بين ذكرى معركة أنوال وذكرى عيد
العرش
إذا كان التاريخ يكتبه المنتصرون
فمن يكتب تاريخ الضحايا ؟؟
إن من أشد عمليات السطو والنهب
التي يمكن لأي شعب أن يتعرض لها، هي السطو على تاريخه، ونهب ذاكرته وتزويرها،
فالأمر أشبه بأكبر عملية قرصنة، أو مسح للذاكرة، تحس بهول الفاجعة عندما تصادف
جيلا كاملا، لا يعرف عن بطل الريف المقاوم
محمد بن عبد الكريم الخطابي شيئا، جيلا لا يعرف عن أسطورة الريف مبدع وملقن حرب
العصابات لحركات التحرر في العالم، مبدع إستراتيجية الخندق الواحد في مواجهة
المستعمر.
نجح نسبيا أعدائنا ومؤرخو البلاط، في طمس
تاريخنا الحقيقي وبدله، لقنوا وحقنوا ألأجيال الحالية بتاريخهم المزيف، أطفالنا
وشبابنا اليوم لا يعرفون أن مقاوما بالريف هزم الاستعمار الإسباني وكبده خسائر
كبيرة في الأرواح والعتاد ولم يهزم إلى اليوم، أطفالنا اليوم لا يعرفون أن
المستعمر استعمل جميع الأسلحة المحرمة دوليا لكسر شوكة الأسد. وبنخوة الأبطال نفي
عبد الكريم " أمينو" ومنذ ذلك الحين إلى حدود كتاب هذه السطور، أي ما
يناهز 95 عاما مضت ومازال عبد الكريم يرعب الأعداء مهما بدلو الأدوار بينهم، قبيل
أيام مضت اهتزت شوكة المخزن لمجرد أن نشطاء شباب أرادو تخليد ذكرى معركة أنوال
فواجههم المخزن الممثل الشرعي لذلك المستعر الأجنبي الذي قصف الريف وسكانه
بالغازات الكيماوية، هو اليوم لم يستعمل الكيماوي ولكنه يستعمل الهراوي ويبدو أن
عبد الكريم يقض مضاجع الأعداء، كيف لا وهم يرفضون حتى عودة رفاته من المنفى. ولأن الاستعمار
قد بدل باستعمار آخر، فطبيعي أن يبدل تاريخ بتاريخ آخر، فأغلب أطفالنا وشبابنا
اليوم يظنون بأن تاريخنا قد بدأ عندما شوهد محمد الخامس على سطح القمر لذلك تكتسي
ذكرى عيد العرش أهمية، لا تقل عن عيد الأضحى غير أن هذا الأخير تتصاعد منه رائحة
الشواء والكباب والكوطليت على عكس الأول الذي تقوس فيه ظهور البعض من شدة الركوع
والسجود وتنتفخ فيه شفاه البعض الآخر من شدة التقبيل في طقوس أشبه بطقوس كهنة
مملكة " إسبارطة " حقا إن طقوس
البيعة وحفل الولاء تعكس جوهر وحقيقة النظام السياسي في المغرب والعصي عن التحديث،
ودائما حول طقوس البيعة فإنها فوق " الدستور الممنوح " فهي التي يستمد منها
نظام الحكم شرعيته، والدستور ليس سوى أداة تقنية لتلميع الصورة لدى الخارج، في
مقابل الحفاظ على الجوهر التقليداني لنظام الحكم في المغرب الذي يعكسه حفل الولاء
بوضوح والنظام المخزني لا يمكن أن يتخلى عن طقوس حفل الولاء رغم
الانتقادات والاحتجاجات التي أثيرت ضده من قبل الكثيرين، خصوصا مع انطلاق حركة 20
فبراير..
كما أن تشبث النظام
المخزني بطقوس حفل الولاء يعود إلى
دلالاته الرمزية التي ترسخ هيبة وهالة السلطان، حيث يمتطي الملك فرسا أبيض ويستظل
بمظلة يمسكها عبد أسود في إشارة إلى
ارتباطه بالسماء أكثر من ارتباطه بالأرض، إن
الغاية من حفل الولاء هو الإيحاء على أن الملك لازال يستمد شرعيته من السماء وأنه ظل الله فوق ألأرض وأكثر من الأرض نفسها والقانون الوضعي.
إنهما صورتان متضادتان
إذن صورة التاريخ الحقيقي، وهو يرعب التاريخ المزيف. صورة تاريخ حقيقي حتى وإن هو
ميت ومدفون بالمنفى فهو فينا حي، يصارع التاريخ المزيف.
......................
السلطات تمنع مرة اخرى الاحتفال الشعبي بذكرى معركة انوال المجيدة
السلطات تمنع مرة اخرى الاحتفال الشعبي بذكرى معركة انوال المجيدة
كما جرت العادة خلال السنوات
الاخيرة حاولت القوات العمومية منع العشرات من النشطاء الذين كانوا عازمين
على تنفيذ زيارة ميدانية الى موقع معركة انوال لتخليد ذكرى هذه المعركة
الخالدة. النشطاء الامازيغ و مناضلي الإطارات الحقوقية و الجمعوية بدأت
تتقاطر على المكان من مختلف المدن المجاورة الحسيمة، ميضار، الدرويش و
غيرها من المناطق لتخليد ذكرى معركة انوال المجيدة..
وبعد أن توافد النشطاء وتجمعوا على شكل
حلقية قرب تذكار معركة انوال على بعد أمتار من الساحة المحادية للجماعة
القروية تليلت المتواجدة ببلدة انوال التاريخية، وبعد أن بدأوا في ترديد
شعاراتهم و رفع لافتاتهم المطلبية نزلت القوات العمومية التي كانت رابضة
على تخوم الجبال المحيطة بالمنطقة الى حيث تجمع النشطاء وحاولوا تفريقهم،
وبعد شد وجذب وصمود هؤلاء النشطاء انسحبت القوات العمومية فاسحة المجال
للنشطاء لاستكمال شكلهم النضالي لتخليد الذكرى 95 لمعركة أنوال المجيدة.
جدير بالاشارة أن السلطات تصر كل سنة على
منع أي نشاط شعبي للاحتفال بذكرى معركة انوال وتصرّ على جعل احتفال
المندوبية السامية لقدماء المقاومة وأعضاء جيش التحرير هي الجهة الوحيدة
التي تقيم احتفالا رسميا بالشراكة مع السلطات.
...........................
ندوة وطنية حول الحرب الكيماوية والسرطان بالريف بمناسبة الذكرى 95 لمعركة أنوال الخالدة
ندوة وطنية حول الحرب الكيماوية والسرطان بالريف بمناسبة الذكرى 95 لمعركة أنوال الخالدة
بمناسبة الذكرى الخامسة
والتسعون لمعركة أنوال الخالدة، تنظم جمعية أمزيان وجمعية الجسر للتنمية،
البيئة والهجرة، وبتنسيق مع التجمع العالمي الأمازيغي، ندوة وطنية حول
موضوع: الحرب الكيماوية والسرطان بالريف،
بمشاركة:
الدكتور ميمون الشرقي: الرئيس الشرفي للتجمع العالمي الأمازيغي،
باحث وحقوقي عن مجموعة البحث حول الحرب الكيماوية ضد الريف، مؤلف كتاب
“قانون النزاعات المسلحة”، وكتاب “الأسلحة الكيماوية للدمار الشامل على
الريف: توثيق تاريخي وقراءات سياسية”.بمشاركة:
الدكتور مصطفى بن الشريف: محامي وعضو الهيئة الجهوية لحقوق الإنسان بوجدة،
حاصل على الدكتوراه في موضوع: الجرائم الدولية وحق الضحايا في جبر الضرر،
حالة الريف 1921 – 1926
الأستاذ رشيد يشوتي: باحث في التاريخ المعاصر والعامل بالمعهد
الجامعي للبحث العلمي – جامعة محمد الخامس السويسي الرباط، مؤلف كتاب:
“إسبانيا والريف والشريف محمد أمزيان 1909-1912: مساهمة في دراسة العلاقاتالمغربية –الإسبانية في بداية القرن العشرين”
مع عرض الشريط الوثائقي “نزيف الريف” للمخرجة المغربية لبنى اليونسي وإنتاج قناة الجزيرة الوثائقية وذلك يوم السبت 23 يوليوز 2016 بالمركب الثقافي بالناظور على الساعة السادسة مساء
.........................
أنوال : قراءة في دلالات هذا الحدث التاريخي
أنوال : قراءة في دلالات هذا الحدث التاريخي
عبد الرشيد المساوي
تحل يوم 21
يوليوز 2016 الذكرى 95 لمعركة أنوال المجيدة ، وهي المعركة التي شكلت
فاصلا تاريخيا هاما في التاريخين المحلي والعالمي ، فمحليا مكنت الريف من
الدخول إلى التاريخ المعاصر من أوسع أبوابه ، أما عالميا فقد شكلت أول
انكسار حقيقي للمد الذي كانت تعرفه موجة الإحتلال الإمبريالي. فماهي بعض
أهم الدلالات التي يحملها هذا الحدث التاريخي في علاقته بما نعيشه اليوم؟
أولا، وبعيدا عن النظرة
الإسقاطية والإختزالية ، لا تكمن أهمية أنوال في الإنتصار العسكري الذي
تحقق في هذه المعركة والتي تكبد فيها المحتل خسائر جد فادحة ، جعلت
الإسبان – بما في ذلك المؤرخين منهم – يجمعون على تسميتها بالكارثة El desastre.
بل تكمن أساسا في دحض فكرة أساسية قامت عليها الإيديولوجية الإمبريالية ،
والمتمثلة في اعتبار الإنسان الغربي متفوق بالطبيعة على الأجناس الأخرى،
وأنه هو الفاعل الأساسي في التاريخ.
ثانيا ، لاينبغي النظر إلى
هذا الحدث التاريخي من الزاوية المناقضة التي تمجد الذات الريفية بطريقة
أسطورية ، وتعتبر أن الريفيين خاصة ، والأمازيغيين عامة هم بالطبيعة
مقاتلون ومحاربون شرسون عبر التاريخ ، ويتفوقون في ذلك
على الأجناس الأخرى. لأن هذه النظرة لاتقل عنصرية عن النظرة السابقة ، إذ
بقدر إعلائها من هذا الجانب، فهي ضمنيا تنفي مساهمة المعنيين بالأمر في
المجالات الأخرى للفعل البشري ( ينظر بهذا الخصوص الكتاب الهام للأستاذ ”
حسن بنعقية ” بعنوان ” كلمات وشرور” بالفرنسية Mots et Maux).
ثالثا ، وبعيدا عن المنطق
الذي يركز على الشجرة ( الإنتصارفي معركة) وينسى الغابة ( الهزيمة في الحرب
) ، فهذه المعركة هي جزء من حرب الريف التحريرية ، وهي الحرب التي انتهت
بهزيمة الريفيين واستسلام قائد المقاومة الريفية بسبب تكالب القوى
الإمبريالية من جهة ( إسبانيا، فرنسا…) التي حاولت وأد “أنوال/ الفكرة” بكل
الوسائل ( استعمال الأسلحة الكيماوية مثلا ) مما عرى حقيقة الحضارة
الغربية . ثم أيضا بسبب التواطؤ المكشوف للمخزن السلطاني الذي رأى في أنوال
خروجا عن سلطته السياسية والدينية، ونقضا لمعاهدة الحماية التي وقعها سنة
1912 ( 21 ضد 12 ).
رابعا ، شكلت أنوال أيضا
انتصارا على الذات قبل أن تكون انتصارا على الغير. فقد مكنت فعلا من صهر
وحدة الريفيين في إرادة مشتركة مكنت من تجاوز انقسامات الماضي ، أي نقلتهم
من زمن ” الريفوبليك / الإنقسام ” إلى زمن ” الريبوبليك / الجمهورية ” ،
وجعلت الريفيين ماضيا وحاضرا يعتزون بهذا الإنتماء إلى هذه الأرض( المكان) ،
ويفتخرون بالتاريخ الذي صنعه أجدادهم ( الزمان).
أخيرا – وهو معطى مهم جدا في
إبراز دلالات أنوال – أن المهندس الذي أشرف على صناعة هذه الملحمة بمعية
رفاقه في المقاومة ، الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي ، كان أكثر
الريفيين معرفة وتجربة ، أي أنه كان يعرف أكثر من غيره الخصم الذي يواجهه
بفعل احتكاكه به عن قرب. وهو المعطى الذي سيتكرر في انتفاضة الكرامة سنة
1958 ، إذ سيختار الريفيون محمد سلام أمزيان لهذا السبب. فكلا الزعيمين مرا
بتجربة الإعتقال في سجن العدو وامتلكا نصيبا وافرا من المعرفة أهلهما
ليقع عليهما الإختيار. بل يمكن لي أن أغامر بالقول – اعتمادا على مصادري
العامة والخاصة – أن الزعيمين وجدا نفسيهما قائدين للمواجهة دون إرادتهما
الشخصية. وهذا لعمري فرق جوهري بين الأمس واليوم : فريفيو الأمس رغم
مستواهم المعرفي المتواضع كانوا يختارون أقدرهم على إدارة الصراع . بينما
اليوم نشاهد أقزاما وقد نصبوا أنفسهم زعماء دون أن يختارهم أحد، ويتكلمون
باسمنا رغما عنا…فلتحيا إذن روح “أنوال/ الفكرة ” لمواجهة نفس التحدي ،
تحدي أن يكون لنا مكان تحت شمس التاريخ كفاعلين فيه لا متفرجين عليه.
..................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق