الثلاثاء، 5 يناير 2021

الاعدامات بالمغرب

كي لا ننسى

فكم يلزمك يا وطني من الشهداء

فدوك هؤلاء وغيرهم

تاريـخ من الماضي:


في التاريخ السياسي المعاصر للمغرب من الدفاع عن النفس إلى بداية الديمقراطية 1960 – 1999

مقدمة:
التقى يوم 27 مايو 1962 المهدي بن بركة وشيخ العرب سريا في الرباط على اثر المؤتمر الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية في الدار البيضاء.

(( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية هو الآن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية )).


كان موضوع اللقاء هو توفر المهدي بن بركة على معطيات تبين أن هناك خططا لتصفية المعارضة سياسيا وجسديا, وتحادث المهدي بن بركة وشيخ العرب على ضوئها حول تنظيم المقاومة والدفاع عن النفس.

في معرض هذه الورقة سأحاول تسليط الضوء على خلفيات ظهور مجموعة شيخ العرب, وذلك بربطها بسياق التطور السياسي في المغرب ما بعد الاستقلال.

الفقرة 1 ـ حرب الدولة على المجتمع, ابتداء من بداية السنوات الستين.

الفقرة 2 ـ والتي أدت إلى إرساء أسس وقواعد متينة لوضع أسس الدولة البوليسية.

الفقرة 3 ـ الغرض من هذا هو تبيان أن شيخ العرب لم يكن فردا جند مجموعة من المغامرين لسفك أرواح السكان وعرقلة العمل السياسي للحركة الديمقراطية.

إن شيخ العرب ومجموعته جزء من الميكانزمات التي وضعتها المعارضة المغربية المتمثلة في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية من أجل فرض حياة سياسية حرة وديمقراطية في المغرب.

وقد أثمرت هذه الميكانزمات أكلها بعد ثلاثين سنة من النضال وشروع مسلسل ديمقراطي حقيقي في نهاية سنة 1999 .

1 – مرحلة الانتقال من الاستعمار إلى الاستقلال ( 1956 – 1960 ):

تم الإعلان عن استقلال المغرب في مارس 1956 .
ولم يكن المغاربة في واقع الأمر مهيئين ماديا ومعنويا للمهام التي يطرحها بناء مجتمع عادل ودولة ديمقراطية, ذلك أن القوى التي ناضلت من أجل الاستقلال بشقيها السياسي ( الحركة الوطنية والأحزاب الوطنية ) والعسكري ( المقاومة وجيش التحرير ) لم يكونوا يتوفرون على رؤية استراتيجية للبناء الوطني, الشيء الذي خلق ثغرة في مجال تسيير دواليب الدولة والمجتمع.

وهذه الثغرة هي التي استغلتها القوى المعادية للاستقلال وللشعب لكي تفرغ النضالات الشعبية من محتواها وتمسك من جديد بزمام الأمور.

فعوض الشروع في بناء الاستقلال والدولة الديمقراطية الحرة والعدالة ومواصلة استكمال الوحدة الوطنية, نشأت الصراعات بين تيارات سياسية مختلفة تمخض عنها شيئا فشيئا تباعد مستمر بين الدولة والمجتمع.

وقد بدأت معالم هذا التباعد تعبر عن نفسها في مواجهات متعددة بين الفرق السياسية فيما بينها وبين السلطات والحركات الاجتماعية: وكانت أهم هذه المواجهات.

1 – المواجهة بين حزب الاستقلال وأحزاب أخرى.

2 – المواجهة بين السلطة وجيش التحرير.

3 – المواجهة بين السلطة وسكان الريف ومواجهات أخرى في البادية.

4 – النزاعات السياسية داخل حزب الاستقلال .

1 ـ هكذا نشأ في المغرب في مرحلة ما بين 1956 و 1960
وضع غير مستقر لم تستطع لا الحركات السياسية التي ناضلت من أجل الاستقلال ولا السلطات التحكم فيه.

الشيء الذي جعل القوى المناوئة للاستقلال وللإرادة الشعبية تتقوى وتستغيث مرة أخرى بفرنسا لكي تساعدها إلى إقرار الأمن.

وهكذا استثمرت فرنسا منذ بداية الاستقلال 3 ملايين دولار لتجهيز مختلف قوات الجيش المغربي بالعتاد والتجهيزات العسكرية والأطر والضباط ( 142 ) وتم القيام بمجهود مماثل في معدات الشرطة.

وهكذا استعادت القوى المناهضة للاستقلال مواقعها في قلب الدولة المغربية الناشئة واستعادت شيئا فشيئا قواعدها الخلفية لكي تشن الحرب لاحقا على القوى الوطنية والديمقراطية.

لقد أدى عدم الاستقرار في هذه المرحلة إلى غياب الحوار السياسي والتفكير الاستراتيجي حول مستقبل البلاد ومؤسساتها.

وسيحول استمرار النزاعات بين القوى السياسية وبين السلطة دون وضع مؤسسات ديموقراطية تمثل السيادة الشعبية.

وقد تدهور هذا الوضع وأدى ابتداء من سنة 1960 إلى مواجهات مباشرة بين السلطة والقوات الشعبية وبالتالي شن الدولة الحرب على المجتمع وقواه الحية.

2 – حرب الدولة ضد المجتمع (1960 – 1965):
أدى تطور ميزان القوى في المغرب ما بعد الاستقلال إلى تقوية الرؤية الأمنية والعسكرية للقضايا السياسية والاجتماعية, سواء في صفوف رجال الدولة أو في صفوف المعارضة.

وهذا ما كان يتجلى في المسلسل السياسي وقتذاك.

فقد عمدت الدولة إلى إقصاء المشاركة السياسية الشعبية والحركات المطالبة بها.


وكان رد فعل تلك القوى هي أيضا أن تبحث عن وسائل للدفاع عن نفسها ضد عنف الدولة.

لقد تميزت الحياة السياسية للمغرب من 1960 إلى 1965 باحتجاجات ومظاهرات شعبية واعتقالات واعتداءات واغتيالات واسعة النطاق في صفوف مناضلين الاتحادي الوطني للقوات الشعبية والاتحاد المغربي للشغل والاتحاد الوطني لطلبة المغرب ( أنظر الملحق: العنف السياسي في المغرب 1962 – 1965 ) .


واقترن عنف الدولة أيضا بعملية إقصاء القوى السياسية الحية من المشاركة السياسية.


وعمدت الدولة إلى خلق أحزاب لتشويه الإرادة الشعبية.

في هذا السياق:
نشأت سياسة ذات هاجس أمني تنظر إلى الأحزاب والنقابات وكأنها عدو داخلي يهدد كيان الدولة.


وقد عمدت هذه النخبة إلى الاعتماد على الضباط العسكريين لتشكيل دولة بوليسية تسحق القوى الشعبية والمعارضة.


ومن أقطاب هذه النخبة: أفقير و أحمد الدليمي و إدريس البصري .

3 – منطق الدولة البوليسية ومؤسساتها:
إن الدولة البوليسية هي الدولة التي لا تخضع فيها سلطات الدولة وممثلوها وموظفوها لأية مراقبة برلمانية وقانونية ولا يتمتع المواطنون أمامها بأية حماية قانونية, وتقوم الدولة البوليسية على المبادئ الآتية:

1 – خلق عدو داخلي هو المعارضة الديموقراطية وتجريم الممارسة السياسية والنقابية ومحاربة الأقليات.

2 – إشاعة روح ( المؤامرة ) حيث أن هناك دائما قوى شريرة تدبر المكائد والمؤامرات ضد الدولة وينبغي حراستها ومراقبتها.

3 – خلق مناطق نفوذ وسلطة لا تخضع للمراقبة, وهي مناطق ظل لا يراقبها قانون ولا يحاسبها أحد, ومنها أجهزة كثيرة ومتنوعة وموازية للشرطة والمخابرات تراقب أنفاس المواطنين وتحرس بعضها البعض. (( إنها الدولة داخل الدولة )).

4 – خلق مؤسسات سرية للتعذيب والاختطاف والسجن والإبادة.

5 – تخويل سلطات تقديرية واسعة للجيش والشرطة في تقييم الأوضاع واتخاذ القرارات والإجراءات, عوض اللجوء إلى القانون والقضاء.

6 – خلق مصالح اقتصادية واسعة للنخبة العسكرية والبوليسية وهيمنة بيروقراطية الدولة على الاقتصاد وعرقلتها للاستثمار والمقاولات.

لقد أقام الضباط العسكريون ( أفقير ـ والدليمي ) وضباط الشرطة ( البصري ) في المغرب السنوات الستين والسبعين والثمانين دولة بوليسية تناظر من حيث مؤسساتها وممارساتها الأنظمة التي أقامها العسكريون في ألمانيا النازية ـ وإيطاليا الفاشية ـ واليونان ـ والبرتغال ـ وإسبانيا الفرنكاوية.


ويمكن الفرق بين (( الرايخ الألماني )) والديكتاتوريات العسكرية في هذه البلدان والنظام الذي أرساه أفقير والدليمي والبصري في النطاق والمجال الذي كانت تسود فيه الدولة.


وبعبارة أخرى فإن الفرق لا يكمن في العقلية والبنيات والمؤسسات والممارسات وأساليب ومناهج العمل وإنما يكمن في أن الرايخ كان يسيطر على مجال ترابي واسع.

لقد خلق البصري والدليمي وأفقير فصائل مختلفة من الشرطة العسكرية والمدنية وأجهزة مخابرات من أجل القضاء على المعارضة المغربية وإقصائها وإبادتها وخلقوا بدائل للأحزاب الديموقراطية التي تمثل القوات الشعبية.

4 – خلاصة:
لقد كان من البديهي على ضوء السنوات الستين أن تلجأ المعارضة الديمقراطية في المغرب للدفاع عن نفسها في مواجهة الدولة البوليسية الناشئة واللجوء إلى أساليب تنظيمية وحركية موازية للتنظيم السياسي الشرعي.


وليس من الغريب على ضوء كل هذا أن يعقد المهدي بن بركة – زعيم المعارضة الديمقراطية المغربية, هو نفسه, بموازاة المؤتمر الوطني الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية يوم 27 مايو 1962 لقاء مع شيخ العرب في الرباط ليطلب منه وضع أسس لمنظمة تنظر المقاومة ضد الميول الديكتاتورية الناشئة.

5 – (( مفعول )) شيخ العرب والمستقبل:

إن مجموعة شيخ العرب مفعول وضعية تميزت بقهر الدولة للمجتمع وقواه الحية.


الذي جعل المواطنين يلجئون إلى حماية أنفسهم وإنشاء تنظيمات غير شرعية تحمل السلاح في وجه الدولة لكي يدافعوا عن أنفسهم.

ولكي يتجنب المغرب مثل هذه الظاهرة ينبغي في المستقبل:
1 ـ وضع قوانين تحدد عنف الدولة وتقيد سلوك مؤسساتها وموظفيها وتعطي للمواطنين حقوقا لحماية أنفسهم من الدولة.

2 ـ وضع استراتيجية لبناء دولة الحق والقانون في أفق تحقيق سياسة لتمتع المواطنين بحقوقهم الاجتماعية والمدنية والسياسية: وتلعب الأحزاب الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني دورا أساسيا.

3 ـ وضع خطة وطنية شاملة للمصالحة واستراتيجية للحوار وحل النزاعات السياسية بطرق سلمية, وذلك بإشراك القوى الحية الممثلة فعليا للمواطنين.

كانت هذه هي مهام بناء مغرب ما بعد الاستقلال بعد سنة 1956 , وهي اليوم نفس مهام بناء الديموقراطية.

التاريـخ:

00 غشت 1961 : محاكمة قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بتهمة المس بأمن الدولة والحكم عليهم ب6 أحكام بالإعدام وبالسجن مدى الحياة ل 6 آخرين.

* * * * * * * * * * * *


00 شتنبر 1961 : العفو عن بعض الريفيين الذين حكموا في سنة 1959 .

* * * * * * * * * * * *


15 نونبر 1962 : المهدي بن بركة ينجو من الموت في حادثة سيارة سببها ضابط شرطة .

* * * * * * * * * * * *


00 فبراير 1963 : محاكمة جريدة التحرير على إثر نشر خبر محاولة قتل المهدي بن بركة باصطناع حادثة سير.

* * * * * * * * * * * *


11 يونيو 1963: اعتقال مومن الديوري وتعذيبه في دار المقري.

* * * * * * * * * * * *


16 يوليوز 1963 : اعتقال 5.000 مناضل اتحادي بتهمة المؤامرة ضد الملك, ولجوء شيخ العرب إلى الجزائر.

* * * * * * * * * * * *


00 غشت 1963 : اعتقال قيادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ولجوء المهدي بن بركة إلى القاهرة.

* * * * * * * * * * * *


أكتوبر– نونبر1963: حرب الرمال ضد الجزائر. والحكم بالإعدام غيابيا على المهدي بن بركة بتهمة خيانة الوطن.

* * * * * * * * * * * *


27 دجنبر 1963 : افتتاح محاكمة 102 متهما من المناضلين الاتحاديين في إطار (( مؤامرة يوليوز )).

* * * * * * * * * * * *


10 يناير 1964 : بداية مظاهرات الطلبة والتلاميذ والتي ستدوم إلى شهر أبريل 1964 .

* * * * * * * * * * * *


14 مارس 1964: صدور الأحكام في قضية (( مؤامرة يوليوز )) والحكم بالإعدام على 11 اتحاديا ومنهم المهدي بن بركة وعمر بن جلون وشيخ العرب ومحمد البصري.

* * * * * * * * * * * *


03 يونيو 1964 : اعتقال 6 مناضلين بتهمة تهريب الأسلحة.

* * * * * * * * * * * *


30 دجنبر 1964 : محاكمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في الرباط.

* * * * * * * * * * * *


27 مارس 1964 : إعدام 14 مناضلا متهمين بالمؤامرة ضد المغرب.

* * * * * * * * * * * *


03 يونيو 1964 : إعدام 6 مناضلين متهمين بتهريب الأسلحة في وجدة.

* * * * * * * * * * * *


00 مارس 1964 : إعدام مناضلين متهمين بتهريب الأسلحة في مكناس.

* * * * * * * * * * * *


03 يوليوز 1964 : إعدام مناضلين متهمين بتهريب الأسلحة في مكناس.

* * * * * * * * * * * *


07 غشت 1964 : قتل شيخ العرب خلال مواجهة مسلحة مع الشرطة في الدار البيضاء.

* * * * * * * * * * * *


22–24 مارس 1965 : مظاهرات شعبية ومواجهات عنيفة مع الشرطة في الدار البيضاء سقط خلالها 1.000 قتيل.

* * * * * * * * * * * *


27 مارس 1965 : إعدام 14 مناضلا متهمين بالمؤامرة ضد المغرب .

* * * * * * * * * * * *


15 أبريل 1965 : إطلاق سراح المتهمين في (( مؤامرة يوليوز )) والاحتفاظ في السجن بمجموعة شيخ العرب.

* * * * * * * * * * * *


29 أكتوبر 1965 : اختطاف المهدي بن بركة في باريس.

* * * * * * * * * * * *


30 أكتوبر 1965 : وصول الدليمي وأفقير إلى باريز.

* * * * * * * * * * * *


00 يونيو 1981: مظاهرات بالدار البيضاء.

* * * * * * * * * * * *


00 يناير 1984 : مظاهرات بالشمال.

* * * * * * * * * * * *


14 دجنبر 1990: مظاهرات بطنجة وفاس ...

* * * * * * * * * * *



 الإعـدام


إعدام عبد الرحيم إينوس:

من الإعدامات الأولى المنفذة في الستينيات إعدام عبد الرحيم إينوس، الذي لم يكن سنه يتجاوز 14 ربيعا، عندما أطلق النار على الضابط لحسن الغول الذي صفى عددا من المقاومين.

صرح عبد الرحيم إينوس أمام هيئة المحكمة العسكرية في منتصف الستينيات أنه قضى على حياة مجرم اغتال الكثير من أبناء الشعب المغربي البررة، واعتبر ما قام به واجبا وطنيا لأنه تربى على رفض الظلم والاستغلال والخيانة في ظل الاستعمار الفرنسي، فكيف يقبله في عهد الاستقلال وهو صادر عن مغاربة ضد مغاربة؟
وكان حكم المحكمة العسكرية هو الإعدام رميا بالرصاص في حق عبد الرحيم إينوس ورفيقه في درب النضال والكفاح محمد باشوش.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعدام الحريزي

من "الإعدامات" خارج القانون التي ظل يلفها الغموض إلى حد الآن، "إعدام" محمد الحريزي، أحد أبناء مدينة سيدي قاسم، تكفلت به الحركة الوطنية بعد فقدان والديه وأشرفت على تعليمه، وارتبط بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية وكان قريبا من المهدي بن بركة وأحد رفاق دربه.


تم اختطاف محمد الحريزي في فجر الستينيات، بعد مرور أقل من سنة على اعتلاء الملك الحسن الثاني عرش البلاد، واحتجز بإحدى الفيلات الكائنة بشارع مولاي إدريس بالعاصمة الإدارية، رفقة زوجته السويسرية "أيريكا" وطفلتهما الصغيرة.


وترجع أسباب "إعدام" الحريزي إلى سنة 1959، عندما أقدم أعضاء "الكاب 1" على اختطاف الحريزي، رفيق بن بركة، إذ كان يبيت لفكرة خبيثة مفادها أن الحريزي هذا عليه أن يلعب دورا أساسيا فيما أصطلح عليه بالمؤامرة ضد ولي العهد، آنذاك كان الدليمي قد اقترح على أوفقير التكلف بإقناع الحريزي ( بحكم أنهما ينحدران معا من مدينة سيدي قاسم ) باتهام بن بركة بالتخطيط لهذه المؤامرة.


في البداية، اختطف الحريزي وأودع بثكنة مولاي إسماعيل بالرباط، وهناك مورست عليه جميع أنواع التعذيب والتنكيل لأنه رفض المساهمة في اللعبة الدنيئة لأوفقير والدليمي، وبعد عامين من الاختفاء العسكري أطلق سراح الحريزي، لاسيما وأن زوجته السويسرية أقامت ضجة كبيرة في الأوساط الديبلوماسية بالرباط، الشيء الذي فرض على سويسرا التدخل في النازلة.


للتخلص من الفضيحة ـ فكر الجلادون في سناريو تهريب الحريزي رفقة زوجته وطفلتهما الصغيرة خارج المغرب ، وفي شتاء 1960 اقتيد الحريزي رفقة زوجته وابنته إلى إحدى الفيلات بحي السويسي بالرباط، وقد تمكن من لقاء بعض أصدقائه هناك، وبعد أيام منحه الدليمي جوازات سفر مزورة قصد التمكن من مغادرة المغرب، بطنجة سمع له اتصال هاتفي ببعض أصدقائه بفرنسا لإخبارهم بأنه على أهبة مغادرة المغرب ، آنذاك اعتقد الكثيرون أنه فعلا غادر البلاد بمعية عائلته الصغيرة، لكن واقع الأمر أنه تم اختطاف العائلة من جديد من طرف رجال الدليمي وأعيدت إلى الرباط، من بين هؤلاء المدعو التدلاوي والشتوكي ( المشهور في قضية بن بركة )، وهناك بالرباط بإحدى الفيلات السرية تم "إعدام" الحريزي وزوجته وطفلتهما طيلة مدة ظلوا خلالها محتجزين، بعد أن اعتقد الكثيرون أنهم خارج المغرب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لحظة إعدام الفواخري ورفاقه سنة 1962


من الإعدامات الأولى التي ارتبطت بشخص الملك الراحل، إعدام مجموعة محمد بن حمو العياشي (الفواخري) والتي اتهمت بالتخطيط لاغتيال الملك الحسن الثاني، ولي العهد آنذاك، شهورا معدودة قبل اعتلائه عرش البلاد.


وتوبع الفواخري بمعية 10 من رفاقه بتهم حيازة السلاح والإخلال بأمن الدولة والقتل العمد.


في غشت 1961 صدر حكم بالإعدام على أربعة أعضاء من المقاومة وجاءت الأحكام التي نطق بها أحمد الزغاري، رئيس المحكمة العسكرية، مقرة حكم الإعدام في حق الفواخري ـ وعبد الله بن لحسن الزناكي ـ والمولات إدريس ـ وأحمد بن محمد تاجا ـ والجابوني ـ وعمر بناصر.


والمؤبد في حق الآخرين.
ونفذ الحكم في 24 يناير 1962 داخل السجن المركزي بالقنيطرة، وقد رفض الفواخري وضع العصابة على عينيه، وكان آخر ما نطق به الكلمة التي سبق أن قالها المقاوم أحمد الراشدي قبل إعدامه من طرف السلطات الاستعمارية، اتركوني أرى لآخر مرة سماء وطني الذي ضحيت في سبيله، في حين كان آخر ما نطق به رفيق الفواخري، عبد الله بن لحسن الزناكي "يحيا الوطن" وقال رفيقهما المولات إدريس "هذا ما يجازينا به الإقطاع".

ويتعلق الأمر بكل من:

1 ـ محمد بن حمو العياشي (الفواخري)
2 ـ عبد الله بن الحسن الزناكي
3 ـ والمولات إدريس بن أحمد الدكالي
4 ـ وأحمد بن محمد تاجا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إعدامات 1973

حطمت سنة 1973 الرقم القياسي بخصوص الحكم بعقوبة الإعدام وتنفيذها.


في 25 يونيو 1973 قدم للمحكمة العسكرية بالقنيطرة 149 معتقلا من الحركة الاتحادية، على إثر أحداث 3 مارس في مولاي بوعزة، قرب مدينة خنيفرة، بتهمة تهديد أمن الدولة، وصدر حكم الإعدام في حق 15 منهم جرى تنفيذه يوم فاتح نوفمبر تم إعدام 15 شخصا رميا بالرصاص يومين بعد عيد الأضحى، وشمل كلا من:
1 ـ عمر دهكون،
2 ـ أجدايني مصطفى،
3 ـ محمد بن الحاج الحسين،
4 ـ موحا نايت بري،
5 ـ لحسن آيت عمي،
6 ـ عبد الإله بن محمد،
7 ـ مصطفى يوس،
8 ـ محمد حسن الإدريسي،
9 ـ مبارك بارو،
10 ـ لحسن آيت زايد،
11 ـ حديدو أوموح،
12 ـ عبد الله أمحزون،
13 ـ دحمان سعيد نايت غريس،
14 ـ لحسن تاغجيجت
15 ـ محمد بن الحسين (المدعو هوشي مينه)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفي 27 غشت 1974 نفذ حكم الإعدام في حق مجموعة أخرى شملت:
1 ـ إدريس الملياني،
2 ـ محمد المهتدي،
3 ـ بوجمعة جناح،
4 ـ محمد الحجيوي،
5 ـ بوجمعة ميري،
6 ـ سعيد أوخيا،
7 ـ موحا أوحمو .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإعدام خارج القانون
"إعدام" عمر بنجلون

تصفية عمر بنجلون وصفها الكثيرون بمثابة إعدام خارج القانون، خططت له الأجهزة الأمنية ونفذته أيادي غادرة يوم 18 دجنبر 1975، وكان منفذو الإعدام أناس عاديين شحنوا من أجل القيام بهذه الجريمة يوم 18 دجنبر 1975 على الساعة الثالثة والنصف زوالا أمام منزله.


نزل عمر بنجلون من سيارته.. اقترب منه شخص، مد له عمر يده مصافحا.. لكن شخصا آخر انهال عليه من الخلف بقضيب حديدي ثقيل على رأسه.. ثم يباغته مصافحه بطعنة خنجر غادرة في اتجاه القلب.. سقط الشهيد عمر والدم ينزف من صدره.


أيدي ملطخة بدماء أبناء هذا الوطن عبأت وجهزت عاطلا ـ وإسكافيا ـ وخياطا للنيل من الشهيد عمر بنجلون، وتنفيذ حكم إعدامه أصدره القائمون على الأمور بدون محاكمة، رغم أنه سبق أن حوكم بالإعدام ولم ينفذ في حقه..


كان المنفذون مجرد أداة تنفيذ، وتأكد هذا الأمر بعد العثور على لائحة تضم عشرات الأسماء المرشحة لنفس المصير الذي لقيه عمر، أي "محكوم عليهم بالإعدام خارج القانون وفي الكواليس"، وضمت 70 إطارا سياسيا.


وخلال الحصص الأولى من التحقيق وردت أسماء جملة من الشخصيات الوازنة التي أثير ضلوعها في جريمة الاغتيال، إلا أن هذه المحاضر اختفت جميعا بفعل فاعل ودفعة واحدة من ملف المحكمة.


وكانت المحاكمة سريعة، ولم تعرف إلا ثلاث جلسات، على امتدادها قوبلت كل طلبات الدفاع المدني بالرفض من طرف هيئة المحكمة، الشيء الذي أدى به إلى إصدار بيان وضح فيه الخروقات التي لازمت المسطرة القانونية ثم انسحب من القاعة.


وكانت الخلاصة التي أجمع عليها الرأي العام ولازال، أن الشهيد عمر بنجلون اغتيل على يد من لم تتم محاكمتهم بعد، وبالتالي لازالت قضيتهم قائمة حتى إشعار آخر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق