الأحد، 25 ديسمبر 2016

غضب أساتذة مادة الفلسفة بالمغرب


نشطاء يطالبون بتلقين التلاميذ "العلمانية" بدل التربية الإسلامية
التقط نشطاء مغاربة غضب أساتذة الفلسفة على محتويات مجزوءة "الإيمان والفلسفة"، التي ضمها مقرر "المنار في التربية الإسلامية" لمستوى الأولى ثانوي، بدعوى تضمنها أوصافا "متزمتة تسيء إلى مادة الفلسفة والعلوم الإنسانية"، للمطالبة بإلغاء التعليم الديني في المغرب، باعتباره "يتعارض مع كونية حقوق الإنسان"، مقابل "أهمية التربية على العلمانية" للناشئة المغربية في المؤسسات التعليمية.
ومن أبرز التوجهات العلمانية التي نادت بهذا المطلب، جمعية "الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية"، الشهيرة باسم "مالي"، التي ضمت صوتها إلى قرار أساتذة مادة الفلسفة الاحتجاج الغاضب هذا الأسبوع على محتوى مقرر مادة التربية الإسلامية للسنة أولى بكالوريا، التي اعتبروها "افترائية..لما تضمنته من مس وتشويه وتحريف للمقاصد النبيلة للفلسفة والعلوم..."؛ قائلة إن المضامين المثيرة للجدل قدمت الفلسفة على أنها "نتاج للفكر الإنساني الذي يتعارض مع الإسلام".
واعتبرت الحركة ذاتها، في بلاغ توصلت به هسبريس، أن تلك المقاطع من مجزوءة المقرر التعليمي ذاته تعد "هجومية" و"خطيرة"، و"تؤكد المخاوف التي كانت لدينا، وهي الجهل التام بالممارسات الفلسفية، ناهيك عن مسألة ازدراء المادة"، موردة أن أبرز ما تضمنته عبارات: "الفلسفة أس السفه والانحلال، ومادة الحيرة والضلال، ومثار الزيغ والزندقة. ومن تفلسف عميت بصيرته عن محاسن الشريعة المؤيدة بالبراهين، ومن تلبس بها قارنه الخذلان والحرمان، واستحوذ عليه الشيطان، وأظلم قلبه عن نبوة محمد".
"مالي"، التي قدمت نفسها على أنها "حركة نسوية.. علمانية كونية"، شددت على موقفها الداعي إلى ما أسمته "أهمية التربية على العلمانية كمبدأ أساسي لسير العمل في المدارس العامة"، على أن "العلمانية واحترام حقوق الإنسان مرتبطان ارتباطا وثيقا، فمهمة المدرسة هي التبادل المعرفي والتربية على القيم الإنسانية"، مضيفة في مقابل ذلك أن "التعليم الديني يتعارض مع كونية حقوق الإنسان؛ إذاً فلا مكان له"، وفق تعبيرها.
إلى ذلك، بسطت "مالي" رؤيتها إلى التوجهات التربوية في التعليم المغربي بالقول إن التلاميذ في حاجة إلى "أن يكونوا مسلحين فكريا لفهم القضايا الجديدة التي يطرحها الفضاء الرقمي، وقضايا التقدم العلمي والتقني، والقيم الإنسانية العالمية"، وزادت: "كي لا تقتصر هذه القيم على العبارات البالية أو الشعارات فقط، يجب تحديد شروط الحق في الفلسفة، وهو حق لا يمكن ربطه بتقلبات تعليم غير موضوعي".
"حق الفلسفة"، من منظور الحركة العلمانية ذاتها، "يرتبط باتفاقية حقوق الطفل التي تضمن 'الحق في التعبير عن الرأي بحرية في جميع المسائل التي تمس الطفل' (المادة 12) و'حرية البحث وتلقي المعلومات والأفكار ونقلها، دونما اعتبار لأي حدود' (المادة 13)"، فيما أوردت أنه إذا كان "أساتذة وأستاذات الفلسفة يريدون تكوين حس نقدي لدى التلاميذ وجعل التفكير مركز الانشغالات التعليمية، فينبغي تنظيم المناقشات في القسم، دون انتظار عقاب أو تأديب استنادا إلى المقررات الموضوعة".
وأثارت النصوص الواردة في درس "الإيمان والفلسفة"، ضمن مقرر مادة "التربية الإسلامية"، غضب أساتذة مادة الفلسفة بالمغرب، الذين أعلنوا احتجاجهم منذ أول أمس الأربعاء، ووصفوا تلك النصوص بـ"المتزمتة" والتي "تسيء إلى مادة الفلسفة والعلوم الإنسانية، لما تضمنته من مس وتشويه وتحريف للمقاصد النبيلة للفلسفة والعلوم"، وهي النصوص التي استندت أساسا على مواقف دينية تعود إلى القرن السابع الهجري، التي يبديها عالم الدين الشهير ابن تيمية، المعروف برده الحاد على الفلاسفة، إلى درجة وصفهم بأنهم "من أهل الجهل والضلال.. وأفسدوا على الناس عقولهم وأديانهم".
ويظهر للقارئ والمتتبع، من خلال بحث علمي على مؤلفات ابن تيمية، أن العالم الديني المنحدر من الشام والمتشبث بالمذهب الحنبلي، اشتهر بقدحه للفلاسفة وعدد من مباحث الفلسفة، خاصة مبحث "الإلهيات"، إلى درجة تصل إلى التكفير، وهي المواقف التي خصص لها أكثر من تصنيف علمي مازال يؤثث التراث الديني القديم والحديث، من قبيل مؤلفات "مجموع الفتاوى" و"الرد على المنطقيين" و"نقض المنطق" و"درء تعارض العقل والنقل" و"الصفدية" و"السبعينية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق