلة التهوية والشمس بالمكان والبرودة التي قد تصل خلال الشتاء إلى أقل من ثلاث درجات تحت الصفر. وتابع الرجل "شاهدنا بأم أعيننا، في هذا المكان الموحش، الموت وهو ينتقي ضحاياه تباعا، كما عايشنا ما لا رأته عين ولا سمعته أذن من أنواع الحشرات وأّلوانها التي قد تبدأ بالصراصير البنفسجية ولا تنتهي بالقمل الأخضر".
وحسب الكتاب دائما، فقد بلغ عدد الذين قضوا بالمركز 32 شخصا، وهو رقم يستدعي الملاحظة والمقارنة، مؤكدا أن قبور المتوفين، تتوزع بين موقعين للدفن داخل مقبرة عمومية، ضم المكان الأول 21 قبرا والثاني 11. وما يلفت الانتباه أن أغلب المتوفين قضوا نحبهم بين 1976 و1977 بسبب عدم القدرة على التأقلم مع قساوة الطبيعة وظروف الاحتجاز. أما الذين ظلوا على قيد الحياة، فتم ترحيلهم إلى قلعة مكونة يوم 23 اكتوبر 1980. وتختلف الروايات حول أسباب هذا الترحيل بين واحدة تزعم أنها كانت بسبب رسومات عثر عليها الحراس تضم تصميما للمركز، وأخرى تعتزم أن السبب يعود إلى تسريبات بوجود المركز الذي لم يعد سريا، أو تربط قرار الترحيل وبتوغل عناصر من مقاتلي جبهة البوليساريو إلى منطقة محاميد الغزلان غير بعيد عن مركز أكدز.
إعداد: إيمان رضيف
........................
رواية "عاصمة الورود" أو تسع سنوات من الاعتقال بين أحضان الشوك
بن افليك |
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق