الثلاثاء، 25 أبريل 2017

امراة العمود...مي عائشة


لبلاد كَحْلَــــة والانتحارْ احـــلا
في محاولة للانتحار أقدمت مساء هذا اليوم الاثنين 24أبريل 2017 بالعاصمة الرباط عجوز إسمها " مي عيْشَة " . وذلك عبر صب " الديليو " على جسدها وتسلقها لعمود كهربائي ...وبعد مدة ساعتين وهي معلقة تحاول إضرام النار في جسدها و الإلقاء به في الهاوية ..تمكن رجالات الإغاثة من إنقاذها ...وفي تدونته ع الفايسبوك علق الكاتب والروائي المغربي " محمد بنميلود " بالنص التالي :
عجوز تصعد عمودا كهربائيا، هذا الأمر فيه كثير من السخرية وليس فقط التراجيديا. إنه مدهش ويحفز المخيلة على الإبداع. احتجاج غير مسبوق، وفيه كثير من الدلع، رغم أن مادفعها لفعل ذلك دون شك هو وصول السكين إلى العظم، وربما فقط لأنها وصلت سنا لم يعد لديها فيه شيء تخسره فيها، أو لعلها تمتلك دائما ذلك النوع من قوة الشخصية والمجابهة والتجعويق فكان صعود العمود بالنسبة لها أسهل من شرب الحليب. في كل الأحوال أعتقد أنها لا تعرف معنى الأنترنت ولا معنى يوتوب وفيسبوك والمواقع الإلكترونية، ولا مدى الإحراج أمام العالم الذي ستسببه للدولة، وهذا هو ما يجعل مغامرة كهذه لا تخلو من فكاهة وخفة دم، خصوصا أن الأمر لم ينته بمأساة، وفي تقديري ما كان أبدا لينتهي بمأساة، فالعجزة دائما هم أكثر الناس حرصا على البقاء. لقد كان تمسكها بالعمود حاسما، ولحظة حاول الإطفائيان جرها قاومت ببسالة. قاومت ليس كي تسقط، بل كي تظل حية. لقد ظلت ملتصقة بالعمود بيديها ثم بقدميها، لأنها في الغالب وثقت في قوة يديها وإصرارهما وفي العمود أكثر مما وثقت في أيدي الإطفائيين. الجمهور صفق وهلل لمي عيشة البطلة التي استطاعت أخيرا لفت انتباه غفير إليها، هي التي ربما لم يهتم لأمرها أحد على الإطلاق منذ سنوات، ها هي تكسب شهرة واسعة من أعلى نقطة في المدينة، وتتحول بين ليلة وضحاها من عجوز منسية خرفة، إلى بطلة شهيرة. لقد حضرت السلطات وحضرت الكاميرات وحضرت سيارة إسعاف خصوصا لحملها كما يحمل الأبطال، ولا شك سيقدمون لها في المستشفى عصير بانان مطحون بالحليب، وكرتونة مليئة باليوغورث، وبعض الثياب، وبعض المال. إنها مكاسب لم تكت في البال حتى. ثم لا شك بعد أن تصرف ذلك المال القليل ستصعد البوطو من جديد.
Abdelmalek Haouzi

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق