الأربعاء، 26 أكتوبر 2016

هذا هو الشخص الذي قتل المهدي بنبركة ولهذه الأسباب

هذا هو الشخص الذي قتل المهدي بنبركة ولهذه الأسباب ..

هذا هو الشخص الذي قتل المهدي بنبركة ولهذه الأسباب

  سعيد الوجاني
 
“ولست أخاف العواقب فيما أقول ، فإن الشهادة من أجل قول جريء ومعتقد، قبة وضريح. إذا كان البعض يفكر في النيل منّي فهذا أنا لست أملك إلاّ القميص الذي فوق جلدي، وقلبي وراء القميص يلوح: عاش الوطن”.. مظفر النواب
بحلول يوم 29 أكتوبر 2015 تكون قد مرت على عملية اختطاف واغتيال الشهيد المهدي بن بركة بباريس، خمسون سنة بالتمام والكمال، ودون التوصل إلى كشف اللغز الجريمة التي ألقت بظلالها على أكثر من مصدر وجهة ، ولا تزال الى يومنا هذا تحاط بالضبابية والابتذال.
وتشاء صدفة المكر ان يكون يوم 29 اكتوبر 1972 كذلك، هو يوم اختطاف المعارض النقابي حسين المانوزي من مطار تونس الدولي، بمشاركة الاجهزة الامنية التونسية ، وبأوامر من غير المأسوف عن ذهابه الرئيس لحبيب بورقيبة الذي سلمه الى أجهزة الكلونيل الذي أضحى جنرالا احمد الدليمي، كما تشاء الصدفة ان يكون شهر اكتوبر الشهر الذي توفي فيه الفقيه محمد البصري قائد المقاومة، ورفيق المهدي بن بركة وحسين المانوزي. فمَن قتل، أو مَن هو وقاتِلْ المهدي بن بركة؟
— هل الملك الحسن الثاني ؟
— هل الجنرال حفيظ العلوي ؟
— هل الجنرالان محمد افقير واحمد الدليمي الذي كان برتبة كلونيل؟
— هل المجرمون من محمد العشعاشي وصاكا والشتوكي الملقب بالتونسي … الخ؟
— هل وكالة المخابرات الامريكية؟
— هل الموساد الاسرائيلي الذي كان ولا يزال ينشط كثيرا في المغرب؟
— هل فرنسا من خلال المجرمين الفرنسيين الذي نظموا عملية الاختطاف والاغتيال؟
— هل الفقيه محمد البصري الذي ما ان خرج من السجن بعد العفو على اثر محاولة 16 يوليوز ،1963 حتى سلمه افقير شخصيا جواز سفر، وسمح له بالخروج من مطار محمد الخامس ، وتحت حراسة بوليسه ومخبريه الى فرنسا ، حيث كان في استقباله المجرم (انطوان لوبيز) ضابط الامن بالمطار، واصطحبه الى شارع شان ايليزي حيث كانت هناك شقة فاخرة تنتظره؟
— هل غُرماؤه في حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذين كانوا يتنافسون معه في الوصول الى الحكم وليس الى الحكومة؟…
إنها اسئلة كثيرة تُطرح، والجواب عنها ليس بالسهولة اذا نحن اردنا الوصول إلى قول الحقيقة وغير الحقيقة.
إن أهول سؤال يُطرح اليوم هو: لماذا قتلوا المهدي بن بركة؟
لمعرفة السبب يجب الرجوع الى معرفة المشروع الذي كان يعمل عليه ، وهو المشروع المدون باسم “الاختيار الثوري”.. وللوصول الى معرفة قوة هذا المشروع ، يجب القيام بدراسة تحليلية لنوع وطبيعة التنظيم السياسي الذي كان ينتمي اليه المهدي بن بركة ، والفقيه محمد البصري ، وحسين المانوزي ، ومحمد بوكرين ، وكل مناضلي الصف الاول من استقلال ايكس ليبان الخياني.
ولا يمكن الالمام بحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، إذا نحن لم نبحث في الفكر السياسي للمهدي دينامو الحزب المذكور.
ولنا أن نتساءل هل كان المشروع الايديولوجي الذي حمل همّه الشهيد المهدي بن بركة ” الاختيار الثوري ” ، والحزب الذي اسسه بعد الانقلاب على البرجوازية الفاسية الميركانتيلية في حزب الاستقلال ، المتواطئة مع الكمبرادور ، والمُهجّنة للشعب المغربي ، والفكر السياسي الذي آمن به ، كانوا يشكلون تهديدا لنظام المخزن كنظام قروسطوي عشائري معاد للديمقراطية وفريد لوحده في العالم؟
وإذا نحن قمنا بمقارنة بسيطة بين الفترة الزمنية التي ظهر فيها هذا الانتاج الفكري والسياسي والتنظيمي ، وبطبيعة النظام الذي استولى على الحكم بعد ايكس ليبان ، وغبن احزاب الحركة الوطنية ، ومنظمات المقاومة وجيش ألتحرير ، الذين لوحدهم يعود الفضل في دفع فرنسا الى الانسحاب من المغرب من الباب ، والعودة اليه من النافدة ، فان تلك المشاريع كانت فعلا تخيف النظام المخزني المتمسك بالحكم ، و الذي باع المغرب بمقتضى اتفاقية الخيانة (الحماية) في سنة 1912.
إذ لا يعقل ان المقاومين وأعضاء جيش التحرير الذين ابلوا البلاء الحسن في اخراج فرنسا الشكل ، وبقاء فرنسا المضمون والجوهر ، يصبحون خارج الحكم ، في حين يستولي عليه من تحالف مع الامبريالية الفرنسية والفاشية الاسبانية ( السلطان يوسف ) ضد ثوار الريف بزعامة المجاهد عبدالكريم الخطابي ، ومن ابرق للماريشال اليوطي الاستعماري ( نفس السلطان ) يهنئه بانتصار جيوش الحلفاء على حركة الريف الثورية ، ثم حضور نفس السلطان بفرساي بفرنسا للمشاركة في احتفالات النصر على الجمهورية الريفية.
بل إن من السلاطين هم مَن باع المغرب الى الفرنسيين كما فعل السلطان عبدالحفيظ بمقتضى اتفاقية الخيانة (الحماية)، وتحالف النظام المخزني مع الفاشية الفرونكوية والامبريالية الفرنسية في ضرب جيش التحرير المغربي بعد استقلال ايكس ليبان ، فيما يعرف بواقعة او عملية ( ايكوفيون ) أو (المكنسة).
فالمشروع في تلك الفترة التي كان ابرز محطاتها ، الانتفاضة المسلحة في 16 يوليوز 1963 ، كان بحق يشكل خطرا على نظام المخزن. لكن لو طرحت اليوم ، نفس المشاريع ، ونفس التنظيمات ، والأفكار والآراء السياسية ، لما كان لها مكانة في التربة ، ولما خلقت نفس التهديد الذي شكلته في خمسينات وستينات القرن الماضي. 
لقد مرت الى الآن أزيد من خمسين سنة على اختطاف واغتيال الشهيد المهدي بن بركة ، والى الآن ، لا يزال الجميع يطرح نفس السؤال الذي تم طرحه ولا يزال يُطرح منذ 29 اكتوبر 1965. وحتى نكون جد مختصرين نقول انه هناك جهتين تضافرتا في اغتيال المهدي بن بركة . الجهة الاولى هي رفاقه الذين تآمروا عليه وانقلبوا عليه ، سواء أثناء فترة النضال الوطني ، حيث انهم كانوا يرتبطون بالمخزن ، او عندما قطعوا مع فكر المهدي الذي بلوره في مشروع ” الاختيار الثوري “. وهذا نسميه بالاغتيال الروحي والمبدئي والمعنوي لتاريخ ومرحلة سجلت تمايزا فريدا في النضال الوطني ضد المخزن.
أما الجهة الثانية التي اغتالت المهدي جسديا لتغتاله فكريا وإيديولوجيا وتغتال فكره الذي وجد تربة للانتشار والترعرع ، وخاصة ان الفترة التي ظهر فيها المشروع الايديولوجي للمهدي ” الاختيار الثوري ” ، كانت مرحلة حاسمة للحركات الثورية من أجل التحرر من الاستعمار بشقيه الداخلي والخارجي ، كما كانت متناغمة مع الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت العالم والتي ستصل اوجها في انتفاضة مايو 1968. إن هذا الاغتيال الثاني للنظام المخزني للمهدي بن بركة نسميه بالاغتيال الجسدي.
أولا: الاغتيال الروحي والمبدئي والإيديولوجي للمهدي بن بركة
عندما انفصلت مجموعة المهدي بن بركة عن حزب الاستقلال (الجامعات الاستقلالية) وإنشاؤها حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، فان اول عمل قامت به في الساحة ، هو تجذير المواقف السياسية والتنظيمية بما كان يجيب عن سؤال المرحلة: كيف يمكن الوصول الى الحكم؟
واذا كان الحزب عند نشأته في 6 شتنبر 1959 ضم عناصر اجتماعية متناقضة ، حيث جمع مناضلين مخلصين (تيار المقاومة وجيش التحرير)، الى جانب رهط من الانتهازيين الوصوليين الذين سرعان ما انسلخوا عن الحزب وانضمامهم الى القصر بعد الانقلاب على حكومة عبدالله ابراهيم، فان اكبر تحد واجهه فكر المهدي هو عَقْدُ ما سيُعرف بالمؤتمر الاستثنائي المنعقد في سنة 1975 (يناير) خصيصا للقطع ، وتصفية الحسابات مع تيار المقاومة وجيش التحرير ، الذي مثله جناح الاختيار الثوري الذي يرمز الى المهدي بن بركة والفقيه محمد البصري.
وهنا لابد من التذكير ان المؤتمر الاستثنائي بعدما قرأ الرسالة التي وجهها له عبدالرحمان اليوسفي من باريس ، فانه رفض بالإجماع قراءة الرسالة التي بعث بها الى المؤتمر الفقيه محمد البصري. ويجدر بنا التذكير أيضا ان مجموعة الفقيه محمد البصري كانت لا تزال ترتبط اشد الارتباط بمشروع الاختيار الثوري للمهدي بن بركة ، في حين طلق عبدالرحمان اليوسفي هذا المشروع ، بل انه لم يكن ضمنه اطلاقا.
وللتذكير كذلك فبعد المؤتمر سيؤسس الفقيه محمد البصري ، ومناضلون ظلوا اوفياء للحركة الاتحادية الاصيلة ما سيعرف بتنظيم ” الاختيار الثوري ” . وللأسف فحتى هذا التنظيم سيعرف ارتدادا عن الفكر السياسي للمهدي ، حين انزلق الفقيه محمد البصري ايديولوجيا وارتماؤه لدى ايران التي رفضته ، وبعد طرده في سنة 1982 من قبل حركة الاختيار الثوري، ثم قيام هذه الحركة بحل نفسها ومعاودتها الانتماء كأشخاص وليس كتنظيم الى حزب الطليعة، وبما ان حزب الطليعة قبل تأسيسه رسميا في سنة 1991 ، كان قد لعب دورا في بلورة التقرير الايديولوجي للمؤتمر الاستثنائي الذي قطع مع فكر المهدي ” الاختيار الثوري ” ، فان الحركة تكون كذلك قد قطعت مع فكر المهدي الثوري ، لصالح الاختيارات البرجوازية التي بدأت بالتبلور منذ 30 يوليوز 1972.
لقد اعتبر الانقلابيون على فكر المهدي بن بركة في المؤتمر، ان الديمقراطية ليست وسيلة فقط، ولكنها غاية في حد ذاتها، بمعنى انها الهدف الاسمى الذي ينشده الحزب . وان النضال الديمقراطي البرلماني هو الوسيلة الكفيلة لتحقيق التغيير المنشود ، حيث يقول التقرير الايديولوجي الذي صادق عليه المؤتمر: ” … ان الديمقراطية بالنسبة للاتحاد ليست وسيلة فحسب ، وإنما هي غاية في اطار الاختيار الاشتراكي .. إلخ”.
يُلاحظ هنا في هذا الارتداد والتراجع من قبل اليمينيين المخزنيين ، ان محاولة ما يسمى بالبرجوازية الوسطى والشرائح العليا من البرجوازية الصغيرة القفز على الماضي الثوري للحزب ، واستعمال الاسلوب الخطابي التمويهي الديماغوجي ، لا يمكن ان يغير جوهر وحقيقة الاشياء في شيء. ذلك ان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، رغم حربائيته في الظهور المزيف ، وادعائه الخصوصي للواجهة الاشتراكية في التقرير الايديولوجي ، فان الحقيقة الواضحة للعيان ، هي قطع المؤتمر مع الفكر السياسي والتنظيمي للشهيد المهدي بن بركة ، ولماضي الاتحاد الراديكالي ، والذي نوجز منه بعض المقتطفات في انتظار دراسة تحليلية مطولة مستقبلا:

سعيد الوجاني
” … وإننا نقول بكل صراحة لأولئك الذين يفكرون في دعوتنا لما يسمونه وحدة وطنية ، ليست هناك وحدة وطنية ممكنة حول نظام اقطاعي في اسلوبه ، ورجعي من صميم روحه … ” . ” .. ان الحزب يعتبر ان معارك البرلمان ما هي إلاّ جانبا من جوانب النضال الثوري ، إذ أن اهم اهدافنا لن يتحقق عن طريق البرلمان إن كان هناك برلمان ، ولكنه سيتم خارج البرلمان بفعل العمل المنظم الذي تقوده الطبقة العاملة والفلاحون والشباب والمثقفون الثوريون … ” .
تصريحات المهدي بن بركة
” ان الاتحاد الوطني للقوات الشعبية لم يشارك في انتخابات 1963 بهدف تكريس مصداقيتها ، ولكن مشاركته كانت بهدف تعرية زيفها واقبارها في المهد … ان نوابنا لن يذهبوا لركوب السيارات الفخمة والسكن في الفيلات ، ولكن عملهم سينحصر في فضح الحكم المتعفن والمساهمة في القضاء عليه .. “.
ان المؤتمر الاستثنائي بهذا النزر اليسير، كان بالفعل مؤتمر القطع مع فكر المهدي بن بركة ، ومؤتمر القطع مع ماضي الاتحاد الراديكالي الذي نوجزه في :
— قرارات المؤتمر التأسيسي والمؤتمر الثاني.
— تصريحات المهدي بن بركة وزعماء الحزب الثوريين امثال الفقيه محمد البصري وجناح المقاومة وجيش التحرير.
— الانتفاضة المسلحة ل 16 يوليوز 1963 .
— مشاركة التيار الجدري في الحزب برئاسة الفقيه محمد البصري في انقلاب الطائرة في 1972.
— الانتفاضة المسلحة في 3 مارس 1973.
— انتفاضة 23 مارس 1965.
وأصبح الحزب الجديد ” الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ” ، يؤمن بالتحول السلمي للمخزن ، آملا ان يغيره من داخل النظام لا من خارجه . ومع مرور اربعين سنة من الانقلاب على فكر المهدي ( المؤتمر الاستثنائي 1975 ) يكون الذي تغير جديرا ، بل اصبح في خبر كان ، هو الاتحاد وليس المخزن.
ثانيا: الاغتيال الجسدي للمهدي بن بركة
أصبح المهدي بن بركة مزعجا لنظام الحسن الثاني منذ بداية الستينات من القرن الماضي ، بل اصبح احد المطلوبين رأسه للنظام. لقد جرت عدة محاولات لتصفيته ، كان ابرزها حادثة السير بالسيارة التي يقف وراءها مدير الامن الوطني الكلونيل احمد الدليمي. ولخلط الاوراق وتضبيب المشهد حتى تبقى جريمة الاغتيال التي كان يحضر لها بعناية نظام الحسن الثاني لغزا ودون التوصل الى نتيجة بشأنها ، اصدر هذا الأخير أمره الى الجنرال محمد افقير كي يمكن الفقيه محمد البصري الذي كان محكوما بالإعدام في احداث 16 يوليوز 1963، وصدر في حقه عفو، من جواز سفر ويسهل له مغادرة التراب الوطني دون إزعاج.
وفي اطار الخطة المحبوكة ، وعند وصول الفقيه محمد البصري الى مطار اورلي كان في استقباله ضابط امن المطار المجرم انطوان لوبيز الذي اصطحبه الى شارع ( شون ايليزه ) ومكنه هناك من شقة في اغلى حي بباريس. كان هذا في ابريل 1965 ، اي بعد مرور شهر من انتفاضة 23 مارس من نفس السنة.
في 29 اكتوبر 1965 أُعلن عن اختطاف المهدي بن بركة من مقهى “ليب” بباريس. وفي نفس اليوم حلّ كلٌّ من الكولونيل احمد الدليمي بباريس من الجزائر ، والتحق به في نفس اليوم الجنرال محمد افقير من الدارالبيضاء.
لكن حين وصلا وجدا ان المجرمين الفرنسيين قد تمكنوا من قتل المهدي بن بركة . وهنا استشعر الرجلان بمقلب الحسن الثاني الذي كان يجهد في توريطهما حتى يُبعد التهمة عنه.
وللتذكير فإن رئيس الدولة الفرنسية الجنرال دوغول اتهم نظام الحسن مباشرة ، وطالب بتسليم فرنسا كلا من الكولونيل احمد الدليمي والجنرال محمد افقير للمحاكمة. بطبيعة الحال سيمتثل احمد الدليمي وعميد الشرطة الغالي الماحي لطلب العدالة الفرنسية ، وبعد ستة اشهر من البحث تمت تبرئتهما من الجريمة.
أما بالنسبة للجنرال محمد افقير فكان بدوره مستعدا للمثول امام العدالة الفرنسية ، لكن الحسن الثاني رفض ذلك ، لأنه كان يعلم مسبقا انه سينال حكم البراءة التي نالها كلا من احمد الدليمي والغالي الماحي.
إن حصول الجنرال محمد افقير على البراءة يعني ان الحسن الثاني سيصبح لوحده المتهم الوحيد ، وبالحجة والدليل والبرهان، وستكون سابقة في ذاك الوقت ، ان يصير ملك متابع من قبل العدالة الفرنسية.
إن الحسن الثاني في رفضه تسليم افقير نفسه الى العدالة الفرنسية ، كان يتوخى أن يبقى الاتهام مقتصرا على أفقير بسبب هروبه من العدالة ، ومن جهة حتى يشعر افقير ان عُرابه الذي يحميه ويشكل ظله هو الملك الحسن الثاني ، ومن جهة ثالثة حتى يتجنب انقلابه عليه.
لذا بعدما تبين المقلب الذي تم نصبه لأفقير والدليمي اللذين وصلا الى باريس يوما بعد تصفية المهدي ، وللفقيه محمد البصري حين بعثه افقير الى باريس بتعليمات من الملك فوجد في استقباله قاتل المهدي بن بركة انطوان لوبيز ، حتى بدأت الامور تأخذ منحى آخر ، وهذا تحصيل حاصل للتنسيق الذي حصل بين افقير وبين الفقيه محمد البصري عند مهاجمة الطائرة الملكية في انقلاب 1972. فلو نجح الانقلاب لكان اللثام سيُزاح عن حادثة اختطاف واغتيال الشهيد المهدي بن بركة. فرغم تشكيل كوماندو من المغاربة: افقير ، والدليمي ، والعشعاشي ، وميلود التونسي المكنى الشتوكي ، وصاكا … إلخ، فإن الذي اصدر الاوامر الى المجرمين الفرنسيين بتصفية المهدي بن بركة هو الجنرال مولاهم حفيظ العلوي الذي كان هو الذراع الأيمن للملك ومصدر ثقته. لذا ما أن فشل انقلاب الطائرة واغتيل افقير على يد الجنرال حفيظ العلوي، حتى تم إصدار الأمر إلى الجنرال احمد الدليمي بتصفية المجرمين الفرنسيين المعتقلين بالسجن السري (النقطة الثابتة رقم 3 والنقطة الثابتة رقم 2، هكذا جرت تصفية كل من المجرم جوليان لوني والمجرم بيير دوباي والمجرم جون باليس بالمعتقل السري النقطة الثابتة 3 ، وجرت تصفية المجرم جورج بوشيس بالنقطة الثابتة رقم 2) وذلك لمحو آثار الجريمة ، جريمة اختطاف واغتيال الشهيد المهدي بن بركة.
إن المسؤول الرئيسي عن اصدار الامر باختطاف واغتيال الشهيد بن بركة والمسئول الرئيسي الذي اصدر الامر الى الجنرال احمد الدليمي بتصفية المجرمين الفرنسيين هونفسه الذي اصدر الامر بتصفية الجنود وضباط الصف والضباط بعد عملية الفرار الفاشلة من المعتقل السري النقطة الثابتة رقم 3.
إن الذي اعطى الامر بنقل الاخوان بوريكات من نفس المعتقل الى تزمامارت السجن الرهيب هو الذي أصدر الامر بتصفية حسين المانوزي بعد عملية الفرار الفاشلة كذلك من نفس المعتقل. وإن الذي أصدر الامر باختطاف الجنود وضباط الصف وضباط الانقلاب العسكري 1971 و 1972 من السجن المركزي بالقنيطرة ، ونقلهم الى تزمامارت ليمكثوا هناك 18 سنة في وضع لم يسبق لأحد في العالم ان عايشه هو نفسه الذي اصدر الامر بإعدام الضباط الوطنيين الاحرار عن انقلاب الصخيرات في سنة 1971. وإن الذي كان يشرف شخصيا ويعطي الامر بإطلاق النار على المتظاهرين العزل في 23 مارس 1965 بالدارالبيضاء ، وفي يونيو 1981 بالدارالبيضاء كذلك ، وانتفاضة الشمال ومراكش في يناير 1984..
  إن الذي كان يتولى شخصيا وعبر خط هاتفي كل أطوار المحاكمات السياسية التي عرفها المغرب (محاكمة مراكش 1971، محاكمة البيضاء 1973 ومحاكمة البيضاء 1977، ومحاكمة القنيطرة، ومحاكمة عبدالرحيم بوعبيد ، ومحاكمة نوبير الاموي.. ).
وإن الذي أصدر الامر بإعدام ثوار 3 مارس 1973 يوم عيد الاضحى والذي أشرف مباشرة وأصدر الأوامر بإطلاق النار على انتفاضة الريف في 1958 والذي أصدر الامر بتسفير ونفي ابراهام السرفاتي الى فرنسا بحجة ان جنسيته برازيلية.. والذي أصدر الامر بإيداع الشيخ عبدالسلام ياسين في مستشفى الامراض العقلية، ووضعه تحت الحراسة الاجبارية.. إلخ.
إن الحسن الثاني مسؤول عن كل تلك الجرائم، ومن قال بخلاف ذلك ، كأن يحمل مسؤولية ما حصل بشخص ادريس البصري، أو أفقير ، أو العشعاشي، أو صاكا، أو ميلود التونزي أو أو، فهو منافق وجبان.
والسؤال هو: هل كان للجنرال مولاهم حفيظ العلوي، ومدير الامن الوطني احمد الدليمي ، والجنرال محمد افقير ، والقبطان عبدالحق القادري الذي كان يتواجد بالسفارة بباريس ، ومكّن المجرمين من سيارة المصلحة (عبد الحق القادري -أصبح فيما بعد جنرالا مديرا للإدارة العامة للدراسات والمستندات-) ، والكوماندو الفرنسي ان يجرؤوا على اغتيال شخص من وزن المهدي بن بركة، لو لم تكن الأوامر صادرة عن أعلى سلطة في البلاد؟
هل كان أفقير والدليمي وادريس البصري والعشعاشي ووو… يشتغلون في فراغ أم كان لهم رئيس يأتمرون بأوامره وينفذون بالحرف تعليماته؟
إن هذه هي الحقيقة التي يجب أن يعرفها الشعب المغربي. والقول بخلاف ذلك جبن وخوف ونفاق.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق