السبت، 7 يناير 2017

معطيات صادمة بالأرقام: أمام زحف التعليم الخاص التعليم العمومي بالمغرب في مهب الريح

معطيات صادمة بالأرقام: أمام زحف التعليم الخاص التعليم العمومي بالمغرب في مهب الريح
معطيات صادمة بالأرقام: أمام زحف التعليم الخاص التعليم العمومي بالمغرب في مهب الريح

معطيات صادمة بالأرقام: أمام زحف التعليم الخاص التعليم العمومي بالمغرب في مهب الريح

%d9%8a%d9%88%d8%b3%d9%81-%d8%b4%d9%83%d9%88%d8%ad

يوسف شكوح*
في سياق ما أثاره رأي المجلس الأعلى للتربية و التكوين حول إلغاء  مجانية التعليم  الثانوي و الجامعي، قمت بإجراء بحث بسيط/سريع حول واقع التعليم انطلاقا من المعطيات الرسمية الواردة في المواقع الرسمية لكل من وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني و وزارة التعليم العالي و البحث العلمي و وزارة الاقتصاد و المالية و المجلس الأعلى للتربية و التكوين و البحث العلمي و المندوبية السامية للتخطيط. حيث اطلعت على مذكرة تقديم قانون المالية 2017 و حصيلة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي 2012- 2016 و الرؤية الإستراتيجية للإصلاح التربوي 2015-2030 و مطوية وزارة التربوية الوطنية حول “التربية الوطنية في أرقام” و الجريدة الرسمية عدد 6523 مكرر بتاريخ 05 ديسمبر 2016 التي تضمنت قرار وزير الصحة رقم 2365.16 الصادر في 12 أغسطس 2016 بتحيين قائمة مؤسسات التعليم العالي و التكوين المهني العام و الخاص التي يخضع طلبتها لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالطلبة.
و كم كانت صدمتي قوية بحجم القطاع الخاص في مجال التعليم و التكوين المهني مقارنة بالقطاع العام (إحصائيات 2016)؟. و تنويرا للرأي العام الوطني نورد المعطيات كما استقيناها من المراجع المشار إليها أعلاه قبل الانتقال لنقاش الموضوع.
أولا: المعطيات الرسمية الصادمة:
  • عدد مؤسسات التعليم العالي (جامعات و معاهد عليا) التابعة للقطاع الخاص : 229
  • عدد مؤسسات التعليم العالي التابعة للقطاع العام                             : 192
  • عدد مؤسسات التعليم العالي التي تدخل في إطار شراكة عام- خاص     : 19
  • عدد مدارس الأقسام التحضيرية للمدارس العليا ( القطاع العام)     : 25
  • عدد مدارس الأقسام التحضيرية للمدارس العليا( القطاع الخاص) : 46
  • عدد مؤسسات التكوين المهني (القطاع العام) : 239
  • عدد مؤسسات التكوين المهني (القطاع الخاص) : 581
  • عدد مؤسسات التعليم الأولي: 20511 و هي بالمناسبة يمكن اعتبارها تابعة للقطاع الخاص فحتى تلك الحجرات المتواجدة بمؤسسات التعليم الابتدائي العمومي فالدراسة فيها بالأداء و ليست مجانية.
  • عدد مؤسسات التعليم الابتدائي العمومي (بما فيها المدارس الجماعاتية) : 7667
  • عدد مؤسسات التعليم الابتدائي الخصوصي :2779
  • عدد مؤسسات التعليم الثانوي الإعدادي العمومي  :1927 ، عدد الداخليات: 371، عدد دور الطالب(ة): 979
  • عدد مؤسسات التعليم الثانوي الاعدادي الخصوصي: 1214
  • عدد مؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي العمومي : 1162 ، عدد الداخليات: 344
  • عدد مؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي الخصوصي: 654
من خلال ما سبق يتضح أن عدد مؤسسات التعليم العالي التابعة لقطاع الخاص تتجاوز بكثير نظيرتها في القطاع العام، ليتضاعف في الأقسام التحضيرية و التكوين المهني. و رغم ذلك فإن عدد التلاميذ و الطلبة الذين يدرسون في القطاع الخاص بمختلف مستوياته لا يتجاوز في أقصى التقديرات الرسمية نسبة 10% من مجموع التلاميذ، وهو ما يعتبر مالا و أرباحا ضائعة توجد في القطاع العام و يجب تفكيكه ليلتحق الأغلبية بالقطاع الخاص.
كما أن الأرقام السابقة تؤكد أن لوبي القطاع الخاص أصبح أكثر قوة و ضغطا على الحكومات المتعاقبة. و هذا الضغط المدعوم بالمؤسسات المالية الدولية و الاتحاد الأوروبي أعطى أكله و اتخذت الحكومة عددا من الإجراءات تنفيذا لاملاءات هذا اللوبي المزدوج  نوجزها فيما يلي:
  • خلق مديريات في مختلف الوزارات لدعم خوصصة قطاع التعليم ومنها مديرية التعاون والارتقاء بالتعليم المدرسي الخصوصي بوزارة التربية الوطنية و التكوين المهني.
  • مشروع قانون بتغيير و تتميم القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي يقضي بتنظيم التعليم العالي حول ثلاث مكونات رئيسية ( القطاع العام و القطاع الخاص  و الشراكة عام – خاص). فبعد أن رخص لهذا التعليم الخاص لينتشر  بطرق مختلفة  في السنوات الأخيرة ، جاء قرار وزير التعليم العالي  رقم 2047.15 في 12 يونيو 2015 يقضي بتحديد دفتر التحملات المتعلق بالمعايير التقنية و البيداغوجية من أجل الحصول على اعتراف الدولة بمؤسسات التعليم العالي الخاص و هي معايير خفضت  من كلفة بناء و تشغيل هذه المؤسسات من حيث المساحة و التأطير، بل إن الدولة تقدم إعفاءات  و تسهيلات للخواص و حتى تساهم في التسيير.
  • إصدار القانون 86.12 في الجريدة الرسمية عدد 6328 بتاريخ 22 يناير 2015 المنظم لعقود الشراكة بين القطاعين العام و الخاص و الذي تمتد مدته حسب المادة 13 من ذا القانون مابين خمس سنوات إلى ثلاثين سنة يمكن تمديدها إلى خمسين سنة ( نموذج هذا العقد وقع مع مؤسسة لمكتب الشريف للفوسفاط حيث يتم تدريس تلاميذ بمؤسسات التعليم الخصوصي مقابل تعويض سنوي تدفعه للدولة لهذه المؤسسة).
  • إغلاق 200 مؤسسة تعليمية عمومية بين نهاية سنة 2007 و أكتوبر 2013 تصل إلى 488 مدرسة عمومية في دجنبر 2015 على مستوى 12 جهة بالمغرب حسب المعطيات الرسمية كما صرح بذلك الأستاذ محمد كنوش في حواريه مع كل من جريدة النهج الديمقراطي و مجلة Economie Entreprises.
  • مرسوم التشغيل بالتعاقد و دون تكوين ( 11 ألف من طرف الأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين في سنة 2016 لسد الخصاص) في حين تم رفض تشغيل 10 آلاف إطار تربوي تخرج من مراكز التكوين في إطار برنامج حكومي، و هو ما يضرب في العمق الاستقرار الوظيفي و ينسف مكتسبات 60 سنة من الوظيفة العمومية، بل و يضرب في العمق حتى مفهوم الجودة الذي تتغنى به الدولة في الرؤية الإستراتيجية  2015-2030.
  • مرسومي فصل التكوين عن التوظيف وتقليص المنحة إلى النصف، الذي خاض من أجله الأساتذة المتدربون معركة بطولية.
  • مراسلة الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية و التكوين المهني لمدراء الأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين بتاريخ 30 نونبر 2016 قصد تحديد الحاجيات من الموارد البشرية المزاولة لمهام الدعم الإداري و التقني لتشغيلهم بموجب عقود تنفيذا لمقتضيات الرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2015- 2030 ( أورد موقع المغرب اليوم بتاريخ 4 يناير 2017 إلى أن الوزارة تسعى لتشغيل 5 آلاف إداري عن طريق التعاقد بعد أسبوعين)؟
  • قرار دمج مؤسسات تكوين المهندسين و مؤسسات التكنولوجيا فيما سمي بالبوليتيكنيك.
  • تفويت تدبير الحراسة و النظافة بالمؤسسات التعليمية للقطاع الخاص.
  • بناء دور الطالب(ة) و تكليف جمعيات بتسييرها، بدل بناء داخليات (مجموع عدد الداخليات يصل إلى 715، في حين أن دور الطالب(ة) يصل عددها إلى 979 و الفرق واضح بين المؤسستين من حيث المساحة و الخدمات و التأطير، إنها سياسة التقشف و تقليص عدد الموظفين و النفقات العمومية و تكريس تخلي الدولة عن مهامها).
  • التراجع عن رفع المالية العمومية المخصصة لقطاع التعليم ب 5% الذي ورد في الميثاق الوطني للتربية والتكوين بموجب الرؤية الإستراتيجية 2015-2030
  • المغادرة الطوعية التي أفرغت الجامعات و المعاهد و المدارس العليا من الأطر و توجيهها للقطاع الخاص لإضعاف القطاع العام.
  • خطة التقاعد و التي أدت إلى مغادرة الآلاف لقطاع التعليم العمومي عن طريق التقاعد النسبي برسم سنتي 2015و 2016.
  • وقف تنفيذ الاستثمارات العمومية المبرمجة في 2013 و 2014 بقرار لرئيس الحكومة لأداء الديون الخارجية والداخلية استجابة لضغط الرأسمال الأجنبي و الداخلي.
إنها بعض الإجراءات فقط من مخطط استراتيجي لخوصصة  القطاع العام ومنه خوصصة قطاع التربية والتعليم وتفكيك  المدرسة العمومية بل وتفكيك حتى الدول والأوطان. مخطط تخوضه المؤسسات المالية الدولية وأعوان الامبريالية العالمية .
  و هذا ما تفطن له أخيرا عدد من الفاعلين وأساسا منهم النقابيين من خلال قرار المجلس الأعلى للتربية والتكوين في دورته العاشرة المنعقدة يومي 21 و 22 نونبر 2016،  والذي كانت له تداعيات نوردها في المحور الثاني من المقال.
ثانيا:تداعيات قرار المجلس الأعلى للتربية و التكوين و البحث العلمي:
رغم أن الرؤية الإستراتيجية للإصلاح التربوي 2015- 2030 التي صادق عليها المجلس بالإجماع في مايو 2015 تضمنت ما يشير إلى الإلغاء التدريجي للمجانية (وهو ما أشار إليه البيان التوضيحي للمجلس بتاريخ 29 نونبر 2016) إلا أن ممثلي النقابات والخبراء لم يتفطنوا إلى الأمر إلا في إطار نقاش مشروع قانون الإطار الذي أحالته الحكومة على المجلس خلال شهر غشت 2016 (التاريخ له دلالة أن كل القرارات اللاشعبية واللااجتماعية تطبخ في الصيف)  قصد إبداء رأيه و هو ما كان بتاريخ 22 نونبر 2016، و هذا ما أدى إلى :
  • انسحاب ممثل النقابة الوطنية للتعليم العالي وبعض الباحثين من المجلس و إصدار بيانات في الموضوع من طرف مختلف النقابات.
تأسيس الجبهة الوطنية للدفاع عن التعليم العمومي المنبثقة عن اللقاء التشاوري الثالث حول تطورات التعليم العمومي المدرسي والجامعي المنعقد يوم الجمعة 23 دجنبر 2016 بمقر الفرع الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بالدار البيضاء، والتي ضمت النقابة الوطنية للتعليم العالي ونقابات التعليم ( ا.م.ش وكدش وا.ع.ش.م وفدش) و نقابة مفتشي التعليم بالمغرب والفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلامذة بالمغرب والشبيبة العاملة المغربية والاتحاد التقدمي لنساء المغرب  والجمعيات الحقوقية و الأحزاب اليسارية والوطنية ولجنة متابعة اللقاء الوطني التشاوري لإيقاف مصادرة المقر المركزي للاتحاد الوطني لطلبة المغرب والفعاليات المناضلة. هذه الجبهة طالبت في أول بيان لها بتحمل الدولة لمسؤولياتها لضمان الحق في التعليم المجاني والجيد للجميع على قدم المساواة، وذلك من خلال:
 الرفع من قيمة الميزانية المخصصة لقطاع التعليم بما يتلاءم مع متطلبات تأهيل التعليم   العمومي.
 توفير الموارد البشرية الكافية والمؤهلة والقارة بما يتلاءم مع تزايد أعداد المتعلمين وإلغاء قانون التشغيل بالعقدة. وكذا الإدماج الفوري لأطر البرنامج الحكومي 10.000 إطار تربوي والأساتذة المتدربين وأساتذة سد الخصاص في قطاع التربية الوطنية.
 إلغاء كل التدابير والإجراءات التي تهدف إلى تشجيع التعليم الخصوصي على حساب المدرسة والجامعة العموميتين، وسحب مسودة القانون الإطار والرأي الاستشاري رقم 02/2016 الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في نونبر 2016.وكذا القانون 12/86 المنظم لما يسمى ب “الشراكة عمومي-خصوصي”
و دعت الجبهة باقي القوى المناضلة الوطنية والديمقراطية (سياسية، نقابية ومدنية) وكل الغيورات والغيورين على مستقبل بنات وأبناء الشعب المغربي للانخراط في دينامية الجبهة الوطنية للدفاع عن التعليم العمومي كتكتل مقاوم مفتوح ومرن تحكمه مبادئ الديمقراطيةوالشفافية.
– تأسيس الجبهة الإقليمية للدفاع عن التعليم بمبادرة من الفرع المحلي للحزب الاشتراكي الموحد يوم الأربعاء 28/12/2016 بالمركز الثقافي بسيدي بنور دفاعا عن المدرسة العمومية.
  • تنظيم مسيرة وطنية يوم 25 دجنبر 2016 بالرباط تخليدا للذكرى 60 لتأسيس الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، دفاعا عن مقر الاتحاد و عن التعليم العمومي بالمغرب.
فكيف يمكن المساهمة في إنجاح هذه المبادرات لوقف المسار نحو تفكيك ما تبقى من قطاع التعليم العمومي و المجانية بالمغرب؟
الآفاق:
لابد في البداية من الإشارة إلى أن المجانية أصبحت جد محدودة على ضوء المعطيات السابقة، كما أن المندوبية السامية للتخطيط أكدت أن 28% من نفقات الأسر المغربية موجهة لتعليم أبنائها، و أن جمعيات آباء و أمهات و أولياء التلاميذ تساهم إلى حد بعيد في ضمان السير العادي  لمؤسسات التعليمية خاصة التعليم الاعدادي و الثانوي باقتناء الكتب المدرسية ومواد التنظيف بل و حتى أداء أجور أعوان النظافة كما حدث في الفترة الممتدة من شتنبر إلى دجنبر 2016 بعدد من الأكاديميات .
إن الدولة المغربية منخرطة في الاتفاقية العامة حول تجارة الخدمات  المنظمة لإستراتيجية الرأسمال المالي العالمي لخوصصة التعليم و الصحة، و منها استقت رؤيتها الإستراتيجية لإصلاح التربية والتكوين 2015-2030، وهذا يتطلب من المدافعين عن مصالح الطبق العاملة والوطن وضع استراتيجيتهم للدفاع عن التعليم العمومي .
 و لوقف هذا المسار التفكيكي التخريبي وتنظيم المقاومة، لابد من الانخراط في بناء الجبهة الوطنية للدفاع عن التعليم العمومي وطنيا وخلق جبهات محلية في كل إقليم تضم كل من له مصلحة في التعليم العمومي المجاني فالتنظيم هو ما نحتاج إليه أكثر قبل الاحتجاج، فالاحتجاج دون تنظيم و دون رؤية إستراتيجية و دون معطيات غالبا ما يخفت مع مرور الزمن.
غير أن نجاح الجبهة رهين بعدة عوامل، من بينها في اعتقادي المتواضع :
  • توضيح الأهداف الإستراتيجية و المرحلية بتجميع كل المعطيات المتوفرة؛
  • تحديد الشعارت الأساسية التي تمكن من تجميع القوى والطاقات محليا و وطنيا من قبيل بناء جامعة في كل إقليم و ثانوية في كل جماعة تتواجد بها قيادة ( مقابل سلطة الأمن، نطالب بسلطة المعرفة).
  • المطالبة بسحب كل القوانين و المراسيم و القرارات التراجعية التي يتم بموجبها تفكيك المدرسة و الجامعة العمومية.
  • دفع ممثلي التنظيمات السياسية و النقابية الممثلة في البرلمان للدفاع عن مطالب الجبهة داخل المؤسسة التشريعية.
  • تنظيم أشكال احتجاجية و ندوات و أيام دراسية تعبوية، و استغلال الأنترنت و مواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم حملات في هذا الاتجاه.
   *نقابي، الحسيمة، في: 04 يناير 2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق